تناول كاتب العمود الشهير مايكل هيرش أسباب خسارة كمالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن أمام دونالد ترامب، وأورد عدة نقاط في مقال نشرته مجلة "فورين أفريز".
أهم هذه النقاط أن هاريس وحزبها فشلوا في استعادة ثقة الطبقة العاملة، كما فشلت في تقديم رسالة متماسكة حول كيف أنها ستكون أفضل من ترامب، بعد أن أمضت الكثير من الوقت في القول إن ترامب غير لائق للرئاسة، كما فشلت في إيجاد طريقة رشيقة سياسيا لإبعاد نفسها عن رئيسها الذي لا يحظى بشعبية.
وأضاف هيرش أن قصر الفترة التي قضتها هاريس بعد ترشيحها وبداية الاقتراع كانت أحد أسباب خسارتها، كما ألقى الضوء على تبني الحزب الديمقراطي ما يُسمى بثقافة الاستيقاظ، التي يعارضها معظم الجمهور الأميركي، وهي الثقافة التي تركّز على قضايا المتحولين جنسيا ومختلف الحريات.
التضليل والسخريةومن جانب آخر، ذكر هيرش أن ترامب قضى سنوات طويلة في الدعاية لنفسه بحملات التضليل المركز والسخرية التي يتقنها من هاريس، واعتماده على المشاهير والمؤثرين الكوميديين، وتجاوزه مئات التهم الجنائية التي وجهت ضده، وتعود الجمهور على تلك التهم إلى درجة أنها أصبحت ليست ذات أهمية.
وقال هيرش إنه وفي صدى مؤسف لخسارة هيلاري كلينتون عام 2016، أمضت هاريس الكثير من الوقت في محاولة القول إن ترامب غير لائق للرئاسة، وقليلا من الوقت في إيصال رسالة متماسكة حول كيف أنها ستكون أفضل. وعلى الرغم من تغلبها على ترامب في مناظرتهما الوحيدة في 10 سبتمبر/أيلول، وجمع أكثر من مليار دولار من التبرعات في 3 أشهر فقط -وهو رقم قياسي جديد- تعثرت هاريس عندما انبرت لتقديم ملخص لجدول أعمالها حول القضايا الحرجة مثل الاقتصاد والهجرة. وفي النهاية، فشلت هاريس في إيجاد طريقة رشيقة سياسيا لإبعاد نفسها عن رئيسها الذي لا يحظى بشعبية، الرئيس الأميركي جو بايدن.
نقطة التحول
وأعاد هيرش الانتباه إلى أنه وفي مقابلة مع "بوليتيكو" خلال الأسابيع الأخيرة قبل الانتخابات، وضع مدير حملة ترامب جيسون ميلر إصبعه على ما أسماه نقطة التحول في السباق، وهي إجابة هاريس الفاشلة على سؤال سهل من مذيع تلفزيوني ودود، صني هوستين، الذي سأل هاريس عما إذا كانت فعلت أي شيء مختلف عن بايدن على مدى السنوات الأربع الماضية، إذ قالت هاريس "لا يوجد شيء يتبادر إلى الذهن"، وهي إجابة قال الكاتب إنها أرعبت مستشاريها. وحاولت هاريس في الأسابيع اللاحقة تصحيح هذه الكبوة، وأخبرت سي إن إن بأن "إدارتها لن تكون استمرارا لإدارة بايدن"، لكن الضرر قد حدث.
وقال هيرش إن أداء إدارة بايدن كان ضعيفا، حيث يعتقد ثلثا الناخبين أو أكثر أن الأمة كانت على المسار الخطأ، وكان هذا ميراثا استحال على هاريس التحرر من ثقله.
وأوضح أنه بعد تأخير بايدن الطويل في الانسحاب من الحملة، تم دفع هاريس من ظلال نائب الرئيس إلى الرأي العام، ولكن لم يكن لديها أكثر من 3 أشهر لتقديم نفسها. وكان أمام ترامب 8 سنوات ليفعل الشيء نفسه، بما في ذلك السنوات الأربع من ولايته الأولى كرئيس و4 سنوات منذ ذلك الحين.
التعود على الأخبار السلبيةوفي الوقت نفسه، تعوّد الجمهور وقاعدة ترامب على تدفق الأخبار السلبية عنه، لدرجة أنه لا يبدو أن اتهامه بـ91 تهمة جنائية أدين بـ34 منها، أو أنه تمت مساءلته برلمانيا مرتين، أصبحت ذات أهمية.
وتطرق هيرش إلى ما سماه موهبة ترامب التي لا مثيل لها في الهيمنة على التصعيد في وسائل الإعلام، والتي تستحوذ دائما على العنوان الأكبر من خلال إيجاد شيء أكثر فظاعة ليقوله، واصفا إياها بأنها كانت حاسمة في جذب العديد من الناخبين. وقال إن كل اسم شائن أطلقه ترامب على هاريس "منخفضة الذكاء"، و"كامالا المجنونة"، و"الرفيقة كامالا"، وما إلى ذلك حصل على تغطية واسعة وجديدة.
وأوضح الكاتب أن الحملة الرئاسية لعام 2024 كانت بمثابة لحظة من الاستقطاب الأقصى في الحوار السياسي الأميركي، حيث كافح الجمهور للعثور على مصدر موثوق للحقيقة. وأصبح النقاش السياسي بالوعة من الروايات الكاذبة، والميمات المختلقة، والتزييف العميق، مدفوعا في الغالب بأكاذيب ترامب التي لا حصر لها.
عالم أورويل
وقال إنه وبحلول الخريف، كانت الولايات المتحدة قد انحدرت إلى عالم أورويلي حقيقي، حيث كان ترامب أكثر مروجي الكراهية فعالية في الولايات المتحدة. ومع ذلك كان ترويجه مقبولا من قبل الملايين.
وكان سباق 2024، حسب هيرش، منحرفا أيضا بسبب حملات التضليل الأجنبية التي نشرها خصوم الولايات المتحدة مثل روسيا والصين وإيران، الذين كانت عمليات نفوذهم أكثر تعقيدا وانتشارا بكثير من ذي قبل، في حين تخلت شركات التكنولوجيا الأميركية عن معظم جهودها الرقابية واستسلمت جميع منصاتها لمثل هذه الانتهاكات.
بعبارة أخرى، أصبح عام 2024 بيئة مثالية لعودة ترامب.
القضايا الثقافيةوأشار الكاتب أيضا إلى تغير المشهد السياسي الأميركي بطرق لم تفهمها حملة هاريس، حيث لعبت القضايا الثقافية دورا أكبر بكثير مما كانت عليه منذ فترة طويلة، لدرجة أنها ربما تفوقت على القضايا الاقتصادية. بعبارة أخرى، كان الاستيلاء على الحزب الديمقراطي من قِبل ما يُسمى بقضايا الاستيقاظ التقدمية مدمرا لحملة هاريس، خاصة أن ترامب والجمهوريين نجحوا في رسمها على أنها يسارية محضة.
ونقل عن الكاتب فريد زكريا إشارته مؤخرا في صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن "أقوى اقتصاد في العالم لم يؤتِ ثماره" لبايدن أو هاريس، وهو ما يرقى إلى "إشارة أكثر قوة على أن سياساتنا في خضم اضطراب كبير، حيث تفسح القضايا الاقتصادية المجال للقضايا الثقافية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
بعد فصل 8 آلاف من الجيش الأمريكي.. ترامب يلغي سياسة بايدن
أصدر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمرًا تنفيذيًا بإعادة أفراد الجيش الذين تم فصلهم بسبب رفضهم تلقي لقاح كورونا، ويأتي ذلك في سياق إعادة النظر في سياسة إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، المتعلقة بفصل أفراد الجيش لعدم امتثالهم لقرارات تلقي اللقاح، بحسب موقع «أكسيوس» الأمريكي.
إذ قال الرئيس ترامب في الأمر التنفيذي: «كان تفويض اللقاح عبئًا غير ضروري على أفراد الخدمة»، مضيفًا: «قام الجيش بتسريح أولئك الذين رفضوا اللقاح بشكل غير عادل»، وأوضح أن تسريح أفراد الجيش جاء «بغض النظر عن سنوات الخدمة المقدمة لأمتنا».
خلفية قرار بايدنفي عام 2021، أصدرت إدارة بايدن أمرًا يقضي بتلقي جميع أفراد الخدمة العسكرية للقاح كورونا كشرط لاستمرارهم في الخدمة. ونتيجة لذلك، تم فصل أكثر من 8000 فرد من الجيش بسبب رفضهم لهذا الشرط، وذلك على الرغم من خدمتهم الطويلة في الخدمة العسكرية الأمريكية.
وواجه ذلك القرار بهجوم على قرارات إدارة بايدن، حيث أكد العديد من النواب الأمريكين على أهمية حقوق الأفراد في إتخاذ قرارات شخصية بشأن صحتهم، كما انتقدوا التدخل المفرط من الحكومة الفيدرالية في حياة الأفراد.
لذلك، يعد قرار ترامب خطوة تعكس وجهة نظره في التعامل مع السياسات التي فرضتها إدارة بايدن في مواجهة جائحة كورونا، وهذا القرار لا يقتصر على إعادة الأفراد إلى الجيش فقط، لكنه يشمل منحهم الرواتب المتأخرة والمزايا التي فقدوها بعد فصلهم.
قرارات ترامب بإعادة هيكة الجيشيأتي قرار ترامب بإعادة هؤلاء الأفراد إلى الخدمة في وقت حساس حيث اتخذ البيت الأبيض سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تعديل سياسات إدارة بايدن. وتتضمن إجراءات ترامب إلغاء السياسة التي سمحت للأفراد المتحولين جنسيًا بالخدمة في الجيش، بالإضافة إلى إصدار حظر على قبول المتحولين جنسيًا في المستقبل، كما أصدر أمرًا بإلغاء العديد من المبادرات المتعلقة بالتنوع والشمولية في الجيش.