تحت شعار (قوتنا في وحدتنا المنتجة)، توافد السودانيون في أوروبا،شيباً وشباباً، نساءً و أطفالاً ورجالاً، زرافاتاً و وحدانا، صوب مدينة كورمند المجرية، في الثاني و العشرين من شهر تموز يوليو للعام الجاري، وذلك للإحتفال بيوم السودان للمرة العاشرة. و قد شمِل الإحتفال معرضاً للفلكلور و المنتوجات السودانية،كما تخللته أغاني و رقصات سودانية علي مسرح المدينة،علاوة علي مشاركة أصدقائنا من بوركينا فاسو بآلات موسيقية أفريقية، وأختتم بوجبة عشاء جامعة للسودانيين و المجريين بأسرهم وسط ابتهاج وفرحة الأطفال برؤية الخراف و الطاؤوس الذي يتبختر في خضرة الطبيعة الخلابة التي تبعث في النفس الطمأنينة حيث الجو البهيج الممزوج بالأنغام السودانية و المجرية و الأفريقية.


لقد كانت مشاركة الجمعية النمساوية السودانية ممثلة في رئيسها السيد باول سلاطين (حفيد عائلة رودولف سلاطين باشا) انيقة ومميزة نالت استحسان الحضور، حيث تبرع بمبلغ سخي مساهمة في نفقات هذا اللقاء الهام لسودانيي المهجر.
لقد ولدت فكرة فعالية الإحتفال بيوم السودان في المجر أثناء مشاركتنا في يوم السودان ب إكسبو هانوفر 2000، و تقرر أن تكون البداية في صيف العام 2001 بمدينة كورمند، حيث يقيم صديقنا الطبيب عبدالحميد عابدين الذي تربطني به مدينة كوستي- صرة السودان. فقد تخرجنا في مدرستها الثانوية قبل أن ننتقل إلي جمهورية المجر الإشتراكية للدراسة آنذاك.
الجدير بالذكر أن عمدة مدينة كورمند تعود علي رفع علم السودان ليحل مكان علم الإتحاد الأوروبي بجانب علمي المجر و مدينة كورمند. وهي لحظات ومواقف لا توصف, إذ تشاهد السودانيين يلتقطون الصور التذكارية لهم و لأطفالهم تحت رفرفة علم السودان في تلك البقعة الأوروبية النائية.
و للأمانة التأريخية أن نذكر ذلك النقاش الذي دار بين أصحاب المبادرة حول مشاركة السفارة السودانية في هذا الحدث الثقافي الإجتماعي السوداني الأوروبي، حيث كان المتوقع أن تكون مشاركة السفارة السودانية في هذا الحدث واجبة بل و فرض عين، بغض النظر عن لون و سياسة الحكومة في الخرطوم. كما نشهد الله أننا قد أنصفنا إخوتنا الدبلوماسيين بتقدير وضعهم العام المرتبط بحالة الحكم السودان، وهم بالمقابل قاموا بالواجب الوطني علي أصوله، إلا ما ندر. لقد كان ذلك إرثاً توارثناه منذ زمن الإتحاد السوفيتي العظيم، وسفارتنا ذات المجد التليد في العاصمة التشيكوسلوفاكية براغ، وقبل أن نلج عهد(أقفل... أفتح... أقفل)، و لله الأمر من قبل و من بعد.
في هذا الإحتفال غاب إخواننا الدبلوماسيين لأول مرة .في حالة لم نجد لها تفسيراً حتي يوم الناس هذا، فقد أكد لنا الدكتور عبد الحميد إستلام سفارة السودان في بودابست للدعوة وإستعدادهم للمشاركة،و نقل ذلك الخبر كما جرت العادة للمسئولين في مدينة كورمند، فاستعدوا لإستقبال سفير السودان بالسلام الجمهوري حيث سيرفرف علم السودان من فوقهم وسط اهازيج جموع السودانيين رغم وضع حالة بلادنا الراهن، لكن فوجيء الجميع بإعتذار السفير قبل سويعات من إفتتاح الحفل. و ربما مراعاة لموقف سفارتنا في بودابست أحجمت سفارتنا في فيينا عن المشاركة، رغم أن الإخوة المنظمين حجزوا لهم أفضل ألأماكن و أبدوا الإستعداد لضيافتهم تحت كل الظروف تقديراً لمواقفهم ومشاركاتهم الإجتماعية و الإنسانية في بيت السودان بفيينا. ذلك البيت الذي إستقبل الحاكمين و المعارضين السودانيين في العقدين المنصرمين كعادة أهل السودان في التسامح المجتمعي.
لقد كان لقاء هذا العام فريداً في الكم و النوع. حيث فاق عدد السودانيين و أطفالهم المائتين فرداً. ملأ الأطفال المسرح فرجةً ونشوةً و إنبهارا. وقد شارك في أمسية اليوم الفنان المبدع متوكل سبيل القادم من فنلندا بمجموعة مختارة من الأناشيد الوطنية وأغاني الزمن الجميل فسالت أدمعه أثناء الأداء الرائع فأبكي معه الجميع. و هنا تجسدت وحدة وطنية سودانية خلت من أي لون سياسي و ديني و عرقي.( ياهو ده السودان).
كان ذلك المشهد أبلغ رسالة لمن حاول أن يلغي ذلك اللقاء الثقافي الإجتماعي بحجة الحرب اللعينة الدائرة في الخرطوم، متناسياً لقاءاتنا الماضية و حرب ضروس كانت تدور في أطراف السودان الحبيب، أدت إلي شطر الوطن العزيز.
لقد بذلت اللجنة المنظمة جهداً فوق طاقتها لتوفير المأوي و المعاش للقادمين من النمسا و المجر و المانيا و بريطانيا و هولندا و التشيك و سويسرا و قطر و أمريكا، و أعلنت في لفتة بارعة ترحيبها بإستقبال غير القادرين مالياً، خاصة من جيل الشباب و الطلاب. و ذلك لأهمية الملتقي في توثيق عري الصداقة والإخوة السودانية علاوة علي ترويح النفوس المهمومة بما يجري في بلدنا المنكوب.
بعد مضي أسبوع علي مناسبة كورمند دعت اللجنة المنظمة إلي إجتماع في بيت السودان بفيينا لمشاهدة الفيلم التوثيقي للملتقي ( مدته أربعين دقيقة) ، وذلك لإجراء التقييم و جرد الحساب. فكانت النتيجة بتقدير جيد جداً كما نال الفيلم اعجاب المشاهدين. و قدجمعوا من المال ما فاض عن المكيال لسد نقص تكاليف الفعالية .و أرسلوا وفداً للجلوس مع د عبدالحميد و عائلته، شاكرين و مقدرين، و عاقدين العزم علي أن يكون للملتقي ما بعده، في جمع كلمة السودانيين الأوروبيين، لفائدة أنفسهم و خدمة أهليهم و وطنهم.( ياهم ديل أهلي)... وأقول ليكم أرموا قدام....لكن بالسلمية، و العزة للسودان من حلفا لي نمولي و من الجنينة لي سواكن.
عبد الله شريف جامعِ
أغسطس 2023
فيينا – النمسا  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: السودان فی

إقرأ أيضاً:

المفوضية الأممية: نحتاج إلى 1.5 مليار دولار لمساعدة اللاجئين السودانيين

تسعى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مع استمرار انتشار تأثير الصراع في السودان، إلى الحصول على موارد إضافية لدعم ملايين الأشخاص الذين أجبروا على الفرار.
وأعلنت المفوضية أنها تحتاج إلى 1،5 مليار دولار ارتفاعًا من 1،4 مليار، لمساعدة 3،3 ملايين لاجئ والمجتمعات المحلية في دول الجوار، مشيرة إلى دمج دولتين جديدتين في برنامج المفوضية للاستجابة الإقليمية لأزمة النزوح من السودان وهما ليبيا وأوغندا، بالإضافة إلى تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى.

زيادة أعداد اللاجئين

وسجلت المفوضية في ليبيا وصول 20 ألف لاجئ سوداني منذ أبريل 2023، مع تقديرات بوصول أعداد كبيرة إلى شرق ليبيا، كما وصل إلى أوغندا وهي أكبر دولة مضيفة للاجئين في إفريقيا، 39 ألف لاجئ سوداني.

أخبار متعلقة الجامعة العربية: المقاطعة وسيلة ناجحة ومشروعة لمقاومة الاحتلالاستشهاد 34 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على قطاع غزة

حالة كارثية.. مجلس الأمن يبحث انعدام الأمن الغذائي في #السودان#اليوم
للتفاصيل..https://t.co/qHu8lSjbdI pic.twitter.com/eBp8P3k8s6— صحيفة اليوم (@alyaum) March 20, 2024


وبعد مرور 14 شهرًا على اندلاع الحرب في السودان لا يزال الآلاف يغادرون كل يوم هربًا من العنف الوحشي والموت وسوء المعاملة، ومحدودية المساعدات والمجاعة التي تلوح في الأفق.
وفي مصر جرى تسجيل 402 ألف لاجئ سوداني حتى الآن، وفي تشاد تسجيل وصول 600 ألف لاجئ، ومن المتوقع أن تستمر الأعداد في الزيادة.

مقالات مشابهة

  • حزب الأمة القومي يعلن المشاركة في مؤتمر القاهرة
  • مؤتمر القاهرة.. الفرصة الأخيرة للقوى السياسية السودانية
  • نحن السودانيين اعداء انفسنا بتدخلنا في ما لا يعنينا (4)
  • المفوضية الأممية: نحتاج إلى 1.5 مليار دولار لمساعدة اللاجئين السودانيين
  • التوافق السياسي السوداني: تأملات واقتراحات
  • «تقدم» ترحب بالمشاركة في مؤتمر القوى السودانية بالقاهرة
  • الانتحار السوداني ... متى يتوقف وكيف؟!
  • نحن السودانيين أعداء انفسنا بتدخلنا في ما لا يعنينا (3)
  • خيار الادارة السودانية المؤقتة في المهجر
  • لجنة المعلمين السودانيين: التقديرات تشير إلى «300» مدرسة سودانية في مصر