بيروت – إسراء الصباغ - صفا

تصطدم حقوق الطلبة الفلسطينيين بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في لبنان، بواقع مُعقّد وبيئة تعليمية متردية، لكن مدارس المنظمة الأممية تبقى ملاذهم الوحيد في ظل تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع تكاليف التعليم الخاص.

وتواجه العملية التعليمية في لبنان تحديات جمة، أبرزها اكتظاظ الفصول الدراسية، ونقص المقاعد، وصعوبة توفير الكتب والقرطاسية، وتهالك البنية التحتية؛ وهو ما يؤثر سلبًا على مستوى تحصيل الطلبة.

وعلى أبواب عام دراسي جديد، اندلعت اشتباكات مسلحة، استمرت أسبوعًا، في مخيم عين الحلوة، أكبر مخيمات اللجوء في لبنان، وهو ما جعل من انطلاق العام الدراسي في موعده مطلع أكتوبر/ تشرين الأول محل شك.

وقالت المديرة العامة لوكالة الغوث في لبنان "دوروثي كلاوس" إن مجمّع المدارس التابعة لـ"أونروا" في المخيم تضرر، وبحاجة إلى مئات آلاف الدولارات لإصلاحه، مشيرة إلى أنه "من غير الواضح من أين سيأتي التمويل".

الازدحام وانخفاض المستوى

ويطالب أمين سر اللجان الأهلية بالمخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان محمد الشولي "أونروا" بإطلاق العام الدراسي في موعده، وتوفير المستلزمات كافة، وتفادي مشكلة نقص أعداد المعلمين، والاكتظاظ في الصفوف.

ويشير الشولي، في حديث لوكالة "صفا"، إلى تراجع مستوى الطلبة بمدارس "أونروا" في لبنان، بسبب "حرمانهم من الحقوق المدنية والاجتماعية، وعدم إتاحة العديد من المهن أمامهم، مثل الطب والهندسة والمحاماة، فضلًا عن معاناتهم من الاستغلال في العمل بأجور أقل، وعدم وجود أمان وظيفي".

وتعاني مدارس وكالة الغوث في لبنان من ازدحام في الطلبة بسبب إقبال اللاجئين الشديد على تسجيل أبنائهم فيها؛ هربًا من "الأقساط غير المعقولة" في المدارس الخاصة.

ويلفت الشولي إلى أن البرنامج الذي أعلنت عنه "أونروا" لتأهيل معلمي مدارسها في إحدى الجامعات الخاصة "بحاجة لإعادة تفكير لغياب جدواه"، ولاسيما أنه "سينفق مبالغ مالية كبيرة".

ويقول إن: "الأموال التي ستنفق على البرنامج يجب توجيهها لتحسين واقع التعليم من خلال تخفيف الاكتظاظ في الصفوف، وتوفير القرطاسية والمقاعد، وزيادة عدد المعلمين، وتوفير وسائل نقل لتخفيف معاناة الطلاب وتحسين ظروفهم".

ويضيف "كان هناك تجربة بين عامي 2011-2012 لبرنامج مشابه في إحدى الجامعات، ولم يحقق النتائج المأمولة في تحسين واقع التعليم؛ ولذلك يجب توجيه الجهود والاستثمارات بفعالية أكبر".

تحسين بيئة التعليم

أما مدير العلاقات العامة بالرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين في لبنان عدنان أبو خميس، فيؤكد أن ازدحام مدارس أونروا بلغ مستويات خطيرة، إذ تجاوز عدد الطلاب في الصف الواحد ببعض المدارس 50 طالبًا العام الماضي، وهو ما أثر سلبًا على تحصيلهم، وقدراتهم التعليمية.

ويوضح أن تخفيف اكتظاظ الصفوف عبر التشعيب وفتح صفوف جديدة، يُمكّن المعلمين من متابعة الطلاب بشكل أفضل.

ويدعو أبو خميس "أونروا" لتجديد المدارس التابعة لها؛ "لأنها لا تتلاءم مع هدف التعليم، وتُمثّل بيئة غير مناسبة للطلبة".

ويشير إلى أن نتائج الامتحانات التجريبية التي أجرتها "أونروا" لطلاب الصف التاسع في شهر أبريل/ نيسان الماضي، أظهرت تدني نسبة النجاح إلى أقل من 30٪، "وهذا مؤشر خطير على تراجع المستوى التعليمي".

وبالإضافة إلى ذلك، فإن "سياسة الترفيع الآلي التي تعتمدها أونروا أسهمت في ضرب ما تبقى من العملية التعليمية"، وفق أبو خميس.

ويطالب مدير العلاقات العامة بالرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين في لبنان "أونروا" بإعادة تأهيل المدارس بالكامل، لجعلها بيئة مناسبة وصحية لتلقي التعليم.

ويدعو وكالة الغوث لإعلان حالة طوارئ عامة في لبنان والتنسيق مع جميع المؤسسات والجمعيات، لعقد اتفاقيات شراكة وتعاون مع الدول والمنظمات الدولية لتوفير احتياجات الطلبة، وتحسين البيئة المدرسية.

ومنذ تعيين "كلاوس" مديرةً عامة لـ"أونروا" في لبنان منتصف فبراير/ شباط 2023، أعلنت عن نيتها إصلاح العملية التعليمية، وعُقدت عدة ورش عمل للمختصين والمدرسين.

ومن بين القرارات التي اتخذتها لتحقيق الهدف، التركيز على تدريب المعلمين لمواجهة التحديات الحالية وتطوير أدائهم.

ويقول أبو خميس إنهم يتابعون بـ"ترقب وشغف" تنفيذ الإصلاحات التعليمية المقررة، على أمل تحقيق تحسن ملموس على جودة التعليم في لبنان.

ويقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بأكثر من 200 ألف، وفق تقديرات الأمم المتحدة، ويتوزع معظمهم على 12 مخيمًا ومناطق سكنية أخرى.

ويرزح نحو 93% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان تحت خط الفقر، وفق "أونروا"، وسط انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار في الدولة العربية.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

الوسيلة التعليمية تفاقم الأعباء.. قرار تحويل التابلت إلى «عُهدة» يثير غضب أهالي طلاب الثانوية العامة

أثار قرار وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف القاضي باعتبار تابلت الثانوية العامة «عُهدة» يجب إعادتها للوزارة بنهاية المرحلة الثانوية، موجة غضب واستياء بين الطلاب وأولياء الأمور. جاء هذا القرار ليشمل طلاب الصف الأول الثانوي في العام الدراسي الحالي، ويُلزم الطلاب بدفع قيمة التابلت في حال فقدانه أو تلفه، ما دفع العديد من الأطراف المعنية إلى الاعتراض بشدة على هذه الخطوة.

يأتي هذا فيما تعيش المنظومة التعليمية حالة من الجدل حول مدى جدوى استخدام التكنولوجيا في التعليم، وتطالب أصوات عديدة من الطلاب وأولياء الأمور الوزارة بالعودة إلى النظام التقليدي للامتحانات الورقية وإلغاء التابلت بشكل كامل، فضلًا عن إعادة الكتاب المدرسي إلى الساحة التعليمية باعتباره جزءًا أساسيًا من العملية التعليمية. ورغم التأكيدات الرسمية على أن القرار يهدف إلى تعزيز الرقابة على توزيع التابلت وضمان عدم استخدامه لأغراض شخصية، إلا أن التفسير لم يخفف من حدة الانتقادات التي تطالب بتقديم حلول أكثر مرونة ومتوازنة بين تقنيات العصر ومتطلبات الطلاب.

عبرت هويدا إبراهيم (ولي أمر أحد الطلاب) عن استيائها الشديد من قرار إعادة التابلت، قائلة: والله مش عايزينه، ياريت استلامه يكون اختياري. القرار غير مدروس بما يكفي. مشاكل التابلت لا تنتهي، خاصة أن بعض الطلاب يقومون بعد استلام الأجهزة بتعديل النظام الخاص بها، فضلًا عن تحميل أفلام وألعاب من اليوتيوب مما يُفقد التابلت جزءًا من فاعليته التعليمية.

دعت، غادة النوبى (ولي أمر) بإلغاء التابلت نظرًا للعبء الكبير الذي يتحمله أولياء الأمور في مسئولية تسليم الأجهزة بنفس حالتها التي استُلمت عليها، مشيرة إلى أن بعض الطلاب قد يهملون في استخدام الجهاز أو يتسببون في تلفه. وأكدت النوبى أن هذا القرار قد يخلق تحديات إضافية على الأسر، بما في ذلك الضغط النفسي والمالي الناجم عن الحفاظ على الجهاز في حالة جيدة طوال فترة الدراسة.

من جانب آخر، أشارت هويدا إلى العبء المالي الكبير الذي يتحمله ولي الأمر، بما في ذلك تكلفة الصيانة والتأمين على الأجهزة، في وقتٍ يواجه فيه المجتمع تحديات اقتصادية صعبة. أما أميرة يونس (مؤسس جروب مصر والتعليم)، فقد أكدت أن فكرة التابلت كعهدة مرفوضة تمامًا من قبل أولياء الأمور.

أوضحت أن ابنها قد تسلم التابلت العام الماضي، وتعلم جيدًا كم المشكلات التي واجهته في التعامل مع الجهاز، مضيفةً أن من الصعب استلام التابلت بعد ثلاث سنوات بحالته التي تم استلامه عليها، وهو ما يعكس نظرة أولياء الأمور تجاه قلة الاستفادة من التابلت في ظل المشاكل المتزايدة التي ترافقه.

تطالب، رودى أحمد (أدمن جروب حوار مجتمعي تربوي) بضرورة تطوير الكتاب المدرسي ليصبح منافسًا حقيقيًا لتقنيات التابلت، مؤكدة على ضرورة توفيره بشكل موسع لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب. وأوضحت أن توزيع التابلت يقتصر حاليًا على طلاب المدارس الحكومية والتجريبية، دون أن يشمل الطلاب في المدارس الخاصة أو الخدمات والمنازل، وهو ما يزيد من الفجوة التعليمية بين مختلف فئات الطلاب.

اعتبرت فاطمة فتحى (مؤسس جروب تعليم بلا حدود) أن التابلت قد أصبح عبئًا على الطلاب وأسرهم، مشيرة إلى أن جزءًا كبيرًا من طلاب الثانوية العامة يؤدون الامتحانات الورقية، خصوصًا في المدارس الخاصة والخدمات والمنازل، لأنهم لم يتسلموا التابلت. وأوضحت أن الأولى في هذه الحالة هو إلغاء التابلت بشكل كامل وتوجيه الأموال التي يتم صرفها على توفير الأجهزة إلى إعادة طباعة الكتب المدرسية، وتوفير الامتحانات التدريبية على البابل شيت استعدادًا للامتحانات.

أما منى أبو غالى (مؤسس جروب حوار مجتمعي تربوي) فبينت أن قرار إعادة التابلت كان متوقعًا بسبب الأزمة المالية التي تمر بها وزارة التربية والتعليم وعدم قدرتها على توفير العملة الصعبة اللازمة لاستيراد الأجهزة، مشيرة إلى أن الوزارة بدأت منذ العام الماضي في عدم تسليم طلاب المدارس الخاصة أو الخدمات التابلت. واقترحت أبو غالى أن يتم منح الطلاب حرية الاختيار في استلام التابلت، مع الموافقة على شروط إرجاعه، لتفادي إلزامهم بالجهاز إذا كانوا لا يحتاجونه.

في السياق ذاته، اعتبرت أماني الشريف (أدمن جروب حوار مجتمعي تربوي) أن إلزام الطالب بإرجاع التابلت للوزارة مع شهادة من الوكيل المعتمد بصلاحية الجهاز هو أمر صعب التحقيق، مشيرة إلى أن السماعات والجراب والقلم الخاص بالتابلت لا يمكن أن تظل في حالتها الأصلية بعد فترة من الاستخدام، وأكدت أن هذا سيجعل رب الأسرة مضطرًا لشراء بدائل من التوكيل، مما سيضاعف الأعباء المالية على الأسرة، ويجعل الطلاب يفضلون عدم استخدام التابلت طوال فترة الدراسة خوفًا من تحمل تكاليف تلف الأجهزة.

يتفق مصطفى شندي (مدرس وولي أمر) مع الرأي القائل بضرورة إلغاء التابلت، حيث أكد أنه سيظل محتفظًا بالتابلت الخاص بابنته، الطالبة بالصف الأول الثانوي، حتى لا يتعرض للتلف لحين عودته للمدرسة مرة أخرى، وبذلك، يعكس شندي حالة القلق التي يشعر بها أولياء الأمور من التعرض للمسئولية المالية إذا حدث أي ضرر للجهاز، وهو ما يساهم في إضعاف الغرض التعليمي من استخدام التابلت.

يرى مايكل فوزي (مدرس كمبيوتر بإحدى المدارس الحكومية) أن التابلت الجديد يختلف تمامًا عن الأجهزة السابقة من حيث البرمجة المتقدمة، التي يمكن أن تكون مفيدة في تدريس المواد الخاصة بالبرمجة والذكاء الاصطناعي في المستقبل. ويؤكد فوزي أنه يجب علينا الانتظار لمعرفة مدى جدوى تلك البرامج التعليمية في التابلت، خاصة أن قرار استرجاع الأجهزة من الطلاب قد يوفر مبالغ ضخمة يمكن استثمارها في تحديث البنية التكنولوجية في المدارس، وهو ما يعزز الاستعداد لمواكبة مجالات البرمجة والذكاء الاصطناعي التي سيُدرس بعضها في المستقبل القريب.

في المقابل، يرى الخبير التربوي، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة عين شمس، د.تامر شوقي، أن قرار إعادة التابلت للطلاب مجددًا يعد صائبًا في ظل الظروف الحالية، على الرغم من أنه يفضل إلغاء التابلت بشكل كامل. ويوضح شوقي أن التابلت أصبح يشكل عبئًا كبيرًا على الدولة خاصة بعد ارتفاع قيمة الدولار، مما جعل تكلفة الأجهزة باهظة، وسبب ضغوطًا اقتصادية هائلة. كما يشير إلى أن العديد من الطلاب لا يستفيدون من التابلت بشكل حقيقي، حيث يفضلون الاعتماد على المصادر الورقية في المذاكرة.

يضيف شوقي أن غالبية الطلاب يمتلكون بالفعل أجهزة رقمية أخرى، مما يجعل التابلت غير ضروري لهم في كثير من الأحيان. وأشار إلى أن مشكلات التابلت الفنية قد دفعت العديد من الطلاب لبيع أجهزتهم، في ظل الاستخدام المحدود لها، خاصة أن التابلت يقتصر استخدامه على امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي دون الصف الثالث، مما يقلل من جدوى توزيعه المجاني. كما أن عدم عقد امتحانات نهاية العام بشكل إلكتروني يجعل استخدام التابلت غير مفيد في الصف الثالث الثانوي. وأوضح شوقي أن منح التابلت على سبيل العهدة قد يؤدي إلى عدم استخدامه من قبل الطلاب خوفًا من تعرضه للتلف، مما يجعله يظل في حالة غير مستغلة تمامً

مقالات مشابهة

  • التربية تقرر تمديد فترة تسجيل الطلبة في المدارس الثانوية
  • هيئة المعرفة تطلق تميّز أينما كنت للارتقاء بالتعليم في مدارس دبي
  • اغلاق مدارس اليمن في مصر يلحق الضرر بـ 6 آلاف طالب وطالبة
  • 20 صورة ترصد انتظام الدراسة في مدارس القاهرة اليوم
  • الوسيلة التعليمية تفاقم الأعباء.. قرار تحويل التابلت إلى «عُهدة» يثير غضب أهالي طلاب الثانوية العامة
  • إغلاق مدارس نيودلهي بعد تسجيل مستوى قياسي من تلوث الهواء
  • المدارس تتغنى بأمجاد عمان احتفالا بالعيد الوطني المجيد
  • وكيل “تعليم القاهرة” تتفقد مدارس السلام لمتابعة الانضباط
  • وزير التعليم: نجحنا في حل مشكلة عجز المعلمين بنسبة 90%
  • وكيل «تعليم الجيزة» يوجه بتوأمة بين المدارس الحكومية والخاصة لسد عجز المعلمين بأكتوبر