توقعت من لقاء قوى الحرية و التغيير مؤخراً في القاهرة بعد كارثة الحرب المؤسفة ، و بعد كل ما سبق تلك الحرب أو أحاط بها من ملابسات ، توقعت منه أن يخرج ببلورة رؤى سياسية جديدة و مُحكَمَة ، و بإستحداث خطط عمل واقعية تستلهم دروس ما تم من تجارب و نكسات . كذلك تطلعت أن يخرج لنا اللقاء بإستراتيجيات عملية تنبثق من تقييم موضوعي و قراءة عقلانية للراهن السياسي و المجتمعي ، فتحاً لآفاقٍ مستقبلية تكون مقنعة للسواد الأعظم من الشعب الثوري المتطلع لسودانٍ جديدٍ خالٍ من كل عاهات و مُحَدِّدَات الماضي القريب و البعيد .

لكن فوجئت بمخرجات روتينية باهتة لم تكن تتطلب قطع الفيافي لقاهرة المعز . أستثني من ذلك بنداً في البيان الختامي يؤكد إقرار رؤى سياسية و إستراتيجية جديدة تحدد مسار المستقبل و معالم طريقه ، مع وَعدٍ ظننته صادقاً، بنشر تلك الرؤى السياسية/الإستراتيجية لعامة الشعب خلال أيام قليلة بعد إنتهاء لقاء القاهرة . لكن بدل الإيفاء بالنشر ،كما وعد البيان الختامي ، تفاجأنا بإعلان تأجيله !! قالوا إن التأجيل يستهدف توسيع مظلة الرؤى الجديدة و ذلك بمحاولة إكتساب تأييد الحزب الشيوعي و مغاضبين آخرين . كان في ذلك تبرير كافٍ يستحق التأييد و الترحيب لما ينطوي عليه من إيجابيات يتطلع إليها كثيرون ...
لكن بينما الكل منتظرين إختراقاً في الإتجاه المعلن ،و الذي بسببه تأجل إخطار عامة الشعب بالرؤى الجديدة ، فجأة قفزت أديس أبابا في الصورة أمامنا و تم إعلانها موقعاً لمنبر جديد تُبسَط خلاله ذات الرؤى و لكن في حضرة مجموعة جديدة تمثل جملة الموقعين علي طيب الذكر الإتفاق الإطاري ، بالإضافة إلى وحدات أخرى معارضة يراد كسب ودها و تأييدها .و يلاحظ مما توفر في الإعلام أنه ليس واضحاً في هذا الملتقى إن كان العسكر الموقعين علي الإتفاق الإطاري سيكونوا حضوراً أم لا، كما ليس واضحاً طبيعة المظلة التنظيمية و التمويلية التي يستظل بها هذا الشتات من المناوئين لحكم العسكر ماضياً و حاضراً .
كل ذلك يقود إلى حيرة و تساؤلات بريئة :-
فهل نحن أمام تخبط تنظيمي و سياسي ، أم هو مجرد عدم إهتمام ، أو عدم إكتراث ، بالرأي العام للقوى الشعبية الثائرة التي بعثرتها الحرب في أصقاع الدنيا و فلوات الوطن !!!
أم هل تراه مجرد إمعان لا يليق بظاهرة السواقة بالخلا تستدعي حاجة عاجلة لتغيير القباطنة لتصل سفينة الثورة بأمان و عجلة إلى مرافئ الحرية و السلام و العدالة !!!
و لك الله يا وطني .
بروفيسور
مهدي أمين التوم
14 أغسطس 2023 م
mahdieltom23@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الحرب النفسية الترامبية ... والأمن القومي

تعد الحرب النفسية  تكتيك غير قتالي عبر الأساليب النفسية الدعائية خلال التصريحات الإعلامية أوعبر وسائل التواصل بهدف التأثير على تفكير الخصم وإرباكه ولعل الحديث عن الحرب النفسية بما يشهده العالم من تطورات على مختلف الأصعدة، وخاصة عبر وسائل الاتصال والتواصل ، وعبر صفحات التاريخ سنجد علاقة بين تطور وسائل التواصل وتكتيكات الحرب النفسية ،  وفي ظل ما يشهده العصر الراهن من ثورة تكنولوجية هائلة تتمثل في سرعة إنتشار المعرفة وتبادل المعلومات ، سنجد أنها قد انعكست بصورة واضحة وجذرية على أدوات الحرب النفسية وفاعليتها وتكتيكاتها وانتشارها، فلم تعد هناك دولة تقريبًا يمكن أن تقف بمنأى عن التأثيرات الخارجية، وهو ما نتج عن سيولة الحدود النفسية بين شعوب الدول، وارتباطها بصورة مباشرة وواضحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتراجع سيطرة بعض الدول على بيئة المعلومات .

إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتتالية حول الدعوة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة الى الأراضي الحدودية في مصر والأرض  تعد نوع من سبل تصفية القضية الفلسطينية على حساب هوية الشعب الفلسطيني وحقوق دول الجوار الراي العام العالمي والعربي والمصري بصفة خاصة ، و الغريب في الأمر أنه قام بعدة تصريحات مطاطية ومعلنة  أرد من خلالها انتزاع راي عربي وإحراج الدبلوماسية المصرية والاردنية ، بإيحاء شفوي بأن لديه القدرة على اقناع القيادة السياسية المصرية والعاهل الأردني بالموافقة على مقترحه بشأن الهجير القسري لسكان غزة ، رغم  تعارض الأمر في مجملة مع القانون الدولي.

أراد ترمب من تصريحاته المخطط لها مسبقاً الوصول لأهداف مبطنه تشمل خلق ازمة ثقة بين الشعب المصري وقيادته السياسية ، وخلق حالة توتر في الشرق الأوسط ، وإدعاء بشكل غير مباشر بأن البيت الأبيض يملك مفاتيح السيطرة على القرارات في الشرق الأوسط والقدرة على إعادة توزيع الخريطة السياسية ، وأرباك الأنظمة السياسية العربية لتتجه للبحث عن خلفيات وتوابع تلك التصريحات ، حافظاً على معادلة التوزان في القوى ، وهذا يعد نوع من الحرب النفسية المخطط لها ، وتتزامن تصريحات ترامب مع ذكرى وعد بلفور المشؤوم بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين في 2 نوفمبر عام 1917 ، في ظل وهن وضعف الدولة العثمانية آنذاك ، وكأن ترامب يريد أن يختلق  شرعية لدولة الكيان الصهيوني في فلسطين .

 

جاء رد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي حاسماً ومؤكداً على ثبات وصلابة القرار السياسي وقوة مصر في مواجهة أي مخاطر بجانب رفض مصرنا الغالية لاي إملاءات خارجية، إضافة الى الرفض القاطع لتحقيق تسوية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.


والحقيقة أنني كمواطن استشعرت وبكل شفافية ومصداقية أن تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي وحد جميع فئات الشعب بمختلف توجهاتهم للالتفاف حول القيادة السياسية داعماً للجيش المصري في مواجهة أي مخاطر ورفضاً لاي إملاء من الخارج يهدد الأمن القومي المصري  عبر المزج العنصري ، وتوسيع دائرة الصراعات مما يخلق حالة من الارباك الأمني  .

 


نعم فالتصريحات الترامية المتتالية تؤكد أن مايحدث في كواليس السياسية الأمريكية ، مخطط يستهدف الأضرار بالحدود المصري ، والمساس بالأمن القومي المصري ، ولكن ترامب أخطأ حينما أطلق تصريحاته دون أن يدرس  وعي الشعب الشعب المصري والشعوب العربية

حفظ الله مصرنا الغالية قيادةً وشعباً وجيشاً

ثمرات الفكر

مصر ليس وطن نعيش على أرضه ولكنها وطن يعيش بداخلنا... والمواطن الحقيقي هو من يعتبر وطنه عرضه.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يقدم خطة جديدة لإنهاء الحرب في غزة
  • الحرب النفسية الترامبية ... والأمن القومي
  • حزب «الحرية المصري»: المشروع الأمريكي الإسرائيلي للتهجير يخالف القانون الدولي
  • الحرية: تصريحات ترامب بشأن التهجير القسري تعدٍ واضح على حقوق الشعب الفلسطيني
  • الحرية المصرى يدعو المجتمع الدولى للتصدى لمخططات تصفية القضية الفسلطينية
  • توسيع الحرب في الضفة ومخطط التهجير
  • أرقام جديدة لخسائر جيش العدو .. ما خفي أكبر وما ينتظرهم أسوأ
  • جلالة الملك مهنئاً الشرع بتوليه رئاسة سوريا: المغرب يدعم الشعب السوري لتحقيق الحرية والإستقرار
  • تفاصيل المنتدى الثاني لتصنيع اللقاحات والمستحضرات الطبية.. أفريقيا تتحد لتطوير الإنتاج المحلي
  • بعد التوصل إلى الإتفاق..أمريكا تعلق فرض الرسوم الجمركية على واردات المكسيك وكندا لمدة شهر