قهر الفلسطينيين يغذي الاضطراب في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
فـي الشرق الأوسط، إخماد النيران المضرمة هو الأولوية، ويستحيل تحقيق إنجازات أكبر من ذلك ما دامت إراقة الدماء مستمرة. غير أن تجنب إشعال المزيد من الحرائق يقتضي أمرا شديد الندرة هو الدرس الجاد والاعتراف بالمواد الأساسية القابلة للاشتعال. ولقد لوحظ منذ أمد بعيد، ولم يزل صحيحا، أن سياسة إسرائيل الإقليمية -وإسرائيل هي الدولة التي تتسبب فـي أكثر النيران- تبدو «تكتيكات فقط بغير استراتيجية».
الشرق الأوسط منطقة معقدة ذات صراعات وخصومات كثيرة، بعضها يتقاطع ويتداخل مع بعض. وأول ما يجب التحوط منه فـي أي نقاش لأسباب عدم الاستقرار هو الميل شديد الشيوع إلى التبسيط بإيعاز المشاكل جميعا إلى سبب واحد. لكن التأمل الدقيق حتى للحرائق الحالية، ناهيكم بالحرائق الماضية، يشير إلى عامل واحد يغلب أي عامل آخر فـي كونه السبب الكامن لما فـي المنطقة من عنف واضطراب. وذلك العامل هو قهر إسرائيل المستمر للفلسطينيين، وإنكارها عليهم حق تقرير المصير الوطني، وما يصاحب هذا الإنكار من احتلال وحصار وإعاقة للحياة اليومية. ويتضح الرابط بأكبر نحو فـيما يتعلق بالأهوال التي تكشفت فـي قطاع غزة خلال العام الماضي، وشملت عشرات آلاف القتلى. لقد أدى تفكيك بعض المستوطنات الإسرائيلية سابقا إلى سيطرة إسرائيل على حدود غزة وجوها ومساراتها البحرية مستعملة ذلك فـي دعم الحصار الخانق الذي أحال القطاع إلى أكبر سجن مفتوح فـي العالم. ومن طبيعة الإنسان أن يرد الضربة إلى المتسببين فـي فرض مثل هذه الظروف. ففـي ظل هذا البؤس يشعر الناس أنه لم يبق لديهم ما يخسرونه إن هم حاولوا رد الضربات. وكل الجبهات الأخرى فـيما أصبح اليوم حربا متعددة الجبهات فـي الشرق الأوسط إنما تنشأ من قمع الفلسطينيين. فقد بدأ النظام الحوثي فـي اليمن ضرباته للشحن فـي البحر الأحمر إظهارا لدعم الفلسطينيين المحاصرين فـي غزة، ما أدى إلى تدخل الولايات المتحدة بقصف أهداف فـي اليمن. ولولا هذا الموقف المزري فـي قطاع غزة، لما توافر للحوثيين سبب لضرب الشحن فـي البحر الأحمر، فقد أوضحوا أن ضرباتهم سوف تنتهي بانتهاء مذبحة إسرائيل فـي غزة. ونشأ أيضا الهجوم الإسرائيلي الحاد على لبنان نشأة مباشرة من وضع قطاع غزة فهو بهذا نتاج ثانوي لقهر الفلسطينيين. إذ إن حزب الله، مثل الحوثيين، قد بدأ إطلاق النار على إسرائيل تضامنا مع غزة. ولعل هذا كان أقل ما توصل قادة حزب الله إلى أنهم قادرون عليه لكي لا يظهروا غير مبالين بمعاناة الفلسطينيين. وإلا فإن حزب الله الذي يدرك ما تكبده من تكاليف خلال الحرب الكاملة السابقة مع إسرائيل فـي عام 2006 لم يكن يريد حربا أخرى مع إسرائيل فـي 2024. وقبل تصعيد إسرائيل فـي هذا العام إلى هجوم كبير على لبنان، ربط حزب الله، مثل الحوثيين، إيقاف إطلاق النار عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية بوقف إطلاق النار اللازم فـي قطاع غزة. فالوضع السياسي المتعلق بقمع الفلسطينيين هو المحرك الأساسي للاضطراب والعنف، وليس وجود أو طبيعة أو أهداف أي جماعة أو مجموعة من الجماعات تعدها إسرائيل عدوا لها. فقد استجابت الجماعات المعنية هنا لسياسات إسرائيل أكثر كثيرا مما استجابت لمحض وجودها. فنشأة حزب الله فـي مطلع ثمانينيات القرن الماضي ونموه السريع وشعبيته تدين لدوره بإعلانه نفسه المدافع عن اللبنانيين فـي مواجهة الغزو الإسرائيلي للبلد سنة 1982. وقد كان لذلك الغزو، شأن الغزو الراهن، رابط مباشر بقهر الفلسطينيين، إذ كان الهدف الإسرائيلي الأساسي سنة 1982 هو توجيه ضربة قوية لمنظمة التحرير الفلسطينية المقيمة آنذاك فـي لبنان. فلو لم يكن من احتلال لأراض فلسطينية ينبغي تحريرها، لما كان من دور لمنظمة التحرير الفلسطينية. وبالمثل، ليست حماس المحرك الأساسي للعنف الفلسطيني ضد إسرائيل، وذلك ما تثبته المقاومة العنيفة التي بدأتها فئة كبيرة من الجماعات الفلسطينية منذ أواخر ستينيات القرن الماضي، قبل أمد بعيد من تأسيس حماس سنة 1987. وتدين حماس بكثير من نموها وشعبيتها بعد ذلك لانتشار تصور بين الفلسطينيين بأن السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة فتح كانت أقرب إلى مساعد عاجز للاحتلال الإسرائيلي بدلا من أن تكون خصما فعالا له. وتدين حماس ببعض قوتها لسياسة إسرائيلية تنكر حق تقرير المصير على الفلسطينيين، ويتمثل ذلك الدين فـي الدعم المالي القطري الذي يسَّره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. إذ يرى نتنياهو أن دعم حماس يمثل ثقلا مقابلا للسلطة الفلسطينية بما ساعد على انقسام السلطة الفلسطينية ومكّن القادة الإسرائيليين من الاستمرار فـي تأكيد أنه «ما من شريك» يمكن التفاوض معه على السلام. ومن بعدُ، هناك إيران التي كثيرا ما يخطئ الذين يروجون تفسيرا وسببا أحاديا لاضطرابات الشرق الأوسط خطأ فادحا إذ يعدونها «المشكلة الحقيقية» فـي المنطقة. غير أن التوترات الراهنة المتعلقة بطهران فـي غداة الضربة الجوية الإسرائيلية لإيران فـي أعقاب الانتقام الإيراني من ضربات إسرائيلية سابقة، إنما ترجع هي الأخرى إلى المشكلة الفلسطينية. لقد كان أحدث انتقام إيراني انتقاما من هجمات إسرائيلية أدت إلى قتل قائد حماس السياسي إسماعيل هنية خلال زيارته لطهران وقتل الحليف الإيراني حسن نصر الله زعيم حزب الله. وكان قتل نصر الله جزءا من الهجوم الإسرائيلي الراهن على لبنان الذي نشأ مثلما سبق القول من المجزرة الإسرائيلية فـي قطاع غزة التي تمثل بدورها امتدادا للاحتلال ولوضع غزة باعتبارها سجنا مفتوحا. لقد كانت السياسات الإيرانية فـي المنطقة، وبخاصة سياساتها تجاه إسرائيل، إلى حد كبير سياسات رد فعل، إلى حد أن العداء الإيراني لإسرائيل قائم على ما هو أكثر من الرد على هجمات إسرائيل على المصالح الإيرانية واستمرار إسرائيل فـي الإعراب عن العداء الشديد لإيران، فالقضية الفلسطينية مرة أخرى لها وضع مركزي فـي هذا كله. والنظام الإيراني يتحدث عن هذه القضية فـيكون حديثه إلى حد ما منطلقا من تعاطف صادق مع الفلسطينيين المحاصرين، ولكن الغالب أن ذلك وسيلة لزيادة النفوذ لدى الشعوب العربية التي لا تزال القضية الفلسطينية تجد صدى كبيرا عندها. وبرغم أن النظام الإيراني تبنى خطابا متطرفا يبدو أنه يرفض أي حل يقوم على أساس دولتين، فما كان ليتوافر له سبب لمواصلة هذا الحديث لو تم التوصل إلى تسوية تعطي الفلسطينيين حق تقرير المصير. بل لتوافر لديه سبب وجيه ليقرر أن ما يرضى به الفلسطينيون هو ما ترضى به طهران، خاصة فـي ضوء أن أهمية هذه القضية لدى أغلب العرب سوف تخفت بسرعة إذا ما أصبحت للفلسطينيين دولتهم أخيرا. لو استبعد المرء القضية الفلسطينية واستبعد الهجمات الإسرائيلية التي ترغم إيران على الرد، فلن يكون لإيران سبب يذكر لرفض علاقة مستقرة مع إسرائيل. ستظل هناك اختلافات أيديولوجية واضحة، ولكن منذ السنوات العديدة الأولى التالية للثورة الإيرانية، كان دافع سياسات طهران الإقليمية يتعلق بالاهتمامات الجيوسياسية البراجماتية أكثر كثيرا مما يتعلق بالأيديولوجية. وإيران، شأن إسرائيل وتركيا، دولة غير عربية تعيش فـي منطقة يغلب عليها العرب. ولقد أدت الاعتبارات الجيوسياسية بإيران فـي الماضي إلى البحث عن قضية مشتركة مع إسرائيل، وليس ذلك فقط عندما كان الشاه فـي السلطة ولكن فـي ظل الجمهورية الإسلامية أيضا عندما تلاعب وليم كاسي بأزمة الرهائن ليفوز لرونالد ريجان بالانتخابات الرئاسية سنة 1980. فقد كانت هناك أيضا قضية إيران-كونترا التي اضطلعت فـيها إسرائيل بدور مهم. شرق أوسط أقل عنفا تخيلوا تاريخا بديلا حصل فـيه الفلسطينيون على دولتهم، سواء فـي أعقاب حصول اليهود على دولتهم فـي فلسطين سنة 1948 أو بعد تنازل عن الأراضي الفلسطينية التي غزتها إسرائيل فـي الحرب التي بدأتها هي سنة 1967. كانت لتبقى أيضا خصومات كثيرة وأسباب أخرى للاضطراب فـي الشرق الأوسط لا تضرب جذورها فـي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لبقيت على سبيل المثال انشقاقات طائفـية وقبلية فـي اليمن تستدعي تدخلات من أمثال مصر والمملكة العربية السعودية. ولبقيت على الأرجح أيضا سياسات توسعية من صدام حسين. ولبقيت خصومات تتعلق بجماعة الإخوان المسلمين والأنظمة العربية الاستبدادية التي أرست أسس الاضطراب السياسي فـي بعض الدول. ولبقيت أيضا عناصر متطرفة صغيرة ترفض وجود إسرائيل وتراها وجها للكولونيالية الغربية. غير أن هذا الشرق الأوسط البديل -من أوجه أخرى- كان ليختلف اختلافا كبيرا عن الشرق الأوسط القائم خلال العقود العديدة الماضية. فالعنف الذي مورس سعيا إلى حق تقرير المصير الفلسطيني ما كان ليحدث لو تحقق بالفعل حق تقرير المصير. والعنف الأكبر كثيرا الذي تسعى من خلاله إسرائيل إلى الاستمرار فـي قمع الفلسطينيين ما كان ليحدث لو كانت إسرائيل توقفت عن قمع الفلسطينيين. كانت طاقات النخب السياسية الفلسطينية لتتركز فـي التنافس على السلطة داخل دولتها. ما كانت حماس -التي نشأت من رحم الإخوان المسلمين- لتوجد بالشكل الذي نعرفها به اليوم. ولكن، كان ليوجد فرع فلسطيني من الإخوان المسلمين يتنافس على السلطة السياسية مثلما تفعل فروع أخرى فـي تونس والأردن (وفـي مصر قبل التغيرات الأخيرة). فحتى حماس التي نعرفها أبدت -حينما سنحت لها الفرصة- عزما وقدرة على المنافسة بنجاح فـي صناديق الاقتراع لا فـي السلاح. كان القادة الفلسطينيون، على اختلاف ألوانهم الأيديولوجية، ليمتلكوا الكثير مما يمكن أن يخسروه فـي هذا العالم الشرق أوسطي البديل لو لجأوا إلى العنف ضد إسرائيل، فـي مقابل عدم امتلاكهم اليائس الآن لأي شيء يمكن أن يخسروه فـي ظل طبيعة الوجود الفلسطيني اليوم. كانت إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة لتبقى البلد الأقوى عسكريا فـي المنطقة، القادرة على سحق أي دولة فلسطينية صغيرة تخرج عن السيطرة. فقد كانت المخاطرة بفقدان الدولة الفلسطينية التي طالما سعوا إليها لتردع المواطنين والقادة عن التفكير فـي المروق والخروج عن السيطرة. كان العنف فـي ذلك الشرق الأوسط البديل ليصبح أقل كثيرا مما عرفته المنطقة بالفعل، فـي ضوء ضخامة حجم العنف المدفوع بدافع القومية الفلسطينية المحبطة. كان الوضع فـي الشرق الأوسط البديل ليماثل الإرهاب القومي الأيرلندي بعد التوصل إلى اتفاق السلام الذي أصبحت بموجبه الحركة القومية الرئيسية شين فـين جزءا من ترتيبات تقاسم السلطة فـي أيرلندا الشمالية، فألقى جناحها المسلح، الجيش الجمهوري الأيرلندي المؤقت، سلاحه. فالإرهاب الذي مارسته بعد ذلك جماعات متطرفة هامشية رفضت اتفاق السلام كان قدرا ضئيلا من عنف وقع عندما كانت منظمة بيرا «أي الجيش الجمهوري الأيرلندي» لم تزل قائمة ونشطة. فـي الشرق الأوسط البديل ما كانت لتنشب حروب كثيرة فـي غزة، منها الحرب المدمرة الجارية الآن. ولا كانت الحروب العديدة بين إسرائيل ولبنان لتقع وقد حرمت كل منها من صراع إسرائيل مع الفلسطينيين. كانت الخلافات بين إسرائيل ولبنان لتقتصر على مسائل تفاوضية من قبيل موضع رسم الخط الحدودي فـي حقل الغاز بالبحر الأبيض المتوسط. أما عن شكل العلاقات بين إسرائيل وبقية الدول العربية فـي الشرق الأوسط، فلا داعي لأن يتكهن به المرء. إذ تبنت جميع الدول العربية الـ22 مبادرة الجامعة العربية للسلام، وتأكد ذلك مرارا، ولا يزال مطروحا على الطاولة. وتقترح المبادرة تطبيعا كاملا بين العالم العربي وإسرائيل بشرط أن تنسحب إسرائيل من الأراضي المحتلة -مع إمكانية تبادل للأراضي- و«تسوية عادلة» لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين والسماح بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. فالجيران العرب ليسوا ساعين إلى تدمير إسرائيل. إنما هم ساعون إلى إنهاء قهر إخوانهم الفلسطينيين. ضرورة العمل على القضية على القادة السياسيين بطبيعة الحال أن يتعاملوا مع الواقع، وليس مع واقع بديل خيالي. وجزء من الواقع الراهن يتمثل فـي مشروع إسرائيلي عمره عقود لبناء مستوطنات فلسطينية فـي الأراضي المحتلة جعلت إقامة دولة فلسطينية أصعب مما كان عليه الحال قبل ذلك. ويعتقد بعض المراقبين أن ذلك قد جعل حل الدولتين مستحيلا بالفعل وأنه ما من مجال الآن لتحقيق الحقوق الإنسانية والسياسية للفلسطينيين إلا فـي دولة واحدة مشتركة مع الإسرائيليين اليهود. ومن شأن حل الدولة الواحدة الناجح أن يحقق تقريبا كل منافع الشرق الأوسط البديل الموصوف فـي ما سبق. وليس مؤكدا الآن إن كان حل الدولتين لا يزال ممكنا أم لا، ولا أن ابتكار حل دولة واحدة مرضٍ أم غير مرض لطموحات كل من الإسرائيليين اليهود والفلسطينيين الوطنية، ولكن هذه الأسئلة بحاجة إلى مناقشة فعالة ومفتوحة تشترك فـيها حكومة الولايات المتحدة وتبث فـيها قدرا من الطاقة كافـيا لتنفـيذ حل. ويعني هذا عملا يتجاوز ترديد شعار «حل الدولتين» الدبلوماسي مع التقاعس عن القيام بأي شيء مما يتصل بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية لتقريب أي حل من الإثمار. لكن المؤكد أن الشرق الأوسط سوف يستمر على عنفه، مع نوبات متكررة من التشنجات المماثلة لما نشهده الآن، طالما بقي القهر للفلسطينيين مستمرا. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فـی الشرق الأوسط حق تقریر المصیر مع الفلسطینیین فـی قطاع غزة فـی المنطقة إسرائیل فـی مع إسرائیل حزب الله ما کان
إقرأ أيضاً:
النتائج المتوقعة بعد الاجتماع العاصف بين ترامب وزيلينسكي
يشكّل الرابع والعشرون من فبراير/ شباط 2024، الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا، والذي يُعدّ من منظور موسكو بمثابة معركة وجودية تتصل ببعدَين: أحدهما داخلي يتمثل في بقاء الدولة أو فنائها من الخارطة الجيوسياسية للعالم، وآخر دولي يرتبط بإمكانية عودتها-روسيا- للعب دور محوري في العلاقات الدولية كقوى كبرى، ومن ثم البناء على ذلك لإعادة مجدها كقوى عظمى.
بينما تُمثل للطرف الأورو- أميركي خطوة تأمينية لازمة لاستمرار بسط النفوذ والسيطرة التي امتدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وإلى يومنا هذا، مع الإقرار بوجود بعض التراجعات حول مستوى القبضة المفترضة على مفاصل النظام الدوليّ.
وبذلك يمكن النظر للصراع خارج سياق كونه صراعًا بين دولتين مدعومتين من طرفين مختلفين، إلى دائرة أوسع تتمثل في تحدي إقرار معادلة دولية جديدة تأخذ بعين اعتبارها كل المتغيرات التي أثرت بشكل كبير على قواعد النظام الدولي الأحادي الذي تمَّ بناؤه في العام 1945.
وبمجيء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تغيرت المقاربة الأميركية لملفّ الأزمة الأوكرانية بشكل مثّل قطيعة كاملة لتعاطي الإدارة السابقة، الأمر الذي يطرح عددًا من التساؤلات، والتي نحاول الإجابة عنها في هذا المقال، ومنها:
إعلانما هي التقاطعات الأمنية بين واشنطن وبروكسل؟ ما انعكاس التباينات القائمة بين الشريكين التقليديين على الأمن الأوروبي؟ ما هي طبيعة المكاسب التي أفرزها هذا الصراع بالنسبة للشرق الأوسط، وإلى أي مدى يمكن تطويرها واستدامتها؟ ما تأثير أي تسوية يتم التوصل إليها على مستقبل النظام الدولي؟
تقاطع الأجندات الغربية في كييفثمَّة تعقيدات جيوبوليتيكية فرضت نفسها على منطقة شرق أوروبا، والتي من بينها سقوط الاتحاد السوفياتي، مما دفع حلف "الناتو" للتمدّد شرقًا، فانضمّت جمهوريات: التشيك، والمجر، وبولندا، للحلف عام 1999، وبين عامَي 2004 و2009 انضمّ للحلف عدد تسع دول من شرق أوروبا، والتي شملت كلًا من: بلغاريا، إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، ألبانيا، كرواتيا، لتلحق بها بعد ذلك كل من الجبل الأسود، ومقدونيا الشمالية، ليصبح إجمالي عدد الدول التي انضمت من 1999 إلى العام 2020 أربع عشرة دولة، تشكل ما يقارب نصف عدد الدول الأعضاء التي انضمت للحلف الذي تأسس عام 1949.
وبالتالي لم يعد متبقيًا من الدول العازلة بين روسيا و"الناتو" سوى بيلاروسيا وأوكرانيا، وترى روسيا أن انضمام هاتين الدولتين يعني تطويقها وإحكام عملية الخنق الجيوبوليتيكي المفضية لزوالها من الخارطة الجيوسياسية.
فروسيا تقاتل في هذه المعركة المفروضة عليها من قبل حلف "الناتو" بوصفها معركة وجودية لا تحتمل القسمة على اثنين، وهذا ما يُفسر جزءًا من تخلّيها عن دعم حليفها المعزول في سوريا بشار الأسد.
والأجندات الغربية في صعيدها الأميركي والأوروبي متفقة على تعزيز المكاسب الجيوبوليتيكية عبر خنق روسيا أكثر بضمّ أوكرانيا لحلف "الناتو".
وكانت هذه الرؤية محل اتفاق الشركاء الغربيين، خاصة على مستوى الإدارات الأميركية السابقة؛ بدءًا بإدارة أوباما، وإلى حد ما إدارة ترامب الأولى عام 2016، وانتهاءً بإدارة بايدن التي قدمت دعمًا سخيًا لكييف.
إعلانومثّل ذلك اتساقًا كاملًا بين الموقف الأوروبي والأميركي في هذا الإطار، ولكن الوافد الجديد للبيت الأبيض في العام 2025 كانت لديه رؤية مغايرة كليةً لمن سبقوه، ومتناقضة مع الموقف الأوروبي إلى حد التضاد.
فدونالد ترامب لا يرى في الحرب الأوكرانية مصلحة إستراتيجية أميركية، وتتسق رؤيته مع غلاة المتشددين من أنصار النظرية الواقعية الهجومية في العلاقات الدولية، والتي ترى أنّ أكبر الأخطاء الإستراتيجية التي وقعت فيها الولايات المتحدة هو دخولها فيما أسموه بالمستنقع الأوكراني، ويرون ضرورة أن تتفرغ واشنطن لمواجهة ومحاصرة خصمها الإستراتيجي الصين بدلًا من اللهث وراء مكاسب غير منظورة من تمدد "الناتو" في المحيط الحيوي لموسكو.
ولعل أُذن ترامب تبدو مصغية لهذا التوجه الواقعي، وذلك من خلال تبنّيه خطة تضع حدًا لهذه المعركة، حيث قام بالتواصل مع الرئيس بوتين بعد قطيعة فرضتها إدارة بايدن السابقة.
وتبدو دلالات التقاطع في رؤية واشنطن مع حلفائها واضحة من خلال عدم إشراك ترامب حلفاءَه الأوروبيين في المشاورات الدبلوماسية بقيادة ماركو روبيو وزير الخارجية الأميركي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف التي جرت بالعاصمة السعودية الرياض، ولا يبدو في الأُفق أي مؤشرات على إشراك بروكسل وحلف "الناتو" في هذه المساعي، ولعل المستغرب أنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليس طرفًا هو الآخر.
ومن هنا تبدأ المخاوف الأوروبية في التعاظم، حيث تخشى أن تجد القارة العجوز نفسها طرفًا رئيسيًا في إدارة صراع كبير على أبوابها لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، خاصةً إذا ما توصل ترامب لاتفاق مع روسيا لا يضمن حماية كافية لأوكرانيا، وبالتالي لأوروبا ضد أي تهديدات روسية مستقبلًا.
وتعتبر أوروبا أن استجابة واشنطن لأهداف الكرملين في الحرب ستضر بمصداقية حلف الناتو، وتزعزع استقرارها. وما جرى من مشادة كلامية بين ترامب والرئيس الأوكراني في البيت الأبيض، عمّق المخاوف الأمنية لدى الأوروبيين.
إعلانولعل هذا الانكشاف الأمني الذي يمكن أن تتعرض له أوروبا الحليف التاريخي للولايات المتحدة يستدعي النظر المتعمق لمترتبات استمرار الحرب أو الوصول لتسوية في الملف الأوكراني على الشرق الأوسط.
التداعيات المحتملة لاجتماع البيت الأبيضبداية يُمكن القول إنّ مسرح الاجتماع، قد أُعد بشكل مسبق ليقود إلى تلك اللحظة التي تعالت فيها الأصوات بين ترامب وزيلينسكي، والتي قُصد منها إحراج الضيف الأوكراني، ووضعه تحت الضغط؛ بغية الحصول على تنازلين رئيسيين:
الأول: هو حصول واشنطن على نصيب مقدر من الموارد الأوكرانية النادرة، والتي تقدر بمكاسب تتجاوز قيمتها الـ 500 مليار دولار، نظير الدعم الذي قُدم لها إبان الحرب.
والثاني: يرتبط بقبول كييف بتسوية لا تنطوي على أية ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، فتمَّ استفزاز زيلينسكي، بدءًا من انتقاد الزي الذي يرتديه، رغم رمزيته للشعب الأوكراني الذي يخوض حربًا قضت على الأخضر واليابس، مرورًا بتدخل نائب الرئيس الأميركي في سابقة غير متوقعة، وانتهاءً بتلويح ترامب للباب في إشارة واضحة بضرورة مغادرة الضيف للبيت الأبيض.
ويبدو أنّ ما جرى للرئيس الأوكراني يُعد امتدادًا حقيقيًا للأزمة القائمة بين الأوروبيين والولايات المتحدة في مقاربتهما للملفات الأمنية، والتي من بينها ملف حلف الناتو والأزمة الأوكرانية.
فترامب لديه حاليًا كروت ضغط كبيرة للغاية على كييف، والتي بإمكانها تغيير المعادلة، فواشنطن بإمكانها تجميد الدعم العسكري والفني الذي يحتاجه زيلينسكي للدفاع عن أراضيه كخطوة أولى.
أما الخطوة الثانية، فهي منع مبيعات السلاح الأميركي لأوكرانيا، وإنْ توفر تمويل أوروبي لها، فضلًا عن تجميد أميركا مشاركتها في الناتو للدفاع عن أوروبا في حال وجود أي تداعيات أمنية ناتجة عن تطور الأزمة بين موسكو وكييف، ويُعد ذلك كابوسًا أمنيًا غير محتمل للأوروبيين.
إعلانويمكن القول إنّ الاجتماع الفوضوي الذي تم بين الرئيسيين: الأميركي والأوكراني، ستكون له تداعيات محتملة، والتي من بينها خلق موقف أوروبي موحد داعم لأوكرانيا، وإن كانت كلفته الأمنية باهظة على القارة العجوز في غياب الضمانات الأمنية الأميركية لأمنها.
بجانب أنّ العالم ربما يشهد تعنتًا روسيًا غير مسبوق لجهة الشروط التي يمكن أن تفرضها موسكو لحل الأزمة مع أوكرانيا، فبوتين لم يكن يحلم أن يُكشف ظهر غريمه بالطريقة المذلة التي تمت بالأمس، وهي تُعطيه ضوءًا أخضرَ فحواه أنّ أوروبا فقدت حليفًا ظلت تراهن عليه لعقود في إطار معادلتها الأمنية.
والخلاصة في هذا الجانب، هي أنّ كل الطرق باتت تقود لتسوية غير مقبولة لكييف ولحلفائها الأوروبيين.
ولعل هذا الانكشاف الأمني الذي يمكن أن تتعرض له أوروبا الحليف التاريخي للولايات المتحدة، يستدعي النظر المتعمق لمترتبات استمرار الحرب، أو الوصول لتسوية في الملف الأوكراني على الشرق الأوسط.
التسوية المحتملة وانعكاساتها على الشرق الأوسطكما هو معلوم أنّ الحرب في أوكرانيا، كان لها تأثيرات متباينة على دول المنطقة، خاصة فيما يتعلق بواردات الغذاء والطاقة، فالعديد من بلدان الشرق الأوسط تعتمد على القمح الوارد من أوكرانيا وروسيا.
وبطبيعة الحال فإنّ الحرب الدائرة بين كييف وموسكو قد أسهمت بشكل مباشر في إخراج الدولتين من معادلة تصدير الغذاء لدول الإقليم، الأمر الذي أحدث نوعًا من الضغط السياسي والاقتصادي الناتج عن ارتفاع أسعار الغذاء داخل بعض الدول.
والملاحظة الجديرة بالاهتمام هي أنّ أكثر من رُبع صادرات القمح العالمية، يأتي من روسيا وأوكرانيا، ووفقًا للمنظمة الدولية للأغذية والزراعة (الفاو)، تعتمد خمسون دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على القمح الروسي والأوكراني، أي بنسبة لا تقل عن ثلاثين بالمائة من واردات هذه الدول. في مقابل دول استفادت من ارتفاع أسعار النفط والغاز.
إعلانوبنظرة تحليلية فاحصة لإمكانية تأثير التسوية المحتملة للأزمة الأوكرانية الروسية على منطقة الشرق الأوسط، يمكن القول إنّ أحد تمظهرات هذا التأثير، هو تعزيز الدور الجيوبوليتيكي الإقليمي والدولي لمنطقة الشرق الأوسط، وذلك بمعطى الإمكانات المادية والثروات التي تتمتع بها، رغم التحديات السياسية والأمنية التي عاشتها المنطقة؛ بسبب مجموعة من العوامل التي شهدتها المنطقة مؤخرًا، بدءًا بجائحة كورونا، مرورًا بالحرب في السودان التي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023، ثم أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول في غزة إلى سقوط نظام الأسد.
فاختيار الرياض لتكون مسرحًا للقاء الرئيسين: الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين لتسوية الأزمة الدائرة بين كييف، وموسكو يعضد فرضية عودة ووجود دور محوري قادم لمنطقة الشرق الأوسط.
فهامش المناورة الذي وفرته الأزمة الأوكرانية لكثير من القوى الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط، والتي لم تقطع علاقاتها بموسكو رغم عمق تحالفاتها الإستراتيجية مع واشنطن، يُعد أمرًا قابلًا للاتساع والاستثمار الإيجابي لجهة تنويع شراكات مع قوى دولية خارج محيط المعسكر الرأسمالي الغربي، وتتوقف عملية الاستفادة من هذه الفرص على عاملين رئيسيين: العامل الأول هو وعي قيادات المنطقة بالمتغيرات الدولية الجديدة، والتي من بينها أنّ الولايات المتحدة نسخة 2025 تختلف عن تلك التي عرفها العالم عقب انهيار الاتحاد السوفياتي، أما العامل الثاني فهو قليل من الجرأة وكثير من الإدراك بعناصر القوة المتوفرة لدى دول الإقليم.
ولعل الأمر الأكثر أهمية في هذا السياق، هو براغماتية الرئيس الأميركي الجديد، والذي ينظر للعالم باعتباره حسابًا بنكيًا يجب أن يغطي نفقاته اللامحدودة.
وبالتالي تُعد هذه المرحلة مهمة للغاية في تعزيز مكانة الشرق الأوسط الجيوسياسية، وإنجاز ما كان يُعتبر مستحيلًا من قبيل امتلاك التقانات النووية، وتوطين الصناعات الدفاعية، وتحقيق الاستقلال التكنولوجي المفضي لحجز كرسي دائم مع الكبار، وتفادي التراجع الإقليمي والدولي الذي بات مصيرًا تواجهه الكثير من القوى كالاتحاد الأوروبي، وحلف "الناتو"؛ بسبب إدارة ترامب ظهره لهم، فالشرق الأوسط يمكنه أن يكون من بين أكبر المستفيدين من المتغيرات المحتملة لأي تسوية قادمة على صعيد الأزمة الأوكرانية في إطار الصورة الكلية لمستقبل النظام الدولي، أو على أقل تقدير ما يمكن تسميته بترتيبات دولية جديدة. فالعالم بعد الأزمة الأوكرانية سيكون مختلفًا عما سبق من المنظور الجيوسياسي.
إعلان المشهد الجيوسياسي المتوقع بعد التسويةينظر الكثير من المراقبين للصراع في أوكرانيا باعتباره صراعًا بين إمبراطوريتين يتم فيه توظيف أقاليم بعينها لتحقيق مكاسب جيوسياسية، بيد أنّ المقاربة التي يتبناها دونالد ترامب تشكل تحديًا لهذا الافتراض، وذلك من واقع نظرته لهذه الحرب باعتبارها خطأ ما كان له أن يقع، وبالتالي هو لا يعتبرها حرب أميركا بقدر ما أنّها خطأ الإدارات الديمقراطية السابقة، واستمرت بدعم وتأييد أوروبيين.
وحسب المعلومات المتوفرة نجده يتجه لجعل أوكرانيا دولة محايدة، وربما منزوعة السلاح لديها القابلية على التعايش مع جارتها روسيا بدون أي تهديد آنيّ أو مستقبلي، وهو يضع نصب عينيه جائزتين كبيرتين، هما الموارد الكبيرة التي تتمتع بها كييف، وقد سبق له التصريح عن تلك الرغبة بشكل صريح، والثانية هي الاستفادة من الضعف والإنهاك الذي تسببت فيه الحرب لموسكو والتقارب معها لضرب شراكتها الاضطرارية مع بكين، وإبعادها عن الارتماء في أحضان شي جين بينغ.
وهو يستغل في ذلك مخاوف موسكو من تعاظم قوة الصين بحكم الجوار الجغرافي، ويسعى للاستجابة للمطالب الأمنية الروسية عبر تكسير حُلم كييف بالانضمام للناتو لإحداث نوع من التحييد طويل المدى من أي إمكانية لتحالف صيني روسي من قبيل ما جرى إبان الفترة السابقة.
وتظل قدرة واشنطن على إنجاز ذلك قابلة للاصطدام بأحلام بوتين الجيوبوليتيكية التي لا تقبل استمرار فرضية وجود دور مركزي للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في أن يضعوا شروط النظام الأمني الأوروبي دون تدخل موسكو.
ولعل تجاهل ترامب للقارة العجوز ربما شكّل عامل إغراء للكرملين بالاصطفاف مع واشنطن في إطار ترتيبات دولية وليس نظامًا دوليًا جديدًا يوفر قدرًا من الكبرياء المفقودة لموسكو.
على صعيد القارة الأوروبية فإنَّ تجاهل واشنطن لها على الصعيد السياسي والدفاعي سيدفعها في ثلاثة اتجاهات في إطار عملية التموضع الإستراتيجي المفترضة، نتيجة لأي تسوية محتملة بين موسكو وكييف.
إعلانفالاتجاه الأول ينصرف لجهة تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، وذلك من خلال زيادة حجم الإنفاق العسكري، وتطوير الأبحاث التي تقوي الترابط بين الأبحاث المدنية وأبحاث الدفاع.
والاتجاه الثاني يرتبط بتقليل الاعتماد على روسيا فيما يتصل بتوفير احتياجاتها من الغاز والنفط عبر خلق مصادر بديلة.
أما الاتجاه الثالث، فهو العمل على بناء قاعدة اقتصادية ترتكز على تقوية السوق الأوروبية المشتركة، لتكون المحصلة النهائية أن أوروبا تتمتع بدرجة من الاستقلالية في تحديد وجهتها السياسية، الاقتصادية والدفاعية، ولديها الرغبة في الانفتاح الاقتصادي على الصين.
وفي منحى ذي صلة بالتموضعات المتوقعة كانعكاس للتسوية المحتملة، فإنّ مستقبل الصين في أي ترتيبات دولية سيكون محكومًا بقدرتها على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وتعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي، وإدارة علاقاتها مع القوى العالمية الأخرى.
فالصين لديها القدرة على أن تصبح قوة عظمى متعددة الأبعاد، لكنها تواجه أيضًا عقبات كبيرة قد تؤثر على مسارها المستقبلي، وتُمثل عملية عزلها عن التقارب مع موسكو، والعمل على تطويقها ضمن ما يعرف بإستراتيجية التوجّه نحو آسيا ضمن أهم المتغيرات التي ستحدد وبشكل رئيسي حجم ودور بكين في أي ترتيبات دولية قادمة بعد نهاية الأزمة الأوكرانية.
الخلاصةستمثل طبيعة وشكل التسوية التي ستنتهي إليها الأزمة الأوكرانية نقطة تحول في العلاقات الدولية، ويمكن القول إنّ مخرجات هذه النهاية ستنعكس على مختلف دول العالم، ولكن بشكل رئيسي دول الشرق الأوسط.
ومن هنا تأتي أهمية استثمار الفرص التي ستوفرها عملية إقرار تسوية سلمية للصراع بين موسكو وكييف لمصلحة بناء مواقف تفاوضية بنَّاءة تستند إلى وعي وإدراك كامل لعناصر القوة التي تمتلكها دول الإقليم، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة تطوير هامش المناورة الذي تشكل لدول الإقليم إبان الأزمة من جهة، والعمل على التعاطي العلمي والمدروس مع ما يسمى في العلوم السياسية بالنسق العَقَدي للقادة، ونقصد هنا الرئيس دونالد ترامب وتصوراته ومنظومة تفكيره والبيئة المحيطة به لتطوير فهم أعمق يُمكّن دول المنطقة من تحقيق مكاسب إستراتيجية لم يكن متاحًا التفكير فيها من قبل كما تمّت الإشارة إليها في متن المقال.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline