المرشح الجمهوري ترامب: أمريكا منحتنا تفويضا قويا وغير مسبوق
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
فاز المرشح الجمهورى، دونالد ترامب، برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، لأربع سنوات مقبلة، وجاء فوزه مبشراً بقيادة أمريكية جديدة من المرجح أن تختبر المؤسسات الديمقراطية فى الداخل والعلاقات فى الخارج.
وتجاوز الرئيس السابق العتبة الانتخابية بعد فوزه بولاية ويسكونسن المتأرجحة، وفاز بـ279 صوتاً انتخابياً مقابل 223 لـ«هاريس»، كما تقدم على منافسته بنحو 5 ملايين صوت فى الفرز الشعبى، بحسب ما جاء فى وكالة «رويترز».
وفى كلمته قال «ترامب» فى وقت مبكر من صباح أمس، أمام حشد هائل من المؤيدين بمركز مؤتمرات مقاطعة «بالم بيتش»، فى فلوريدا: «منحتنا أمريكا تفويضاً غير مسبوق وقوياً»، وذلك بعدما صعد إلى المنصة معلناً هزيمة «هاريس».
وأشار «ترامب» إلى أنّ التصويت الشعبى كان رائعاً، وأنّه شعر بالحب بين الحشد الكبير من المؤيدين الذين بدأوا الرحلة معه منذ الترشح حتى الفوز، متابعاً: «اليوم يشهد صناعة تاريخ جديد فى أمريكا، يمكن من خلاله التغلب على الصعاب، وسأعمل على إعادة أمريكا عظيمة مرة أخرى إذ أعطتنا قوة كبيرة للغاية لاستكمال الطريق».
وأضاف المرشح الجمهورى: «سنوقف الحروب ولن نبدأها، وأشكر الشعب الأمريكى على هذا الدعم الرائع، ولكننا سنحارب لأجل عائلاتكم ومستقبلكم، مع كل نفس يخرج من جسدى لن أرتاح حتى نعود مرة أخرى إلى أمريكا المزدهرة التى يستحقها أطفالنا هذا سيكون العصر الذهبى لأمريكا».
وكان «ترامب» محاطاً بعائلته أثناء كلمته فى أنصاره، بمن فى ذلك السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب وابنه «بارون»، وعقب إعلانه رئيساً لأمريكا، أكد أن جيمس دى فانس، عضو مجلس الشيوخ الأمريكى من أوهايو، سيصبح نائباً له، مستبقاً النتائج الرسمية، فيما وجَّه «فانس» الشكر للرئيس المنتحب على ثقته، وذلك خلال تجمع مؤيديه بولاية فلوريدا، معلناً أن الجميع سيحارب تحت قيادة «ترامب» من أجل كل مواطن أمريكى: «لن نتوقف أبداً عن المحاربة من أجل مستقبلكم وعائلاتكم ومستقبل أطفالكم»، مؤكداً أن الفوز يعد أعظم عودة سياسية فى تاريخ أمريكا: «سيعود للاقتصاد الأمريكى الأفضل تحت قيادة ترامب، ونشهد أفضل عودة تاريخية للولايات المتحدة الأمريكية»، متابعاً أنه يقدر الفرصة التى جعلته ينضم لـ«ترامب».
وبدا أن مسيرة «ترامب» السياسية قد انتهت بعد أن أدت مزاعمه الكاذبة بشأن تزوير الانتخابات إلى قيام حشد من أنصاره باقتحام مبنى الكونجرس الأمريكى فى 6 يناير 2021، فى محاولة فاشلة لقلب هزيمته، ولكنه اكتسح منافسيه وهزم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس من خلال الاستفادة من مخاوف الناخبين بشأن الأسعار المرتفعة وما زعمه ترامب دون دليل، من ارتفاع فى الجريمة بسبب الهجرة غير الشرعية.
فى المقابل، لم تتحدث «هاريس» إلى أنصارها الذين تجمعوا فى جامعة هوارد، وهى الجامعة التى تخرجت فيها، فيما تحدث سيدريك ريتشموند، الرئيس المشارك لحملتها، إلى الحشد لفترة وجيزة بعد منتصف الليل، قائلاً إن «هاريس» ستتحدث علناً فى وقت لاحق متابعاً: «لا يزال لدينا أصوات يجب فرزها»، فيما أكد مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأمريكى، أن المرشح الجمهورى دونالد ترامب أصبح رئيسنا المنتخب الآن، ومستعدون للعمل على تنفيذ أجندته، مضيفاً: «الجمهوريون على أهبة الاستعداد للتصرف فوراً وفقاً لأجندة الرئيس الجديد، التى تركّز على تعزيز الاقتصاد الأمريكى والأمن الداخلى، وإعادة التوازن فى العلاقات الدولية لصالح الولايات المتحدة».
وبإعلان فوز «ترامب» يصبح أول رئيس يقضى فترتين غير متتاليتين فى منصبه منذ «جروفر كليفلاند»، فى عام 1892 والثانى فقط فى التاريخ، وانتخب «ترامب» رئيساً لأول مرة فى عام 2016، بعد أن هزم وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون وتعهد بـ«جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، وخسر إعادة انتخابه أمام الرئيس بايدن فى عام 2020 أثناء جائحة فيروس كورونا العالمية، لكنه استعاد البيت الأبيض فى عام 2024 بعد حملة استمرت لنحو عامين، وتعهد بـ«جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».
وفى سياق متصل، فاز الجمهوريون بأغلبية مجلس الشيوخ الأمريكى بانتصارات فى ولايتى فرجينيا الغربية وأوهايو، بما يضمن سيطرة حزب دونالد ترامب على مجلس واحد على الأقل من مجلسى النواب والشيوخ خلال العام المقبل، بما يسمح لهم بإملاء الأجندة ومساعدة ترامب فى الوفاء بوعده بخفض الضرائب وتقييد الهجرة.
وتجرى الانتخابات الأمريكية بشكل غير مباشر، فهناك المجمع الانتخابى الذى يضم 538 صوتاً، حيث إن لكل ولاية عدداً محدداً من أصوات المجمع الانتخابى يساوى عدد ممثليها فى مجلسى النواب والشيوخ، وأى مرشح يفوز بأصوات مواطنى الولاية يقتنص كل حصتها من الأصوات، ويُستثنى من ذلك ولايتا نبراسكا ومين، فهما الوحيدتان اللتان لهما نظام خاص يسمح بتقسيم أصوات المجمع الانتخابى على المرشحين بحسب نسبة الأصوات التى يحصل عليها كل مرشح، وحتى يفوز أى مرشح بالمنصب، لا بد أن يحصل على الأغلبية المطلقة من أصوات المجمع الانتخابى، أى 270 صوتاً.
وتعليقاً على شكل الانتخابات الأمريكية التى جرت، قال الإعلامى الأمريكى مارك ألبيرت إن الانتخابات الرئاسية من أكثر الاستحقاقات المؤمّنة، بحسب مسئول فى الأمن السيبرانى، وأضاف خلال تصريحات تليفزيونية، أنه شارك فى عدة تقارير، ولا توجد أية أخطاء، متابعاً: «قد تكون هناك أمور تحدث، ولكن هذه الأمور تحدث فى الانتخابات عامة»، والانتخابات الأمريكية مُؤمَّنة بالكامل، وهناك الآلاف من المتطوعين الذين يعملون بجد للتأكد من دقة النتائج، والجميع يحصل على معلومات بشفافية، وهذا أمر رائع لا نشهده فى العديد من البلدان حول العالم.
وبشكل عام تسلط البيانات الأولية من تحليل الناخبين الذى أجرته قناة «فوكس نيوز»، عبر استطلاع شمل أكثر من 110 آلاف ناخب فى جميع أنحاء البلاد، الضوء على الديناميكيات الرئيسية للحملة، إذ توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع وهم يعتقدون أن البلاد تسير على المسار الخطأ «70%، مقارنة بـ60%»، كانوا يشعرون بهذه الطريقة قبل أربع سنوات ويبحثون عن شىء مختلف دفع معظمهم إلى الإيمان بالتغيير فى إدارة البلاد، بينما سعى حوالى 25% منهم إلى خلق اضطراب كامل وشامل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية ترامب هاريس المجمع الانتخابى مرة أخرى فى عام
إقرأ أيضاً:
أمريكا بين الذكريات والبحث عن الذات
إذا اعتبرنا ما يسير فيه ترامب أمريكا هي حروب تجارية اقتصادية تتداخل مع العسكرية، فهذا يطرح سؤالاً له أهميته والأهم في حقيقة ومصداقية الإجابة عليه..
السؤال هو: هل يريد ترامب من خلال هذا التصعيد غير المسبوق للحرب الاقتصادية التجارية حل مشكلة أو مشاكل مستعصية أو معقدة في الداخل الأمريكي، أم أنها فقط في إطار التنافس واستهداف المنافسين لأمريكا تجارياً واقتصاديا؟..
الإجابة من خلال تتبع الأحداث هي وجود مشاكل داخلية متراكمة ومعقدة، ولكن أمريكا تحتاج إلى أن تحارب كل العالم لتتمكن من حلها وفق نظرية ترامب وما وراءه ومن وراءه..
أمريكا في هذا السياق تريد حروباً عالمية وتشن حروباً على العالم كحلحلة مشاكلها وفق هذا التصور، ولكنها لا تريد حرباً عالمية نووية..
ومن هذا المفهوم الأمريكي فالسلام بالنسبة لأمريكا هو في شن وتأجيح حروب في أنحاء العالم ولكن دون الوصول لحرب نووية عالمية، ولهذا فأمريكا في تعاملها مع الحالة الأوكرانية بما يجنب أو يمنع الحرب النووية..
إذا أوكرانيا يرتبط بما يحدث فيها أمن روسيا القومي فروسيا ستسير في هذه الحرب حتى لو اضطرتها لاستعمال النووي..
هذا يعني أن أمريكا التي تتشدد وتتوسع في مسألة أمنها القومي وتعتبر غزوها للعراق وأفغانستان إنما لحماية أمنها فهي ترفض حق الآخرين فيما يتصل بأمنهم القومي، كما حالة روسيا مع أوكرانيا..
إذا أمريكا شنت الحرب على العراق لحماية أمنها فإيران هي بداهة بوابة الأمن القومي الصيني الأهم، فلماذا لا تراعي أمريكا حاجيات حيوية للأمن القومي الصيني وهي تهدد بحرب على إيران وتكرر تجربة أوكرانيا التي يتبرأ منها ترامب؟..
وهكذا ففلسفة أمريكا جوهرها نشر وتأجيح حروب في العالم تحت سقف النووي وهي قبل وبعد «ترامب» ستظل تقدم نفسها حمامة وراعية سلام، وبالتالي فإن ما يطرحه «ترامب» عن سلام كلام إعلامي ليس جديداً بل تكرار للخطاب الكلامي الإعلامي المخادع لأمريكا..
كأنما عبارة «الأمن القومي» لا علاقة لكل دول العالم بها ولا حق لها في الدفاع عن أمنها القومي بإستثناء أمريكا وربطاً بها إسرائيل فقط..
فروسيا والصين مثلاً لا يحق لهما الدفاع عن أمنهما القومي بمستوى إسرائيل وليس أمريكا، فكيف ينظر لحالة إيران ربطاً بالأمن القومي الصيني مقابل الأمن القومي لإسرائيل و أمريكا ومن الأحق بداهة و بمجرد العين المجردة..
فكيف لـ«ترامب» الذي يحب السلام ولا يريد الحروب ـ وفق زعمه ـ أن يشن حرباً على اليمن و يهدد إيران بحرب أكبر وأوسع، وكيف يفكرّ في حق الصين بل وروسيا في أمنهما القومي وهو الأحق وعين الحق في مقابل التمطيط والتفصيل للأمن القومي على أمريكا وإسرائيل؟..
إذا أمريكا لا تحترم الحد الأدنى من احترام حق دول عظمى في أمنها القومي، كما الصين وروسيا ربطاً بإيران – فهي بهذا تدفع العالم إلى حرب عالمية حتى لو كانت صادقة في أنها لا تريدها..
أريد من خلال كل هذا الوصول إلى حقيقة أن أمريكا تتخبط في حروبها الاقتصادية التجارية المتداخلة مع حروبها العسكرية وليس من حل لهذا التخبط الواضح إلا القبول بعالم متعدد الأقطاب أكثر عدالة وأكثر واقعية أو السير إلى حرب عالمية لا يستطاع فهم سقف لها أو نتائج، وصدقوني أن الكرة هي في الملعب الأمريكي فوق التذاكي والألعاب والمؤامرات..
إذا فهم ترامب وهو يتحدث عن إعادة العظمة أن يستعيد أولاً التعامل مع العالم كما في فترة الهيمنة الاستثنائية الأمريكية فهو مخطئ ويرتكب خطيئة في حق أمريكا بقدر ما هو مجرد خطأ في حق العالم، والذي يؤكد ذلك هو أن أمريكا ترامب تراهن على فصل أو عزل بين الصين وروسيا وهذا مجرد تنظير لم يعد له من صلة أو ارتباط بواقع العالم ومتغيراته القائمة والقادمة..
أمريكا تتخبط إن شنت حرباً على إيران وستظل تتخبط حتى لو تشنها، ومن أي وجه تتابع أو تقرأ أمريكا فإن جوهرها وعنوانها ليس غير التخبط والمزيد من التخبط!!.