بعد فوز الحزب الجمهوري بانتخابات الكونغرس الأخيرة وسيطرته على مجلسي الشيوخ والنواب، يبدو أن الولايات المتحدة تستعد لدخول مرحلة سياسية جديدة، تتسم بتعزيز نفوذ الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي أصبح الصوت الجمهوري الأقوى، مع هذه الهيمنة السياسية، تُطرح تساؤلات عدة حول التأثيرات المتوقعة على السياسات الداخلية والخارجية للبلاد، فهل سنشهد حقبة من "انفراد ترامب بالقرار بالسلطة".

ماذا بعد فوز ترامب وسيطرة الجمهوريين في الانتخابات الأمريكية؟

أولًا: السياسة الداخلية

الحد من طموحات مجتمع "الميم": توجهات الحزب الجمهوري تتميز بميول محافظة تقف غالبًا ضد تعزيز حقوق مجتمع "الميم"، ومن المتوقع أن يسعى ترامب وحلفاؤه في الكونغرس للحد من إصدار قوانين جديدة تعزز من حقوق هذه الفئات، وهو ما قد يُرضي شريحة من الجمهوريين لكنه قد يثير جدلاً واسعًا بين الأمريكيين.

إجراءات صارمة ضد الهجرة: الهجرة كانت دومًا من المواضيع المحورية في أجندة ترامب، ومن المتوقع أن يشدد الجمهوريون على وضع قوانين صارمة تستهدف المهاجرين غير الشرعيين، بما في ذلك إجراءات لإغلاق الحدود وتشديد الأمن عليها، هذه الخطوة تلقى ترحيبًا من أنصار الحزب، لكنها قد تواجه انتقادات لكونها تتعارض مع حقوق الإنسان.

تصاعد العنصرية ضد الأقليات: من المتوقع أن تزداد حدة التوترات العرقية، خاصةً مع تصاعد الخطاب العنصري ضد العرب والمسلمين وبعض الأقليات، الجمهوريون قد يجدون في هذا الطرح وسيلة لتعزيز دعم قاعدة متشددة، لكن ذلك سيفاقم من مشاكل التمييز الاجتماعي ويزيد من الانقسام.

حماية السوق الأمريكي من المنافسة الصينية: الرئيس ترامب معروف بموقفه الحاد تجاه الصين، ومن المتوقع أن يدفع الجمهوريون نحو سياسات حمائية، تهدف إلى تقليل الاعتماد على البضائع الصينية وتشجيع التصنيع المحلي. لكن قد يكون لهذا القرار تأثيرًا سلبيًا على الأسعار، إذ يمكن أن يؤدي لزيادة تكاليف السلع الأساسية.

إعادة التصنيع الأمريكي: ترامب يهدف لإعادة الوظائف الأمريكية إلى الأراضي المحلية، وقد يفرض سياسات تجبر الشركات الأمريكية على العودة من الصين وتوسيع القاعدة الصناعية في الداخل الأمريكي. هذا التوجه قد يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي.

ثانيًا: السياسة الخارجية

إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية: بعض المؤشرات تشير إلى أن ترامب يسعى لاستغلال نفوذه في تسوية النزاع الروسي الأوكراني، وربما يضغط الجمهوريون من أجل توقيع اتفاق سلام يُنهي هذه الأزمة، بهدف تقليل الإنفاق العسكري وضبط سياسات أمريكا في أوروبا الشرقية.

دعم مطلق لإسرائيل: التوجه الجمهوري يعزز الدعم المطلق لإسرائيل، ومن المتوقع أن يتصاعد هذا الدعم ليشمل مساعيها التوسعية، بما في ذلك نقل الفلسطينيين خارج قطاع غزة وتوسيع سيطرتها على أراضٍ أخرى، هذه السياسات قد تثير جدلاً دوليًا واسعًا وتعزز الانقسام في منطقة الشرق الأوسط.

تحييد دور الأمم المتحدة: الهيمنة الجمهورية قد تدفع نحو تقليص دور المؤسسات الدولية، خاصةً الأمم المتحدة، ومنح الولايات المتحدة حرية اتخاذ قرارات منفردة في الساحة العالمية، هذا التحرك قد يعزز من قوة ونفوذ أمريكا ولكنه يهدد نظام التعاون الدولي القائم.

ويجب أن نأخذ في الاعتبار.. سيطرة الحزب الجمهوري على مجلسي الشيوخ والنواب تمنح ترامب قوة سياسية أكبر، إذ يمتلك الآن الأغلبية في المجلسين، مما يعزز قدرته على تمرير القوانين والقرارات التي يدعمها الجمهوريون بسهولة، ففي حال رفض أي قانون أو قرار صادر عن الرئيس، فإن إبطال ذلك يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء، وهو أمر يصعب تحقيقه مع الأغلبية الجمهورية الحالية، ما يمنح ترامب مساحة أوسع لتنفيذ أجندته السياسية دون عوائق كبيرة.

بينما يرى البعض أن سيطرة الجمهوريين هي استجابة لنبض الشارع الأمريكي الذي يطالب بإجراءات حاسمة على الصعيدين الداخلي والخارجي، إلا أن هذه السياسات قد تفتح الباب أمام تحديات جديدة، سواء على مستوى الحريات الداخلية أو في العلاقات الدولية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ومن المتوقع أن من المتوقع أن

إقرأ أيضاً:

د. مروان المعشر يكتب .. ترامب والخيارات الأردنية

#سواليف

#ترامب و #الخيارات_الأردنية

كتب.. د. #مروان_المعشر

كل من راهن على الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب لحل القضية الفلسطينية حلا مرضيا في إدارته الثانية لعله اليوم يراجع حساباته. فالتعيينات التي أعلنها ترامب لإدارته والمتعلقة بالقضية الفلسطينية تعيينات ليست آخذة في التطرف لصالح إسرائيل فقط، بل يمكن وصفها بالتلمودية. كل التعيينات التي لها علاقة بالصراع العربي الإسرائيلي من مستشار الأمن القومي لوزير الخارجية للمبعوث الخاص للشرق الأوسط للسفير الأمريكي في إسرائيل للسفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة سيشغلها أناس مغالون في ولائهم لإسرائيل وفي ازدرائهم للفلسطينيين. ولعل أوضح ما يعبر عن مواقف هؤلاء ما قاله ميك هاكابي حاكم ولاية أركنساس السابق والسفير الجديد المعين لدى إسرائيل، الذي صرح بأن أرض فلسطين أعطيت من الله للنبي إبراهيم ولذريته (اليهودية) من بعده، وأنه ليس من شعب يدعى بالفلسطينيين ولا بأرض تدعى بالضفة الغربية، بل هي يهودا والسامرة المفترض أن تكون أرض إسرائيل.
ماذا يعني هذا؟ ليس هناك إلا تفسير واحد لهذا الموقف، فبعد أن كنا نتخوف من ضم المنطقة ج في الضفة الغربية من قبل إسرائيل، خرج وزير المالية الإسرائيلي سموترتش ليعلن بعد ساعات من القمة العربية الإسلامية أن العام 2025 سيكون عام ضم الضفة الغربية لإسرائيل. ولا يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستعارض ذلك. بل إن صفقة القرن التي تدعو لدولة فلسطينية مجزوءة ومحاطة من إسرائيل من كافة الجوانب لم تعد مقبولة من إسرائيل، التي باتت تعتبر أي دولة فلسطينية «مكافأة للإرهاب». وحتى ترامب، صاحب فكرة «صفقة القرن» صرح مؤخرا بأنه لم يعد يؤمن بحل الدولتين، وأنه يعتقد أن حدود إسرائيل الحالية صغيرة.
خلاصة القول إن ضم الضفة الغربية لإسرائيل بات محتملا في ظل تناغم الإدارة الأمريكية الجديدة والحكومة الإسرائيلية المتطرفة. وبطبيعة الحل، لا تتحدث إسرائيل عن ضم الأرض والسكان، لأن ذلك يعظم عدد الفلسطينيين في دولة إسرائيل، فالحديث هنا عن ضم الأرض فقط. ماذا سيحل بالسكان عندئذ؟ يخشى الجانب الفلسطيني أن هدف إسرائيل هو طرد أكبر عدد من السكان وتفريغ الأرض الفلسطينية من أصحابها. ويخشى الأردن أيضا أن موضوع التهجير ومحاولة حل القضية على حسابه بات اليوم احتمالا قويا بعد أن كان يعتقد في الماضي أن معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية قد أنهت هذا السيناريو.

مقالات ذات صلة “يديعوت أحرونوت”: حماس استعادت قدراتها العسكرية وعدم إجراء صفقة تبادل يضر بأهداف الحرب 2024/11/21

التعيينات التي أعلنها ترامب لإدارته والمتعلقة بالقضية الفلسطينية تعيينات ليست آخذة في التطرف لصالح إسرائيل فقط، بل يمكن وصفها بالتلمودية

ما هي الخيارات الأردنية اليوم لمجابهة هذه الاحتمالات؟ ندرك بالطبع أن الأردن لا يستطيع وحده مجابهة هذه المحاولات لتصفية القضية الفلسطينية، ولكن لا بد من خطة واضحة لفعل المستطاع.
أعتقد أن الخطوة الأولى تكمن في وضع الخلافات الداخلية بين مختلف مكونات المجتمع الأردني السياسية جانبا، وإدراك أن الهدف الأساسي اليوم هو مجابهة هذه السياسات الأمريكية والإسرائيلية بحصافة وتعقل وتوافق وطني. وهو ما يدعو لحوار وطني جاد ومعمق، وذلك لتوسيع دائرة التشاور لدى صانع القرار، ولإدراك كل مكونات المجتمع لعمق التحديات التي ستواجه الأردن والاتفاق على كيفية التعامل معها. ليس هناك من جهة تستطيع اليوم أن تدعي أنها تفهم التحولات الخطيرة التي تجري في المجتمع الأمريكي أو أن لديها كافة الأجوبة لكافة الأسئلة. هناك حاجة ملحة لتضافر كل الجهود من خلال حوار وطني بات ضرورة وليس ترفا.
من الضرورة بمكان اليوم اعتماد سياسة جديدة تعرف كيف تتعامل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وهذا ليس بالأمر الهين، فمعظم أركان هذه الإدارة جدد ولا يعرفهم الأردن جيدا. علينا تبيان مخاطر الضم ليس فقط على الجانب الفلسطيني، بل أيضا على الأردن. من أجل ذلك، يجب تكثيف الاتصالات مع أصدقاء الأردن وخاصة في الكونغرس ومراكز صنع القرار الأمريكي لشرح المخاوف الأردنية وأثر هذه السياسات المدمرة عليه. وإفهام الجميع بأن ضم الضفة الغربية يعني نظام فصل عنصري علني لن يقبل به العالم في النهاية. يعني ذلك تعزيز دور السفارة الأردنية في واشنطن التي سيترتب عليها جهد مضاعف للوصول إلى أكبر عدد من أركان الإدارة الجديدة والكونغرس من جمهوريين وديمقراطيين وأصدقاء الأردن داخل وخارج الإدارة.
صحيح أن ليس هناك موقف عربي موحد اليوم من القضية الفلسطينية، وصحيح أيضا أن الأولويات العربية تختلف اليوم باختلاف الدول العربية نفسها، لكن ذلك لا يجب أن يمنع، وبالرغم كل العقبات العلنية وغير العلنية، أن يكثف الأردن من اتصالاته مع عدد من الدول العربية التي قد تلعب أدوارا مهمة في المرحلة القادمة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة، إضافة بالطبع للسلطة الوطنية الفلسطينية. من الضروري بمكان محاولة الوصول لحد أدنى من التوافق لمواجهة أي سيناريو محتمل لضم إسرائيل للضفة الغربية، مع الإقرار بصعوبة ذلك.
يواجه الأردن اليوم كما يواجه الفلسطينيون تحديات وجودية. ولكن وبالرغم من صعوبة المشهد، لا يملك الأردن أن يقف متفرجا بينما تواصل إسرائيل سياسة ضمها للأراضي الفلسطينية وبمباركة أمريكية علنية. يتطلب ذلك سياسة حصيفة، وصفها جلالة الملك عبدالله الثاني خير وصف حين قال إن الأردن «دولة راسخة الهوية لا تغامر بمستقبلها» وفي الوقت نفسه إن «مستقبل الأردن لن يكون خاضعا لسياسات لا تلبي مصالحه أو تخرج عن مبادئه». إن التوفيق بين هذين الهدفين مسؤولية كافة الأردنيين والأردنيات اليوم، بما يعني الحاجة لانفتاح داخلي جاد ومستدام.

وزير الخارجية الأردني الأسبق

مقالات مشابهة

  • ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف «الناتو» في فلوريدا؟
  • عادل حمودة يكتب: سفير ترامب الجديد فى إسرائيل.. لا شىء اسمه فلسطين
  • عبدالمنعم سعيد: الحزب الجمهوري الحالي ينحاز بشكل مطلق لإسرائيل
  • عبدالمنعم سعيد: الحزب الجمهوري حاليا ينحاز بشكل مطلق لإسرائيل
  • ماذا دار خلال اجتماع ترامب وأمين عام حلف الناتو في فلوريدا؟
  • ماذا تعرف عن "قانون لاهاي" الأمريكي وهل ينقذ ترامب نتنياهو من السجن؟
  • ماذا طلب رئيس حزب الشعب الجمهوري من رئيس الاستخبارات التركية؟
  • معضلات «إعادة أمريكا عظيمة» عالمياً
  • سان مارينو المنتخب الأسوأ عالميا يكتب التاريخ في دوري الأمم الأوروبية
  • د. مروان المعشر يكتب .. ترامب والخيارات الأردنية