عبد السلام فاروق يكتب: ترامب يعود
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
ها هي نتائج الانتخابات الأمريكية شبه محسومة لصالح ترامب، فيما خالَف آخر استطلاعات للرأي قبيل الاقتراع.
كان هناك استقطاب حاد، وكان هناك تحفز. والجيش نشر قواته حول بعض المؤسسات لحمايتها، وكانت هناك تهديدات مزيفة بتفجير بعض مراكز الاقتراع. إلا أن كل هذا هدأ وانتهي بمجرد ظهور النتائج الأولية بفوز ترامب. عدة وكالات أنباء أمريكية محلية خرجت لتعلن فوز ترامب وهي سعيدة بهذه النتيجة!
ثمة حالة ارتياح عامة في أمريكا بعد حالة من التحفز والقلق جراء تهديد أنصار ترامب باستخدام العنف لو حدث تزوير.
تلك الانتخابات شهدت أكبر حجم إقبال في تاريخ أمريكا كله. وهو إقبال جاء لصالح الجمهوريين الذين بدا أنهم أنفقوا أفضل على حملتهم الانتخابية، وأتقنوا فن الدعاية، واستطاعوا بالفعل كسب تأييد قطاعات كبيرة ممن تم استقطابهم لصالح هذا الحزب أو ذاك.
ها هو ترامب يعود. فكيف فاز؟ وماذا سيفعل؟ وهل يكون ترامب اليوم مثل ترامب الأمس؟!
كيف فاز
كما فعلها أمام "هيلاري كلينتون سابقاً، ربح الآن بخلاف التوقعات، وبنتيجة مريحة للغاية!
والحقيقة أن النتائج بالفعل عجيبة: أولاً: لأن يهود نيويورك لم يصوتوا لصالحه، وبعض يهود الولايات الأخرى صوتوا ضده. في الوقت الذي بدا أن الأصوات التي رجحت كفته في الولايات المتأرجحة كانت أصوات العرب والمسلمين. فكيف حدث هذا؟
لقد كان أداء إدارة بايدن المنحاز تماماً لإسرائيل في حربها على غزة عاملاً رئيسياً في بغض هذه الإدارة، حتى لو كانت كامالا هاريس هي المعبرة عن هذه الإدارة. وحتى لو أنها جاءت في أواخر حملتها الانتخابية لتعد ناخبيها أنها ستوقف الحرب في غزة، فلماذا لم توقفها خلال الـ 13 شهراً الماضية؟!
والحق أن اختيار الحزب الديمقراطي لهاريس كان خاطئاً من البداية لسببين: أولهما أنها تمثل إدارة بايدن الذي انسحب من السباق الرئاسي بسبب انخفاض شعبيته، والثاني: أنها بلا شعبية حقيقية امام غول السياسة والاقتصاد ترامب. بينما لو كان الحزب الديمقراطي اختار "هيلاري كلينتون مثلاً لتمثيله، فكان سيستفيد بأنها لا تمثل إدارة بايدن، وأنها بيضاء البشرة، والأهم أنها بالفعل استطاعت خلال انتخابات 2016 أن تتفوق على ترامب في التصويت الشعبي، وإن خسرت أصوات المجمع الانتخابي، فكانت فرصها أقوي كثيراً من هاريس. ولهذا فإن ترامب أعلن مبكراً أنه سيفوز في الانتخابات بمجرد علمه أن هاريس هي المرشحة ضده. لأنه يعلم مدي قوته ومدي ضعفها.
أكثر من هذا أنه استطاع استمالة العرب والمسلمين لصفه في خطاباته، وأكثر باستغلال سوء إدارة البيت الأبيض لحرب غزة في ظل بايدن وهاريس.
ثانياً: استطاع ترامب أن يستميل الأقليات، وبخاصة المهاجرين من الدول اللاتينية. حدث هذا بالرغم من أنه سبَّ هذه الدول، فقال عنها أنها تصدِّر لهم نفايتها! ورغم هذا فإن الكثير من المهاجرين اللاتينيين منحوه أصواتهم. فكيف حدث هذا؟ هل بفعل المال السياسي، هل بفعل وعود وتطمينات أعطاها لهم في خطاباته الأخيرة؟ أم بفعل كاريزما خاصة يتمتع بها ترامب؟!
لا يمكن إنكار ما يتمتع به ترامب من كاريزما وإن كان يتمتع في الوقت نفسه بكراهية عظيمة من خصومه. وهي كاريزما تشبه ما يتمتع به مقاتلو المصارعة الحرة الذين اعتادوا السباب والتهديد. هكذا كان ترامب بطلاً في أنظار بعض الأمريكيين ممن ينتصرون للأقوي وإن كان فاسداً أو مغروراً أو سيئ الأخلاق. فكل هذا لا يهم في نظرهم، المهم أنه يكسب دائماً.
ها هو قد فاز بالرئاسة من جديد، وسيعود للبيت الأبيض. وقد عرفناه وعرفنا طريقته في إدارة الأمور. هذا الرئيس "البزنس مان". كيف سيتصرف؟ وماذا ستكون أول قراراته؟
ماذا سيفعل؟
11 شهراً تفصلنا عن تنصيب ترامب رئيساً لأمريكا. ولا أتوقع أن تكون هناك محاولة ثالثة لاغتياله، لأنه سوف يتمتع بحماية مكثفة منذ لحظة إعلان النتيجة.
وطبقاً لتصريحات ترامب نفسه فإن أول ما سيفعله فور تسلم الحكم، أنه سيحاكم بايدن بتهم مختلفة تخصه وتخص ابنه! ثم إنه سيبرئ نفسه من كل القضايا التي سبق واتهمه بها الديمقراطيون. وربما تسقط عنه كل الأحكام السابقة، فيقوم بإسقاطها بنفسه.
وأما الاقتصاد فلعبته وسوف يتمكن من جلب الأموال من كل طريق، خاصة لو استطاع تنفيذ وعوده بإيقاف الحرب الأوكرانية التي تستنزف خزائن أمريكا. وربما كان السبب الأول أن بوصلة الانتخابات اتجهت نحو ترامب هو العامل الاقتصادي في الأساس؛ لأن ترامب استطاع بالفعل تحسين معيشة الأمريكيين أثناء حكمه.
وأما موقفه من الهجرة غير الشرعية فهو موقف مُعلن ومعروف، وسوف يعود لغلق الحدود في وجه أي مهاجر وبكل السبل الممكنة. وأما موقفه من الشرق الأوسط فإنه معروف أيضاً، لأنه منحاز تماماً لإسرائيل، وقد وعدها بتوسعة خريطتها بضم الضفة الغربية وتأمين بناء مستوطنات جديدة في مناطق مختلفة.
خلال ولايته الثانية تلك. لن يكون ترامب مضطراً لمجاملة أحد، لا اليهود ولا غيرهم. لأنه لن يكون حريصاً على ولاية ثالثة لا تجوز له. لهذا سوف تكون لديه حرية مطلقة أن يفعل ما يشاء؛ وبخاصة أن المجالس النيابية والتشريعية ستكون في الغالب جمهورية تماماً، ما سوف يجعله قادراً على تمرير أي قرار مهما كان صادماً أو غريباً.
هناك دول وأفراد سعيدة بعودة ترامب، ودول أكثر تكرهه أو تخشاه. فكيف سيكون المشهد العالمي أمام عودة ترامب. وهل ستختلف الأوضاع عما سبق؟
المشهد الإقليمي والعالمي
أما في فلسطين المحتلة. فقد استبق نتنياهو الأحداث وسارع بإقالة وزير الدفاع يوآف جالانت، وقام بتعيين وزير خارجيته المحسوب على تيار اليمين المتطرف. فيما يبدو أنها حركة هجومية يستبق بها نتياهو محاولات لإزاحته. وفى الوقت نفسه يستطيع تمرير قرار استمرار الحرب رغم الضغط العالمي والمحلي لإيقافها.
لقد كان نتنياهو ينتظر لحظة وصول ترامب، لأنه الأكثر تفهماً لسياساته الدموية. ولا شك أن الفترة القادمة سيستغلها نتنياهو للتصعيد، خاصة بعد استهداف تل أبيب ومطار بن جورين تزامناً مع الانتخابات الأمريكية. فمتي سيضرب نتنياهو إيران؟ وهل تنجر المنطقة لحرب إقليمية؟ هذا ما يبدو في الأفق.
أمرٌ ثانٍ من المتوقع أن يحدث، وهو انسحاب أمريكا من جبهة أوكرانيا. وهو ما سيضع أوروبا والناتو فى مأزق. وسوف يعطي روسيا الفرصة لإنهاء اللعبة لصالحها وابتلاع أوكرانيا وربما ما هو أبعد. ولهذا فإن الرئيس الأوكراني زيلينسكي ظهر في الصورة يتملق ترامب ويمتدحه، محاولاً إثنائه عن نيته المعلنة بالانسحاب من أوكرانيا، وإنهاء الحرب على الحدود الأوروبية.
الصين أيضاً تعيد الآن حساباتها طبقاً لعودة ترامب. وفى الغالب لن تُقدم على مهاجمة تايوان، كما لن تُقدم كوريا الشمالية على مهاجمة جارتها الجنوبية. بل سوف يظلون في وضع المناورة والتهديد دون اتخاذ أي خطوة هجومية إلا في حالة شعورهم بالتهديد المباشر، وهو ما لن يحدث في ظل إدارة ترامب الاقتصادية. ربما تنشأ حروب اقتصادية بين الصين وأمريكا، لكنها لن ترقَي لمستوي الحرب المباشرة كما أتوقع.
معني هذا أن البؤرة المشتعلة الوحيدة ستكون في فلسطين المحتلة. وقد تمتد ألسنة اللهب إلى حدود إيران. وهو ما سيؤدي لاشتعال الأوضاع أكثر في عدة محاور ومضايق بحرية، بما قد يهدد خطوط الملاحة البحرية، وحركة التجارة وسلاسل الإمداد. وبما قد يؤدي لارتفاع أسعار المحروقات. الجميع الآن يعيد حساباته طبقاً لما أفرزته نتائج الانتخابات الأمريكية فجاءت بترامب رئيساً للمرة الثانية. هذا مشهد جديد قديم. وإنَّ غداً لناظره قريب.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية القطري: الانتخابات في لبنان والتغيرات في سوريا عامل رئيسي لتحقيق السلام
أكد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن انتخاب رئيس في لبنان والتطورات الأخيرة في سوريا سيكون لهما تأثير كبير على تحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وفي تصريحاته، شدد الوزير القطري على أهمية استمرار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والعمل على تنفيذ مراحله النهائية، بما في ذلك الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وأضاف أن دولة قطر تواصل مساعيها لضمان استكمال تشكيل الحكومة اللبنانية في القريب العاجل، بما يسهم في استقرار لبنان والمنطقة بشكل عام.
وأشار الوزير إلى أن دولة قطر تواصل دعمها الثابت للقوات المسلحة اللبنانية، مؤكدًا التزام بلاده بأداء واجبها تجاه الشعب اللبناني، من خلال تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في لبنان، كما أكد على أهمية تنفيذ اتفاق انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، من أجل استعادة لبنان لسيادته الكاملة.
وتطرق وزير الخارجية القطري إلى ضرورة تطبيق القرار 1701، الذي يشمل التزامات جميع الأطراف في الحفاظ على الاستقرار في لبنان ومنع خروقات إسرائيل للاتفاقات الدولية، مشددًا على رفض بلاده التعديات الإسرائيلية على الأجواء اللبنانية وخرقها لبنود اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضاف الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن قطر تسعى لتحقيق شراكة استراتيجية مع لبنان، بما يسهم في تعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات، وفيما يخص الوضع الإقليمي، أشار إلى أن المؤشرات منذ بداية العام الجاري تسير بشكل إيجابي، مع وجود أفق لتحقيق تقدم في العديد من القضايا العالقة في المنطقة.
وفي ختام تصريحاته، أكد وزير الخارجية القطري أن استقرار الشرق الأوسط يعتمد بشكل أساسي على حل قضايا المنطقة من جذورها، معتبراً أن هذا هو السبيل الأمثل لتحقيق السلام المستدام في المنطقة.
الأونروا تؤكد التزامها بمواصلة عملها رغم الضغوط الإسرائيلية
أكدت مديرة العلاقات الخارجية والإعلام في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تمارا الرفاعي، التزام الوكالة بالاستمرار في تقديم خدماتها في الأرض الفلسطينية المحتلة والدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، رغم الضغوط التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية.
وقالت الرفاعي في تصريحات صحفية، إن الأونروا ملتزمة بتنفيذ الولاية الممنوحة لها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي تفرض عليها مسؤولية تقديم الدعم والخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى سوريا ولبنان والأردن.
وأضافت أن الوكالة تواجه تحديات متزايدة، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الإسرائيلية الرامية إلى تقليص دورها أو وقف عملياتها، إلا أنها ستواصل العمل لضمان توفير الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثية للاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون عليها.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تواجه فيه الأونروا أزمات مالية وسياسية متفاقمة، مع دعوات إسرائيلية متكررة لإنهاء عملها، وسط تزايد الحاجة إلى دعم اللاجئين الفلسطينيين في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة ومناطق اللجوء الأخرى.
وشددت الرفاعي على أن الوكالة ستظل تعمل وفق التفويض الأممي الممنوح لها، مؤكدة أهمية استمرار الدعم الدولي للأونروا لضمان استمرارية خدماتها الحيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة.