الخبث أميركي واللسان إيراني
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
آخر تحديث: 7 نونبر 2024 - 9:46 صبقلم : فاروق يوسف ما الذي يعنيه تهديد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بضرب إسرائيل مجددا؟ لم يكمل الرجل الذي لا يملك صلاحية إعلان الحرب في إيران جملته. الجملة كاملة هي “سنضرب إسرائيل إذا لم توقّع اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله”. تهديد قد لا تنظر إليه إسرائيل بعين جادة، غير أنه قد لا يخالف الضغوط الأميركية من أجل ألاّ يمعن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الغرور.
اللافت أن غزة لم تعد مهمة. لا لأنها لم تكن كذلك، بل لأنها مُحيت من خارطة الصراع. لم تعد غزة إلا مأساة ومسألة إنسانية ومساحة للإبادة. ثم أين هي حركة حماس التي كانت تتفاوض في السر أو عن طريق داعميها الذين أعلنوا الحرب في السابع من أكتوبر 2023 وفي مقدمتهم يحيى السنوار باتوا تحت التراب؟ أما المكتب السياسي الذي مقره في الدوحة فلا يملك أن يقرر شيئا في ما يحدث داخل غزة. تخلت إيران عن غزة. غير أنها تعرف أن هزيمتها في لبنان ستكون مكلفة أكثر لذلك تصر على إدارة الحرب هناك بنفسها. تلك هي حربها الأخيرة. إما أن تثبت فيها من خلال الحفاظ على ما تبقى من حزب الله وإما أن تعلن هزيمتها لا في لبنان وحده، بل في سائر المناطق التي احتلتها من العالم العربي. لا ترغب إسرائيل في مجاراة الرغبة الأميركية في ألاّ تخرج إيران مهزومة من الحرب. غير أن الخوف من أن يعود لبنان ساحة لحرب أهلية جديدة بسبب هزيمة حزب الله المثقل بسلاحه قد يدفع بإسرائيل إلى إعادة النظر في حساباتها. ذلك ما تراهن عليه الولايات المتحدة ومعها إيران. ومن المؤسف أن الدول العالمية والإقليمية على حد سواء القادرة على ممارسة ضغوط بمستويات متباينة من أجل إنهاء الحرب تنتظر كلها قرارا إسرائيليا. وكما صار واضحا أن الكلفة الباهظة لذلك الانتظار يدفعها أهل غزة واللبنانيون من غير أن تتضح في الأفق ملامح المرحلة القادمة كما ترغب فيها إسرائيل وهي الطرف الذي صار يستعرض قدراته العسكرية مستخفا بخسائره البشرية المحدودة. وهو ما لم تفعله إسرائيل من قبل. هل يمكن أن تشكل إيران تلك القوة التي ظهرت بعد “خراب البصرة” كما يقول المثل؟ بعد اغتيال قيادتي حماس وحزب الله وهو ما لم يكن في الحسبان شعرت إيران بأنها إذا لم تمارس دورها علانية وبشكل مباشر بعد حرب طويلة بالوكالة فإن كل ما عملت على صنعه والإنفاق عليه طوال أكثر من عقدين من الزمن سيضيع وسيكون ذلك بداية لانهيار حتمي لمشروعها في التمدد والتوسع على حساب العالم العربي. فلمَ لا تجرّب حظها في تذكير إسرائيل بالقواعد التي كان معمولا بها قبل أن يوسّع حزب الله حربه لمناسبة إسناد غزة. ذلك تفكير غير واقعي. متى كانت إيران تفكر بطريقة واقعية؟ أما الإقبال الأميركي والغربي عليها فلم يكن إلا حيلة سياسية للتعبير عن النفور من العرب أو الاستخفاف بهم. ففي كل ما عرضته إيران وما طالبت به في الماضي لم تكن واقعية ولا عملية غير أنها كانت على يقين من أن الطرف الآخر ينصت لها وينفذ رغباتها. حتى وهي تطلق تهديداتها الفارغة في اتجاه إسرائيل فإن الولايات المتحدة اكتفت بأن دعت إيران إلى التهدئة وعدم التصعيد. وإذا كانت رسالة خامنئي قد وصلت إلى نتنياهو فإن الأخير سينظر إليها بحجمها الحقيقي وليس وفقا للقياس الوهمي الذي أشاعته إيران بين أتباعها ومن خلالهم. فإيران دولة مثقلة بالأسلحة الثقيلة غير أنها في الوقت نفسه لم تتمكن من مجاراة التفوق العلمي في صناعة الأسلحة الحديثة أو تقنيات القتال بخفة. لقد أمضت إيران زمنا طويلا وأنفقت الكثير من أموالها في سباق تسلح غادره الجميع. أما مشروعها النووي فإنه سيصل إلى نهايته في اللحظة المناسبة. لقد صار معلوما أن كل ما تفعله إيران بسرية مكشوف بالنسبة إلى قوى المراقبة ومن ضمنها إسرائيل. كل شيء تحت السيطرة إذن. الأخطر من كل هذا يكمن في الدور الخبيث الذي تلعبه الولايات المتحدة. فهي أعلنت منذ الثامن من أكتوبر عام 2024 أن حرب إسرائيل على غزة هي حربها غير أنها وبعد أن حققت إسرائيل الجزء الأكبر من أهدافها في اجتثاث حركة حماس وحزب الله تسعى إلى ألاّ تدفع إيران ثمن لعبتها الإجرامية في المنطقة كاملا.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: حزب الله غیر أنها غیر أن
إقرأ أيضاً:
إيران على خُطى إسرائيل لامتلاك النووي
قال موقع "زمن يسرائيل" الإسرائيلي، إنه في الوقت الذي يراقب العالم البرنامج النووي الإيراني، هناك وثائق رُفعت عنها السرية أخيراً تُلقي الضوء على الكيفية التي طورت بها إسرائيل قدراتها النووية في ستينيات القرن العشرين، تحت أنوف المفتشين، والمفارقة أن طهران ربما تكون الآن بصدد تقليد استراتيجية إسرائيل مع اقترابها من نقطة اللاعودة.
وأضاف "زمن يسرائيل"، في تحليل بعنوان "مشروع ديمونا والسر المخفي عن الاستخبارات الأمريكية"، أن الأنشطة النووية الإيرانية تتصدر عناوين الأخبار منذ سنوات، وعلى الرغم من ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى اقتراب طهران من إنتاج القنبلة.إيران تهدد إسرائيل بـ "الوعد الصادق 3"https://t.co/kznhnL6KOH
— 24.ae (@20fourMedia) February 28, 2025تضليل إسرائيلي
ويقول الموقع الإسرائيلي، إنه في ستينيات القرن العشرين، طورت إسرائيل القنبلة مع الحفاظ على السرية التامة تقريباً، بل وحتى ضللت الحكومة الأمريكية بشأن أفعالها وأهدافها. وكان أول رئيس وزراء إسرائيلي، ديفيد بن غوريون، هو الذي بادر إلى إطلاق المشروع النووي الإسرائيلي في النصف الثاني من خمسينيات القرن العشرين، وأنشأ المجمع النووي في ديمونا في وقت كانت فيه ثلاث دول فقط في العالم تمتلك الأسلحة النووية. وبعد مرور عقد من الزمان تقريباً، وعشية حرب عام 1967، قامت إسرائيل بتجميع أجهزتها النووية الأولى سراً.
ووفقاً للموقع، في مواجهة المعارضة الأمريكية القوية بقيادة الرئيس جون كينيدي، كان القادة الإسرائيليون عازمين على تحقيق هذا الهدف، ولقد نظروا إلى المشروع النووي باعتباره التزاماً بتأمين مستقبل إسرائيل، وكانت الجرأة والمكائد والخداع من الجوانب الأساسية في رحلة إسرائيل النووية التي لا هوادة فيها.
أسرار "ديمونا"
وأشار "زمن يسرائيل" إلى أنه في يناير (كانون الثاني)، نشر أرشيف الأمن القومي في جامعة جورج واشنطن مجلداً إلكترونياً جديداً يتضمن 20 وثيقة عن المشروع النووي الإسرائيلي، وتسلط هذه الوثائق الضوء على مدى معرفة الحكومة الأمريكية بالأسرار في ديمونا، والطرق التي أخفتها بها إسرائيل.
منذ البداية، نظر قادة إسرائيل إلى "مشروع ديمونا" باعتباره "سراً داخل سر"، وكان السر الأول هو الاتفاق النووي الإسرائيلي الفرنسي عام 1957، والذي أدى إلى إنشاء المجمع النووي، وقد تفاوضت الدولتان على الاتفاق بسرية تامة، إدراكا منهما لحساسية الموضوع. وكان هناك سر أعمق أيضاً، يتمثل في منشأة معالجة الوقود النووي تحت الأرض المكونة من ستة طوابق، أو كما كان يطلق عليها في كثير من الأحيان، منشأة فصل المواد الكيميائية، والتي سمحت بإنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة في سرية تامة، ولم يكن يعلم بوجود السر الثاني سوى عدد قليل من الجانبين، الإسرائيلي والفرنسي.
حتى الآن، تشير الأدلة إلى أن الولايات المتحدة عندما اكتشفت وجود "مشروع ديمونا" في الأشهر الأخيرة من عام 1960، لم تكن على علم بالسر الأعمق، وقد ركزت المناقشات الداخلية في الولايات المتحدة على محاولة تقييم طبيعة وأهداف المشروع، سواء كان إنتاج الأسلحة، أو توليد الكهرباء، أو الأبحاث.
ويقول الموقع، إنه على الرغم من أن البعض في واشنطن اشتبهوا في البداية بأن المشروع كان يهدف إلى إنتاج الأسلحة، فإنهم لم يتمكنوا من إثبات ذلك، فلم يكن هناك "دليل دامغ"، وبشكل عام، لم تكن الحكومة الأمريكية على علم بتفاصيل الاتفاق السري بين إسرائيل وفرنسا.
ويتضح هذا الغموض في أول تقييم استخباراتي خاص بشأن ديمونا أصدرته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) 1960، حيث جاء في الوثيقة أن "إسرائيل منخرطة في بناء مجمع مفاعلات نووية في النقب، بالقرب من بئر سبع". وتوضح: "يمكن تفسير غرض المجمع بعدة طرق، بما في ذلك البحث، أو إنتاج البلوتونيوم، أو توليد الكهرباء، أو مزيج من هذه الأغراض".
وتقول الوثيقة أيضاً: "بناءً على جميع الأدلة المتاحة، فإن إنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة هو على الأقل أحد الأهداف الأساسية لهذا الجهد".
تقرير سري
وبحسب الموقع، فقد تم إعداد تقرير سري آخر، تم الكشف عنه مؤخرا تحت عنوان "إنتاج البلوتونيوم الإسرائيلي"، في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 1960، من قبل لجنة الاستخبارات المشتركة للطاقة الذرية. وتشير الوثيقة إلى أن المسؤولين الأمريكيين كانوا يعرفون المزيد، ولكن لم تشرح الوثيقة كيف توصلت اللجنة إلى هذا الاستنتاج، لكن مجرد ذكر "منشأة فصل" يشير إلى أن الغرض من المفاعل في ديمونا لم يكن البحث النووي بل إنتاج الأسلحة، وربما تكون هذه الوثيقة هي التقرير الاستخباراتي الأمريكي الأول أو الوحيد، الذي ينص صراحة على أن المشروع الفرنسي الإسرائيلي شمل منذ البداية المكونين التكنولوجيين الأساسيين لبرنامج الأسلحة النووية، مفاعل إنتاج ومنشأة لفصل البلوتونيوم.
وتشير كافة التقييمات الاستخباراتية الأمريكية بشأن ديمونا، بين 1961 و 1967 على الأقل، إلى قضية "منشأة الفصل" باعتبارها مسألة تعتمد على قرار مستقبلي قد تتخذه إسرائيل، وفي واقع الأمر، ففي النصف الأول من ستينيات القرن العشرين، وحتى بعد ذلك، تبنت وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية صراحة موقفاً مفاده أن ديمونا لا تمتلك مثل هذه المنشأة.
تصريح بن غوريون
وفي تصريحه أمام الكنيست في 21 ديسمبر (كانون الأول) 1960، ورداً على الضغوط الأمريكية، وافق بن غوريون على بناء المفاعل في ديمونا، لكنه أصر على أنه "مفاعل بحثي" يخدم احتياجات الصناعة والزراعة والطب والعلوم. وقال الموقع الإسرائيلي، إن تصريح بن غوريون أصبح بمثابة الأساس لقصة غطاء استخدمتها إسرائيل لسنوات في كل زيارة قام بها المفتشون الأمريكيون إلى ديمونا.
وبين عامي 1961 و1969، أجرى الأمريكيون عمليات تفتيش في ديمونا، سبع منها جرت بعد أن أجبر كينيدي إسرائيل على الموافقة على عمليات تفتيش منتظمة في عام 1963. وبالنسبة لكينيدي، كانت الزيارات تخدم غرضين، نقل الرسائل السياسية والوصول إلى المعلومات التكنولوجية، وواصل خليفته ليندون جونسون بذل هذه الجهود.
وأشار الموقع إلى أن الإصدار الجديد للأرشيف يتضمن التقارير الكاملة التي رفعت السرية عنها مؤخرا، بشأن زيارات عامي 1965 و1966، بالإضافة إلى تقرير أولي عن زيارة عام 1967، موضحاً أنه خلال هذه الفترة، حققت إسرائيل إنجازات كبيرة في المجال النووي.
السلاح النووي
في عام 1965، أكملت إسرائيل بناء منشأة الفصل السرية تحت الأرض؛ وفي عام 1966، بدأت في إنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة، وفي عشية حرب عام 1967، قامت بتجميع أجهزتها النووية الأولى، ورغم ذلك، فإن كافة التقارير الصادرة عن الزيارات الأمريكية خلال هذه الفترة أكدت عدم العثور على أي دليل مباشر أو غير مباشر على وجود نشاط مرتبط بالأسلحة النووية، وفي جميع هذه الزيارات الثلاث، كانت الفرق الأمريكية واثقة من استنتاجاتها.
وذكر الموقع، أن هناك العديد من الأسئلة المفتوحة حول هذا الأمر، فكيف يمكن تضليل العلماء الأمريكيين المحترفين والمهرة لسنوات عديدة؟، متى وكيف اكتشفت الولايات المتحدة الحقيقة بالضبط؟، وأخيراً، هل خُدعت كل عناصر الحكومة الأمريكية بالكامل، أم هناك من شعر بالحقيقة لكنه تجاهلها؟.
تقرير: تسليح الصين لإيران ينذر بنهاية سيئةhttps://t.co/7aHSiZJQKY
— 24.ae (@20fourMedia) February 26, 2025على خُطى إسرائيل
ويقول الموقع، إنه من عجيب المفارقات أن إيران ربما تكون الآن تحاكي استراتيجية الستينيات التي انتهجها خصمها اللدود، فتقترب من القدرة على إنتاج الأسلحة النووية دون إجراء اختبارات، مضيفاً أنه ربما يكون حال طهران اليوم مماثلاً لوضع إسرائيل في عام 1967، أي على بعد أسابيع قليلة من امتلاك النووي.