عالم أزهري يوضح المعنى الحقيقي للتصوف: ليس العبادة وحدها
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
قال الدكتور أحمد تركي، أحد علماء الأزهر الشريف، إن التصوف الحق يرتبط ارتباطا وثيقا بالصفاء والجمال، موضحا أن التصوف لا يعني فقط العبادة أو الزهد، بل هو صفاء الروح ونقاء القلب من كل ضغينة أو حقد.
مفهموم التصوف الحقيقيوأضاف الدكتور أحمد تركي، في تصريحات لـ«الوطن»، أن الصفاء هو الخلو من الكدر، إذ إن صفاء القلب دليل على حسن الأخلاق، وجمال الأقوال دليل على صدق الإحساس، وجمال الأفعال دليل على الوفاء والإخلاص.
وأوضح العالم الأزهري، أنّ صاحب القلب الصافي لا جزاء له إلا الجنة، مستشهدا بما جاء عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: (يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ. قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا. فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: ( يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ؛ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ.
صفاء القلب والمشاعر من أعظم الغنائموأشار تركي إلى أن صفاء القلب والمشاعر من الحسد والكراهية أصبح من أعظم الغنائم التي يمكن أن يحصل عليها الإنسان في هذا الزمن المليء بالفتن والضغوط، مشددا على ضرورة الحفاظ على صفاء القلوب والأرواح، مؤكدًا أن الإنسان السعيد حقا هو من يمتلك قلبا صافيا لا يحمل في داخله سوى الخير للجميع.
كما استشهد بما جاء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لشاب من الأنصار كيف أصبحت يا حارثة، قال أصبحت مؤمنا بالله حقا قال انظر ما تقول فان لكل قول حقيقة قال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني بعرش ربي بارزا وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وإلى أهل النار يتهاوون فيها قال أبصرت فالزم، عبد نور الله الإيمان في قلبه.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الجنة أهل الجنة التصوف
إقرأ أيضاً:
شروط المغفرة ومفاتيحها وموانعها في شهر رمضان
وفي الحلقة بتاريخ 2025/3/10 من برنامج "حكم وحكمة" تناول الشيخ عمر عبد الكافي مع ضيوفه موضوعاً يتناسب مع أجواء شهر رمضان الكريم، وهو "المغفرة الإلهية" حيث قدم شرحاً وافياً عن شروط المغفرة وموانعها وكيفية تحقيقها.
وبدأ الشيخ عمر حديثه بتأكيد أن المغفرة من الله عز وجل مضمونة إذا طرق العبد باب الله بإخلاص، مشيراً إلى أن هناك مفاهيم خاطئة لدى كثير من الناس عن المغفرة.
وأوضح أن استغفار العبد من الذنب مضمون عند الله إذا كان صادقاً في توبته.
وشدد الشيخ على أركان التوبة الصحيحة، قائلاً "الإقلاع عن الذنب، الندم على ما فات، العزم على عدم العودة، ورد الحقوق إلى أصحابها، وهذا الشرط الرابع هو ما يغفل عنه كثيرون" مشددا على أن من أهم موانع المغفرة عدم رد الحقوق إلى أصحابها، موضحاً "لا يجوز لإنسان أن يقول يغفر لي، وأنا أخذت قطعة أرض من أخي، أو اغتصبت بيتاً من عمي، أو لم أعط إنساناً حقه، أو نظرت إلى أخواتي البنات فاغتصبت حقهن في الميراث".
وأشار الشيخ إلى أن الله قد يعفو في حقه، لكن حقوق العباد لابد من ردها و"قضية المغفرة واضحة المعالم، الله يغفر الذنوب إذا أعدنا الحقوق إلى أهلها".
القلب السليم
كما تطرق الشيخ عمر إلى مسألة القلب السليم، مؤكداً أنه الوسيلة الوحيدة للتقرب إلى الله عز وجل، فيقول سبحانه في محكم التنزيل "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم" وأي وسائط نحو الله عز وجل لا تصلح إلا القلب السليم.
إعلانوحذر من أن القلب المشرك لا يقبل الله عليه، قائلاً "العمل المشرك أصلاً لا يقبله الله، لأن فيه رياء. فأكبر مانع لأن ينال الإنسان مغفرة أن يكون هذا القلب إما قلباً غير سليم، أو قلباً سقيماً، أو قلباً قد أمرضته الذنوب حتى مات".
وفي جلسة أسئلة وأجوبة مع الحضور، أجاب الشيخ عن استفسار حول مدى مغفرة الله للذنوب مهما كبرت، فقال "يا عبد الله، لو بلغت ذنوبك عنان السماء وجئت مستغفراً موحداً، لا تشرك بالله، فرب العباد سبحانه وتعالى يأتيك بقراب الأرض مغفرة".
وأضاف "الله لا يعطي العبد على قدر دعائه فقط، ولو أعطى الله العبد على قدر دعائه فقط لتوقفت حياتنا" مشيراً إلى أن الله يعطي العبد الإجابة دون أن يسأل.
وفي سؤال آخر حول تخفيف ثقل الذنوب على القلب، أكد الشيخ أن الذي لا يُغفر له هو "الذي يستغفر وهو ينوي أن يعود إلى الذنب" مضيفاً أن الشعور بثقل الذنب دليل على محبة الله "لأنه مستحٍ من الله، ولأنه شعر أن الذنب ثقيل عليه".
كما أجاب عن سؤال حول كيفية توبة من ترك الصلاة لفترة طويلة، موضحاً وجهتي نظر العلماء في المسألة: إما قضاء ما فات، أو الاكتفاء بالتوبة والإكثار من النوافل.
واختتم الشيخ عمر الحلقة بالتأكيد على أن الله يحب العبد المنيب، ويحب العبد العواد إليه، وأن الله يغفر للجميع إلا من شرد وأبى.
الصادق البديري10/3/2025