عودة ترامب والتحولات الجيوسياسية العالمية
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
حقق الرئيس الأمريكي السابق ما اعتبره البعض مفاجأة حينما فاز بفارق كبير على منافسته الديمقراطية هاريس فـي الانتخابات الرئاسية ما يعني عودته بقوة إلى البيت الأبيض والمشهد السياسي العالمي. وطرحت عودة ترامب الكثير من الأسئلة خاصة وأن حزبه حقق أغلبية فـي مجلسي النواب والشيوخ. ويرى الكثير من المحللين أن إعادة انتخاب ترامب قد تشير إلى تغيرات كبيرة فـي السياسة الخارجية الأمريكية، وخاصة فـيما يتعلق بمنطقة «الشرق الأوسط»: الحرب على غزة ولبنان والملف النووي الإيراني وكذلك الحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا.
ورغم أن كل الإدارات الأمريكية ملتزمة، علنا، بأمن واستقرار إسرائيل إلا موقف ترامب على الدوام كان مؤيدا بشكل قوي جدا لكل توجهات إسرائيل، ويمكن هنا استذكار الاعتراف المثير للجدل بالقدس عاصمة لإسرائيل والتوسط فـي اتفاقيات إبراهيم، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية. ومن المتوقع أن تعود هذه السياسات مرة أخرى إلى الواجهة وبقوة، كما أن عودة ترامب من شأنها أن تشجع على أنشطة الاستيطان الإسرائيلية فـي الضفة الغربية، مما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات مع الفلسطينيين وكل ذلك على حساب أي حديث محتمل عن السلام. ولا يبدو أن ترامب يمكن أن يضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من أجل وقف المجازر فـي قطاع غزة أو حتى فـي لبنان. أما فـيما يخص إيران فإنها ستبقى محورية فـي أجندة السياسة الخارجية لإدارة ترامب المقبلة. كان انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني وفرض عقوبات صارمة يهدف إلى الحد من نفوذ طهران الإقليمي، على حد رؤية ترامب، لكن التوقعات تشير إلى أن فترة ترامب الجديدة قد تشهد تصعيدا على الجبهة مع إيران خاصة وأن التوترات وصلت إلى حد المواجهة المحدودة بين إيران وبين إسرائيل، وهذه المواجهة/ التصعيد لو حدثت كما يتوقع البعض فإنها قد تؤدي إلى تأثيرات قوية على قطاع الطاقة وعلى الملاحة فـي منطقة الخليج العربي وهذا ما لا يريده ترامب قطعا، ولا يريده حلفاؤه فـي الاتحاد الأوروبي الذين يسعون إلى نهج أكثر دبلوماسية خاصة بعد التوترات الكبيرة التي حصلت مع روسيا نتيجة الحرب مع أوكرانيا. والصراع الروسي الأوكراني، عموما، يمثل تحديا كبيرا ومعقدا بالنسبة لأمريكا.. وأظهرت فترة ولاية ترامب السابقة مزيجا من خطابات متباينة بين المواجهة والبحث عن مسارات انفراج. ومن المتوقع بناء على خطابات ترامب الانتخابية أن تشهد فترته الجديدة تأرجحا بين العقوبات الصارمة على روسيا وبين المبادرات الدبلوماسية غير المتوقعة، الأمر الذي يعقد كل التوقعات بمسار ترامب تجاه هذا الملف بالتحديد، وهذا الأمر يعقد التخطيط الاستراتيجي لحلف شمال الأطلسي، وفـي الوقت نفسه، قد يشجع طموحات روسيا فـي أوروبا الشرقية. ومن المرجع أن تعيد أيديولوجية ترامب «أمريكا أولا» تشكيل التحالفات والشراكات الأمريكية السياسية والاقتصادية والعسكرية على مستوى العالم، وإضعاف بعض التحالفات التقليدية مثل حلف شمال الأطلسي ومع شركاء فـي الشرق الأوسط وهذا النهج من شأنه أن يؤدي إعادة تنظيم هياكل القوة العالمية، مع قيام بعض القوى الناشئة لاستغلال هذه التحولات لصالحها. وفـي المجمل فإن عودة ترامب تعني أكثر من مجرد عودة سياسية فالكثير من دول العالم عليها، أيضا، أن تعيد ترتيب أجنداتها ومسارات عملها السياسية والاقتصادية ومراقبة التحولات الجديدة التي ستحدثها هذه العودة خاصة وأن أجندة ترامب ستؤثر على الكثير من دول العالم لأربع سنوات قادمة. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: عودة ترامب
إقرأ أيضاً:
كيف سيستجيب البنك المركزي الأوروبي للتعريفات الجمركية التي فرضها ترامب؟
قد تؤدي التعريفات الجمركية التي يفرضها دونالد ترامب إلى إضعاف النمو في الاتحاد الأوروبي وزيادة التضخم، مما يضع البنك المركزي الأوروبي أمام معضلة حقيقية. ففي ظل تباطؤ التجارة وارتفاع الأسعار، يرى بعض الاقتصاديين أن خفض أسعار الفائدة لا يزال خيارًا مناسبًا، شريطة أن تبقى توقعات التضخم مستقرة.
يستعد البنك المركزي الأوروبي لمواجهة مرحلة جديدة من حالة عدم اليقين على المستوى الاقتصادي، مع توجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لفرض رسوم جمركية واسعة النطاق على السلع الأوروبية.
ومن المقرر أن تكشف الولايات المتحدة في الثاني من أبريل/نيسان عن حزمة جديدة من "التعريفات الجمركية المتبادلة"، وهي خطوة رئيسية ضمن جهود ترامب المستمرة لتضييق الفجوة في العجز التجاري الأمريكي.
وعلى الرغم من غموض التفاصيل الدقيقة حول حجم ونطاق هذه الرسوم، إلا أن التوقعات تشير إلى أن البيت الأبيض قد يفرض ضرائب تصل إلى 25% على السلع الأوروبية. وسيتم إدراج هذه الرسوم فوق التعريفات الحالية المفروضة على السيارات وقطع الغيار، والتي رفعت بالفعل تكلفة الصادرات المتعلقة بقطاع السيارات بنسبة تصل إلى 50%.
ومن المتوقع أن يكون التأثير المحتمل كبيرًا. فخلال عام 2024، بلغت قيمة الصادرات من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة 382 مليار يورو، ووفقًا لبيانات مركز التجارة الدولية. ومن هذا الإجمالي، شكلت صادرات السيارات، بما في ذلك المركبات والدراجات النارية وقطع الغيار، نحو 46.3 مليار يورو.
وباعتبار أن الولايات المتحدة تستحوذ على ما يقرب من 10% من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي، فإن التكتل يواجه بشكل خاص مخاطر الاحتكاك التجاري مع الضفة الأخرى للأطلسي.
ووفقًا للتقديرات التي أشارت إليها رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، فقد تؤدي التعريفة الجمركية الأمريكية بنسبة 25% إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بمقدار 0.5 نقطة مئوية ورفع التضخم بنفس الهامش خلال السنة الأولى، شريطة أن يرد الاتحاد الأوروبي بالمثل.
هذا الوضع يعكس حالة نموذجية من حيث تضارب السياسات: فالتعريفات الجمركية تمثل صدمة في العرض عبر زيادة تكلفة الواردات، وصدمة في الطلب من خلال تقويض الثقة والدخل المتاح.
يجد صانعو السياسات النقدية في فرانكفورت أنفسهم أمام مفارقة معقدة: هل ينبغي لهم دعم النمو بتخفيف السياسة النقدية، أم يجب عليهم التصدي للصدمة التضخمية التي قد تنجم عن هذه الرسوم؟
Relatedكيف ستؤثر الرسوم الجمركية على حياة مواطني الاتحاد الأوروبي؟ ردًا على رسوم ترامب الجمركية.. فيراري ترفع أسعار سياراتها في أمريكا حتى 10%ترامب يفرض رسومًا جمركية على واردات السيارات بنسبة 25% وامتعاض في أوروبا كنداالتضخم المؤقت ومستقبل تخفيضات الفائدة في أوروبابالنسبة للاقتصاديين مثل سفين جاري ستاين من غولدمان ساكس، ترتبط الإجابة بسلوك توقعات التضخم.
وذكر ستاين في مذكرة حديثة: "تشير تقديراتنا إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية ستؤدي إلى تأثيرات سلبية كبيرة على النمو، مع آثار محدودة ومؤقتة على التضخم".
وأوضح، أن القواعد القياسية للسياسة النقدية تدعم خفض أسعار الفائدة، طالما بقيت توقعات التضخم على المدى الطويل ثابتة.
ووفقًا لنماذج جولدمان، وفي ظل هذه الافتراضات، تتمثل الاستراتيجية المثلى للبنك المركزي الأوروبي في "تجاوز" ارتفاع التضخم والمضي قدمًا نحو خفض أسعار الفائدة.
يُتوقع أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في أبريل/نيسان، على أن يتبعه خفض آخر ليصل المعدل إلى 2% بحلول يونيو/حزيران، وفقًا لجولدمان ساكس.
تحديات التضخم تتصاعدوتتغير هذه الحسابات بشكل جوهري إذا أفضى ارتفاع التضخم الأولي إلى مزيد من التوقعات. فإذا بدأت الشركات والعمال في توقع استمرار تصاعد الأسعار وعدلوا الأجور تبعًا لذلك، فقد يجد البنك المركزي الأوروبي نفسه مضطرًا للتدخل لكبح التضخم إذا استمر طويلا.
وقال ستاين: "في مثل هذه الحالة، قد تكون الاستجابة المثلى هي تشديد السياسة النقدية". مضيفاً أنه "لن يكون بمقدور البنك المركزي الأوروبي في هذا السيناريو أن يركز على التداعيات السلبية للرسوم الجمركية على النمو، بل سيركز على منع التضخم من أن يصبح مستدامًا".
وأشار أيضًا إلى أن مثل هذه الآثار في الجولة الثانية يجب أن تكون "استثنائية للغاية" - أي تتطلب زيادة كبيرة وواسعة النطاق في التوقعات طويلة الأجل - لتبرير تحول متشدد كهذا.
وحتى الآن، لا تزال اتجاهات الأجور وتوقعات التضخم ضمن نطاق مستقر، وفقًا لتحليلات غولدمان ساكس، مما يدعم توجه البنك المركزي الأوروبي نحو اتخاذ إجراءات تيسير نقدي.
رد الاتحاد الأوروبي على الرسوم الجمركيةيرى روبن سيجورا-كايويلا، الخبير الاقتصادي في بنك أوف أمريكا، سيناريو مشابهًا لكن بحذر أكبر. وقال معلقًا على التقارير الصحفية الأخيرة: "قد لا يكون من غير المعقول افتراض فرض رسوم جمركية بنسبة 20% على واردات الاتحاد الأوروبي، كما يبدو أن مسؤولي الاتحاد يتوقعون".
ووفقًا لتقديراته، قد تعرّض هذه الخطوة نحو 0.25 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو للخطر خلال عام، مع احتمال تفاقم الخسائر إذا رد الاتحاد الأوروبي.
ويعتقد سيجورا-كايويلا أن الرد الانتقامي محتمل، لكنه يحذر من أن التصعيد قد يتجاوز السلع.
وقال: "إذا كانت السياسة الأمريكية كثيرة العدائية، فقد تمتد المخاطر إلى ما هو أبعد من الرسوم الجمركية على السلع، بما في ذلك إجراءات محتملة من الاتحاد الأوروبي ضد الخدمات الأمريكية، وقد تصبح أكثر وضوحًا".
وقد تبدو مثل هذه الخطوة استراتيجية لصناع السياسة الأوروبيين لحماية القطاعات الأكثر حساسية في اقتصاد التكتل.
من جانبه، يؤكد بنك أوف أمريكا على توقعاته بأن أول خفض لسعر الفائدة من البنك المركزي الأوروبي سيكون في أبريل، يليه تخفيض إلى 1.5% على الودائع بحلول سبتمبر، رغم أن تأخير القرار إلى ديسمبر يظل خطرًا قائمًا.
ومع اقتراب الثاني من أبريل، ستراقب الأسواق عن كثب كيفية تعامل البنك المركزي الأوروبي مع التداعيات الاقتصادية لتعريفات جمركية تزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أوكرانيا تحيي الذكرى الثالثة لتحرير بوتشا من الاحتلال الروسي إيطاليا تغير قواعد مراكز إيواء المهاجرين في ألبانيا وتشدد قوانين الحصول على الجنسية قتيل و4 جرحى نتيجة الغارات الأمريكية على منطقة جدر شمالي صنعاء سعر الفائدةدونالد ترامبتضخمالبنك المركزي الاوروبي