أ.د بني سلامة يكتب .. عبيدات قدم رؤيته الشاملة والبعيدة النظر حول الأخطار المحدقة بالأردن
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
#سواليف
كتب أ.د. محمد تركي بني سلامة
في ظل تحديات متفاقمة تهدد الأردن والمنطقة، جاءت كلمة دولة السيد أحمد عبيدات في المنتدى العربي يوم امس لتعكس وعيًا وطنيًا حقيقيًا وإحساسًا عميقًا بالمسؤولية. لقد قدّم عبيدات رؤيته الشاملة والبعيدة النظر حول الأخطار المحدقة بالأردن، مسلطًا الضوء على السياسات المتطرفة لحكومة اليمين الإسرائيلية والتي ترمي، دون خجل أو مواربة، إلى فرض واقع جديد يخدم حلم “إسرائيل الكبرى” عبر تصفية القضية الفلسطينية وتحويل الأردن إلى وطن بديل.
تجلّت كلمات عبيدات كجرس إنذار يوقظ الضمائر ويدعو للعمل قبل فوات الأوان، مؤكدًا أن حالة “الاسترخاء” التي تشهدها بعض الأقطار العربية يجب أن تنتهي، وأن الوقت قد حان لتبني سياسات حازمة لحماية الأردن والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الذي يقف بصلابة في وجه الاحتلال. الأردن لا يمكنه أن يبقى خارج هذه المعركة الوجودية، بل يجب أن يكون في طليعة المدافعين عن فلسطين، إيمانًا بأن تهديدات اليمين الإسرائيلي هي جزء من مخطط يستهدف أمن المنطقة بأكملها، ويسعى لإعادة رسم الخارطة السياسية والجغرافية بما يخدم مصالح الكيان الإسرائيلي.
مقالات ذات صلة لماذا العائد على محفظة القروض أقل من (4%)..؟! 2024/11/07وبشجاعة تُحسب له، كشف عبيدات بجرأة عن نفاق الغرب وازدواجية معاييره عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. فالدول الغربية، التي تتشدق بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان حين تخدم مصالحها، تتغاضى عن أبشع الجرائم الوحشية والإبادات الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، بينما تقدم له الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي دون تردد. انكشف قناع الحضارة عن وجه الغرب المتوحش الذي يتاجر بشعارات زائفة، ويترك ضميره رهينة لمصالحه الاستعمارية. الديمقراطية وحقوق الإنسان في قاموسهم ليست سوى أدوات يُشهّرونها عند الحاجة، ويتجاهلونها عندما تصطدم بأجنداتهم، ليتجلى زيفهم على حساب الشعوب المناضلة.
وفي خضم هذا الصراع، أكّد عبيدات على أن المقاومة الفلسطينية واللبنانية لا تدافع فقط عن أراضيها، بل هي تجسيد حي لكرامة الأمة العربية بأسرها. فالذين يقفون صامدين في غزة وجنوب لبنان يمثلون رمزًا للعزة والشرف العربي، ويبعثون برسالة إلى العالم بأن الشعوب العربية ترفض الذل والخضوع، وأن كرامتها لا تُشترى. إن صمود المقاومة وبطولاتها في وجه الاحتلال وحلفائه يربك مخططات نتنياهو الذي يسعى لإعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق تصوره، إلا أن هذا الصمود البطولي يقف سدًا منيعًا صامد أمام هذا العدوان و هذه الطموحات، ويؤكد أن الكفاح العربي سيبقى مستمرًا ما دام هناك من يدافع عن الشرف والكرامة.
ولعل من أبرز محاور كلمة عبيدات، تحذيره من محاولات بث الفتنة بين أفراد المجتمع على أسس طائفية أو مذهبية، وهي محاولات تهدف إلى تمزيق النسيج الوطني الأردني خدمةً لأهداف العدو الصهيوني. فالفتنة، كما يقول عبيدات، لا تخدم إلا مصلحة الاحتلال، وأي انقسام داخلي يجعل الأردن عرضةً للاستهداف. من هنا، يجب أن يكون تعزيز الوحدة الوطنية وتمتين الجبهة الداخلية الأردنية على رأس الأولويات، كونهما السد المنيع الذي يحمي الأردن من أي مخططات تخريبية. إن الرد الحازم على هذه المحاولات يكون بالتمسك بوحدة الصف الوطني وتعزيز التماسك الاجتماعي بين جميع مكونات الشعب الأردني.
كما دعا عبيدات إلى ضرورة مراجعة الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل، وعلى رأسها اتفاقية وادي عربة، مشيرًا إلى أن إسرائيل لا تحترم التزاماتها وتستمر في انتهاكها بوقاحة. يجب أن تقوم الدولة الأردنية بوقفة حازمة وتعيد النظر في هذه الاتفاقيات بما يخدم المصالح الوطنية ويحقق الاستقلال الكامل للأردن. كما شدد عبيدات على إنهاء وجود القواعد الأجنبية على الأراضي الأردنية كخطوة للحفاظ على السيادة الوطنية، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية التي تهدد استقرار المنطقة.
إذا كان هناك درس يمكن استخلاصه من كلمة السيد عبيدات، فهو أن الوقت قد حان لتوحيد الجهود وتبني رؤية وطنية شاملة للدفاع عن الأردن ومستقبله. ينبغي أن تكون كلماته نواة لميثاق وطني ينطلق من اليوم، لتكريس سياسات واقعية وواضحة تحمي مصالح الأردن وتصون أمنه وتحمي حدوده وتحافظ على استقراره وتعزز صموده في وجه التهديدات المتزايدة. فالخطر داهم والوقت ليس في صالحنا، وعلينا أن نستعد ونتحرك بوعي وجدية لمواجهة هذه التحديات.
ختامًا، إننا إذ نشيد بجرأة دولة السيد أحمد عبيدات ورؤيته الثاقبة، ندعو الجميع، من حكومة وشعب، إلى الالتفاف حول هذا الموقف الوطني النبيل، والعمل معًا لتحويل كلماته إلى خارطة طريق والى واقع عملي يضمن حماية الأردن ومصالحه العليا ، ويدفعنا إلى العمل الوطني الجاد دفاعا عن الأردن وأبنائه ومستقبلهم ، ولتكن كلماته بمثابة جرس انذار يدق في قلوب الأردنيون ،فلا مجال للصمت او التردد او التاخير ؛ فالخطر داهم والتهديدات واضحة، ولا بد من العمل بجدية ووعي وسرعة ، وتوحيد الجهود وتبني رؤية وطنية واضحة ،قبل أن يقع الفأس بالرأس .
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يسعى لبناء جدار على الحدود مع الأردن.. كم يبلغ طوله وتكلفته؟
من المتوقع أن يكلف تعزيز الجدار الحدودي الذي يزيد طوله عن 400 كيلومتر ويفصل بين الأردن والأراضي المحتلة حوالي خمسة مليارات شيكل (1.37 مليار دولار)، وبمجرد الموافقة على الميزانية، سيكون بالإمكان بناء الجدار المخطط له خلال ثلاث سنوات.
وتعتقد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن من بين الأسباب التي تدفع إلى تسارع بناء الجدار: "الخوف من أن تأثير العدوى من سوريا وزعزعة استقرار النظام الأردني".
وقالت الكاتبة الإسرائيلية ليلاخ شوفال، في تقرير على صحيفة "يسرائيل هيوم": إنه "إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها وتمت الموافقة على الميزانية في الوقت المحدد، فإن نظام الأمن يقدر أنه سيكون بالإمكان بناء الجدار الشرقي على طول حدود إسرائيل-الأردن في غضون ثلاث سنوات".
وذكرت شوفال أنه "وفقًا للتقديرات، يقدر تكلفة بناء الجدار بنحو خمسة مليارات شيكل، من المتوقع أن يمتد الجدار من مطار إيلات في الجنوب، حيث يوجد جدار موجود بالفعل حتى حوالي 10 كيلومترات شماله، مرورًا بالبحر الميت، وادي الأردن وبيسان".
وأضافت أن وزارة الحرب قد خصصت بالفعل ميزانية لتخطيط "العائق الحدودي"، ومن المتوقع أن يكتمل التخطيط في آذار مارس المقبل، مشيرة إلى أنه "في حال وافقت اللجنة على جميع الميزانية المطلوبة في الوقت المناسب، وتم العثور على مصدر تمويل، سيكون من الممكن بدء التنفيذ بسرعة بعد الانتهاء من مرحلة التخطيط".
وبينت أن التنفيذ سيكون باستخدام عدة فرق عمل بالتوازي، ويمكن إتمام البناء في غضون ثلاث سنوات واستبدال "العائق الهش أو غير الموجود بين إسرائيل والأردن".
واعتبرت أنه "بهذا سيكون من الممكن منع التسلل إلى إسرائيل، وكذلك تهريب الأسلحة، الذي أصبح ظاهرة مقلقة وخطيرة بشكل خاص في الأشهر الأخيرة، نظرًا لمحاولات إيران لملء الضفة الغربية بأسلحة لتنفيذ هجمات ضد الإسرائيليين داخل الخط الأخضر وخارجه".
وقالت إنه "سيتم تنفيذ الأعمال وفقًا لأولويات المناطق، بناءً على قربها من المستوطنات، وحسب الأماكن المهددة بالتهريب، كما هو الحال في الحدود الأخرى، سيقود هذه الأعمال اللواء إيراني أوفير".
وأكدت "في هذه الأثناء، في الجيش الإسرائيلي، يشعرون بقلق شديد إزاء الوضع في الأردن، ويخشون من تأثير العدوى السورية الذي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار النظام الأردني، الذي يعتبر جزءًا مهمًا من تصور الأمن الإسرائيلي على الحدود الشرقية".
وختمت بالقول: "استعدادًا لما قد يحدث، واحتياطًا لأي طارئ، يخطط في الوزارة لبناء الجدار الشرقي، ونشر الجيش الإسرائيلي دعوة لتجنيد قوات الاحتياط للفرقة الشرقية التي يتم تشكيلها في هذه الأيام".