من كل قلبى أتمنى أن تنجح المبادرة السعودية الخاصة بتحالف حل الدولتين، فقد كان ذلك هو الهدف الذى كافح الفلسطينيون والعرب من أجله بعد نشوء الصراع مع إسرائيل عام 1948.
الفكرة أكثر من رائعة، خاصة أنها تأتى فى وقت تحظى فيه القضية الفلسطينية باهتمام دولى كبير بسبب الحرب على غزة الأمر الذى صعدت معه على السطح قضية اقامة الدولة الفلسطينية أو تطبيق حل الدولتين باعتباره الحل الذى يقضى على جذور الصراع.
سبب التحفظ والذى يعبر عن نظرة تشاؤمية ربما لا يجب أن تسود، الشعور بغياب الإرادة الحقيقية للأطراف الفاعلة دوليًا أو حتى عربيًا، وإسرائيليًا، بالطبع لإقامة مثل تلك الدولة، وعلى هذا الأساس فكلنا أمل أن يكون ذلك الإعلان بداية حقيقية لجهود متواصلة لبلورته ووضعه موضع التطبيق، لا أن يكون مجرد خطوة تم إعلانها والسلام.
نطرح هذا الرأى لأن فكرة التحالف فى الحدود التى تم طرحها بها فكرة تحتاج إلى أفكار تجعلها قابلة للتطبيق وتحديد أليات فعالة للتنفيذ. وعلى سبيل المثال فإن السؤال الطبيعى فى مواجهة هذا الأمر هو كيف سيعمل التحالف؟ هل من خلال وفد يمثل الدول الراعية له يزور الدول المؤثرة دوليًا لعرض الفكرة والحصول على القبول بها؟ ولو حصل فماذا عن موقف الولايات المتحدة وهو معروف مسبقًا وينطلق من عدم الممانعة على أن يتم الأمر من خلال التفاوض بين الطرفين، الإسرائيلى والفلسطيني؟ ليصبح السؤال: كيف سيتم عرض الفكرة التى يتبناها التحالف على الدولة العبرية؟ هل يقوم ذلك الوفد المتخيل أو المفترض بزيارة تل أبيب لعرضها على رئيس الوزراء هناك؟ واذا كانت السعودية صاحبة المبادرة فكيف ستتواصل السعودية مع اسرائيل من أجل بحث الفكرة؟ واذا ما تم هذا التواصل بمشاركة ممثل من السعودية فى المحادثات مع اسرائيل بشأن فكرة الدولتين واقامة دولة فلسطينية وصادفت رفضًا إسرائيليًا فألا يمثل ذلك خسارة تتمثل فى أن السعودية بذلك قدمت تنازلًا ولم تحصل مقابله على شىء!
طبعًا المتابع لاهتمام السعودية بالفكرة، وموقع المملكة من تطورات الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ككل ممكن يسهل عليه تفهم الأمر. فالمملكة تصر على إقامة دولة فلسطينية، وهو أمر أكد عليه ولى العهد السعودى محمد بن سلمان 18 سبتمبر الماضى خلال افتتاحه أعمال السنة الأولى من الدورة الـ9 لمجلس الشورى وكانت كلمات الأمير واضحة، حيث قال إن المملكة لن تتوقف عن عملها الدءوب، فى سبيل قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. لكن الملاحظ أيضًا أنه تم ربط ذلك بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل!
وفى ضوء المحاذير التى أشرنا اليها فإن البعض اعتبر أن مبادرة التحالف الخاصة بإقامة الدولة الفلسطينية ربما تواجه نفس المصير الذى واجهته مبادرة الأمير عبدالله للسلام والتى لم تلق للأسف آذانًا صاغية من إسرائيل رغم أنها كانت وقتها فرصة هائلة لتل أبيب باعتبارها صادرة من دولة قيادية فى المنطقة تمثل رأس العالم السنى. فى كل الأحوال، فإن المبادرة فى مهدها، وسيتحدد مصيرها خلال الشهور المقبلة، على أمل أن تثبت تطورات المستقبل خطأ المشككين ونشهد بالفعل تطبيق حل الدولتين وعلى يد السعودية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات تحالف حل الدولتين د مصطفى عبدالرازق حل الدولتین
إقرأ أيضاً:
عبدالله بن زايد ووزيرة خارجية أستراليا يحضران توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الدولتين الصديقتين
حضر سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، ومعالي بيني وونغ وزيرة خارجية أستراليا، اليوم، التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وأستراليا، التي تستهدف الارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية إلى مستويات جديدة من النمو المشترك، وتطلق حقبة جديدة من التكامل الاقتصادي الهادف إلى تعزيز التدفقات التجارية، ودعم التعاون بين القطاع الخاص في البلدين وتسهيل تدفق الاستثمارات المتبادلة.
جرى توقيع الاتفاقية، خلال زيارة العمل التي يقوم بها سموه إلى كانبرا، ووقع الاتفاقية معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، ومعالي دون فاريل وزير التجارة والسياحة في أستراليا، وبحضور سعادة سعيد مبارك الهاجري مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية والتجارية، وسعادة الدكتور فهد عبيد التفاق سفير الدولة لدى أستراليا وعدد من المسؤولين من كلا البلدين.
وتعد هذه الاتفاقية التاريخية الأولى من نوعها التي تبرمها أستراليا مع دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتشكل إضافة مهمة لبرنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، الذي تواصل دولة الإمارات تنفيذه منذ الإعلان عنه في سبتمبر 2021.
وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وأستراليا، تعد تجسيدا للعلاقات المزدهرة والمتطورة بين البلدين الصديقين، كما تأتي انطلاقا من نهج دولة الإمارات في بناء جسور التعاون والشراكات التنموية مع الدول الصديقة والشقيقة بهدف تحقيق التنمية الشاملة والازدهار الاقتصادي المستدام وتعزيز رخاء الشعوب.
وأشار سموه إلى أن أستراليا شريك تجاري واستثماري مهم وموثوق، وتربط الدولتين علاقات راسخة وممتدة، وتسهم هذه الاتفاقية في خلق فرص جديدة للتعاون وتعزيز نمو مجتمعي الأعمال في البلدين.
ومن المتوقع أن تدفع الاتفاقية قيمة التجارة الثنائية غير النفطية إلى 15 مليار دولار سنويا بحلول عام 2032، بزيادة أكثر من 3 أضعاف مقارنة مع قيمتها عام 2023 البالغة 4.23 مليار دولار، وكذلك خفض الرسوم الجمركية على معظم السلع المتبادلة.
وتنطلق الاتفاقية بين دولة الإمارات وأستراليا من علاقات اقتصادية مزدهرة بين الدولتين، حيث بلغ حجم التجارة البينية غير النفطية 2.3 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024، بزيادة 10.1 بالمئة عن النصف الأول من عام 2023.
وتعد دولة الإمارات الشريك التجاري الأول لأستراليا في الشرق الأوسط، والعشرين حول العالم، كما التزمت الدولتان، حتى عام 2023، بمبلغ 14 مليار دولار لاقتصاديهما، بالتوازي مع عمل ما يفوق 300 شركة أسترالية في دولة الإمارات في قطاعات متنوعة تشمل البناء والخدمات المالية والزراعة والتعليم.
وتتضمن الاتفاقية بنودا مخصصة لتعزيز التعاون بين الإمارات وأستراليا في قضايا حماية البيئة، وتمكين المرأة، والشمولية إلى جانب الزراعة والنظم الغذائية المستدامة والرفق بالحيوانات.
ويمثل برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي تواصل دولة الإمارات تنفيذه ركيزة أساسية لإستراتيجية الدولة للنمو، والتي تستهدف الوصول بإجمالي قيمة التجارة إلى 4 تريليونات درهم بحلول عام 2031، ومضاعفة حجم الاقتصاد ككل ليتجاوز 800 مليار دولار بحلول عام 2030.
ومنذ انطلاق البرنامج في سبتمبر من عام 2021، غطت الاتفاقيات التي دخلت حيز التنفيذ ضمن إطاره مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية، وتشمل ما يقارب ربع سكان العالم.
كما جرى خلال زيارة العمل توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين الصديقين، تضمنت اتفاقية بشأن تشجيع وحماية الاستثمارات، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستثماري في مجال الطاقة المتجددة، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستثماري في قطاع البنية التحتية والتطوير، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستثماري في مجال مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستثماري في قطاع المعادن والتعدين، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون الاستثماري في قطاع الغذاء والزراعة.
وتستهدف الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مواصلة الارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين الإمارات وأستراليا إلى آفاق جديدة، عبر توفير المزيد من الفرص بين مجتمعي الأعمال والقطاع الخاص في الجانبين لتأسيس شراكات جديدة في القطاعات ذات الأولوية المشتركة.