مصير الصهيونية في فكر عباس العقاد
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
محمَّد عبد الشَّافي القُوصِي **
يُعدُّ كتاب "الصهيونيَّة العالميَّة" -المُكوّن من 24 فصلًا- مِن أبرز الكُتب الفكريَّة التي ألّفها الكاتب المصري الكبير عباس العقّاد؛ إذْ يستمدّ قيمته من ناحيتين، نوضحهما في السطور التالية.
الناحية الأولى: موضوع الكتاب وعنوانه الدالّ عليه، فقد أحاط بأسرار الحركة الصهيونية من مختلف جوانبها، حسبُنا ما قاله عنه الفيلسوف الإنجليزي برتراند رسْل "إنه أهم كتاب صدر في القرن العشرين".
ومع أنَّ هذا الكتابُ" صدر منذ قرابة ثمانين عامًا (1956)، لكن لا يستطيع أحد أن يضيفَ إليهِ شيئًا بعد مرور تلك السنين، فلا غِنى عنه للذين يعملون في مجالات السياسة والإعلام والاقتصاد والقانون والفكْر والأدب، وفي مجالات عِلم النفس والاجتماع أيضًا.
أما الناحية الثانية التي يستمدّ الكتابُ قيمته منها، فهي ترجع إلى مؤلّف الكتاب العقَّاد، عميد المثقّفين العرب؛ الذي اجتمعت فيه كلّ صفات العبقريّة؛ مِن صفاء الذهن، وقوة الإلهام، والحضور الفكري، وسِعة الأُفُق، وتعدّد المواهب.
وقد استعمل منهج "التحليل النفسي" كمنهج لسبر أغوار سلوكيات الصهاينة الشائنة وأفعالهم المتناقضة ... وقد استهلَّ كلامه قائلًا: "ليس هناك أبغض للناس من كلمة "الصهيونية"، فهي بغيضة من كل بلد، بغيضة في كل زمن، لا يُحبّها ولا يَعطف عليها أحد، سوى أنصارها المستعمرين والمتعصبين. فالصهاينة لم يألفوا أحدًا ولم يألفهم أحدٌ منذ عُرِف اسم العبريين في التاريخ، فالخُلُق الذميم الذي تأصَّل فيهم منذ أقدم العصور، جعلهم بُغضاء منبوذين في كل مكانٍ أقاموا فيه، وهم يَعرفون أنهم مَبغضون ولا يَستغربون، وخصومهم –أيضًا- يَعرفون أنهم يبغضونهم ولا يستغربون؛ لأنهم يعرفون جذوره وأسبابه".
الصهيونية من الميلاد إلى القرن التاسع عشر
استطاع العقّاد أن ينبش في حفريات التاريخ وأغواره، بحثًا عن جذور الصهيونية، إلى أن توصّلَ إلى أنها لم تكن في الماضي عقيدةً دينية، بلْ كانت نزعة سياسية، لهذا نشأت أول الأمر في أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى، حيث بلغ الضغط على اليهود أشده في القرن التاسع عشر، ثمَّ نشأت مع المسألة الشرقية واستخدمها الساسة لتحقيق مطامعهم في بلاد "الرجل المريض" أيْ: الدولة العثمانية كما سمَّاها رواد الاستعمار.
الصهيونية وليدة السياسة والسياسيين، وجملة أسبابها هي: الاضطهاد وظهور الفكرة القومية ومطامع الاستعمار، فهي مسؤولة عن كل فاصلٍ تقيمه بينها وبين أُمَم العالَم؛ لأنها من قديم الزمن تُقسّم العالمَ إلى قسميْن متقابلين: قِسم إسرائيل وهم صفوة الخَلْق وأصحاب الحظوة عند الله لغير سبب إلاَّ أنهم أبناء إسرائيل، وقِسم آخَر يسمّونه قِسم الأمم أو «الغوييم» ويشملون به جميع الناس من جميع الأقوام والأجناس".
ويؤكد العقاد أنَّ التاريخ يَشهد بأنَّ الصهاينةَ لا يَعرفون دينًا، ولا يعترفون بقانونٍ ولا شريعة، ولم يَعرفوا الولاءَ والإخلاص في الطاعة لمن يتولى شؤونهم، وكل ما عرفوه وعرفوا به في تاريخهم الطويل طبيعة التمرد والالتواء والعصيان! ومِمَّا يؤيد تلفيق الدعوى الدينيَّة في مسألة الصهيونية الحديثة، أنَّ زعيم الصهيونية "تيودور هرتزل" كانت فكرته الأولى تحويل اليهود إلى المسيحية".
"الصهيونية ودعوى الاضطهاد"
تحت هذا العنوان، يرى العقّاد أنَّ الصهاينة يستغلونَ دعوى الاضطهاد، ويتخذونها وسيلةً لتخيُّر الأمم باسم الإنسانية والغيرة على الحرية، كما أنهم يتوقعون الاضطهاد ويستثيرونه بوقوفهم موقف المقاومة له، سواء تعرضوا له أو حرضوه بالعزلة والتآمر على استغلال الآخرين، مع أنهم أشدّ الناسِ اضطهادًا لغيرهم إذا مَلكوا القدرة الظاهرة أو الخفية، بلْ إنَّ الصهيونية هي المسؤولة عن كل اضطهاد تجرُّه على نفسها وعلى أبناء دينها ... إنه مرض نفسي في الصهاينة على نحو لا يقبل المراء... ومن أعراض ذلك المرض أنهم يُسمُّونَ ربَّ العالَم «رب إسرائيل» ويَحسبون أنه خَلَقهم وحدهم له، وخلق الأمم جميعًا لخدمتهم إلى آخر الزمان! وتراهم يتدرَّجونَ مِن طمع إلى طمع كلَّما أنِسُوا التشجيع أوْ الإغضاء من دول الاستعمار.
فهم يقولون: إنَّ الاضطهاد هو علَّة الصهيونية الأولى، وإنَّ قيام الصهيونية يقضي على هذه العلة أو يمنع تجديدها. والحقيقة التي نريد أن نُقررها هي أنَّ الاضطهاد نتيجة لداء مُزمن في اليهود سيبقى معهم في كيانهم الجديد كما كان معهم في دولتهم القديمة ... فمَن الذي اضطهد اليهود في مملكة سليمان حتى انقسمت على أهلها، ثمَّ انقسم كل شطر من شطريْها على أهله؟ ومَن الذي اضطهدهم يوم تمردوا على كل نبيٍّ من أنبيائهم، وكل قائدٍ من قادتهم، وهم بعيدون من سلطان غيرهم؟
عصبية الصهيونية
يقول العقَّاد: إنَّ تقلُّبات السياسة هي مادة وجود الصهيونية وبقائها، فهي حالة لم تُعرف لها سابقة في التاريخ. فالدول الكبرى تُعين الصهاينة تعصبًا على الإسلام والعرب، فلم نسمع أنَّ "إسرائيل" تُدان في أيّ جريمة تقترفها، لكنها تتجنَّى على غيرها وتشكوه. فتنفتح الآذانُ والصدور لاستماع شكواها .. ولكن البِنيَة لا تستمد الحياة من معونة غيرها إن لم يكن فيها قوام الحياة، ومتى وقفت "إسرائيل" في جانب من عزلتها وعصبيتها، ووقف العالَمُ كله على سِعته في جانب الحذر منها؛ فذلك هو المصير الذي لا مراء فيه، وذلك هو الختام.
وإذا كان في وُسِع الدول الكبرى أن تصنع كثيرًا لإسرائيل، لكنَّ شيئًا واحدًا لا تستطيعه لأنه لا يستطاع. فليس في وسعِها أن تُغنِيها عن معونتها، وإنْ طال صبرها على معونتها فليس في وسِعها أن تضمن لها دوام التقلّبات السياسية في مصلحتها، ولا أن تقتلع من طباع أبنائها جذور ذلك الداء الذي شكاه أنبياؤها قديمًا: داء الرقبة الغليظة، وليس له دواء.
مصير الصهيونية وبنيتها المتناقضة
تحت هذا العنوان، ذكَر العقّاد جُملة من التناقضات تضرب بمعولها في كيان إسرائيل من أساسه، ويقول: إنها قد أُنشِئت لتكون وطنًا قوميًّا لليهود، فهل هي كذلك الآن؟ وكيف يمكن أن تكون وطنًا قوميًّا لهم بأيّ معنى من معاني الوطنية؟ إنها لا تسع يهود العالَم، ولا يهود العالم يرغبون جميعًا في الانتقال إليها. قد صدف عنها من رحلوا إليها، وتبيَّنَ للكثيرين منهم أنَّ مقامهم في الديار الأجنبية أنفع لهم من محاولتهم العقيمة في البلاد التي يزعمون أنها وطنهم المختار. وإذا طال بإسرائيل عمرها وجاء اليوم الذي يتكرر فيه اضطهاد النازية والفاشية فليس من البعيد أن تصدَّ إسرائيلُ سيولَ الهجرة إليها كما تصدَّها الأممُ الأخرى؛ لأنها لا تستطيع أن تأويهم، بلْ لا تريد إيواءهم باختيارها، سواء قصدوا إليها للإقامة الدائمة أوْ للإقامة الموقوتة.
يَخلُص العقاد في نهاية الكتاب إلى أنَّ إسرائيل هي القضاء المبرم على إسرائيل وعلى الصهيونية بعدها بأمدٍ قصير. وقريبًا، سيأتي اليوم الذي يعلم فيه الصهاينة أنَّ قيام إسرائيل نكبة عليهم ونكسة بهم إلى عزلتهم الأولى وعصبيّتهم الباطلة التي يعاديهم الناس من أجلها ويعادون مِن أجلها كل إنسان لا يحسبونه من خلق الله، ولا في عداد "شعب الله المختار".
ويؤكد أنَّ العامل المهم في بقاء الصهيونية بفلسطين يتوقَّف على إرادة الدول العربية في نهاية المطاف –كما يقول العقّاد- فلن تدوم الصهيونية في الشرق الأدنى إذا عملت الدول العربية على أن تموت ولا تدوم، ولن تحيا إسرائيل إذا بقيت مقاومة العرب راصدة لها في كفة انحلالها وفنائها ولو دامت لها معونة الثقليْن، وهي لا تدوم. ليس للأمم العربية من خيار إلاَّ مقاطعة حلفاء إسرائيل، والكفّ عن معاملتها.
الحقَّ أقول: إنَّ هذا الكتاب من أروع ما خطَّته أنامل الكاتب المبدع عبَّاس العقَّاد الذي فنَّد مآرب الصهيونية وأكاذيبها.
** أديب ومترجم وباحث في مقارنة الأديان
** يُنشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية بلبنان
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصير سلاح "حزب الله".. جدل الدولة والمقاومة في لبنان
يشهد لبنان جدلا واسعا حول مصير سلاح "حزب الله" الذي عاد إلى الواجهة، ضمن تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على البلد العربي بين سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
وأعلن "حزب الله" تمسكه بسلاحه ورفضه أي نقاش حول تسليمه، إلا ضمن شروط يصفها بأنها مرتبطة بالسيادة الوطنية، في ظل استمرار الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.
الأمين العام "لحزب الله" نعيم قاسم أكد الجمعة الماضي "رفض حزب الله تسليم سلاحه للدولة اللبنانية"، مضيفا: "نعطي خيارا للدبلوماسية، ولكن هذه الفترة لن تستمر طويلا".
وقال قاسم في خطاب متلفز: "ملتزمون باتفاق وقف النار مع إسرائيل، ولن نسمح لأي أحد بنزع سلاحنا، وسنواجه مَن يطلب ذلك، والمقاومة في لبنان هي رد فعل على احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية".
وشدد على أنه لا يمكن مناقشة نزع السلاح، إلا في إطار شروط "مرتبطة بالسيادة الوطنية".
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراض في لبنان، ثم احتلت مزيدا منها خلال الحرب الأخيرة التي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار بدأ سريانه في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
في المقابل، قال الرئيس اللبناني جوزاف عون في مناسبات عدة إن أي خطوة تجاه سحب سلاح "حزب الله" تتطلب حوارا وطنيا ضمن استراتيجية دفاعية شاملة.
وكشف في مقابلة صحفية، الأسبوع الماضي أنه يسعى إلى أن يكون 2025 "عاما لحصر السلاح بيد الدولة"، موضحا أن أفراد "حزب الله" يمكنهم الالتحاق بالجيش اللبناني و"الخضوع لدورات استيعاب".
ومنذ أن بدأ اتفاق وقف إطلاق النار، تتصاعد ضغوط دولية، لا سيما من جانب الولايات المتحدة حليفة إسرائيل، على لبنان لنزع سلاح "حزب الله".
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص
وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي، خلافا للاتفاق، لتنفذ انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال رئيسية ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.
وارتكبت إسرائيل 2740 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار؛ ما أسفر عن 190 قتيلا و485 جريحا في لبنان، وفق مجلس الوزراء اللبناني الأسبوع الماضي.
وفي 2006 اعتمدت مجلس الأمن الدولي القرار 1701، بهدف وقف القتال آنذاك بين "حزب الله" وإسرائيل، ودعا إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.
واستعرض مجلس الوزراء اللبناني، الأسبوع الماضي، مهمة الجيش اللبناني في ضبط ومصادرة أي معدات أو أسلحة أو ذخائر عسكرية، وفق بيان للحكومة
وقال ان "الاستعراض الذي حصل كان دقيقا من حيث الوقائع والأرقام والإحصاءات الموثقة التي تثبت جهود الجيش الذي نفذ آلاف المهمات".
** انقلاب على الاتفاق
المحلل السياسي جورج العاقوري اعتبر أن إعلان قاسم تمسكه بسلاح "حزب الله" هو "عمليا انقلاب على ما وافق عليه خلال اتفاق وقف إطلاق النار، الذي فاوض عليه من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري".
ورأى العاقوري في حديث للأناضول أن "التفاف الحزب على المواقف السياسية ومحاولة الانقلاب عليها والتنصل منها هو أمر غير مستغرب".
وزاد بأنه "يعكس نهج الحزب في التعاطي مع القرارات الدولية، كما فعل عام 2006، حين وافق على القرار 1701، وعاد وتنصل منه بعد انتهاء الحرب"، وفق تعبيره.
العاقوري قال إن "حزب الله تنصل أيضا من الحوار الذي جرى بين قادة لبنان في العام 2012، وسمي حينها بإعلان بعبدا، والذي أجراه الرئيس اللبناني آنذاك ميشال سليمان وأفضى إلى حصرية السلاح بيد الدولة".
واعتبر أن "دعوة رئيس الجمهورية عون للحوار هي لاستيعاب الحزب والاتفاق على كيفية معاجلة سلاحه بشكل لا يتعارض مع حصرية السلاح بيد الدولة وبسط سلطتها على كامل أراضيها".
وتابع أن "عبارة حصرية السلاح بيد الدولة نص عليها الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني في خطاب القسم للرئيس عون والبيان الوزاري لحكومة نواف سلام (الحالية)، والقرارات الدولية واتفاق وقف إطلاق النار الأخير".
وعن كيفية تطبيق ذلك على "حزب الله"، رأى العاقوري أن "تطبيقه لن يؤدي إلى صدام بين الجيش وحزب الله؛ لأنه يعد تطبيقا للقوانين والأنظمة اللبنانية".
وقال إن "مطالبة وزراء محسوبين على حزب القوات اللبنانية بجدول زمني وفق خارطة لتسليم سلاح حزب الله هو أمر بديهي وليس استهدافا للحزب".
وأردف أن "ذلك اعتُمد بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، عندما نص اتفاق الطائف على تسليم الميليشيات أسلحتها للدولة على مراحل، وتم ذلك باستثناء حزب الله الذي بقي محتفظا بسلاحه".
** السلاح والاحتلال
ووفق المحلل السياسي محمد حمية فإن "إعلان حزب الله تمسكه بسلاحه جاء ردا على الضغوطات الخارجية والداخلية على الدولة اللبنانية لتتحرك عسكريا باتجاه نزع سلاح حزب الله بالقوة".
ورجح حمية في حديث للأناضول أن "الدولة اللبنانية والجيش لن ينجرفا إلى هذا الأمر، ولن يُقدم رئيس الجمهورية أو الحكومة على تكليف الجيش بنزع سلاح حزب الله بالقوة".
وحذر من أن "نزع السلاح بالقوة من حزب الله يؤدي إلى تهديد الاستقرار الداخلي ويطيح بكل جهود رئيسي الجمهورية والحكومة لإعادة بناء الدولة وبسط سلطتها على كامل أراضيها".
ولفت إلى أن "عقدة الجيش اللبناني القتالية موجه باتجاه العدو الإسرائيلي، ويقوم اليوم بدور كبير في الجنوب بتطبيق القرار 1701 الأممي وبسط سيطرة الدولة على أراضيها ".
حمية تحدث عن أن "هناك تعاون كبير وتنسيق بين الجيش اللبناني وحزب الله جنوب (نهر) الليطاني (جنوبي لبنان)، تطبيقا لوقف إطلاق النار والقرار الدولي".
وشدد على أن "خروقات إسرائيل (اليومية) وبقائها في النقاط الخمس (التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة) هو الذي يعيق انتشار الجيش اللبناني".
وتابع أن "حزب الله والرئيس عون يلتقيان حول نقطة الحوار بالاستراتيجية الدفاعية المستقبلية للبنان، والحوار جارٍ بين الدولة اللبنانية والمقاومة".
وزاد بأن "الحوار ليس على نزع السلاح، ومَن ينادي به يستجيب للضغوطات الدولية ويخدم العدو الإسرائيلي".
ومستنكرا تساءل: "هل يمكن الحديث عن نزع سلاح المقاومة في ظل استمرار إسرائيل باحتلال وقصف الأراضي اللبنانية؟!".
وتابع: "الحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية هو لتحديد الأخطار التي تواجه لبنان، سواء من الجنوب مع إسرائيل أو من الشرق الحدود السورية او من البحر وكيفية مواجهتها".
وأردف أن"الحوار سيتطرق لدور الجيش على الصعيد العسكري وكيف يمكن الاستفادة من قدرة المقاومة وسلاحها في خدمة الدولة، وأن يكون هذا السلاح ضمن استراتيجية دفاع وطني يعود للدولة استخدامها في مواجهة الأخطار".
حمية شدد على أن "الرئيس عون تحدث عن حصرية السلاح بالعموم، ولم يتحدث بالكيفية أو الإجراءات أو مهلة معينة، وبالحوار وليس بالقوة".
** تصعيد يخدم إيران
أما المحلل السياسي طوني بولس فاعتبر أن "التصعيد الأخير لحزب الله لا يمكن فصله عن المفاوضات الدائرة بين أمريكا وإيران حول القوة النووية الإيرانية والصواريخ البالستية".
وقال بولس للأناضول إن "الحزب تلقى أمرا من طهران بتصعيد مواقفه الرافضة لنزع السلاح، وذلك لتعزيز الموقف التفاوضي لإيران مع واشطن في روما، لأنه أتى قبل ساعات من الاجتماع"، وفق تعبيره.
وتابع أن "إيران خسرت في جميع المحاور، ولم يبق لها سوى حزب الله لتستخدمه ورقة، وخاصة أنها تريد إعادة ربط الواقع اللبناني وسلاح حزب الله بالوضع الإقليمي وبالمفاوضات الأمريكية الإيرانية".
والسبت الماضي، اختتمت في العاصمة الإيطالية روما جولة ثانية من مفاوضات رفيعة المستوى بين وفدين أمريكي وإيراني حول البرنامج النووي الإيراني، وسط تفاؤل حذر بشأن التوصل إلى حل دبلوماسي.
وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.
وتعد إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراض في لبنان وسوريا وفلسطين.