المجالس المحلية وترميم الفراغ (8)
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
طالبت فى مقالى السابق أن تعيد الأحزاب ترتيب أوراقها؛ استعدادًا لقانون الإدارة المحلية وانتخابات المجالس الشعبية، كما طالبت الحوار الوطنى وكذلك مجلس النواب بأن يسرع أعضاؤه الخطى؛ للانتهاء من مشروع القانون الذى طال انتظاره؛ لنبدأ مرحلة جديدة من الديمقراطية الشعبية؛ وحياة سياسية سليمة تمارس فيها الأحزاب دورها الرقابى من خلال مجالس محلية منتخبة بنظام القائمة المغلقة أو النسبية أو الفردى.
وإلى أن يتم الاتفاق على نظام الانتخاب المناسب لظروفنا، أواصل الحديث عن مزايا وعيوب كل نظام، وأقول الفردى هو الأنسب الآن من القائمة المرهقة للناخب لأسباب عدة من بينها: عدم وجود نظام حزبى قوى بمعناه السياسى الواضح، فمعظم الأحزاب الجديدة ليس لها قواعد شعبية، وأغلبها مجرد أسماء لا يعرف العامة ولا حتى السياسيون عنها ولا عن برامجها ورؤسائها شيئًا، إلا إذا حدثت كارثة أو مشكلة داخل الحزب، وتناقلتها وسائل الإعلام والميديا.
وبالتالى، وبهذا الوضع الحالى، لن تكون هناك منافسة حقيقية لجهل الناخبين بها؛ ولا سيما وأن الأجيال الشابة الصاعدة المقيدة فى جداول الانتخابات، لم تترب سياسيًا بشكل واع، ولا تستطيع أن تفرق بين البرامج المتشابهة للأحزاب، وأمامها مشوار طويل حتى تنضج سياسيًا، وتدرك كيف تختار من يحل مشاكلهم ويعالج قضاياهم ويمثلهم عبر برامج تنافسية وواقعية لا ورقية ولا حنجورية أو فانتازية.
فكلما زادت الأمية السياسية، لا تكون القائمة بنوعيها (مغلقة ومفتوحة) هى الأفضل، ويكون النظام الفردى بديلًا جاهزًا حتى تتم عملية التربية السياسية الحزبية السليمة، وهى عادة ما تحتاج سنوات من الممارسة، وفى الفردى أيضًا يختار الناخب مرشحًا واحدًا يعرفه شخصيًا ويقتنع بمميزاته وخدماته وقدراته، ويستطيع محاسبته وانتقاده وتقييم أدائه ومواجهته، بمعنى أن قوة النائب ترتهن إلى جماهيريته فى قلب دائرته والشىء نفسه ينطبق على نائب المحليات.
وتلك ميزة تمنحه الحرية والاستقلال بالرأى بعكس «نائب القائمة» الذى يكون ملتزمًا بموقف الحزب ورأيه تجاه أى قضية وهو ما يعرف بـ«الانضباط الحزبى»، وتتم ممارسته بشكل سلطوى وعنيف أحيانا مع أى نائب يسير ضد اتجاه الحزب فى أى قضية، ويكون التهديد بالاستبعاد من القائمة حاضرًا وجاهزًا دائمًا.
والخلاصة ان الانتخاب الفردى أسهل حتى فى المجالس الشعبية، فهو يساعد على الاستقرار السياسى، وينجح ويحقق هدفه إذا كان هناك عدد قليل من الأحزاب (ثلاثة أو اربعة) تتنافس على تداول السلطة، مثلما يحدث فى أمريكا وأوربا، بعكس نظام القائمة الذى يخدم الحزب على حساب المواطن، حيث يكون الالتزام الحزبى سيد الموقف؛ فضلًا عن حرمان المستقلين من ممارسة حقهم السياسى والدستورى. وتبقى الحسنة الوحيدة للقائمة إنها تحد من سيطرة رأس المال على العملية الانتخابية وتمنح أحزاب الأقلية فرصة التواجد النسبى فى المجالس النيابية والمحلية الشعبية.
وفى ضوء ما نراه الآن من فوضى حزبية عددية (108 أحزاب) يعمل منها ثلاثة أو أربعة فى الشارع السياسى بطرق وأساليب مختلفة، ولكن ببرامج تكاد تتشابه فى أهدافها ووسائلها ولا تقدم جديدًا للشعب، يكون الفردى أفضل حتى تستوعب التيارات السياسية الدرس وتنزل إلى الشعب وتستمد منه جماهيرية نوابها.
المهم أن نبدأ الآن بنسف القانون القديم، ونسقط المخاوف، والموائمات، وننهى لعبة المصالح، مهما كانت التحديات؛ ونمنح الأحزاب قبلة الحياة لترميم الفراغ السياسى الناتج عن ضعفها وهشاشة دورها وإنشعالها بالصراعات الداخلية والمصالح الشخصية.
وإلى حلقة جديدة بإذن الله.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: طالبة
إقرأ أيضاً:
الجبهة الشعبية القيادة العامة تسلم بعض مواقعها للجيش
تسلم الجيش موقع حشمش الواقع بين قوسايا ودير الغزال بالبقاع الأوسط من مسلحي الجبهة الشعبية القيادة العامة.
وكان الجيش تسلم بالساعات الماضية بالبقاع الغربي موقع السلطان يعقوب من القيادة العامة ومعسكر حلوة من فتح الإنتفاضة، بحسب ما افادت مندوبة "لبنان 24".