جاءت إقالة يواف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلى السابق متوقعة بعد أن تدحرجت كرة الثلج بينه ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واتسعت هوة الخلافات يوما بعد يوم طوال أيام الحرب، لدرجة أنه كان ينصت لمساعدى وزير الدفاع عن الوزير نفسه لعدم وجود لغة مشتركة بينهما.
دائرة الخلافات بين رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت لم تضق يوما، خلافات فى الرؤية وطريقة التفكير والمصالح وخطط الحرب على غزة ولبنان، تغاضى عنها نتنياهو منتظرا لحظة الخلاص طالما الخطط الحربية تسير دون أزمات.
وتغيرت المواقف بعد ضربة إيران الأخيرة ووصول مسيرة إسرائيلية لمنزل نتنياهو فى «قيساريا» حيث تغيرت لهجة أعضاء الحكومة خاصة المتشددين بوجود أخطاء دفاعية وهجومية على الجبهتين الشمالية والجنوبية يتحمل عواقبها وزير الدفاع.
ووعد نتنياهو مع الضغط عليه واتهام بعض أعضاء الحكومة جالانت بالعمل ضد أهدافها وخططها، ساهم فى ارتفاع حدة الخلافات بين نتنياهو وجالانت، إدلاء الأخير بتصريحات نارية أغضبت معظم الائتلاف الحكومى لاسيما المتطرفين منهم بعد أن جدد عباراته الشهيرة منذ شهور بأن إدارة الحرب فى غزة تفتقر إلى الاتجاه الواضح وأنها بلا بوصلة، مطالبًا نتنياهو بتحديد أهداف الحرب لتتوافق مع التطورات الميدانية خاصة أن تبادل الهجوم المباشر بين إسرائيل وإيران يزيد الحاجة إلى عقد مناقشة وتحديد الأهداف بنظرة أشمل، وتأكد لجالانت أن نتنياهو يستهدف كسب الوقت واستمرار الحرب- ولو كان على حساب ضحايا الحرب والأسرى- حتى يمر موعد محاكمته المقرر لها فى 14 ديسمبر المقبل لاتهامه بعدة قضايا فساد، فهى المخرج الوحيد لأن ظروف البلاد لا تسمح بمحاكمته وهو يقود حربًا ضد الأعداء!
جالانت لم يغِب عنه أن نتنياهو سيبيعه، وحسبها فوجد التمسك بمبدئه خاصة فى معارضة إعفاء الحريديم «المتدينين» من التجنيد سيكسبه احترام المقربين والمعارضين بزعامة لابيد، وأولمرت، ويائير جولان زعيم حزب الديمقراطيين وغيرهم فى الشارع الإسرائيلى، ما دفعه للتمسك بمعارضة مشروع قانون إعفاء اليهود المتشددين الحريديم من الخدمة العسكرية فى الجيش، وهو المشروع الذى يحظى بأولوية قصوى على جدول أعمال الكنيست الإسرائيلى.
ولم ينته نتنياهو من «العزف التهديدى» لـ بن غفير وسموتريتش له حتى ظهر جدعون ساعر مهددا بالخروج من الائتلاف الحكومى وانهيار الائتلاف من خلال تصويته ضد مشروع قانون يقاتل من أجله نتنياهو- لضمان بقاء الائتلاف- ويهدف لتمويل عائلات الحريديم التى لا يخدم أبناءها فى الجيش فيما يعرف بقانون «المهاجع» الذى يشجع اليهود المتشددين على عدم التجنيد.
وكانت القشة التى قصمت ظهر البعير إصدار جالانت قرارا قبل أسبوع بتجنيد 7 آلاف من الحريديم وهو ما أشعل نار الغضب بين أعضاء الائتلاف المتشدد.
ولضمان استمرار الحكومة باع نتنياهو الأكثر خبرة ودراية جالانت، وعين مكانه وزير الخارجية «كاتس» وحل مكان الأخير «ساعر» ليضمن بقاء الوزارة وأتم الاتفاق «خلسة» مع ساعر لدعم القانون الذى يشجع على تهرب اليهود المتشددين من التجنيد حتى لو كان الجيش يعانى من نقص عددى والاعتماد على «المرتزقة» فى صفقة مشبوهة تكشف ألاعيب نتنياهو ليس مع أعدائه فقط!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تسلل صفقة مشبوهة إقالة يواف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلي الوزراء بنيامين وزیر الدفاع
إقرأ أيضاً:
هآرتس: نتنياهو يقامر بالجيش والأسرى بشن الحرب على غزة
قالت صحيفة هآرتس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقامر بإعادة الحرب على غزة مستفيدا من الرياح الداعمة التي يوفرها له الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والانحسار النسبي للضغوط الداخلية التي كانت تكبح جماح حكومته سابقا.
وأكد المحلل العسكري للصحيفة عاموس هرئيل، الذي ناقش السياسات الأخيرة لحكومة نتنياهو، أن الجيش الإسرائيلي لا يمتلك الإمكانيات لشن هذه الحرب، فيما يطالب الشعب بتحرير الأسرى قبل اتخاذ هذه الخطوة، وحذر نتنياهو من "المقامرة بمصير الرهائن وجنوده ومستقبل المنطقة بأسرها".
ويقول هرئيل إن أحد أبرز الأمثلة على توجهات نتنياهو هذه يتمثل في المفاوضات حول صفقة الأسرى. ففي حين زعمت الحكومة الإسرائيلية أن (حركة المقاومة الإسلامية) حماس رفضت مقترحا أميركيا لتمديد وقف إطلاق النار، فإن الحقيقة وفقًا لهرئيل، أن إسرائيل هي التي انتهكت الاتفاق. فهي لم تلتزم بالانسحاب من محور فيلادلفيا، ولم تتوقف عن الأعمال العدائية، كما أنها غير مستعدة للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تتضمن إفراجا إضافيا عن أسرى فلسطينيين.
وبعد ساعات من إعلان مكتب نتنياهو عن رفض حماس للاتفاق، قررت إسرائيل وقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وهي خطوة، حسب هرئيل، من شأنها إثارة انتقادات دولية، خاصة مع دخول شهر رمضان. ومن المتوقع أن تتهَم إسرائيل بمحاولة "تجويع" المدنيين في القطاع، وهو ادعاء يتزايد صداه مع تنامي الغضب الدولي من تداعيات الحرب.
إعلانويرى المحلل العسكري أن الوسطاء العرب، مثل مصر وقطر، يفقدون صبرهم تجاه المماطلة الإسرائيلية. ويقول إن "مصر غاضبة بسبب الإخلال بالالتزام بشأن محور فيلادلفيا الذي توليه أهمية كبيرة لمصالحها. ويبدو أيضا أن القطريين بدؤوا يشعرون بالملل من مهمة الوساطة برمتها".
وفي المقابل، يشير المحلل العسكري إلى قوة الدفع التي تقدمها إدارة ترامب لحكومة نتنياهو، من خلال الاقتراح الذي قدمه المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف لتمديد وقف إطلاق النار حتى 19 أبريل/نيسان، ليشمل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين على مرحلتين، مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين بشروط لم تُحدد بعد.
الجيش سيتكبد خسائر فادحةوفيما يعتبر أن محاولة دفع حركة حماس لرفض المقترح منحت نتنياهو ذريعة إضافية لاستئناف العمليات العسكرية، فإنه يسلط الضوء في المقابل على أن عودة القتال ستكون على حساب حياة الأسرى الإسرائيليين، الذين سيظل بعضهم محتجزا في أنفاق غزة لفترة أطول، بينما قد يُقتل آخرون خلال العمليات العسكرية.
كما يلفت الانتباه إلى حقيقة مهمة، وهي أن الجيش الإسرائيلي قد يتكبد خسائر كبيرة إن أعاد شن الحرب، إذ يُعتقد أن حماس استغلت فترة الهدنة لتعزيز دفاعاتها وتجهيز قواتها.
ويقول هرئيل في هذا السياق "إن الطموحات الإمبريالية التي أشعلها ترامب في نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين تتعارض مع قضية أخرى، هي أن الجيش الإسرائيلي أصغر حجما من أن يتحمل عبء المهام والجبهات التي يجري النظر فيها الآن. وينبغي لأي شخص يفكر في الاستيلاء على أراض إضافية واستئناف القتال على جبهات إضافية أن يأخذ في الاعتبار أيضا القيود المفروضة على ترتيب قوات جيش الدفاع الإسرائيلي".
ويضيف "بعد القتلى والجرحى والأضرار النفسية التي عانى منها الجيش خلال 16 شهرا من الحرب، فإنه يفتقر إلى القوة البشرية التي تعادل لواءين. وهذا قبل أن نبدأ الحديث عن الأزمة الهائلة التي تعيشها وحدات الاحتياط، التي كان أفرادها يتعاملون مع حجم عمل غير مسبوق خلال هذه الفترة.
إعلان مقامرة بالجيش والأسرىوبالإضافة إلى الحسابات العسكرية، يبدو أن لنتنياهو اعتبارات سياسية داخلية تدفعه نحو التصعيد. فهو يسعى إلى تمرير ميزانية الدولة دون أزمات، وإنهاء الدورة الشتوية للكنيست دون انهيار حكومته، خاصة مع تزايد الضغوط من التيار الصهيوني الديني الذي يحاول فرض إملاءاته على إدارة الحرب.
ووفقًا لهرئيل، فإنه على الرغم من معارضة بعض العائلات الإسرائيلية التي تحتجز حماس أبناءها، فإن حكومة نتنياهو مستعدة للمضي قدما في هذه السياسة المغامِرة، كما أن حزب الليكود وحلفاءه يقدمون هذه السياسة لجمهورهم على أنها لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل، حيث لم تعد الدولة تتردد في اتخاذ خطوات هجومية، حتى لو أدى ذلك إلى السيطرة على مزيد من الأراضي الفلسطينية.
كما يرى المحلل العسكري أن "أي عملية عسكرية جديدة في غزة ستؤدي إلى تصعيد أوسع، قد تشمل حزب الله في لبنان، الذي لوح بتوسيع نطاق المواجهة إذا استمرت الاعتداءات الإسرائيلية. كما أن التوتر في الضفة الغربية يتزايد، مع تصاعد عمليات الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، مما يرفع مستوى الغليان في الأراضي المحتلة".
ومن ناحية أخرى، يتساءل هرئيل عن تأثير السياسات الإسرائيلية على مصداقيتها في المنطقة، حيث تعمل في غزة أو لبنان دون اعتبار للاتفاقات السابقة، ولا يزال الجيش الإسرائيلي متمركزا في 5 نقاط داخل لبنان، بدعم أميركي، رغم الجدول الزمني المحدد للانسحاب.
أما في سوريا، فيشير هرئيل إلى أن إسرائيل استغلت انهيار النظام السوري جزئيا في بعض المناطق للسيطرة على شريط حدودي في الجولان. ويبدو أن ترامب أعرب عن استغرابه في محادثات مع نتنياهو من عدم استغلال إسرائيل للوضع لتوسيع سيطرتها أكثر.
ويحذر المقال من أن الدعم الأميركي للاعتداءات الإسرائيلية قد لا يكون غير مشروط، خاصة إذا زادت الانتقادات داخل الكونغرس الأميركي، حيث يبدي بعض الديمقراطيين استياء متزايدا من السياسات الإسرائيلية. كما أن دولا أوروبية بدأت تلوح بفرض عقوبات اقتصادية على تل أبيب إذا استمرت الحرب وتفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة.
إعلانولذلك فهو يخلص إلى أنه، وفي ظل هذه المعطيات، فإن "قرار نتنياهو بشن الحرب يظل محفوفا بالمخاطر، ليس فقط على الصعيد العسكري، بل أيضا على مستوى علاقاته مع واشنطن ومكانة إسرائيل الدولية، التي أصبحت محل تساؤلات متزايدة في الأوساط الدبلوماسية العالمية".
كما يختم مقاله بالقول "من يريد الانطلاق في حملات جديدة فمن الأفضل له أن يستفسر مسبقا عما إذا كان الجيش والشعب يدعمانه".