القدس المحتلة- يرى محللون أن إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعمق الشرخ بالمجتمع وتزيد الاستقطاب السياسي، وهي خطوة من شأنها أن تطيل أمد الحرب على جبهتي غزة ولبنان.

وأتت إقالة وزير الدفاع بمسعى من نتنياهو لضمان استقرار الائتلاف والإبقاء على حكومته حتى نهاية ولايتها في أكتوبر/تشرين الأول 2026، وذلك في ظل إصرار غالانت على تجنيد الحريديم في الجيش الإسرائيلي الذي يعاني نقصا بالقدرات البشرية مع استمرار الحرب.

وقُوبلت إقالة غالانت في أوج الحرب المتعددة الجبهات، واحتمال توسعها لحرب إقليمية تشارك فيها إيران، بانتقادات شديدة اللهجة من المحللين وقيادات أحزاب المعارضة، الذين اتهموا نتنياهو بتعريض الأمن القومي الإسرائيلي للخطر من أجل مصالحه الشخصية والحزبية وضمان بقائه على كرسي رئاسة الوزراء.

وأعادت هذه الخطوة إلى المشهد السياسي الإسرائيلي قرار نتنياهو مارس/آذار 2023 عندما أقال غالانت الذي أبدى تحفظه على خطة الحكومة في إجراء تعديلات على الجهاز القضائي، وحذر حينها من تداعيات وتأثير اتساع الاحتجاجات بالشارع الإسرائيلي على خطة إضعاف القضاء وعلى المؤسسة العسكرية، وهو ما قد يؤدي إلى المساس بالأمن القومي الإسرائيلي.

نظام جديد

وصف عضو هيئة تحرير الموقع الإلكتروني "تايمز أوف إسرائيل" أمير بن ديفيد إقدام نتنياهو على إقالة غالانت بـ"نظام داخلي جديد"، في إشارة منه إلى إمعان نتنياهو بفرض وقائع بالمشهد السياسي الإسرائيلي تمكّنه من البقاء على كرسي رئاسة الوزراء لأطول فترة ممكنة.

ويعتقد بن ديفيد أن إقالة غالانت تمهد إلى إحكام سطوة نتنياهو على المؤسسة العسكرية من خلال تعيين يسرائيل كاتس وزيرا للدفاع، حيث ينظر إلى هذا التعيين على أنه شكلي، لأنه سيبقي نتنياهو صاحب القول الفصل بكل ما يتعلق بسير الحرب وتطورها.

ويحاول عديد من مؤيدي نتنياهو -حسب ما يقول الكاتب الإسرائيلي- وصف إقالة غالانت بأنها "خطوة ذكية ورائعة من قبل الساحر السياسي، الذي تمكن من إحباط تهديد تفكك الائتلاف وصرف أنظار الجمهور عن الفضائح العديدة التي بدأ نشرها في ما يتعلق بسلوك مكتبه في الحرب، وقد فعل ذلك بينما أنظار العالم أجمع تتجه نحو الانتخابات الدراماتيكية بالولايات المتحدة"

ويضيف بن ديفيد أن كل هذه التفاصيل والتبريرات ما هي إلا "ستار من الدخان يخفي حقائق بسيطة وكئيبة مفادها أن رئيس وزراء إسرائيل، ومن أجل خدمة احتياجاته السياسية وبقائه الشخصي بالحكم، مستعد للمقامرة بمصير وأمن البلاد".

غالانت (يسار) في مقر وزارة الدفاع بتل أبيب خلال مراقبة سير الضربات الإسرائيلية على إيران برفقة هرتسي هاليفي (الجيش الإسرائيلي) سطوة نتنياهو

وعلق يوسي فيرتر، محلل الشؤون الحزبية في صحيفة هآرتس، على إقالة غالانت بالقول إن "ما قام به نتنياهو يثير رعبا حقيقيا بإسرائيل على مستوى لم نعرفه بعد، فرئيس الوزراء منشغل في محاكمته بتهم فساد، وفي إحباط التحقيق بإخفاقات ما جرى يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وكذلك في تحقيق الشاباك في سرقة المعلومات السرية المتعلقة بحرب غزة وتسريبها لصحف أجنبية".

ويعتقد محلل الشؤون الحزبية أن إقالة غالانت التي من شأنها أن تعزز سطوة نتنياهو على المشهد السياسي والمؤسسة العسكرية والأمنية، تمهد إلى إقالات أخرى قد تشمل رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، الذين ينظر إليهم نتنياهو على أنهم تهديد لولاية حكومته، وعائق أمام سياساته بخصوص الحرب وصفقة التبادل.

ووصف محلل الشؤون الحزبية نهج نتنياهو والإجراءات التي يقوم بها في ذروة الحرب بـ"الجنون"، لافتا إلى أن هذه الإجراءات تشير إلى "الطريقة التي يعمل بها الدكتاتور"، مقدرا أن نتنياهو الذي يوظف أهداف الحرب من أجل بقاء حكومته حتى أكتوبر/تشرين الأول 2026، يقود إسرائيل نحو الدكتاتورية.

وأوضح فيرتر أن المرة الأولى التي أقيل فيها غالانت، مارس/آذار العام الماضي، كانت بسبب تحذيره من "خطر واضح وفوري على أمن إسرائيل إذا استمر الانقلاب القضائي"، وفي المرة الثانية أقيل بسبب إحباط مخطط نتنياهو للالتفاف على القانون، الذي يضمن استمرار تهرب عشرات الآلاف من اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية.

خطر حقيقي

وفي استعراض لتداعيات إقالة غالانت على سير الحرب، يعتقد المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، إن خطوة نتنياهو هذه تهدد الأمن القومي لإسرائيل وتضع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية قبالة معضلة رهيبة، بعد مرور 13 شهرا على هجوم حركة حماس المفاجئ على مستوطنات "غلاف غزة"، وبعد أن أدركت إسرائيل عمق الشرخ المجتمعي وتعاظم الاستقطاب السياسي فيها.

ويقول هرئيل "في الوقت الذي توجد فيه فرص الحرب بأوجها وتبتعد عن الحسم، يجدد نتنياهو تهديده المباشر للديمقراطية"، مقدرا أن إقالة غالانت لن تكون الخطوة الأخيرة التي يخطط لها نتنياهو، وهو ما يطرح أسئلة حول أهلية رئيس الوزراء بالاستمرار في تولي منصبه في ظل الحرب، حيث يتعين على قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية مواجهة إجراءاته التي قد تطالهم مستقبلا.

وفي قراءة تحليلية لمدى تأثير إقالة غالانت على الوضع الأمني والحرب على غزة ولبنان، يستشرف المحلل العسكري في صحيفة "إسرائيل اليوم" يوآف ليمور مخاطر محدقة بالأمن القومي، قائلا إن "إقالة وزير الدفاع في أوج الحرب حدث غير مسبوق، وتعتبر صفعة للمجتمع الإسرائيلي وللجنود الذين دفعوا ثمن الحرب".

ومن وجهة نظر المحلل العسكري، فإن شرائح واسعة بالمجتمع الإسرائيلي، وكذلك في الجيش والأجهزة الأمنية، باتوا على قناعة تامة أن "نزوات شخصية وسياسية لرئيس الوزراء هي التي تتحكم بسير المعارك وتحدد أهداف الحرب، وليست احتياجات أمن إسرائيل".

وأشار إلى أن إقالة غالانت تثبت مرة أخرى، كما في أحداث سابقة خلال الحرب على وجه التحديد، "أنه إذا وجد نتنياهو نفسه مضطرا للاختيار بين مصلحة إسرائيل وأمنها وبين مصلحته الشخصية والسياسية، فهو يختار ذاته، إذ يواصل المراوغة والامتناع عن إعادة المختطفين، وكذلك التهرب من تحمل مسؤولية إخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ومنع طوفان الأقصى".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أکتوبر تشرین الأول رئیس الوزراء نتنیاهو على

إقرأ أيضاً:

بعد رفض رئيس الجيش الإسرائيلي ترقيته.. هاغاري يستقيل من منصبه

أفادت وسائل إعلام عبرية بأن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد إيال زامير، قرر اليوم الجمعة، عدم ترقية المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إلى رتبة نائب أميرال، وأعلن مغادرته الجيش خلال أسابيع.

واعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الإعلان عن ترك هاغاري منصبه الذي شغله منذ مارس (آذار) 2023 وتقاعده من الخدمة العسكرية يعد بمثابة إقالة، علماً أنه كان مرشحاً لقيادة البحرية الإسرائيلية.

وقالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن صراعاً كان بين هاغاري والجهاز السياسي، خاصة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، حيث يعتقد أن الأخير كان يرفض الموافقة على ترقية هاغاري.

IDF spokesman Hagari to retire from military in coming weeks https://t.co/6XAfYwemnH

— The Times of Israel (@TimesofIsrael) March 7, 2025

من جهتها، قالت هيئة البث الاسرائيلية إن "هاغاري لم يحظ بثقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس"، مشيرةً إلى وجود خلافات بين هاغاري ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، دون تفاصيل أخرى.

وفي بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، أكد الطرفان أنه تم الاتفاق على مغادرة هاغاري الخدمة العسكرية.

In what Israeli media described as an "agreement" between the IOF spokesman and the regime's chief of staff, IOF spokesman Daniel Hagari has been forced to resign in the "coming weeks". pic.twitter.com/zftBFTYfdE

— Press TV ???? (@PressTV) March 7, 2025

وفي السياق، كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن من بين المرشحين المحتملين لخلافة هاغاري المقدم بيني أهارون.

وقالت الصحيفة إن الجيش الإسرائيلي مصدوم من إقالة المتحدث باسمه، ويرى أن إقالة المسؤول العسكري قبل إقالة المسؤولين عن إخفاق هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمر مشبوه.

وأضافت أن الجيش يستعد لضغوط من القيادة السياسية لتعيين شخصية ليست بالضرورة من الجيش، وأن المحيطين بنتانياهو كانوا على علم قبل أشهر بإقالة هاغاري.

وجاءت إقالة هاغاري بعد يومين من تسلم زامير منصب رئيس الأركان خلفاً للمستقيل هرتسي هاليفي الذي قاد الحرب على الفلسطينيين في قطاع غزة لأكثر من 15 شهراً.

إسرائيل تصادق على تعيين زامير لرئاسة أركان الجيش - موقع 24أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن تفاؤله بتحقيق "إنجازات عظيمة"، خلال فترة تولي إيال زامير منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي تم تعيينه رسميًا خلال اجتماع مجلس الوزراء، الأحد.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال يعقوب باردوغو حليف نتانياهو، إن هاغاري لن تتم ترقيته، محذراً: "إذا وافق كاتس على مثل هذه الخطوة، فسيكون هذا هو اليوم الأخير الذي يخدم فيه وزيرا للدفاع في حكومة يمينية".

وفي يناير  (كانون الثاني) الماضي، تصاعد التوتر بين الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، بعد إعلان الأخير أنه أصدر تعليماته لهاليفي "بالتعاون الكامل" مع تحقيق مراقب الدولة بشأن هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

הרמטכ"ל החדש אייל זמיר החליט להדיח את דובר צה"ל דניאל הגרי מתפקידו.
הגרי גם לא ימונה לדרגת אלוף והוא משלם את מחיר המשחקים הפוליטיים ששיחק ביחד עם הרצי הלוי ויואב גלנט, כולל על מידור כתבים צבאיים שלא זרמו עם הספינים שלו.
התחיל תפקיד בקול תרועה רמה ומסיים בקול ענות חלושה. pic.twitter.com/RxdwJnb7Pu

— יוני בן מנחם yoni ben menachem (@yonibmen) March 7, 2025

وفي موقف نادر رد الجيش الإسرائيلي عبر منشور على منصة إكس: "حل القضايا يجب أن يتم بالحوار بين وزير الدفاع ورئيس الأركان، وليس عبر وسائل الإعلام". 

مقالات مشابهة

  • هل تنجح جولة مفاوضات ويتكوف في تجاوز عراقيل نتنياهو؟ محللون يجيبون
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق: معظم الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب مع حماس
  • اتجاه بإسرائيل لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة
  • ماذا تحمل زيارة ويتكوف المرتقبة للمنطقة؟.. محللون يجيبون
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • القيادة بإسرائيل توجه الجيش للاستعداد لاستئناف الحرب على غزة
  • بعد رفض رئيس الجيش الإسرائيلي ترقيته.. هاغاري يستقيل من منصبه
  • إقالة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي المثير للجدل
  • هآرتس: إقالة المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • إقالة المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي