في مقال "استشرافي/ نبوءة"، نشره ألفريد ماكوي في ديسمبر/ كانون الأول 2010 بموقع "توم ديسباتش"، قال فيه إنّ "زوال الولايات المتحدة كقوة عظمى عالمية قد يأتي بسرعة أكبر كثيرًا مما يتصوره أيّ شخص"، ثم أضاف بعد ذلك أنّ "التقييم الواقعي للاتجاهات المحلية والعالمية يشير إلى أنّه بحلول عام 2025، أي بعد خمسة عشر عامًا فقط من الآن، قد ينتهي كلّ شيء باستثناء الصراخ".
وفي مقال لاحق كتبه في "The Nation" يوم 18 يناير/ كانون الثاني 2024، قرر ماكوي بشكل قاطع "أنّ أربع سنوات أخرى من دبلوماسية ترامب "أميركا أولًا" سوف تدمر القوة العالمية المتدهورة بالفعل للبلاد".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مساعدون لهاريس يكشفون عن سبب هزيمتهاlist 2 of 2كاتبة: أميركا استأجرت القويend of listواتكأ في ذلك على دراسة وصفها بالكلاسيكية، كتبها مستشار الأمن القومي السابق زبيغنيو بريجنسكي بعد تقاعده عام 1997. واستنادًا إلى وجهة نظره القائلة بأنّ أوراسيا تظلّ الأساس المركزيّ للتفوق العالمي، زعم أنّ واشنطن كان عليها أن تفعل ثلاثة أشياء فقط للحفاظ على زعامة العالم: أولًا، الحفاظ على موقعها في أوروبا الغربية من خلال حلف شمال الأطلسي؛ ثانيًا، الحفاظ على قواعدها العسكرية على طول ساحل المحيط الهادئ؛ لكبح جماح الصين؛ وأخيرًا، منع أيّ "كيان منفرد حازم" مثل الصين أو روسيا من السيطرة على "الفضاء الأوسط" الحرج في آسيا الوسطى والشرق الأوسط.
ونظرًا لسجل ترامب في الماضي وتصريحاته الحالية، يبدو من المرجح للغاية أن يلحق ترامب أضرارًا بالغةً، إن لم يكن يدمر، تلك الركائز الأساسية للقوة العالمية الأميركية بحسب رأيه.
ولا شكّ أنّ انتخاب دونالد ترامب في عام 2016 ـ بالنسبة للمراقبين ـ كان فألًا آخر للانحدار الأميركي، ولم يرحب القطاع الأكبر من مؤسسة الأمن القومي الأميركية بصعوده، وبعد أربع سنوات رحبوا برحيله.
غير أنّه عاد بانتصار مريح إلى البيت الأبيض. فهل بوسع أحد الاصطفاف خلف الآراء الأكثر تشاؤمًا ويستشرف مستقبلًا "مأساويًا" لأعظم إمبراطورية في العصر الحديث؟! وذلك بتوقيع "ترامب" الرئيس الأكثر صخبًا و"فظاظةً" في التاريخ الأميركي. وهل يعتبر بدعًا أو نشازًا أو منعطفًا مفصليًا عن كلّ من تعاقبوا على رئاسة أميركا؟!
والحال أنّ الحكم على أدائه السياسي في تجربته الأولى والمحتملة في الثانية من جهة، وعلى مكانة الولايات المتحدة الأميركية ـ الانهيار المزعوم ـ والمتوقع استئنافه مع ترامب من جهة ثانية، يحتاج إلى مراجعة محايدة، واستحضار الأوزان النسبية للقوى الإقليمية التي تشاغب واشنطن، وترشحها المقاربات لتحل محل الأخيرة في زعامة العالم. وذلك لإدراج ترامب في سياقه الطبيعي، وحجم الضرر الذي سيلحق بمنزلة بلاده مع وجوده رئيسًا للبلاد، وما إذا كانت مجرد "فزاعة" لا تؤيدها الحقائق الموضوعية على الأرض.
والحال أنّ السياسة الخارجية لإدارة ترامب ـ في سنواته الأربع السابقة ـ كانت أكثر تقليدية مما يعترف به عمومًا. ففي حين سخر منه البيروقراطيون الأميركيون باعتباره منعزلًا، والذين يعتبرون هذا المصطلح إهانةً تقليدية، كان ترامب ملتزمًا بالهيمنة العسكرية غير المتنازع عليها للولايات المتحدة.
كما كان ترامب يحتقر التعاون الدولي بشروط غير تلك التي تطبقها بلاده، لكن هذا لم يكن بالأمر الجديد، وكانت الخلافات مع النخبة المثقفة في مجال السياسة الخارجية في معظمها مسائل تتعلق بالأسلوب، وليس بالمبادئ.
وفي أميركا اللاتينية، أوضح ترامب من خلال الإطار الإستراتيجي لنصف الكرة الغربي، الذي وضعته إدارته، أنّ نصف الكرة الغربي هو "جوارنا". وفي الشرق الأوسط، قلب ترامب التسوية الطفيفة التي توصلت إليها إدارة أوباما مع طهران، وبذلك عاد إلى الإستراتيجية الأميركية التقليدية المتمثلة في خنق إيران.
وانتقد ترامب تكاليف الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، لكن مستويات القوات الأميركية في المنطقة زادت خلال فترة وجوده في منصبه، كما حدث مع الإنفاق العسكري بشكل عام. وكانت غرائبه من غرائب الحزب الجمهوري الحديث، وهي انعكاس لتحول السياسة إلى اليمين وليس شذوذًا بربريًا، كما كان يردد خصومه على اتساعهم وتنوعهم.
وعلى الرغم من تعهده بالخروج من الحروب الخارجية، لم يفعل ترامب شيئًا من هذا القبيل، فقد واصل برنامج الاغتيالات العالمي الذي تأسس في عهد أوباما، وواصل الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة في اليمن.
واللافت ـ أيضًا ـ هو ما سجلته بعض المقاربات الرصينة بشأن إدارة ترامب للملف الأفغاني. إذ اعتبر آنذاك ـ الانسحاب الأميركيّ من أفغانستان في أغسطس/ آب 2021، والذي استلزم الانسحاب المتزامن لقوات أيّ حلفاء غربيين متبقين ـ بمثابة "موت آخر" للإمبراطورية الأميركية.
لقد طغى صخب الخروج النهائي جزئيًا على السّجل الرخيص لكلّ رئيس أميركي في أفغانستان، من بوش إلى بايدن. وكشف انهيار 20 عامًا من الاحتلال وبناء الدولة في أسابيع، أن الحكومة الأفغانية ـ وقتئذ ـ كانت تابعةً ومصطنعةً وفاسدة، بينما انتهى المخططون الأميركيون في عهد ترامب وبايدن، إلى أنّ الولايات المتحدة لم تعد قادرةً على تحمل تكاليف الحفاظ على حكومة هشة ومكشوفة في كابل.
أما التنبؤات الأكثر تشاؤمًا بشأن توقع "انهيار أميركا" فإنّها ـ أي تلك التنبؤات ـ كانت موجودةً قبل أن يظهر ترامب في صدارة المشهد السياسي الأميركي، فلمَ يقال إنّه أكبر معول شجّ مكانة الولايات المتحدة الأميركية، ووضعها على أوّلى محطات السقوط والتراجع بكلّ ما فيها من مبالغات وغلو وتطرف؟!
يقول ـ مثلًا ـ توم ستيفنسون في "الغارديان" يوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023: "منذ عقود، كان الناس يقولون إنّ عصر الهيمنة الأميركية يقترب من نهايته. ولكن في الواقع، لا يوجد حتى الآن أيّ لاعب عالمي آخر قادر على منافستها".
وفي كتابه الأخير "لا مثيل لها: لماذا ستظلّ أميركا القوة العظمى الوحيدة في العالم"، يوثق مايكل بيكلي ـ الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة تافتس ـ نقاط القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة، والتي تحول دون انهيارها، حتى لو كان على رأسها قيادة سياسية نزقة.
يقول بيكلي: إنّ هذا العصر فريدٌ من نوعه، ويعتقد أنّ الولايات المتحدة أصبحت أكثر قوةً من الدول الرائدة في الماضي. فمع امتلاكها 5% من سكان العالم، فإنّها تمثل 25% من الثروة العالمية، و35% من الابتكار العالمي، و40% من الإنفاق العسكري العالمي، وهي موطنٌ لنحو 600 من أكثر 2000 شركة ربحية في العالم، وخمسين من أفضل 100 جامعة.
بالإضافة إلى أنّ الولايات المتحدة لديها ثمانيةٌ وستون حليفًا رسميًا، وهي الدولة الوحيدة القادرة على خوض حروب كبرى خارج منطقتها الأصلية، حيث تمتلك 587 قاعدة منتشرة عبر اثنتين وأربعين دولة.
لقد أجرى المؤرخ بول كينيدي، من جامعة ييل، دراسةً شهيرةً قارن فيها بين القوى العظمى على مدى الخمسمائة عام الماضية وخلص إلى: "لم يوجد شيءٌ على الإطلاق مثل هذا التفاوت في القوة؛ لا شيء". إنّ الولايات المتحدة ـ بكلّ بساطة ـ "أعظم قوة عظمى على الإطلاق".
تتجاوز قوة الولايات المتحدة العسكرية، الاقتصادية، والعلمية جميع القوى التي سبقتها في التاريخ، وقدرتها على التأثير على الساحة الدولية لا تضاهى. ورغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها داخليًا وخارجيًا، بما في ذلك الصعود الصيني والتحديات الروسية، فإن شبكة تحالفاتها، وقوتها الاقتصادية الهائلة، وتفوقها التكنولوجي تضعها في موقع فريد لا يمكن تجاوزه بسهولة.
إن ما يطرحه البعض حول "انهيار" الولايات المتحدة قد يكون فيه شيء من المبالغة، وخاصة حين يتعلق الأمر بقدرتها على الاستمرار كقوة عظمى. فقدراتها على المناورة، وإعادة تشكيل سياساتها بما يتلاءم مع المتغيرات العالمية، تجعلها قادرة على التكيف والاستمرار في قيادة النظام العالمي.
في الختام، قد تكون السياسة الخارجية الأميركية في عهد ترامب مختلفة في أسلوبها وأولوياتها، وقد يثير ذلك القلق والتساؤلات حول استقرار النظام العالمي، إلا أن المؤسسات الأميركية القوية، والديناميات الاقتصادية والاجتماعية التي تقوم عليها الدولة، تجعل من الصعب تصور انهيار سريع وشامل للولايات المتحدة كقوة عظمى.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة ترامب فی
إقرأ أيضاً:
"البطاقة الذهبية" الأميركية.. خطوة جريئة في سياسة الهجرة
أثار اقتراح الرئيس دونالد ترامب طرح تأشيرة "البطاقة الذهبية" للأثرياء بقيمة 5 ملايين دولار جدلا واسعا، لكن هناك أمرا واحدا واضحا، وهو إعلان قوي عن انفتاح الولايات المتحدة على أصحاب الثروات الكبيرة الذين يرغبون في الاستثمار والمساهمة في الاقتصاد الأميركي.
ويرى رياز جعفري المحامي المتخصص بالهجرة والمستشار في التنقل العالمي للعائلات فائقة الثراء، أن هذه المبادرة خطوة إيجابية إلى الأمام.
تاريخيا، كانت الولايات المتحدة الوجهة الأولى للموهوبين والأثرياء والطموحين الذين يبحثون عن الفرص الاقتصادية والأمن.
وكان برنامج تأشيرة المستثمر المهاجر EB-5، الذي تم إطلاقه في عام 1990، أحد هذه المسارات التي أتاحت للمستثمرين الأجانب الحصول على الإقامة من خلال ضخ رأس المال في الاقتصاد الأميركي.
ولكن مع مرور الوقت، غرق البرنامج في روتين البيروقراطية وادعاءات الاحتيال وعدم الكفاءة، مما جعله أقل جاذبية للمستثمرين.
لذلك، يمكن لاقتراح ترامب، إذا تمت هيكلته بشكل صحيح، أن يقدّم بديلا جديدا ويوفر تعزيزا مباشرا للاقتصاد.
نهج اقتصادي سليم
نظريا، يمكن لبرنامج تأشيرة "البطاقة الذهبية" الذي طرحه ترامب أن يولد تريليونات الدولارات من الإيرادات، "إذا قمنا ببيع مليون، فهذا يعني 5 تريليونات دولار"، هكذا صرّح ترامب من المكتب البيضاوي في 25 فبراير.
وبالرغم من أن احتمال الوصول إلى مثل هذه الأرقام محل جدل، فإن الفكرة نفسها تمثّل حجة مقنعة: لماذا لا ندعو أثرى أثرياء العالم للاستثمار في الولايات المتحدة مقابل الحصول على الإقامة الدائمة؟.
على عكس أنواع التأشيرات الأخرى التي تتطلب مبررات واسعة تستند إلى المهارات، أو إيجاد فرص العمل، أو لمّ شمل الأسرة، أو الأسباب الإنسانية، فإن برنامج "البطاقة الذهبية" بسيط: ادفع 5 ملايين دولار واضمن الحصول على مكان في الولايات المتحدة.
هذا يلغي المراحل البيروقراطية والذاتية التي عانت منها برامج الهجرة الأخرى لمدة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، عند مقارنة البرنامج مع نظم الهجرة الاستثمارية الأخرى في أماكن مختلفة من العالم، مثل مالطا أو البرتغال أو اليونان، فإن "البطاقة الذهبية" الأميركية تُعَدّ من بين أكثر البرامج المرموقة والمرغوبة.
انتصار للاقتصاد الأميركي
جلب الأفراد ذوي الثروات الفائقة لا يتعلق فقط بمبلغ الخمسة ملايين دولار المدفوع مسبقا، فهؤلاء المستثمرون يجلبون أعمالهم وشبكات علاقاتهم وإمكانيات خلق فرص العمل. يشترون المنازل، وينفقون على المنتجات الفاخرة، ويستثمرون في الشركات الناشئة، ويساهمون في الأعمال الخيرية. لذا، فإن التأثير الاقتصادي المضاعف للسماح لمزيد من الأثرياء بالاستقرار في الولايات المتحدة هائل.
في الوقت الذي تلوح فيه مخاوف الديون الوطنية في الأفق، فإن طرح برنامج يضخ المليارات، وربما حتى تريليونات الدولارات، مباشرة في الاقتصاد دون زيادة الضرائب هو حل عملي ومبتكر. وهذه سردية مختلفة بشكل ملحوظ عن تصريحات ترامب السابقة حول الهجرة، التي غالبًا ما ركزت على القيود والضوابط. فعوضًا عن ذلك، يرسل هذا البرنامج رسالة واضحة: أميركا ترحب بالأعمال التجارية.
رسالة أكثر إيجابية لإفريقيا والأسواق الناشئة
أثارت تصريحات ترامب الأخيرة، التي أشار فيها إلى إمكانية قدوم الأفارقة إلى الولايات المتحدة كلاجئين، انتقادات لكونها غير ملائمة ومتعالية. بدلًا من ربط الهجرة بالأزمات واليأس، قدّم برنامج "البطاقة الذهبية" مسارًا طموحًا للأفارقة ومواطني الأسواق الناشئة الأخرى.
في جميع أرجاء أميركا اللاتينية وآسيا وآسيا الوسطى وإفريقيا، هناك فئة متنامية من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة الذين يبحثون عن بيئات مستقرة للاستثمار فيها وتربية جيلهم القادم. لطالما كانت أميركا الخيار الأول، متقدمة على كندا والمملكة المتحدة وأوروبا وأستراليا في جذب هذه المجموعة، لكن الأفكار المسبقة حول أجزاء من عالمهم حالت دون منحهم الضوء الأخضر. يمكن لبرنامج "الإقامة الذهبية" المنظم بشكل جيد أن يغيّر هذه الديناميكية.
على سبيل المثال، يستثمر العديد من الأفارقة الأثرياء بالفعل في العقارات وشركات التكنولوجيا والشركات الناشئة في الولايات المتحدة. لذا، فإن توفير مسار مبسط لحصولهم على الإقامة الدائمة من شأنه أن يعزز التزامهم بأميركا كمركز لأعمالهم ووطن ثانٍ، كما أنه سيعاكس الروايات القائلة بأن الولايات المتحدة أصبحت أقل ترحيبًا بالأجانب.
التحديات والاعتبارات
بالطبع، هناك مخاوف مشروعة حول برنامج "الإقامة الذهبية". أحد الأسئلة الرئيسية هو كيفية تدقيق حكومة الولايات المتحدة للمتقدمين.
أشار ترامب إلى أنه لن يكون هناك الكثير من القيود على الطلبات بحسب الجنسية أو العرق، على الرغم من أن أشخاصًا محددين قد يواجهون التدقيق. في حين أن الانفتاح أمر يستحق الثناء، فإن ضمان عدم تحول البرنامج إلى باب لدخول الأموال غير المشروعة أو الأشخاص ذوي الأجندات المريبة يعد أمرًا بالغ الأهمية.
بالإضافة إلى ذلك، ستكون الاعتبارات الضريبية عاملًا مهمًا في تحديد نجاح هذا البرنامج. قد يحتاج العديد من الأفراد ذوي الثروات الكبيرة إلى مساعدة قانونية إضافية إذا أصبحوا خاضعين للضرائب الأميركية في جميع أرجاء العالم.
إن هيكلة "البطاقة الذهبية" مثل التأشيرات الذهبية الشهيرة في أوروبا قد تكون تذكرة ترامب الرابحة. عندما أعلن ترامب عن "البطاقة الذهبية" في 25 فبراير، ألمح إلى أن هؤلاء الأفراد سيكونون معفيين من الضرائب الأميركية على الدخل غير الأميركي، تمامًا مثل نظام غير المقيم الملغى في المملكة المتحدة. إذا كانت المعاملة الضريبية الملائمة جزءًا من عرض "البطاقة الذهبية"، فسيكون ذلك بمثابة تغيير هائل، وبلا شك سيكون جذابًا جدًا لأثرى العائلات في العالم.
سواء على أساس الجدارة أم لا، فإن الحصول على جنسية ثانية ليس أمرًا جديدًا، ولكن خلال العقدين الماضيين تمت مناقشته بصورة أكثر علنية، وحتى الترويج له بهدوء في بعض "الوجهات المرموقة الأوروبية".
كوني ساعدت المئات من أصحاب الثروات الضخمة في الحصول على الإقامة والجنسية في جميع أنحاء العالم، أعتقد أن "البطاقة الذهبية" هي في الأساس فكرة جيدة جدًا. إنها تُقر بأن الهجرة ليست لعبة محصلتها صفر، بل هي أداة يمكن، عند استخدامها بشكل استراتيجي، أن تعزز صورة الاقتصاد وتخلق مجالات جديدة لفرص واعدة ومزدهرة.
بالنسبة للعائلات التي تبحث عن بيئة حديثة ومبتكرة مثل الولايات المتحدة، حيث يتوفر تعليم عالٍ من المستوى الأعلى إلى جانب الوصول إلى أسواق رأس المال لتوسيع أعمالهم، فإن هذا البرنامج يمثل دعوة متجددة. لطالما كانت أميركا أرض الفرص، وإذا تم تنفيذ هذا البرنامج بشكل جيد، فقد يعزز هذا الإرث بطريقة تعود بالنفع على كل من الولايات المتحدة وأولئك الذين اكتشفوا مؤخرًا مزايا الرأسمالية.
بدلًا من رفض هذه المبادرة بشكل قاطع، ينبغي على صناع السياسات العمل على تحسينها، وضمان أن تكون شفافة وعادلة ومتوافقة مع المصالح الاقتصادية طويلة الأجل لأميركا. وإذا تم تنفيذها بشكل صحيح، فقد يمثل برنامج "البطاقة الذهبية" تحولًا جذريًا في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع الهجرة ذات القيمة العالية، تحولًا يعزز مكانتها كوجهة رائدة لأفضل العقول والكفاءات في العالم.