الجزيرة:
2025-03-20@00:28:10 GMT

فوز ترامب والتنبؤ بزوال أميركا

تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT

فوز ترامب والتنبؤ بزوال أميركا

في مقال "استشرافي/ نبوءة"، نشره ألفريد ماكوي في ديسمبر/ كانون الأول 2010 بموقع "توم ديسباتش"، قال فيه إنّ "زوال الولايات المتحدة كقوة عظمى عالمية قد يأتي بسرعة أكبر كثيرًا مما يتصوره أيّ شخص"، ثم أضاف بعد ذلك أنّ "التقييم الواقعي للاتجاهات المحلية والعالمية يشير إلى أنّه بحلول عام 2025، أي بعد خمسة عشر عامًا فقط من الآن، قد ينتهي كلّ شيء باستثناء الصراخ".

وفي مقال لاحق كتبه في "The Nation" يوم 18 يناير/ كانون الثاني 2024، قرر ماكوي بشكل قاطع "أنّ أربع سنوات أخرى من دبلوماسية ترامب "أميركا أولًا" سوف تدمر القوة العالمية المتدهورة بالفعل للبلاد".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مساعدون لهاريس يكشفون عن سبب هزيمتهاlist 2 of 2كاتبة: أميركا استأجرت القويend of list

واتكأ في ذلك على دراسة وصفها بالكلاسيكية، كتبها مستشار الأمن القومي السابق زبيغنيو بريجنسكي بعد تقاعده عام 1997. واستنادًا إلى وجهة نظره القائلة بأنّ أوراسيا تظلّ الأساس المركزيّ للتفوق العالمي، زعم أنّ واشنطن كان عليها أن تفعل ثلاثة أشياء فقط للحفاظ على زعامة العالم: أولًا، الحفاظ على موقعها في أوروبا الغربية من خلال حلف شمال الأطلسي؛ ثانيًا، الحفاظ على قواعدها العسكرية على طول ساحل المحيط الهادئ؛ لكبح جماح الصين؛ وأخيرًا، منع أيّ "كيان منفرد حازم" مثل الصين أو روسيا من السيطرة على "الفضاء الأوسط" الحرج في آسيا الوسطى والشرق الأوسط.

ونظرًا لسجل ترامب في الماضي وتصريحاته الحالية، يبدو من المرجح للغاية أن يلحق ترامب أضرارًا بالغةً، إن لم يكن يدمر، تلك الركائز الأساسية للقوة العالمية الأميركية بحسب رأيه.

ولا شكّ أنّ انتخاب دونالد ترامب في عام 2016 ـ بالنسبة للمراقبين ـ كان فألًا آخر للانحدار الأميركي، ولم يرحب القطاع الأكبر من مؤسسة الأمن القومي الأميركية بصعوده، وبعد أربع سنوات رحبوا برحيله.

غير أنّه عاد بانتصار مريح إلى البيت الأبيض. فهل بوسع أحد الاصطفاف خلف الآراء الأكثر تشاؤمًا ويستشرف مستقبلًا "مأساويًا" لأعظم إمبراطورية في العصر الحديث؟! وذلك بتوقيع "ترامب" الرئيس الأكثر صخبًا و"فظاظةً" في التاريخ الأميركي. وهل يعتبر بدعًا أو نشازًا أو منعطفًا مفصليًا عن كلّ من تعاقبوا على رئاسة أميركا؟!

والحال أنّ الحكم على أدائه السياسي في تجربته الأولى والمحتملة في الثانية من جهة، وعلى مكانة الولايات المتحدة الأميركية ـ الانهيار المزعوم ـ والمتوقع استئنافه مع ترامب من جهة ثانية، يحتاج إلى مراجعة محايدة، واستحضار الأوزان النسبية للقوى الإقليمية التي تشاغب واشنطن، وترشحها المقاربات لتحل محل الأخيرة في زعامة العالم. وذلك لإدراج ترامب في سياقه الطبيعي، وحجم الضرر الذي سيلحق بمنزلة بلاده مع وجوده رئيسًا للبلاد، وما إذا كانت مجرد "فزاعة" لا تؤيدها الحقائق الموضوعية على الأرض.

والحال أنّ السياسة الخارجية لإدارة ترامب ـ في سنواته الأربع السابقة ـ كانت أكثر تقليدية مما يعترف به عمومًا. ففي حين سخر منه البيروقراطيون الأميركيون باعتباره منعزلًا، والذين يعتبرون هذا المصطلح إهانةً تقليدية، كان ترامب ملتزمًا بالهيمنة العسكرية غير المتنازع عليها للولايات المتحدة.

كما كان ترامب يحتقر التعاون الدولي بشروط غير تلك التي تطبقها بلاده، لكن هذا لم يكن بالأمر الجديد، وكانت الخلافات مع النخبة المثقفة في مجال السياسة الخارجية في معظمها مسائل تتعلق بالأسلوب، وليس بالمبادئ.

وفي أميركا اللاتينية، أوضح ترامب من خلال الإطار الإستراتيجي لنصف الكرة الغربي، الذي وضعته إدارته، أنّ نصف الكرة الغربي هو "جوارنا". وفي الشرق الأوسط، قلب ترامب التسوية الطفيفة التي توصلت إليها إدارة أوباما مع طهران، وبذلك عاد إلى الإستراتيجية الأميركية التقليدية المتمثلة في خنق إيران.

وانتقد ترامب تكاليف الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، لكن مستويات القوات الأميركية في المنطقة زادت خلال فترة وجوده في منصبه، كما حدث مع الإنفاق العسكري بشكل عام. وكانت غرائبه من غرائب الحزب الجمهوري الحديث، وهي انعكاس لتحول السياسة إلى اليمين وليس شذوذًا بربريًا، كما كان يردد خصومه على اتساعهم وتنوعهم.

وعلى الرغم من تعهده بالخروج من الحروب الخارجية، لم يفعل ترامب شيئًا من هذا القبيل، فقد واصل برنامج الاغتيالات العالمي الذي تأسس في عهد أوباما، وواصل الحرب التي تدعمها الولايات المتحدة في اليمن.

واللافت ـ أيضًا ـ هو ما سجلته بعض المقاربات الرصينة بشأن إدارة ترامب للملف الأفغاني. إذ اعتبر آنذاك ـ الانسحاب الأميركيّ من أفغانستان في أغسطس/ آب 2021، والذي استلزم الانسحاب المتزامن لقوات أيّ حلفاء غربيين متبقين ـ بمثابة "موت آخر" للإمبراطورية الأميركية.

لقد طغى صخب الخروج النهائي جزئيًا على السّجل الرخيص لكلّ رئيس أميركي في أفغانستان، من بوش إلى بايدن. وكشف انهيار 20 عامًا من الاحتلال وبناء الدولة في أسابيع، أن الحكومة الأفغانية ـ وقتئذ ـ كانت تابعةً ومصطنعةً وفاسدة، بينما انتهى المخططون الأميركيون في عهد ترامب وبايدن، إلى أنّ الولايات المتحدة لم تعد قادرةً على تحمل تكاليف الحفاظ على حكومة هشة ومكشوفة في كابل.

أما التنبؤات الأكثر تشاؤمًا بشأن توقع "انهيار أميركا" فإنّها ـ أي تلك التنبؤات ـ كانت موجودةً قبل أن يظهر ترامب في صدارة المشهد السياسي الأميركي، فلمَ يقال إنّه أكبر معول شجّ مكانة الولايات المتحدة الأميركية، ووضعها على أوّلى محطات السقوط والتراجع بكلّ ما فيها من مبالغات وغلو وتطرف؟!

يقول ـ مثلًا ـ توم ستيفنسون في "الغارديان" يوم 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023: "منذ عقود، كان الناس يقولون إنّ عصر الهيمنة الأميركية يقترب من نهايته. ولكن في الواقع، لا يوجد حتى الآن أيّ لاعب عالمي آخر قادر على منافستها".

وفي كتابه الأخير "لا مثيل لها: لماذا ستظلّ أميركا القوة العظمى الوحيدة في العالم"، يوثق مايكل بيكلي ـ الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة تافتس ـ نقاط القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة، والتي تحول دون انهيارها، حتى لو كان على رأسها قيادة سياسية نزقة.

يقول بيكلي: إنّ هذا العصر فريدٌ من نوعه، ويعتقد أنّ الولايات المتحدة أصبحت أكثر قوةً من الدول الرائدة في الماضي. فمع امتلاكها 5% من سكان العالم، فإنّها تمثل 25% من الثروة العالمية، و35% من الابتكار العالمي، و40% من الإنفاق العسكري العالمي، وهي موطنٌ لنحو 600 من أكثر 2000 شركة ربحية في العالم، وخمسين من أفضل 100 جامعة.

بالإضافة إلى أنّ الولايات المتحدة لديها ثمانيةٌ وستون حليفًا رسميًا، وهي الدولة الوحيدة القادرة على خوض حروب كبرى خارج منطقتها الأصلية، حيث تمتلك 587 قاعدة منتشرة عبر اثنتين وأربعين دولة.

لقد أجرى المؤرخ بول كينيدي، من جامعة ييل، دراسةً شهيرةً قارن فيها بين القوى العظمى على مدى الخمسمائة عام الماضية وخلص إلى: "لم يوجد شيءٌ على الإطلاق مثل هذا التفاوت في القوة؛ لا شيء". إنّ الولايات المتحدة ـ بكلّ بساطة ـ "أعظم قوة عظمى على الإطلاق".

تتجاوز قوة الولايات المتحدة العسكرية، الاقتصادية، والعلمية جميع القوى التي سبقتها في التاريخ، وقدرتها على التأثير على الساحة الدولية لا تضاهى. ورغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها داخليًا وخارجيًا، بما في ذلك الصعود الصيني والتحديات الروسية، فإن شبكة تحالفاتها، وقوتها الاقتصادية الهائلة، وتفوقها التكنولوجي تضعها في موقع فريد لا يمكن تجاوزه بسهولة.

إن ما يطرحه البعض حول "انهيار" الولايات المتحدة قد يكون فيه شيء من المبالغة، وخاصة حين يتعلق الأمر بقدرتها على الاستمرار كقوة عظمى. فقدراتها على المناورة، وإعادة تشكيل سياساتها بما يتلاءم مع المتغيرات العالمية، تجعلها قادرة على التكيف والاستمرار في قيادة النظام العالمي.

في الختام، قد تكون السياسة الخارجية الأميركية في عهد ترامب مختلفة في أسلوبها وأولوياتها، وقد يثير ذلك القلق والتساؤلات حول استقرار النظام العالمي، إلا أن المؤسسات الأميركية القوية، والديناميات الاقتصادية والاجتماعية التي تقوم عليها الدولة، تجعل من الصعب تصور انهيار سريع وشامل للولايات المتحدة كقوة عظمى.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة ترامب فی

إقرأ أيضاً:

إدارة ترامب تبدأ عمليات تسريح واسعة لموظفي إذاعة "صوت أميركا" وشبكة "الحرة"

بدأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأحد عمليات تسريح واسعة النطاق في إذاعة « صوت أميركا » (فويس أوف أميركا) ووسائل إعلام أخرى ممولة من الولايات المتحدة، مؤكدة بذلك نيتها القضاء على منصات لطالما اعتبرت ضرورية بالنسبة لنفوذ واشنطن.

وبعد يوم فقط على منح جميع الموظفين إجازة، تلقى الموظفون العاملون بموجب عقود محددة رسالة عبر البريد الإلكتروني تبلغهم بإنهاء خدماتهم بحلول نهاية مارس.

وأبلغ المتعاقدون في الرسالة التي أكدها عدد من الموظفين لفرانس برس، بأن « عليكم التوقف عن كل العمل فورا ولا يسمح لكم بدخول أي أبنية أو أنظمة تابعة للوكالة ».

وحذر الاتحاد الأوروبي من أن تلك الخطوة قد تصب في « صالح خصومنا المشتركين ».

وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية باولا بينيو « نعتبر وسائل الإعلام منارات للحقيقة والديموقراطية والأمل لملايين الناس حول العالم ».

وأضافت أن « حرية الصحافة … أمر بالغ الأهمية للديموقراطية وهذا القرار يخاطر بأن يصب في مصلحة خصومنا المشتركين » بدون أن تسمي دولا أو جماعات أو أفرادا.

وأكدت بينيو أن قرار تجميد تمويل وسائل الإعلام الممولة أميركيا سي ناقش خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين.

يشكل المتعاقدون الجزء الأكبر من القوة العاملة لدى « صوت أميركا » خصوصا في الخدمات باللغات غير الإنكليزية، رغم عدم توافر أرقام حديثة بعد.

والعديد من المتعاقدين ليسوا مواطنين أميركيين، ما يعني أنهم يعتمدون على الأرجح على وظائفهم من أجل تأشيرات البقاء في الولايات المتحدة.

ولم تتم فورا إقالة الموظفين العاملين بدوام كامل الذين يحظون بحماية قانونية، لكنهم منحوا إجازة إدارية وطلب منهم عدم العمل.

وتبث إذاعة « صوت أميركا » التي تأسست أثناء الحرب العالمية الثانية بـ49 لغة وتمثلت مهمتها بالوصول إلى البلدان التي لا تتمتع بحرية الإعلام.

وقال الصحافي لدى « صوت أميركا » ليام سكوت الذي يغطي الحريات الصحافية والتضليل إنه تم تبليغه بخبر إقالته اعتبارا من 31 مارس.

وأشار على « إكس » إلى أن تدمير إدارة ترامب لـ »صوت أميركا » ومنصات إعلامية أخرى تندرج « في إطار جهودها لتفكيك الحكومة على نطاق أوسع، لكنها أيضا جزء من هجوم الإدارة الأوسع على حرية التعبير والإعلام ».

وأضاف « غطيت حرية الصحافة لمدة طويلة ولم أر قط شيئا على غرار ما حدث في الولايات المتحدة خلال الشهور القليلة الماضية ».

وانتقلت بعض الخدمات التابعة لـ »صوت أميركا » لبث الموسيقى بسبب نقص البرامج الجديدة.

وقع ترامب أمرا تنفيذيا الجمعة يستهدف « الوكالة الأميركية للإعلام العالمي » في آخر تحرك لخفض الإنفاق في الحكومة الفدرالية.

وكان لدى الوكالة 3384 موظفا في العام المالي 2023. وطلبت 950 مليون دولار للعام المالي الحالي.

وجمدت إجراءات الخفض الواسعة أيضا عمل « إذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي » التي تأسست خلال الحرب الباردة للوصول إلى التكتل السوفياتي السابق وإذاعة « آسيا الحرة » التي تأسست لتوفير تغطية إلى الصين وكوريا الشمالية وبلدان آسيوية أخرى يخضع الإعلام فيها لقيود مشددة.

تشمل المنصات الأخرى الممولة أميركيا التي يتم تفكيكها « راديو فردا »، وهي إذاعة بالفارسية تحجبها الحكومة الإيرانية وشبكة « الحرة » الناطقة بالعربية التي تأسست بعد غزو العراق في مواجهة قناة الجزيرة في قطر.

تأتي تحركات ترامب في وقت تستثمر روسيا والصين بشكل كبير في الإعلام الرسمي لمنافسة الروايات الغربية، إذ توفر الصين عادة محتوى مجانيا للمنصات في البلدان النامية.

كلمات دلالية إغلام الحرة المتحدة الولايات ترامب تسريح تفكيك صحافة وظائف

مقالات مشابهة

  • ترامب يقترح ملكية أميركا لمحطات الطاقة الأوكرانية
  • إلى متى تستمر الهجمات الأميركية على اليمن؟ إجابات من واشنطن
  • ترامب: الرئيس الصيني سيزور الولايات المتحدة قريباً
  • هل ترامب هو (غورباتشوف) الولايات المتحدة ؟؟
  • الولايات المتحدة: الطبيبة التي تم ترحيلها إلى لبنان لديها صور للتعاطف مع حزب الله
  • خبراء أمميون: الإجراءات الأميركية بحق طلاب مناهضين لإسرائيل غير متكافئة
  • إدارة ترامب تبدأ عمليات تسريح واسعة لموظفي إذاعة "صوت أميركا" وشبكة "الحرة"
  • بقرار من ترامب.. خفض التمويل يُخفت "صوت أميركا"
  • الخزانةة الأميركية تثير القلق: "لا ضمانات" بعدم حدوث ركود اقتصادي
  • مقامرة ترامب التي ستضع الدولار في خطر