المسلة:
2024-12-24@18:22:04 GMT

ترهات خضير الخزاعي

تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT

ترهات خضير الخزاعي

‍‍‍‍‍‍

6 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة: كشف خضير الخزاعي في مقابلة تلفزيونية عن تصريحات عبثية لا توصف سوى بأنها “فضيحة أخلاقية وفكرية”، تنم عن جهلٍ ظرفي وزماني، وتفضح ضحالة وسطحية سوء تقديراته السياسية حين تحدث عن تفاصيل إعدام أحد أقطاب النظام السابق بطريقة تتجاوز القضاء العراقي، مشككاً بشكل فجٍّ في نزاهة القضاء.

وبعد أن قال إنه أبلغ القضاء أنه لم يجد ما يوجب الحكم على المسؤول في النظام السابق بالإعدام، “أوحى” بكل وقاحة بأن خمسة قضاة أصدروا حكم الإعدام بدافع إرادة سياسية بحتة وليس استناداً إلى القانون. ونقل عن القضاة قولهم: “لم نجد ما يستوجب قتله وفق القانون، لكننا قررنا إعدامه للتخلص منه”. عندها لجأ الخزاعي – بحسب قوله – إلى مرجع ديني كبير يمثل المدرسة الصدرية في التشريع، في إيران، لشرعنة الحكم.

قد يكون الخزاعي، الذي تبوأ مناصب عليا كنائب لرئيس الجمهورية، ووزير التربية، وقيادي في حزب الدعوة (تنظيم العراق) ورئيس لجنة الحقوق والحريات في البرلمان العراقي، أراد إظهار إنسانيته وورعه وتقواه في ظرف غير صحيح وبمنطق غير صحيح، لكنه كما يقول المثل العراقي “جاء يكحلها فعماها”.

ففي تلك اللحظة الهزلية، أشار الخزاعي بكل السذاجة السياسية إلى أنه لجأ مع وفد من نواب ووزراء إلى إيران كي لا يكون هناك إشكال شرعي في مسألة إعدام المسؤول في النظام السابق. وهذا يعني أنه لا توجد أي جهة قضائية أو دينية في العراق يمكن له أن يستشيرها في المسألة.

القاعدة الأخلاقية، وحتى البراغماتية، تقول إن “ما كل ما يعرف يقال”، لكن الخزاعي تجاهلها بكل تعنت، ما يعني أنه لم يكن سياسياً محنكاً، ولا حتى عقائدياً صلباً، بل مجرد “متدين” بسيط من دون أدنى وعي بالظرف والزمن، والأسباب، والنتائج.

ماذا أراد أن يقول وهو يسرد هذه “الجنجلوتية الفانتازية”، أهو بطل مثلاً، أم مبدئي، أم إنساني، حتى نعرف ما وراء دوافعه؟ وللأسف، فإنه لم يصل إلى أي منها سوى أنه أثبت وبجدارة أنه يخالف القانون والدستور، وحنث بالقسم.
لقد كانت تصريحاته صفعة على وجه النظام القانوني والسياسي، ودلالة على عمى قانوني وشرعي ديني.

إن السياسيين والنخب الحاضرة والنافذة اليوم، والذين يحرصون على التشيع، يجب عليهم أن يتبرأوا من منطق الخزاعي الأحمق ويلجموه عن الكلام إلى الأبد، كي لا يتحملوا وزر تصريحاته الطائشة، وكي يكون هو المسؤول الوحيد عنها. السكوت عن هذه التصريحات الطائشة يُعدّ تواطؤاً مع الفوضى التي يزرعها مثل هذا الخطاب غير المسؤول.

والسؤال الخطير إلى هؤلاء الساسة والنخب الذين يعتبرون أنفسهم رفاق درب الخزاعي: لا تنظروا إليه بأعينكم فربما وجدتم له بعض العذر، بل انظروا إلى الآخرين وكيف تلقوها وفسروها، وإلى العالم المتحضر ماذا سيقول عن أحكام الإعدام بحق أقطاب النظام السابق، وماذا ستقول المؤسسات العدلية العالمية، وماذا سيقول العالم المتحضر عن النظام السياسي الحالي.
هذا الخزي الذي تسبب فيه الخزاعي لا يمكن تبريره أمام الضمير العالمي.

انزلق لسان الخزاعي، بوعي وإدراك، إلى الدرك الأسفل من السطحية والفضائحية واللامسؤولية، ومسح سنينا طويلة من الجهاد، وشوه الحركات الجهادية الإسلامية على أنها مخادعة متسترة بالتقية، وقدم البرهان لأولئك الذين يحاولون أن يثبتوا أن الإسلام السياسي الشيعي ليس أهلاً للحكم، وأن مكانه الحسينيات ومجالس التعزية.
لم يكن الخزاعي سوى نموذج صارخ للتناقض بين الشعارات الجوفاء والواقع الفاضح.

بل إن الخزاعي فتح الفرصة للمتربصين كي يوغلوا في التطاول على مقام المرجعية، حين أقحم المرجعيات الدينية في قضية إعدام كان بإمكان القضاء العراقي العتيد أن يعالجها بما يتوافق مع الشرع أيضاً. فبدلاً من أن يحافظ على هيبة المرجعية وقيمتها، جعلها أداةً للتهرب من المسؤولية.

لن نستغرب إذا ما شرعت شخصيات ومؤسسات عدلية وقضائية عالمية في الطلب من المحاكم الدولية مراجعة أحكام الإعدام التي صدرت بحق أزلام النظام السابق.
عندها، سنعرف الجريمة الكبرى التي ارتكبها خضير الخزاعي.

 

https://almasalah.com/wp-content/uploads/2024/11/WhatsApp-Video-2024-11-06-at-13.55.49-1.mp4

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: النظام السابق

إقرأ أيضاً:

مصير مشترك

لفتني فـي الأيام الأخيرة تداول منشور لأحد الكتاب الخليجيين عن حصرية الاهتمام بالعنف الذي خلفه النظام البائد فـي سوريا، وقراءة ملف السجون الذي يجعلنا نفكر فـي سوريا كما لو أنها رواية ديستوبية لولا أننا قرأنا منذ زمن أدب السجون القادم من سوريا بشكل خاص، كرواية «القوقعة» لمصطفى خليفة مثلا، ومن العالم العربي بشكل عام كرواية «تلك العتمة الباهرة» للطاهر بن جلون.

لكنني أعتقد بأننا نقع فـي خطأ كبير إذا ما أردنا القول إننا معزولون عن النقاش الذي بدأته النخب السورية فـي اليوم التالي لسقوط النظام، التي تمثل أطيافا مختلفة فـي المجتمع السوري بتعدديته الكبيرة.

أرى أنه من الصائب علينا بصفتنا مثقفـين فـي الخليج أن نشتبك مع تلك الأطروحات وأن نشعر بمسؤوليتنا تجاهها، مسؤولية قادمة من مصيرنا المشترك أولا، ومن رغبتنا فـي أن تتحقق العدالة والسلام لكل إنسان ثانيا.

أحاول هنا ومن خلال هذه المقالة أن أوثق الموقع الذي أقف فـيه كمثقفة إزاء ما يحدث من نقاشات فـي سوريا، عسى أن يدفع ذلك لمزيد من الأطروحات التي تُقيم موقعنا والمسافة التي نقف عليها تجاه التحولات هناك.

انتبهت بشكل خاص للجدل الذي يدور حول علمانية النظام البائد، الأمر الذي يجعل العلمانية نموذجا مجربا فـي الحالة السورية، وهو ما ناقشه العديد من المثقفـين السوريين فـي الأيام السابقة، إما بتفكيك العلاقة بين الديكتاتورية والعلمانية، أو بالرغبة الجامحة نحو إلصاق صفة العلمانية على النظام السابق، التي رأى كثير منهم أن من يقف وراءها هم الإسلاميون الذين يحاولون نزع أي علمنة للدستور السوري، الذي لا يمكن إلا أن يكون مُعلمنًا بالنظر لطوائف ومكونات سوريا، ويكتب الكاتب السوري دارا عبدالله حول هذه المسألة: «‏أكيد، الأسديّة كتفكير وفكر ومخيال سياسي، يجب أن تُجرّم قانونيًا، الأسديّة كتأييد للإبادة السياسية واستملاك الشعب حتى بأطفاله، والإذابة بالحمض، التظاهر يجب أن يكون ممنوعًا لأي مؤيّد للنزعة الأسدية، الأسدية شرّ مطلق، لا خلاف أبدًا، يجب إبعاد مفهوم العلمانيّة من هذا النقاش فورًا»، وفـي سياق متصل يكتب «‏الربط بين العلمانية والأسدية خبيث، وغايته إدانة الأولى، أكثر بكثير من التذكير بالثانية».

أتذكر فـي هذا الصدد كتابة مهمة لواحد من أهم الكتاب السوريين بل والعرب أيضا «ياسين الحاج صالح» الذي ناقش وبشكل موسع فـي العديد من أطروحاته مسألة علمانية الدولة السورية، وموقف الإسلاميين منها، وكان قد نبه إلى أن الإسلاميين وحدهم كانوا الأكثر انضباطًا وكفاءة فـي مواجهة النظام السابق عسكريًا، وهو ما جعل الجميع يلتف حولهم لأنهم يحققون للسوريين هدفهم الأساسي وهو إسقاط النظام، بغض النظر عن اتفاقهم أيديولوجيًا مع الجبهات التي مثلت الإسلاميين خلال الأربع عشرة سنة الماضية، وكان قد كتب ملاحظة مهمة جدًا يمكن أن تُقرأ فـي سياقات عربية أخرى لا تخص الحالة السورية وحدها حين قال: «لا نستطيع أن نرحب بفاعلية النصرة القتالية ضد النظام ونعمى عن تكوينها وتفكيرها، ولا أن نثبِّت أنظارنا على التكوين والتفكير، ونغفل عن الدور المهم فـي مقاومة نظام مستمر منذ أعوام فـي قتل السوريين دون توقف، يركز بعضنا على أحد الوجهين دون الآخر، فـيتعذر بناء سياسة عامة فعالة»، ويخلص إلى أهمية وجود سد اجتماعي منيع، واستعداد حقيقي من قبل جماعات المجتمع المدني للتصدي لما يمكن أن يعيد سوريا إلى بلاد الصوت الواحد حصرًا، وهو ما يحدث بالفعل هذه الأيام من انخراط تام والتزام حقيقي من قبل الجميع، كما نشعر -كمتابعين- بالشأن العام، ومناقشة كل ما يتعلق بالوضع الراهن.

إحدى النقاط التي أثيرت وبشكل ملحّ، هي تسمية أتباع النظام السابق بـ«الفلول»، وهو مصطلح جرى استخدامه فـي سياقات عربية أخرى بعد الربيع العربي، ومشكلته تكمن فـي سعته وعدم القدرة على تحديد مفهومه ومعاييره، الأمر الذي يعني أن كل من يقف أو سيقف ضد النظام الجديد، هو بالضرورة تابع للنظام السابق «فلول»، وعادة ما تسعى الأنظمة الاستبدادية الجديدة إلى إيجاد نوع من «المنطق العام» كما يسميه الكاتب السوري ياسين السويحة، الذي يجعل أي من يخالفه «فلولًا»، وهذا ما لا يريده السوريون بطبيعة الحال لدولتهم التي حلموا بها؛ لا يريدون نظامًا يقمع من يفكر بعيدًا عن المنطق العام، أو يُسكته، واستخدام كلمة الفلول تمنح شرعية بهذا المعنى لهذا القمع الذي يحاول تغليب المنطق العام للسلطة على أي رأي آخر، يكتب السويحة: «فلول»، وهذا حصل عند غيرنا، ستصير بهذا المعنى إشارة لطرائق حياة «غير نمطية» وتُستخدم أداة من أدوات الضبط الاجتماعي التي لا أفهم لماذا يجب أن نسهم فـي بنائها.

مقالات مشابهة

  • مصير مشترك
  • “حزب الله” يكشف عن موقع دفن حسن نصر الله
  • القضاء العراقي يردُّ دعوى بشأن شرعية حكومة كركوك المحلية
  • مصدر أمني:قرار قضائي بالسجن سنتين لمحافظ الانبار السابق (علي فرحان)
  • مخاطبات رسمية حول تفعيل قرارات القضاء المتعلقة بشمول رؤساء الهيئات المستقلة بالسن القانوني للإحالة على التقاعد
  • القضاء العراقي يحكم بالسجن لمدة سنتين على محافظ الأنبار السابق علي فرحان
  • أرشيف الأسد: ملاحقة المصلين.. والمخبرون في كل زاوية
  • من نظام الأسد إلى علم الاستقلال.. الإعلام السوري يغيّر جلده في ليلة وضحاها
  • التركمان: ثقتنا مطلقة بعدالة القضاء العراقي في تشكيل حكومة توافقية لكركوك
  • السوداني يرفض حلّ «الحشد» العراقي بإملاء من الخارج