6 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: كشف خضير الخزاعي في مقابلة تلفزيونية عن تصريحات عبثية لا توصف سوى بأنها “فضيحة أخلاقية وفكرية”، تنم عن جهلٍ ظرفي وزماني، وتفضح ضحالة وسطحية سوء تقديراته السياسية حين تحدث عن تفاصيل إعدام أحد أقطاب النظام السابق بطريقة تتجاوز القضاء العراقي، مشككاً بشكل فجٍّ في نزاهة القضاء.
قد يكون الخزاعي، الذي تبوأ مناصب عليا كنائب لرئيس الجمهورية، ووزير التربية، وقيادي في حزب الدعوة (تنظيم العراق) ورئيس لجنة الحقوق والحريات في البرلمان العراقي، أراد إظهار إنسانيته وورعه وتقواه في ظرف غير صحيح وبمنطق غير صحيح، لكنه كما يقول المثل العراقي “جاء يكحلها فعماها”.
ففي تلك اللحظة الهزلية، أشار الخزاعي بكل السذاجة السياسية إلى أنه لجأ مع وفد من نواب ووزراء إلى إيران كي لا يكون هناك إشكال شرعي في مسألة إعدام المسؤول في النظام السابق. وهذا يعني أنه لا توجد أي جهة قضائية أو دينية في العراق يمكن له أن يستشيرها في المسألة.
القاعدة الأخلاقية، وحتى البراغماتية، تقول إن “ما كل ما يعرف يقال”، لكن الخزاعي تجاهلها بكل تعنت، ما يعني أنه لم يكن سياسياً محنكاً، ولا حتى عقائدياً صلباً، بل مجرد “متدين” بسيط من دون أدنى وعي بالظرف والزمن، والأسباب، والنتائج.
ماذا أراد أن يقول وهو يسرد هذه “الجنجلوتية الفانتازية”، أهو بطل مثلاً، أم مبدئي، أم إنساني، حتى نعرف ما وراء دوافعه؟ وللأسف، فإنه لم يصل إلى أي منها سوى أنه أثبت وبجدارة أنه يخالف القانون والدستور، وحنث بالقسم.
لقد كانت تصريحاته صفعة على وجه النظام القانوني والسياسي، ودلالة على عمى قانوني وشرعي ديني.
إن السياسيين والنخب الحاضرة والنافذة اليوم، والذين يحرصون على التشيع، يجب عليهم أن يتبرأوا من منطق الخزاعي الأحمق ويلجموه عن الكلام إلى الأبد، كي لا يتحملوا وزر تصريحاته الطائشة، وكي يكون هو المسؤول الوحيد عنها. السكوت عن هذه التصريحات الطائشة يُعدّ تواطؤاً مع الفوضى التي يزرعها مثل هذا الخطاب غير المسؤول.
والسؤال الخطير إلى هؤلاء الساسة والنخب الذين يعتبرون أنفسهم رفاق درب الخزاعي: لا تنظروا إليه بأعينكم فربما وجدتم له بعض العذر، بل انظروا إلى الآخرين وكيف تلقوها وفسروها، وإلى العالم المتحضر ماذا سيقول عن أحكام الإعدام بحق أقطاب النظام السابق، وماذا ستقول المؤسسات العدلية العالمية، وماذا سيقول العالم المتحضر عن النظام السياسي الحالي.
هذا الخزي الذي تسبب فيه الخزاعي لا يمكن تبريره أمام الضمير العالمي.
انزلق لسان الخزاعي، بوعي وإدراك، إلى الدرك الأسفل من السطحية والفضائحية واللامسؤولية، ومسح سنينا طويلة من الجهاد، وشوه الحركات الجهادية الإسلامية على أنها مخادعة متسترة بالتقية، وقدم البرهان لأولئك الذين يحاولون أن يثبتوا أن الإسلام السياسي الشيعي ليس أهلاً للحكم، وأن مكانه الحسينيات ومجالس التعزية.
لم يكن الخزاعي سوى نموذج صارخ للتناقض بين الشعارات الجوفاء والواقع الفاضح.
بل إن الخزاعي فتح الفرصة للمتربصين كي يوغلوا في التطاول على مقام المرجعية، حين أقحم المرجعيات الدينية في قضية إعدام كان بإمكان القضاء العراقي العتيد أن يعالجها بما يتوافق مع الشرع أيضاً. فبدلاً من أن يحافظ على هيبة المرجعية وقيمتها، جعلها أداةً للتهرب من المسؤولية.
لن نستغرب إذا ما شرعت شخصيات ومؤسسات عدلية وقضائية عالمية في الطلب من المحاكم الدولية مراجعة أحكام الإعدام التي صدرت بحق أزلام النظام السابق.
عندها، سنعرف الجريمة الكبرى التي ارتكبها خضير الخزاعي.
https://almasalah.com/wp-content/uploads/2024/11/WhatsApp-Video-2024-11-06-at-13.55.49-1.mp4
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: النظام السابق
إقرأ أيضاً:
الجبهة التركمانية: القضاء العراقي مسيس من قبل إيران وإطارها الحاكم في العراق
آخر تحديث: 23 يناير 2025 - 1:51 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- وصف وزير الإقليم لشؤون المكونات آيدن معروف، اليوم الخميس، قرار المحكمة الإدارية برد الدعوى المقامة ضد شركة الحكومة المحلية لمحافظة كركوك بـ”المتسرع”، مؤكدا على ضرورة إشراك جميع المكونات في ادارة المحافظة.وأعرب معروف في مؤتمر صحفي عقده اليوم في أربيل، عن أسفه من رد محكمة القضاء الإداري برد الدعوى ضد الغاء شرعية حكومة كركوك المحلية المقدمة من قبل التركمان بعد تأجيل 5 مرات ، مردفا بالقول، إن هذا القرار كان متسرعا وضد حقوق المكون التركماني في كركوك.وأضاف ان التركمان مكون مؤثر واساسي في العراق، وفي الوقت نفسه يعد صدور هذا القرار مناهض لحقوق التعايش في كركوك، و يتعين ان تكون ادارة المحافظة بالشراكة بين جميع مكوناتها.وردت المحكمة الإدارية، امس الأربعاء بعد تأجيل 5 مرات ، الدعوى المقامة بشأن شرعية انتخاب الحكومة المحلية في محافظة كركوك بشكل نهائي.وقال مصدر قضائي، إن “المحكمة الإدارية ردت الدعوى المقامة على عدم شرعية جلسة فندق الرشيد ببغداد، والخاصة بانتخاب مجلس محافظة كركوك والمحافظ”.وأضاف المصدر، أن “المحكمة قررت اليوم، بشكل نهائي اعتبار إجراءات الحكومة المحلية في كركوك صحيحة”.وأُنتخب يوم العاشر من شهر آب/ أغسطس من العام الماضي محافظ كركوك ورئيس مجلس محافظتها في بغداد من دون مشاركة أعضاء كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعدداً من النواب العرب، إذ تم تعيين ريبوار طه محافظاً ومحمد حافظ رئيساً لمجلس المحافظة.وقبل الاجتماع الذي انعقد في العاصمة بغداد أعلنت ثلاث كتل على انفراد وهي كتل الحزب الديمقراطي الكوردستاني والتحالف العربي والجبهة التركمانية عن مقاطعتها للاجتماع، معلنة أن جلسة مجلس المحافظة التي أفضت لاختيار رئيس الحكومة المحلية، ورئيس مجلس محافظة كركوك غير قانونية، مؤكدة أنه لم تتم دعوتها لحضور الجلسة.وكانت كتلة الديمقراطي الكوردستاني في مجلس محافظة كركوك قد اعتبرت في 12 آب/ أغسطس من العام الماضي، انتخاب محافظ كركوك ورئيس مجلس المحافظة غير قانوني.