فاز المرشح الجمهورى، دونالد ترامب، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، لأربع سنوات مقبلة، وجاء فوزه مبشراً بقيادة أمريكية جديدة من المرجح أن تختبر المؤسسات الديمقراطية فى الداخل والعلاقات فى الخارج.

وتجاوز الرئيس السابق العتبة الانتخابية بعد فوزه بولاية ويسكونسن المتأرجحة، وفاز بـ279 صوتاً انتخابياً مقابل 223 لـ«هاريس»، كما تقدم على منافسته بنحو 5 ملايين صوت فى الفرز الشعبى، بحسب ما جاء فى وكالة «رويترز».

وفى كلمته قال «ترامب» فى وقت مبكر من صباح أمس، أمام حشد هائل من المؤيدين بمركز مؤتمرات مقاطعة «بالم بيتش»، فى فلوريدا: «منحتنا أمريكا تفويضاً غير مسبوق وقوياً»، وذلك بعدما صعد إلى المنصة معلناً هزيمة «هاريس».

وأشار «ترامب» إلى أنّ التصويت الشعبى كان رائعاً، وأنّه شعر بالحب بين الحشد الكبير من المؤيدين الذين بدأوا الرحلة معه منذ الترشح حتى الفوز، متابعاً: «اليوم يشهد صناعة تاريخ جديد فى أمريكا، يمكن من خلاله التغلب على الصعاب، وسأعمل على إعادة أمريكا عظيمة مرة أخرى إذ أعطتنا قوة كبيرة للغاية لاستكمال الطريق».

وأضاف المرشح الجمهورى: «سنوقف الحروب ولن نبدأها، وأشكر الشعب الأمريكى على هذا الدعم الرائع، ولكننا سنحارب لأجل عائلاتكم ومستقبلكم، مع كل نفس يخرج من جسدى لن أرتاح حتى نعود مرة أخرى إلى أمريكا المزدهرة التى يستحقها أطفالنا هذا سيكون العصر الذهبى لأمريكا».

وكان «ترامب» محاطاً بعائلته أثناء كلمته فى أنصاره، بمن فى ذلك السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب وابنه «بارون»، وعقب إعلانه رئيساً لأمريكا، أكد أن جيمس دى فانس، عضو مجلس الشيوخ الأمريكى من أوهايو، سيصبح نائباً له، مستبقاً النتائج الرسمية، فيما وجَّه «فانس» الشكر للرئيس المنتحب على ثقته، وذلك خلال تجمع مؤيديه بولاية فلوريدا، معلناً أن الجميع سيحارب تحت قيادة «ترامب» من أجل كل مواطن أمريكى: «لن نتوقف أبداً عن المحاربة من أجل مستقبلكم وعائلاتكم ومستقبل أطفالكم»، مؤكداً أن الفوز يعد أعظم عودة سياسية فى تاريخ أمريكا: «سيعود للاقتصاد الأمريكى الأفضل تحت قيادة ترامب، ونشهد أفضل عودة تاريخية للولايات المتحدة الأمريكية»، متابعاً أنه يقدر الفرصة التى جعلته ينضم لـ«ترامب».

وبدا أن مسيرة «ترامب» السياسية قد انتهت بعد أن أدت مزاعمه الكاذبة بشأن تزوير الانتخابات إلى قيام حشد من أنصاره باقتحام مبنى الكونجرس الأمريكى فى 6 يناير 2021، فى محاولة فاشلة لقلب هزيمته، ولكنه اكتسح منافسيه وهزم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس من خلال الاستفادة من مخاوف الناخبين بشأن الأسعار المرتفعة وما زعمه ترامب دون دليل، من ارتفاع فى الجريمة بسبب الهجرة غير الشرعية.

فى المقابل، لم تتحدث «هاريس» إلى أنصارها الذين تجمعوا فى جامعة هوارد، وهى الجامعة التى تخرجت فيها، فيما تحدث سيدريك ريتشموند، الرئيس المشارك لحملتها، إلى الحشد لفترة وجيزة بعد منتصف الليل، قائلاً إن «هاريس» ستتحدث علناً فى وقت لاحق متابعاً: «لا يزال لدينا أصوات يجب فرزها»، فيما أكد مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأمريكى، أن المرشح الجمهورى دونالد ترامب أصبح رئيسنا المنتخب الآن، ومستعدون للعمل على تنفيذ أجندته، مضيفاً: «الجمهوريون على أهبة الاستعداد للتصرف فوراً وفقاً لأجندة الرئيس الجديد، التى تركّز على تعزيز الاقتصاد الأمريكى والأمن الداخلى، وإعادة التوازن فى العلاقات الدولية لصالح الولايات المتحدة».

وبإعلان فوز «ترامب» يصبح أول رئيس يقضى فترتين غير متتاليتين فى منصبه منذ «جروفر كليفلاند»، فى عام 1892 والثانى فقط فى التاريخ، وانتخب «ترامب» رئيساً لأول مرة فى عام 2016، بعد أن هزم وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون وتعهد بـ«جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، وخسر إعادة انتخابه أمام الرئيس بايدن فى عام 2020 أثناء جائحة فيروس كورونا العالمية، لكنه استعاد البيت الأبيض فى عام 2024 بعد حملة استمرت لنحو عامين، وتعهد بـ«جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».

وفى سياق متصل، فاز الجمهوريون بأغلبية مجلس الشيوخ الأمريكى بانتصارات فى ولايتى فرجينيا الغربية وأوهايو، بما يضمن سيطرة حزب دونالد ترامب على مجلس واحد على الأقل من مجلسى النواب والشيوخ خلال العام المقبل، بما يسمح لهم بإملاء الأجندة ومساعدة ترامب فى الوفاء بوعده بخفض الضرائب وتقييد الهجرة.

وتجرى الانتخابات الأمريكية بشكل غير مباشر، فهناك المجمع الانتخابى الذى يضم 538 صوتاً، حيث إن لكل ولاية عدداً محدداً من أصوات المجمع الانتخابى يساوى عدد ممثليها فى مجلسى النواب والشيوخ، وأى مرشح يفوز بأصوات مواطنى الولاية يقتنص كل حصتها من الأصوات، ويُستثنى من ذلك ولايتا نبراسكا ومين، فهما الوحيدتان اللتان لهما نظام خاص يسمح بتقسيم أصوات المجمع الانتخابى على المرشحين بحسب نسبة الأصوات التى يحصل عليها كل مرشح، وحتى يفوز أى مرشح بالمنصب، لا بد أن يحصل على الأغلبية المطلقة من أصوات المجمع الانتخابى، أى 270 صوتاً.

وتعليقاً على شكل الانتخابات الأمريكية التى جرت، قال الإعلامى الأمريكى مارك ألبيرت إن الانتخابات الرئاسية من أكثر الاستحقاقات المؤمّنة، بحسب مسئول فى الأمن السيبرانى، وأضاف خلال تصريحات تليفزيونية، أنه شارك فى عدة تقارير، ولا توجد أية أخطاء، متابعاً: «قد تكون هناك أمور تحدث، ولكن هذه الأمور تحدث فى الانتخابات عامة»، والانتخابات الأمريكية مُؤمَّنة بالكامل، وهناك الآلاف من المتطوعين الذين يعملون بجد للتأكد من دقة النتائج، والجميع يحصل على معلومات بشفافية، وهذا أمر رائع لا نشهده فى العديد من البلدان حول العالم.

وبشكل عام تسلط البيانات الأولية من تحليل الناخبين الذى أجرته قناة «فوكس نيوز»، عبر استطلاع شمل أكثر من 110 آلاف ناخب فى جميع أنحاء البلاد، الضوء على الديناميكيات الرئيسية للحملة، إذ توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع وهم يعتقدون أن البلاد تسير على المسار الخطأ «70%، مقارنة بـ60%»، كانوا يشعرون بهذه الطريقة قبل أربع سنوات ويبحثون عن شىء مختلف دفع معظمهم إلى الإيمان بالتغيير فى إدارة البلاد، بينما سعى حوالى 25% منهم إلى خلق اضطراب كامل وشامل.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية ترامب هاريس المجمع الانتخابى مرة أخرى فى عام

إقرأ أيضاً:

ليس على «ترامب» حرج

تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المتكررة عن رغبته فى ترحيل سكان غزة إلى مصر والأردن، تنافى الجغرافيا والتاريخ والمنطق، ولا يمكن وصفها إلا بكلمة واحدة: «هرطقات». 
واستمراراً لحالة الهذيان التى يعيشها «ترامب» منذ عودته إلى السلطة، زعم أنه أجرى أمس الأول اتصالاً مع الرئيس عبدالفتاح السيسى لبحث إمكانية تهجير الفلسطينيين إلى مصر، مضيفاً أنه على ثقة بأن مصر ستقبل هذا الأمر. وجاء الرد المصرى فوراً لنفى هذه الأكاذيب، حيث نقلت «قناة القاهرة الإخبارية» عن مصدر مصرى رفيع، أن «هذا الاتصال بين الرئيس المصرى ونظيره الأمريكى لم يحدث بالمرة». وهذا النفى القاطع، كشف افتراء الرئيس الأمريكى وشخصيته المضطربة التى تخيل له أشياء لم تحدث فى الواقع. 
إن تصريحات الرئيس الأمريكى تعبر عن مراهقة سياسية أو غرور القوة، ويتفق محللون سياسيون على أنها غير مسئولة، وليست سوى ابتزاز سياسى يصب فى مصلحة الكيان الصهيونى، حيث يفتقر «ترامب» إلى الحنكة السياسية والخبرة الدبلوماسية فى معظم قراراته إن لم يكن جميعها. بينما يصف محللون نفسيون «ترامب» استناداً إلى تصرفاته أثناء ولايته الأولى، بأنه شخص «نرجسى» يعانى البارانويا ولديه نوازع سادية ورغبة جامحة فى معاداة المجتمع. وهذا النوع من القادة يظهر على مدار التاريخ، وعلى رأسهم هتلر وستالين وموسولينى، الذين ارتكبوا فظائع تقشعر لها الأبدان سواء ضد أبناء شعوبهم أو أبناء الشعوب الأخرى. وجاء رد الرئيس الأمريكى على معاناته من اضطرابات عقلية واجتماعية، بالإعلان عن نفسه بأنه «عبقرى مستقر جداً عقلياً»، وهو رد ليس مستغرباً من الشخصيات التى تعانى من النرجسية وتعيش على تضخيم ذاتها. 
إن الرئيس الأمريكى يعيش فى كوكب آخر، لا يضع للقانون الدولى أى اعتبارات، فضلاً عن أن مقترحاته بتهجير الفلسطينيين من أرضهم غير عملية وتؤجج الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، وتعطى الكارت الأخضر لوحوش الكيان الصهيونى بالاستمرار فى إبادة الأبرياء العزل. 
تسببت تصريحات «ترامب» فى صدمة المحللين السياسيين ومنظمات حقوق الإنسان وجميع مناهضى أطماع الاحتلال فى العالم، كما أدت إلى ثورة غضب على مواقع التواصل الاجتماعى، وحالة من الغليان فى الشعوب العربية، خاصة مصر التى واجهت هذا الهراء برفض رسمى وشعبى حاسم. 
ورغم تصريحات الرئيس الأمريكى المستفزة، إلا أنها أدت إلى إعادة تأكيد الموقف المصرى الموحد تجاه حقوق الشعب الفلسطينى، حيث وقف على قلب رجل واحد رافضاً هذا الهراء بكل قوة، مسانداً للقيادة السياسية ضد أى تصريحات أو أطماع من شأنها أن تمس تراب الوطن. هذا التحرك السريع لكل أطياف المجتمع من مؤسسات ونقابات وأكاديميين وشخصيات عامة ومسئولين وبرلمانيين، يعكس نبض الشارع الذى يرفض محاولات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية. 
ختاماً، يجب على «ترامب»، ويجب على العالم أجمع، أن يدرك أن الشعب الفلسطينى له تاريخه العريق وأرضه المقدسة وحقه الأصيل ولا يمكن نفيه أو تهجيره أو إبادته، وأن مصر تدعم كل الحقوق المشروعة لهذا الشعب الذى يعانى منذ مائة عام، من خلال مطالبتها الدائمة لمجلس الأمن بتنفيذ جميع القرارات الدولية التى تؤكد حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية حتى تنعم المنطقة بالأمن والاستقرار. أما التصريحات الهوجاء عن تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم وتوطينهم فى مصر أو الأردن، فليست سوى كلام فى الهواء لن يكون له أى صدى فى الواقع أو على الأرض.

مقالات مشابهة

  • مشهد العودة
  • شكرًا ترامب
  • «ترامب».. لا بد منه!
  • الرئيس السيسي يعزى ترامب والشعب الأمريكى فى ضحايا تحطم طائرتين بواشنطن
  • الرئيس السيسى يعزى ترامب والشعب الأمريكى فى ضحايا تحطم طائرتين بواشنطن
  • من مستر بيست إلى إيلون ماسك.. من هو المرشح لشراء تيك توك؟
  • أمين الشعب الجمهوري بالجيزة: تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين تخالف القانون الدولي
  • ليس على «ترامب» حرج
  • رئيس «برلمانية الشعب الجمهوري»: مصر تحبط مخطط أمريكا لتهجير الفلسطينيين
  • الرجل الاستثناء.. السيسي يحظى بدعم شعبي غير مسبوق بسبب موقفه من غزة