محمد جنرال الإسلام الأول العظيم.. شهادة مؤرخ وعسكري أمريكي (2من2)
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
هذه الإصلاحات العسكرية الثمانية التي غير بها محمد صلى الله عليه وسلم العسكرية العربية وغير بها مجرى التاريخ يوجزها جابرييل فيما يلي:
1 ـ التغيير الاجتماعي:
"غير محمد {صلى الله عليه وسلم} التركيبة الاجتماعية للجيوش العربية من تجمعات عشائرية وقبائلية موالين لأنفسهم فقط إلى جيش وطني موال لكيان مجتمعي يسمى الأمة.
2 ـ وحدة القيادة:
"كان العرب قبل محمد {صلى الله عليه وسلم} يقاتلون تحت إمرة قادة عشائرهم وقبائلهم لمصالح قبلية ضيقة. أما بعد ظهور محمد صلى الله عليه وسلم فقد تحول أفراد القبائل ـ مجتمع المؤمنين ـ إلى مقاتلين يقاتلون تحت إمرة قائد واحد فقط هو محمد صلى الله عليه وسلم أو من يوليه القيادة. واستمر هذا الأمر بعد وفاته. لم تكن وحدة القيادة على المستوى الاستراتيجي فقط بل امتدت أيضا إلى المستويات العملياتية والتكتيكية. وحقيقة أنه يمكن استبدال القادة القدامى للقبائل والعشائر بقادة جدد من مكة كانوا أعداء سابقين لهم هو شهادة نجاح لمحمد في تأسيس وحدة القيادة كإصلاح مؤسسي رئيسي في الجيوش العربية".
3 ـ تماسك الوحدة القتالية:
"ركز الأساس الأخلاقي للحرب العربية على شجاعة الفرد وقتاله ليس كفرد من ضمن جيش؛ وإنما من أجل شرفه ومكانته الشخصية. لذا لم تعكس هذه الحرب تماسك الوحدة القتالية وقدرتها على البقاء سليمة والقتال معا مهما كانت وطأة المعركة. على النقيض تماما، كانت جيوش محمد شديدة التماسك، تقاتل معا مهما فاقهم العدو في العدد والعدة. لقد صار الدين - لا القبيلة أو رابطة الدم - هو مصدر التماسك. وسرعان ما اكتسب جنود محمد سمعة ومكانة لانضباطهم وضرواتهم في القتال، وعناية الجنود بعضهم ببعض كإخوة بموجب تعاليم الإسلام".
4 ـ التحفيز:
"أظهرت جيوش محمد أعلى درجة من الحافزية عن الجيوش العربية، ثم فيما بعد عن جيوش الفرس والروم. أن تكون جنديا ليس فقط أن تكون أكثر قربا من الله بل الأكثر ربحا عن غيره من البشر. كانت الشهادة هي الحافز الأكبر ليهم. هذا التغيير الذي أدخله محمد صلى الله عليه وسلم صنع جنودا يتفانون في القتال بصورة لم تشهدها الجيوش العربية من قبل".
5 ـ حرب استراتيجية:
"كانت الحرب العربية قبل محمد {صلى الله عليه وسلم} حربا تكتيكية من أجل الشرف والنهب، وليس لها أهداف استراتيجية. لكن التغيير الذي أدخله محمد {صلى الله عليه وسلم} هو أنه جعلها حربا استراتيجية. فالهدف النهائي لمحمد {صلى الله عليه وسلم} كان هدفا استراتيجيا وهو تغيير المجتمع العربي تحت مظلة دين جديد. لذا كانت كل خططه وتصرفاته من أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي. وهو أول قائد عربي يستخدم القوة داخل سياق استراتيجي. ولولا هذه الطريقة الجديدة لكان مستحيلا التفكير في قيام الجيوش العربية بإنشاء إمبراطورية عالمية بل وكان أمرا لا يمكن تصوره. بمجرد أن تم تسخير الحرب لتحقيق أهداف استراتيجية، فقد أصبح ممكنا استخدام أبعاد تكتيكية تماما على الحرب العربية التقليدية. سمح إدخال محمد {صلى الله عليه وسلم} للحرب الاستراتيجية استخدام جيوشه بطرق جديدة تماما، وباستخدام التكتيكات بطرق صحيحة كوسيلة لتحقيق غايات استراتيجية أكبر، إذ الحرب ليست غاية في حد ذاتها".
6 ـ قادة فيالق ذوو خبرة قتالية:
"لكونه نشأ يتيما وافتقاره للخبرة القتالية، فقد أحاط محمد صلى الله عليه وسلم نفسه برجال ذوي خبرة قتالية، وكثيرا ما أخذ الجنود بنصائحهم. وكثيرا ما عين أفضل المحاربين من أعدائه السابقين كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص اللذين أصبحا من أكبر قادة الفيالق الإسلامية. وكثيرا ما سعى لمعرفة قدرات جنوده وضباطه وتوسيع معارفهم القتالية".
7 ـ التدريب والانضباط:
"كان لا بد من خلق طابع جديد للجيش يقوم على الإيمان والولاء والانضباط والتدريب المستمر والتنسيق بين الوحدات المختلفة للجيش من رماة وفرسان ومشاة. وواصل الأباء العرب تدريب أبنائهم بعد موت محمد {صلى الله عليه وسلم}، وخاضوا حروبا طويلة في معارك الفتوحات. وأصبح التجنيد والتدريب أمرا رسميا في الجيوش العربية".
8 ـ اللوجستيات وتوظيف القوى:
"لعمله في إعداد القوافل، يبدو أن محمدا {صلى الله عليه وسلم} كان على علم بالخدمات الوجستية والتخطيط. وهي خبرة سمحت له بإظهار القوة والقيام بعمليات في مناطق وعرة وعلى مسافات بعيدة كغزوة تبوك. وسمحت له أيضا بتوفير السلاح والخدمات لقواته واستحداث وتصنيع آلات جديدة للحرب. بدون هذه الخبرة والقدرة ما كان للفتوحات العربية أن تتم أبدا".
فكر مؤسسي
لقد كانت طريقة بناء النبي صلى الله عليه وسلم للجيوش، وتدريب جنوده وضباطه، واختيار قواده، وتوظيف مواهب وإمكانيات أتباعه، نموذجا للفكر المؤسسي المنظم والمتكامل، يقول جابرييل: "لقد عيّن محمد {صلى الله عليه وسلم} في كثير من الأحيان أفضل المحاربين من أعدائه السابقين في مناصب القيادة بمجرد اعتناقهم الإسلام. وسعى لضم الضباط الأكفاء أنى وجدهم، وكلّف الشباب بشن غارات على نطاق ضيق لإعطائهم الخبرة القتالية، واختار في بعض الأحيان ضباطا عاشوا في المدن لقيادة غارات على البدو لتوسيع خبرتهم القتالية بسلاح الفرسان.
واختار دائما قادته العسكريين على أساس خبرتهم وقدرتهم المؤكدة؛ وليس على أساس ورعهم ومدى تدينهم. ولقد كان محمد {صلى الله عليه وسلم} أول من سعى لإضفاء الطابع المؤسسي في تنمية وتطوير التفوق العسكري لضباط الفيالق العربية. ومن هذا السلك من القادة الميدانيين المدربين وذوي الخبرة جاء الجنرالات الذي كانوا قادة لجيوش الفتوحات".
محارب متفرد لم يسبق له مثيل
"على الرغم من أن إصلاحاته ونجاحاته العسكرية تضعه في مصاف أعظم الجنرالات في العصور القديمة؛ إلا أنه لم يكن جنرالا ميدانيا تقليديا. ولكنه بدلا من ذلك، كان نوعا جديدا من المحاربين، واحدا لم يسبق له مثيل في العصور القديمة. لقد كان محمد {صلى الله عليه وسلم} - أولا وأخيرا - ثوريا وزعيم حرب عصابات دينية، خلق وقاد أول تمرد وطني حقيقي في العصور القديمة ، والذي يُعد مفهوما بالمقاييس الحديثة".
نمو عسكري شامل ونتائج مذهلة
"على عكس الجنرالات التقليديين، لم يكن هدف محمد {صلى الله عليه وسلم} هزيمة عدو أجنبي أو غازٍ؛ بل إحلال النظام العربي الاجتماعي القائم بآخر جديد يقوم على رؤية جذرية عقائدية مختلفة للعالم. لتحقيق أهدافه الثورية، استخدم محمد {صلى الله عليه وسلم} كل الوسائل - المعترف بها من قِبل المحللين المعاصرين – المميزة والضرورية لنجاح التمرد. وعلى الرغم من أن محمدا {صلى الله عليه وسلم} بدأ نضاله من أجل إقامة نظام جديد بكوادر صغيرة من حرب العصابات قادرة على القيام بغارات محدودة تقوم على الكر والفر، فإنه بمرور الوقت - وخلال عقد واحد - أصبح مستعدا للهجوم على مكة. لقد نمت قوة عصابات صغيرة لتصبح قوة مسلحة تقليدية كبيرة مع وحدات فرسان ومشاة كاملة قادرة على القيام بعمليات قتالية واسعة النطاق".
"على عكس الجنرالات التقليديين، لم يكن هدف محمد {صلى الله عليه وسلم} هزيمة عدو أجنبي أو غازٍ؛ بل إحلال النظام العربي الاجتماعي القائم بآخر جديد يقوم على رؤية جذرية عقائدية مختلفة للعالم."لقد كانت البداية بمجموعة صغيرة من المؤمنين، اعتمد عليها محمد {صلى الله عليه وسلم} في حرب العصابات وشن حملة من الكمائن والغارات لإحداث تآكل في القاعدة الاقتصادية والسياسية لسلطة عدوه. لقد أدخل برامج اجتماعية جديدة، وعقيدة سياسية دينية جذبت الآخرين لقضيته، ووسعت قاعدته من القوى العسكرية العاملة، مما جعل من الممكن تجنيد ونشر قوات عسكرية أكبر. بعد سنوات من حرب العصابات، استطاع محمد {صلى الله عليه وسلم} هزيمة أعدائه عبر سلسلة من المعارك انتهت في نهاية المطاف بالسيطرة على مكة نفسها. ولقد دعم البعدُ السياسي للتمرد المجهودَ الحربي باستعمال التحالفات السياسية لحرمان العدو من المحاربين، ولإحداث تآكل في قاعدة دعمه الشعبي. لقد تم توظيف المناورة السياسية ، والتفاوض، والاستخبارات، والدعاية، والاستخدام الحكيم للإرهاب والاغتيال لشن حملة من الحرب النفسية ضد المصادر المحتملة للمعارضة التي لم يكن من الممكن كسبها من قبل لحسابات مصلحتها الذاتية أو الأيديولوجية".
مثال نموذجي للنجاح
"صعود محمد {صلى الله عليه وسلم} إلى السلطة كان مثالا نموذجيا لنجاح التمرد. في الواقع، إنه أول مثال في التاريخ فيما أعلم. قادة التمرد في العصر الحديث ـ مثل ماوتسي تونج، هوشي منه، جومو كنياتا، فيديل كاسترو، وربما جورج واشنطن ـ وضعوا نصب أعينهم استراتيجية محمد وأساليبه في نضالاتهم الثورية. لقد اعتاد الغرب على التفكير في الفتوحات العربية بصورة عسكرية تقليدية محضة. لكن الجيوش التي حققت هذه الفتوحات لم تكن موجودة في الجزيرة العربية قبل محمد {صلى الله عليه وسلم}. لقد أخرج محمد {صلى الله عليه وسلم} بحرب عصاباته غير التقليدية وتمرده الناجح هذه الجيوش إلى الوجود".
أسباب نجاح النبي صلى الله عليه وسلم
هذا الجانب العسكري من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يبدو غريبا على القارئ، إلا أنه طبقا لمقاييس المحللين الغربيين فقد استوفى هذا الجانب كل المعايير اللازمة للنجاح، والتي يوجزها جابرييل لنا فيما يلي:
ـ "شخصية قيادية يلتف حولها الناس.
ـ عقيدة وفكرة تجتذبان الناس.
ـ إصلاح وتغيير سياسي واجتماعي واقتصادي.
ـ ولاء كامل للفكرة متحرر من الولاءات التقليدية العشائرية أو القبلية.
ـ كوادر منضبطة مؤمنة بالفكرة.
ـ توظيف أمثل لقدرات الرجال ، والاستفادة من المواهب المميزة لهم.
ـ إنهاك العدو اقتصاديا وسياسيا عبر سلسلة من العمليات الصغيرة.
ـ انتهاج سياسة الحرب الشعبية ، وبناء قاعدة شعبية داعمة ومؤيدة.
ـ تطوير القدرات الذاتية ، وتأمين إمدادات ومصادر السلاح.
ـ توفير المال اللازم والرعاية الاجتماعية لأسر الشهداء والأسرى.
ـ تحييد القوى المحتمل وقوفها مع العدو ، وضرب تحالفات العدو.
ـ توفير الحماية اللازمة للقيادة من محاولات الاغتيال.
ـ أجهزة استخبارات فعالة حتى في عقر دار العدو.
ـ معرفة كاملة بالطرق والدروب وتوظيف مرشدين لهذا الغرض.
ـ المعرفة الكاملة للولاءات العشائرية والسياسية للعدو وحلفائه ، وتوظيف ذلك لإحداث تأثير عند التفاوض.
ـ الدعاية الجيدة لكسب العقول والقلوب والرد على الدعاية المضادة.
ـ التصرف الحازم السريع والفعال مع مصادر التهديد داخليا وخارجيا".
رسائل مهمة
في ختام مقدمته لهذا الكتاب: "محمد جنرال الإسلام الأول العظيم"، يوجز ريتشارد جابرييل ما يريد أن يؤكد عليه في هذا الكتاب، فيقول:
ـ "هذا الكتاب هو أول سيرة عسكرية عن محمد {صلى الله عليه وسلم} باللغة الإنجليزية كتبه مؤرخ عسكري.
ـ الاستنتاج الأساسي في الكتاب هو أن محمدا {صلى الله عليه وسلم} كان مصلحا عسكريا، شكل جيشا من نوع جديد، واتبع أسلوبا جديدا للحرب في الجزيرة العربية.
ـ لولا هذه الإصلاحات العسكرية، وكونها جديدة، لكان من المستبعد عسكريا أن تحدث الفتوحات الإسلامية فيما بعد.
ـ إنه من الأهمية بمكان التأكيد على أن محمدا {صلى الله عليه وسلم} هو مخترع استراتيجية حروب التمرد، وهو أول ممارس ناجح لها في التاريخ.
ـ آمل أن العلماء سيعيدون النظر حول افتراضاتهم حول كيفية القيام بهذه الإصلاحات وخوض تلك المعارك وقراءة آثارها.
ـ وأخيرا لقد حاولت أن أضع حياة محمد {صلى الله عليه وسلم} في سياق جديد تماما. فنجاح محمد {صلى الله عليه وسلم} كنبي لا يمكن إنكاره؛ لكنني أقول أنه ما كان ليستطيع القيام بذلك لولا أنه كان جنديا عظيما. وهو ما يمثل تحديا جديدا لدراسة حياة محمد {صلى الله عليه وسلم} ومكانته في التاريخ".
إقرأ أيضا: "محمد جنرال الإسلام الأول العظيم".. شهادة مؤرخ وعسكري أمريكي (1من2)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب اسلام كتاب عرض الرسول محمد كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة محمد صلى الله علیه وسلم لقد کان لم یکن من أجل
إقرأ أيضاً:
حكم التوسل بالنبي وأولياء الله الصالحين
أوضحت دار الإفتاء المصرية، مفهوم التَّوَسُّل وهو ما يُتَوَصَّلُ به الإنسان إلى الشيء ويُتَقَرَّبُ به، كما قال العلامة ابن الأثير في "النهاية" (5/ 185، ط. المكتبة العلمية).
وقالت الإفتاء إن من رحمة الله بنا أن شرع لنا العبادات وفتح باب القربة إليه، ليتقرب المسلم إلى الله بشتى أنواع القربات التي شرعها الله عز وجل، والقرآن كله يأمرنا بالوسيلة إلى الله، أي بالتقرب إليه سبحانه.
وقد أجمع المسلمون أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم هو الوسيلة العظمى، واتفقت الأمة على التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم من غير خلاف من أحد يُعتَدُّ به.
وجاءت النصوص والأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة بمشروعية التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن ذلك حاصل قبل مولده، وفي حياته الدنيوية، وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى ذلك اتفقت المذاهب الأربعة:
فمن الكتاب قوله تعالى يخبر عن حال أهل الكتاب قبل مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعثته: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: 89].
وقوله تعالى: ﴿ولو أَنَّهم إذ ظَلَمُوا أَنفُسَهم جاءوكَ فاستَغفَرُوا اللهَ واستَغفَرَ لهم الرسولُ لوَجَدُوا اللهَ تَوّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64].
وأما الأدلة من السنة النبوية المطهرة:
- فحديث الأعمى الذي علَّمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّد إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ» رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي وصححه جمع من الحفاظ، وفي بعض رواياته أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «وَإِنْ كَانَ لَكَ حَاجَةٌ فَمِثْل ذَلِكَ»، وعند الطبراني وغيره أنَّ راوي الحديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه علَّم هذا الدعاء لمن طلب منه التوسط له في حاجة عند عثمان بن عفان رضي الله عنه في خلافته، وفي ذلك طلب صريح للمدد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
- وحديث الخروج إلى المسجد للصلاة: فعن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَالَ حِينَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ؛ فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَأَقْبَلَ اللهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ» رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة، وهو حديثٌ صحيحٌ؛ أشار إلى صحته الحافظ ابن خزيمة عندما استدل به في العقائد؛ قال الحافظ البوصيري في "مصباح الزجاجة" (1/ 98، ط. دار العربية): [رواه ابن خزيمة في "صحيحه" من طريق فضيل بن مرزوق؛ فهو صحيح عنده] اهـ.
- وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عند موت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما، وهو حديث طويل، وفي آخره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اللهُ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، اغْفِرْ لِأُمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أَسَدٍ ولَقِّنْهَا حُجَّتَهَا وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا بِحَقِّ نَبِيِّكَ وَالْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي، فَإِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» رواه الطبراني في "الأوسط" (1/ 67، ط. دار الحرمين)، و"الكبير" (24/ 351)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 121، ط. السعادة)، وغيرهما. قال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9/ 257): [رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه روح بن صلاح، وثقه ابن حبان والحاكم، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح] اهـ.
وورد عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يقول: "يستنصرون بخروج محمد صلى الله عليه وآله وسلم على مشركي العرب -يعني بذلك أهل الكتاب- فلما بعث الله محمدًا صلى الله وآله عليه وسلم ورأوه من غيرهم، كفروا به وحسدوه".
وورد أيضًا أنه قال: "ثمان آيات في سورة النساء هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت" أخرجه ابن جرير والثعلبي في "التفسير"، والبيهقي" في "شعب الإيمان".