وبدأت مرحلة الانكسار المعنوي في أوكرانيا
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
أصبحت الكلمة الأكثر استخداما في المجال السياسي الأوكراني خلال الأيام الأخيرة هي المفاوضات.
لم يكتف فشل الهجوم الأوكراني المضاد بتحويل نشاط الجيش الأوكراني من العمليات العسكرية إلى الهجمات الإرهابية على أهداف مدنية في المدن الروسية فحسب، وإنما أطلق كذلك، داخل المجتمع الأوكراني، عملية انهيار مؤلم وقاس لآمال النصر وإعادة التفكير في أفق مستقبل البلاد.
وفي الأسبوع الماضي، ظهرت سلسلة من رسائل الفيديو من عسكريين أوكرانيين يدعون إلى التخلي عن هدف استعادة جميع الأراضي الأوكرانية السابقة، التي تسيطر عليها روسيا الآن، من أجل الحفاظ على ما تبقى من الأراضي الأوكرانية الموجودة. ولسان الحال يقول إن أهم ما تبقى هو الحفاظ على دولة مستقلة.
إقرأ المزيد السعودية.. من مؤتمر السلام حول أوكرانيا إلى التأثير في الانتخابات الرئاسية الأمريكيةويناقش الخبراء الأوكرانيون هذه الفكرة بحماس، في محاولة لإقناع بعضهم البعض بأن الصراع سيتجمد في الخريف، في الوقت الذي تعهّد فيه وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا بعدم الخضوع للضغوط الغربية للتفاوض. قلة من الأوكرانيين وحدهم من حافظوا على نهج رصين، يشككون من خلاله في أن موسكو ستوافق على المفاوضات دون تحقيق الأهداف المعلنة سابقا.
في الوقت نفسه، هناك ما يدعو للشك في أن هذه الفيديوهات والمناقشات العامة حول المفاوضات قد بدأها نظام زيلينسكي نفسه بعد دفن "خطة زيلينسكي للسلام" في اجتماع جدة، (والتي تنص على الاستسلام الفعلي لروسيا وعودتها إلى حدود عام 1991).
من حيث المبدأ، لم يعد الغرب يخفي حقيقة أنه سيكون أكثر من راض عن تثبيت الوضع الراهن، لتظل أوكرانيا كيانا عدوانيا كارها للروس بشكل كبير، مستعدا لمحاربة روسيا في أي لحظة، مع تعزيز الفكرة الوطنية الرئيسية لمواجهتها وإعادة الأراضي المفقودة.
تثبيت الوضع الراهن بالنسبة لروسيا هو أمر غير مقبول على الإطلاق بطبيعة الحال، وأي مفاوضات دون تحقيق الأهداف المعلنة منذ البداية سيكون بمثابة هزيمة. وفي ظل الظروف الحالية لن يتم رفض مبادرات السلام للدول الصديقة بشكل مباشر بالطبع، ولكن لن يتم التوصل إلى أي نتيجة للمفاوضات، إذا ما قدر لها أن تبدأ فجأة، سوى بشرط استسلام كييف.
اللحن الثاني للمناقشات السياسية الذي يظهر في مقدمة المشهد السياسي في أوكرانيا الآن هو أن الغرب هو المسؤول عن فشل الهجوم الأوكراني، حيث لا يوفر ما يكفي من الأسلحة، بعد أن قام بتدريب الجنود بشكل غير صحيح، والآن يحاول الاتفاق من وراء ظهر أوكرانيا مع روسيا، ولا يرغب في تدميرها، أو في انتصار أوكرانيا على الإطلاق.
بالتوازي، وكما هو الحال في مثل هذه الحالات، يشاع أن زيلينسكي يستعد لإقالة الحكومة، ما يجعلها مسؤولة عن كل شيء، بما في ذلك فشل الهجوم. تتحدث الصحافة الأوكرانية، على أقل تقدير، عن استقالة وزير الدفاع ريزنيكوف، بوصفها قضية محسومة، بينما تصر الولايات المتحدة على تعيين امرأة كوزيرة جديدة، امتثالا للتوجهات الراهنة في الغرب للمساواة بين الجنسين. وكأن أهم ما يشغل أوكرانيا اليوم في الحرب هو قضية المساواة بين الجنسين...
ولهذا، ومن أجل حرمان المواطنين الأوكرانيين من النوم أخيرا، ظهرت دعوات المسؤولين للتعبئة الكاملة لجميع السكان الذكور في أوكرانيا من أجل إنقاذ البلاد من كارثة كاملة على الجبهة.
وتم تقديم قانون أمام البرلمان يحظر مغادرة البلاد للمراهقين من سن 16 عاما.
وخلال الأيام القليلة الماضية، أقال زيلينسكي جميع المفوضين العسكريين المسؤولين عن التعبئة، حيث تقول الرواية الرسمية أنه بسبب استياء الناس من الفساد المرعب في الوزارة، بعد أن اشترى المفوض العسكري بمدينة أوديسا، على سبيل المثال لا الحصر، سيارة ماركة "مرسيدس" بنصف مليون دولار، وفيلا في إسبانيا مقابل 4 ملايين يورو. ومع ذلك، فإن السبب الحقيقي لمثل هذه الخطوة قد يكون خطط التعبئة الشاملة على وجه التحديد، والتي لم يستطع الجهاز الفاسد الحالي التعامل معها. وتنفيذا لما أصدره زيلينسكي من أوامر بتعبئة 100 ألف جندي في الشهر، تمكن الجهاز من تعبئة 70 ألف فقط، وهو ما لا يعوض الخسائر على الجبهة.
إقرأ المزيد دعوة زيلينسكي لقمة جدة تلقي بظلال الشك على صدق تطبيع العلاقات بين الرياض ودمشقفي الوقت نفسه، قدمت وزارة الدفاع الأوكرانية زيا عسكريا جديدا للنساء، والذي سيكون، وفقا للوزارة، مريحا حتى بالنسبة للنساء الحوامل. زي عسكري للحوامل!!
كذلك يحث بعض الخبراء الأوكرانيون، برؤيتهم البعيدة، على الاستعداد لفصل الشتاء الذي سيكون أصعب من السابق، بما في ذلك بسبب إطلاق روسيا مؤخرا إنتاجا ضخما جديدا للطائرات المسيرة في تتارستان.
حتى هذا الصيف، كان المجتمع الأوكراني، وبفضل الدعاية المحلية والغربية الضخمة، واثقا تماما من النصر، والآن أصبح التأثير النفسي لانهيار الهجوم الأوكراني المضاد مثل مواجهة جدار خرساني بسرعة 100 كيلومتر في الساعة.
ومع ذلك، وفي حين أن تلك ليست سوى صدمة نفسية تكتسب زخمها، فإن المجتمع الأوكراني يشعر بالارتباك وعدم اليقين. من السابق لأوانه الحديث عن اليأس، أو أكثر من ذلك عن فقدان أوكرانيا استعدادها للمقاومة، إلا أن اتجاه مسار الأحداث واضح.
وبالنظر إلى الطريقة المترويّة لحرب الاستنزاف التي يبدو أن بوتين قد اختارها، فإن الحالة النفسية للمجتمع الأوكراني لا تقل أهمية عن اختراق الجبهة أو السيطرة على الأراضي.
ولا زال أمامنا الخريف والشتاء وضربات جديدة ضد البنى التحتية الأوكرانية. انتهت صفقة الحبوب، ولم تعد التجارة البحرية الأكثر ربحية متاحة لأوكرانيا، ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية. وقد أصبحت أوكرانيا ثقبا ماليا أسودا دائم التفاقم بالنسبة للغرب، مع عدم وجود احتمالات للخروج من هذا الوضع. كما أن أوكرانيا أصبحت تولد الآن هالة من الفشل والخسارة بالنسبة للسياسيين الحاليين في الغرب، وسيزداد الأمر سوءا في العام المقبل. تنتظرنا الانتخابات الأمريكية الأهم.
بالتزامن، قللت روسيا من إهدار مواردها، وقصرت الأمر على الحفاظ على اتجاه تطور مسار الأحداث في أوكرانيا.
بل إنني لست متأكدا حتى ما إذا كنا بحاجة الآن إلى الانتقال من الدفاع الاستراتيجي إلى هجوم واسع النطاق أم لا. ربما يتم الهجوم على النحو الراهن، بانتصار روسي صغير كل يوم، وهزيمة أوكرانية صغيرة.
فسرعة عمليات التدمير الذاتي في أوكرانيا لا شك ستزيد بشكل كبير. أما العنكبوت المسجون في العلبة زيلينسكي ومعه النازيون والأوليغارشية سيتعاركون لأن الأزمة دائما ما تخلق حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل، وكل قوة سياسية ستبحث عن "طريقها إلى الخلاص".
الولايات المتحدة الأمريكية تخسر الحرب في أوكرانيا، وأصبحت المهمة الأساسية لروسيا هي منع الانتقال إلى مستوى أعلى من التصعيد، بمشاركة بولندا ودول البلطيق في الحرب، لأن هذا سيضعنا بالفعل أمام ضرورة استخدام الأسلحة النووية، كما حذر بوتين في 24 فبراير 2022. من هنا فإن فاغنر موجودون في بيلاروس، وكذلك الأسلحة النووية التكتيكية.
أعتقد، أو آمل على أقل تقدير، أن نشهد تكرارا لشتاء العام الماضي مع تقدم تدريجي للقوات الروسية، ولكن مع مزيد من الهجمات الناجحة على البنى التحتية الأوكرانية. ويبدو لي أن الربيع سيحمل معه بالفعل التفكير في تكثيف العمليات.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا ألكسندر نازاروف ألكسندر نازاروف الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا جو بايدن حلف الناتو فلاديمير بوتين فلاديمير زيلينسكي محمد بن سلمان وزارة الدفاع الروسية فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
ما قصة حرب روسيا على أوكرانيا مع مدرب مارسيليا
أكد الإيطالي روبرتو دي زيربي مدرب مارسيليا بقاءه مع فريق الجنوب الفرنسي بطريقة غريبة تكشف عن قوة شخصيته، وذلك على الرغم من انزعاجه من النتائج المسجلة هذا الموسم.
ويحتل مارسيليا المركز الثالث في جدول ترتيب الدوري الفرنسي برصيد 20 نقطة متأخرا بفارق 12 نقطة عن المتصدر باريس سان جيرمان، إذ فاز مرة واحدة في 5 مباريات خاضها الفريق على أرضه منذ بداية الموسم الجاري.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الدوري الفرنسيlist 2 of 2باركولا يُنسي جماهير سان جيرمان مبابيend of listوبدا دي زيربي منزعجا للغاية قبل فترة التوقف الدولي، خاصة أن فريقه خسر على ملعبه فيلودروم أمام ضيفه أوكسير 1-3، وعلى الرغم من ذلك أكد الإيطالي أنه لن يهرب من مسؤولياته.
وقال الإيطالي في المؤتمر الصحفي الذي يسبق مباراة مارسيليا ولانس في "الليغ 1" "أنا مؤمن بقدرات الفريق واللاعبين الذين أدربهم، لذا لن أستقيل أو أهرب، في الحقيقة لن أذهب إلى أي مكان آخر".
وأشار المدرب البالغ من العمر 45 عاما إلى أنه شخص لا يخاف مهما كانت الظروف قائلا "إذا كان أي منكم يعتقد أنني أريد الاستقالة أو الهروب فليخرج وليقل ذلك، لم أهرب من شاختار دونيتسك عندما ألقى بوتين (الرئيس الروسي) قنابله على كييف، وبالتالي لن أهرب من هنا".
???? "Je n'ai pas fui du Shakhtar même quand Poutine a lancé ses bombes à Kiev, et je ne fuirai pas ici." pic.twitter.com/vW67BiRYlH
— RMC Sport (@RMCsport) November 22, 2024
وسبق لدي زيربي أن أشرف على تدريب شاختار الأوكراني في الفترة بين مايو/أيار 2021 حتى يوليو/تموز من العام التالي، وقاد الفريق للظفر بكأس السوبر المحلي.
وعن أداء مارسيليا منذ بداية موسم 2024-2025 أضاف المدرب "لا أستطيع أن أجعل فريقي يلعب على أرضه كما يفعل بعيدا عنها، أنا شخص صريح وقد قلت ذلك لمهدي بن عطية (المدير الرياضي) ولبابلو لونغوريا (رئيس النادي)".
وأضاف الفني الإيطالي "إذا كنت أنا المشكلة فأنا مستعد للتنازل عن عقدي على الفور وسأرحل دون الحصول على المال، لا يهمني ذلك".
ويملك مارسيليا فرصة تقليص الفارق مع باريس سان جيرمان إلى 9 نقاط، لكن قبل ذلك يتعين عليه الفوز على لانس في المباراة المقررة اليوم السبت على ملعب بوليرت ديليليس ضمن الجولة الـ12 من الدوري الفرنسي.
View this post on InstagramA post shared by OM | Olympique de Marseille (@olympiquedemarseille)
وحسب صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، ستكون هذه المباراة مهمة للغاية لمارسيليا لكنها ليست حاسمة، فالفريق يبتعد عن موناكو الثاني بفارق 6 نقاط (ستتقلص إلى 3 في حال الفوز على لانس).
وعن ذلك، قال دي زيربي "إنها مباراة من 3 نقاط وليس 12، نحن نعرف ما يتعين علينا القيام به من أجل تقديم مباراة جيدة ومحو أخطائنا السابقة، إنها مباراة مهمة بهدف تقديم أداء جيد وتحقيق الفوز".
واستلم دي زيربي مهمة تدريب مارسيليا قبل بداية الموسم الجاري، وقد وقّع معه عقدا يبقيه مع فريق الجنوب الفرنسي حتى يونيو/حزيران 2027.