مسار معقد.. هل تستطيع إيران وإسرائيل إرساء توازن جديد في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع صراع الشرق الأوسط مع الأعمال العدائية المتصاعدة، تتغير ديناميكيات القوة القديمة بين إيران وإسرائيل. فقد أدت سلسلة من الاشتباكات العسكرية المكثفة إلى زعزعة التوازن الدقيق الذى أبقى الخصمين فى حالة من الصراع المنظم.
وفي أعقاب موجة جديدة من الضربات الجوية والهجمات المباشرة ومحادثات السلام الإقليمية، يتساءل الخبراء عما إذا كانت المنطقة على وشك تحقيق توازن جديد أو صراع أعمق وأكثر تقلبًا.
لعقود من الزمان، كانت إيران وإسرائيل عالقتين فيما وصفته أماندا تاوب فى تحليلها لصحيفة نيويورك تايمز بأنه "حرب ظل".
وعلى الرغم من أن كل دولة تمتلك ما يكفى من القوة لإيذاء الأخرى، إلا أن أيًا منهما لم تسعَ إلى حرب شاملة. وبحسب تاوب، فقد تم الحفاظ على هذا "التوازن المستقر ولكن العنيف أحيانًا" من خلال الردع المتبادل، حيث تمتلك إسرائيل جيشًا قويًا تدعمه الولايات المتحدة، فى حين قامت إيران بزراعة شبكة من الميليشيات المتحالفة، مثل حزب الله وحماس، لتهديد إسرائيل من جميع الجهات.
بدأ هذا التوازن الهش فى التدهور بعد الهجمات القاتلة التى شنتها حماس على إسرائيل فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. كان الهجوم، الذى أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، محاولة لإشعال صراع أكبر. أدى الانتقام الفورى لإسرائيل فى غزة، الذى أعقبه حملة قصف مستهدفة ضد قيادة حزب الله فى لبنان، إلى تصعيد الموقف بشكل كبير. ويشير الخبراء إلى أن هذه السلسلة من الأحداث غيرت بشكل أساسى استراتيجيات الردع على الجانبين.
التقدم والنكسات الاستراتيجيةاكتسبت إسرائيل مؤخرًا أرضًا استراتيجية كبيرة، على الرغم من أن هذه الميزة لا تمثل بعد انتصارًا حاسمًا. وعلى وجه الخصوص، أدى هجوم حديث فى ٢٦ أكتوبر إلى تدمير جزء كبير من نظام الدفاع الجوى الإيراني، وفقًا لستيفن أ. كوك، زميل بارز فى مجلس العلاقات الخارجية. لقد تركت هذه الضربة إيران عُرضة لمزيد من الهجمات الجوية، حيث أشار كوك إلى أن إسرائيل "تسيطر الآن على سماء إيران".
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه المكاسب، لم تحقق إسرائيل مستوى الهيمنة الذى قد يسمح بهيمنة دائمة.
وكما يشير تاوب، فإن الاستقرار الاستراتيجى يتطلب عادة إما هيمنة حاسمة أو حالة متوازنة من الردع المتبادل، على غرار الوضع قبل عام ٢٠٢٣. وفى غياب أى منهما، تظل المنطقة متقلبة.
وجهات نظريسلط دانييل سوبلمان، أستاذ فى الجامعة العبرية، الضوء على مسارين لتحقيق "الاستقرار الاستراتيجي": تحقيق الهيمنة أو إعادة إرساء توازن متوازن. وتتوافق وجهة نظر سوبلمان مع الأمثلة التاريخية حيث أدى النصر الحاسم لأحد الجانبين، كما رأينا فى الحرب العالمية الثانية، إلى خلق استقرار دائم. ومع ذلك، فهو يعتقد أنه فى هذا السيناريو، قد يكون الجمود المطول أكثر واقعية، حيث تطور كل من إسرائيل وإيران "لغة مفهومة بشكل متبادل" للتواصل بشأن الخطوط الحمراء وردع التصعيد.
إن هذا التفاهم المتبادل قد يكون من الصعب تحقيقه، حيث تشير المواجهات الأخيرة إلى ارتفاع خطر سوء الفهم. ويوضح سوبلمان أن "الخطوط الحمراء" لكل جانب يتم اختبارها حاليًا فى تبادل مكثف للآراء، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، والتى تضيف المزيد من عدم اليقين.
رقعة الشطرنج الدبلوماسيةالديناميكيات المتغيرة فى العلاقات بين إيران وإسرائيل تجعل الولايات المتحدة أكثر تركيزًا. لقد انخرطت واشنطن بنشاط فى دبلوماسية القنوات الخلفية، ونصحت إسرائيل بعدم استهداف المنشآت النووية والنفطية الإيرانية. تشير إيما آشفورد، زميلة بارزة فى مركز ستيمسون، بشكل فكاهى إلى المناخ الانتخابى الأمريكي، مشيرة إلى أن "التوازن فى الشرق الأوسط موجود فى مكان ما فى بنسلفانيا - أو على الأقل ولاية متأرجحة أخرى". ويؤكد تعليق آشفورد على تأثير قرارات السياسة الخارجية الأمريكية على الاستقرار الإقليمي، وخاصة فيما يتعلق بتأثيرها على تصرفات إسرائيل.
إن ما يزيد الأمور تعقيدًا هو مبادرات إيران تجاه دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة، والتى يفسرها تاوب على أنها إشارة إلى أن منشآت النفط الخليجية قد تكون عُرضة للخطر إذا تم استهداف البنية التحتية الحيوية لإيران. وتكشف هذه المناورة الدبلوماسية كيف تحاول الدول الإقليمية تجنب الوقوع فى مرمى النيران المتبادلة بين إيران وإسرائيل.
مسار معقد إلى الأماممع استمرار إسرائيل وإيران فى تبادل التهديدات والإجراءات الانتقامية، يحذر الخبراء من أن التوازن الجديد قد ينشأ فقط بعد خسارة كبيرة وإرهاق على كلا الجانبين.
يقترح سوبلمان أن هذا "الإرهاق المتبادل" قد يكون المسار الوحيد لتحقيق توازن مستدام للقوى، وإن كان بتكلفة عالية. ويظل ما إذا كان هذا التوازن المحتمل يمكن أن يستمر سؤالًا مفتوحًا، حيث تشير الظروف الأساسية إلى حالة طويلة الأمد وغير مستقرة محتملة.
إن المرحلة الحالية من الصراع تشير إلى عصر من تحول القوة، حيث تجعل التطورات العسكرية الإسرائيلية والاستجابات الاستراتيجية الإيرانية المستقبل غير قابل للتنبؤ إلى حد كبير. وبينما تنتظر المنطقة أن تهدأ الأمور، فمن الواضح أن تحقيق أى شكل من أشكال التوازن سيتطلب من الجانبين إعادة تقييم نهجهما فى الردع، مع إضافة نتيجة الانتخابات الأمريكية طبقة أخرى من عدم اليقين إلى مشهد معقد بالفعل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إيران إسرائيل الشرق الأوسط الاشتباكات العسكرية إیران وإسرائیل إلى أن
إقرأ أيضاً:
ليبراسيون : الأمل ينبعث مجددا في منطقة الشرق الأوسط
قالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إنه حتى وإن بدا وقف اعمال العنف فى غزة هشا، إلا أن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الثلاثة الأوائل بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ يوم الأحد اللماضي في غزة، من شأنه أن يبعث الأمل في منطقة الشرق الأوسط في خضم الاضطرابات.
واوضحت ليبراسيون في افتتاحيتها اليوم الاثنين، انه حتى اللحظة الأخيرة، كان التوتر في ذروته بين الحكومة الإسرائيلية وحماس، ولكن في الوقت المحدد أعيدت النساء الإسرائيليات الثلاث الأسيرات منذ 7 أكتوبر 2023،على قيد الحياة وبصحة جيدة وفقا لما أكده الصليب الأحمر ثم عائلاتهم، مما تسبب في ارتياح كبير في إسرائيل وفي كثير من أنحاء العالم، وتضاعف هذا الشعور بالارتياح بعد نشر صور لشاحنات المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة بشكل جماعي، حيث صمتت المدافع لتوها.
واستدركت الصحيفة قائلة إنه لايوجد ما يؤكد أن الالتزام بالمرحلة الأولى من الاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الأربعاء 15 يناير يبشر بالأمل في احلال السلام في المنطقة حيث يبدو أن الأطراف المتطرفة من كلا الطرفين مستعدة لفعل أي شيء لإعادة دائرة العنف. كما أصبحت غزة غير صالحة للعيش فيها ولا يمكن التخطيط لما سيحدث في اليوم التالي. ومع ذلك، فإن نافذة الفرص أصبحت أكثر انفتاحا مما كانت عليه خلال الهدنة الأخيرة في نوفمبر 2023. إذ لم تعد المنطقة كما كانت عليه في ذلك الوقت: فقد سحق الجيش الإسرائيلي حماس وحزب الله متسببا في خسائر بشرية كبيرة كما تغيرت طبيعة العراب الأمريكي.
وأضافت أن دونالد ترامب ملتزم تماما باليمين المتشدد والمستوطنين الإسرائيليين، لكنه يعتزم الاحتفال ببداية ولايته الرئاسية الجديدة بمبادرات قوية على صعيد العودة إلى الهدوء، سواء في أوكرانيا أو غزة، حتي انه قام بلي ذراع رئيس الوزراء الإسرائيلي للحصول على هذه الهدنة عشية تنصيبه، لكن بنيامين نتنياهو لم يفشل في أن يؤكد خلال خطاب للأمة ادلي به السبت الماضي أن الدولة العبرية تحتفظ بالحق "في استئناف الحرب إذا ما اقتضت الضرورة وبدعم من الولايات المتحدة ."
وبدوره تحدث جو بايدن، مهندس الاتفاق الذي فرضه خليفته، يوم الأحد، في آخر خطاب له كرئيس للولايات المتحدة، عن "طريق ذي مصداقية نحو دولة فلسطينية"، لكن هذا الطريق لا يزال يبدو وعرا ومتعرجا بشكل رهيب، ونهايته غير مؤكدة على نحو متزايد.