عقد المركز المصري للدراسات الاقتصادية، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان: "نظرة على الأسواق المالية بالربع الثالث من عام 2024"، تم خلاله عرض ومناقشة ما حدث فى الأسواق المالية عالميا وتأثيراتها على الأسواق الناشئة والاقتصاد المصري خلال الربع الثالث من 2024، وهو التقرير الذى بدأ المركز إعداده شهريا اعتبارا من يناير، ويتم عرض ومناقشة نتائجه بصورة ربع سنوية، بهدف فهم الأسواق المالية فى ظل التشابكات الكبيرة لها وتأثيراته عالميا وإقليميا ومحليا.

ويركز التقرير على عدد من الدول لدراسة أسواقها، وهى الدول التى يركز المركز على دراستها فى تقاريره، وهى مجموعة الدول المتقدمة وتشمل أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والصين وكندا، ومجموعة الدول المنافسة ودول الجوار وهى دول الأسواق الناشئة مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا وتركيا والمغرب والإمارات، ويركز التقرير على دراسة المتغيرات التى تحدث فى الدول المتقدمة وتأثيراتها على الدول الناشئة والاقتصاد المصري، ولا يتضمن وضع توقعات مستقبلية.

التنظيم والإدارة يعلن إتاحة الاستعلام عن نتيجة المقابلة الشفوية للمتقدمين بـ3 مسابقات وظائف وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق استراتيجية العمران الأخضر الإحصاء: 26.5 مليون دولار قيمة التبادل التجاري بين مصر واستونيا خلال 9 أشهر

وعرض عمر الشنيطي الشريك التنفيذي بزيلا كابيتال والاستشارى بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، أهم نتائج التقرير، فعلى المستوى العالمي شهدت فترة الربع الثالث من 2024 تباينا فى توجهات أسعار السلع العالمية، فلم تقفز أسعار البترول بشكل كبير خلال الـ13 شهرا الماضية وهذا يعنى أن  سوق لا يرى حربا، ولكن مع تصاعد الصراع بين إيران والكيان المحتل قفزت أسعار البترول ثم عادت للانخفاض بشكل كبير، بينما ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي فى آخر شهرين بسبب النزاعات، وتراجع خام الحديد بسبب المخاوف من التباطؤ الاقتصادي، وهو ما يفسر قرار الفيدرالى الأمريكي بخفض الفائدة بنحو نصف بالمائة بأكثر من التوقعات نتيجة مخاوف الركود، وشهدت أسعار الذهب ارتفاعا كبيرا لتكسر حاجز الـ 2700 دولارا للأوقية بسبب تراجع أسعار الفائدة وقرب الانتخابات الأمريكية، ولكن من المتوقع انخفاض أسعار الذهب بعد فوز ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.

وفيم يتعلق بتطورات التضخم و أسعار الفائدة، فقد تحققت التوقعات بأن يكون العام الحالى هو عام التيسير النقدى، حيث تراجع التضخم خلال الربع الثالث من العام فى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا مدفوعا بتراجع الأسعار، وهو ما نتج عنه خفض الفائدة الأمريكية بنحو نصف بالمائة، وهو ضعف النسبة المتوقعة، ومن المنتظر أن  تتراجع الفائدة بنحو 2.5 – 3% حتى نهاية عام 2025.

وبالنسبة للأسواق المالية العالمية، أشار الشنيطي إلى أن السوق الأمريكي حاليا فى أعلى نقطة، وهذا يفسر الفقاعة التى حدثت فى شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال فقدت شركة نفيديا تريليون دولار من رأسمالها فى أسبوع، بينما شهدت أسواق المال الصينية ارتفاعا خلال الفترة الماضية بسبب سياسة التحفيز التى أعلنت عنها الحكومة الصينية، وحدث نمو كبير بالصين، لكن أصبح لديها فقاعة عقارية منذ سنوات وانخفضت أسعار العقارات بشكل كبير وحدث ركود كبير لذا قررت الصين عمل سياسة تحفيزية وارتفعت بعض الأسهم بنسبة 70% ثم تراجعت، لافتا إلى أن تأثير الصين سيظهر على الدول الناشئة والقريبة مثل كوريا الجنوبية.

وفيم يتعلق بتكلفة الاقتراض، أوضح الشنيطى أنه رغم خفض الفائدة عالميا إلا أن هذا لم ينعكس على خفض تكلفة الاقتراض، وهناك ارتفاعا كبيرا فى آخر شهرين لتكلفة الدين فى أمريكا وكندا وألمانيا.

وحول التأثير على الأسواق الناشئة، فهناك دول لم تتأثر بتراجع الفائدة عالميا، ومازالت تعانى من ارتفاع التضخم ولم تخفض سعر الفائدة مثل تركيا والبرازيل، وهناك دول شهدت تراجع التضخم وقامت بتخفيض سعر الفائدة مثل الإمارات وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية. ومازالت الأسواق الناشئة تمر بضغوط على عملاتها بسبب التوترات السياسية.

وشهدت أسواق المال بالدول الناشئة حالة من الاضطراب فى الربع محل الدراسة بسبب التوترات السياسية، خاصة أسواق السعودية وتركيا والإمارات، في حين لم تتأثر السوق الهندية بالصين، بسبب وجود سياسة تصنيعية تصديرية جيدة جدا لدى الهند، وتعد سوق كوريا الجنوبية قصة نجاح ولكنها تأثرت بالصين بشكل كبير. ولم تنخفض تكلفة الدين بالأسواق الناشئة.

وعلى صعيد التأثير على مصر، أوضح الشنيطى أن الاتفاقيات الى وقعتها مصر مع صندوق النقد والاتحاد الأوروبي واتفافية مشروع رأس الحكمة ساهمت فى تراجع الدين الخارجي بشكل كبير جدا، ولكن هناك التزامات مالية بأرقام كبيرة على مصر حتى نهاية عام 2025، ونتيجة ذلك فإن تكلفة الاقتراض مرتبطة بحجم الدين واستقرار سعر الصرف والتصنيف والوضع العالمي، لافتا إلى أن تكلفة الدين ارتفعت فى أكتوبر الماضى بعد الانخفاض الذى شهدته خلال الفترة الماضية، وهو ما يرتبط برؤية المستثمرين للسوق ومدى ثبات سعر الصرف وما يحدث فى الإقليم. وأشار إلى أن رفع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني مصر إلى B من B- مؤشر جيد ولكننا ما زلنا بعيدين ومازالت تكلفة الاقتراض مرتفعة جدا.

وتابع الشنيطي أن ارتفاع مستوى التضخم فى مصر، له عدة أسباب منها رفع أسعار المحروقات والطاقة، والتوسع فى طباعة النقود الذى يمثل جزءا كبيرا من المشكلة، وهناك توجه حاليا لسحب السيولة النقدية الزائدة من السوق، ولكن بعد 5 أشهر من التراجع بدأ التضخم يعاود الارتفاع بسبب رفع أسعار المحروقات، وهو أمر ليس جيدا.

ومازال سعر الفائدة ثابت، وهو السمة الغالبة فى الأسواق الناشئة، نتيجة استمرار ارتفاع التضخم، وهناك استقرار فى صافى الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي والذى كان مكشوفا بعجز بقيمة 27 مليار دولار فى الربع الأول، ثم تحول إلى فائض بعد توقيع الاتفاقيات الكبري، ولكن منذ نحو شهرين خرجت أموالا ساخنة من السوق ولكن استقر الوضع، وعلى مستوى سعر الصرف فقد ظل موحدا بعد التعويم ولكن حاليا ظهر تباين بين أسعار الصرف ولكنها فروقات منخفضة.

من جانبه عقب هانى توفيق رئيس مجلس إدارة المستثمرون الدوليون، أن هناك أداء سئ جدا لسوق المال المصري من ناحية نسبته للناتج المحلى الإجمالى والتى تبلغ نحو 17% فقط، فى حين أن هذه النسبة تصل فى بعض الدول إلى 60% ، وهذا يعكس انخفاض دور القطاع الخاص والاستثمارات الخاصة، لافتا إلى أن أداء سوق المال بالقيمة النقدية للأسهم فى تراجع عند تقييمه بالدولار، مؤكدا ضرورة الأخذ فى الاعتبار معدلات التضخم لنصل إلى القيمة الحقيقية للأسهم عند مقارنة الأداء لفترات طويلة، كما شدد على وجود علاقة مباشرة بين الاستثمار الأجنبي المباشر وتحسن أداء سوق المال.

وأشار توفيق إلى أن مستهدف الحكومة للنزول بمعدل التضخم إلى 10% فى نهاية 2025، يتعارض مع إجراءات الحكومة فى زيادة أسعار المحروقات التى ينتج عنها ارتفاع التضخم، وتعليقا على الأموال الساخنة أشار إلى أنها ليست كلها شر ولكن يجب أن يحسن استخدامها فى تمويل رأس المال العامل وتوفير واردات الخامات ومكونات الإنتاج حتى يمكنها تحقيق عوائد من التصدير، وأن يتم تجنيبها حتى لا تحدث أزمة عند خروجها مرة واحدة.

من جانبه قال الدكتور مدحت نافع أستاذ الاقتصاد ومساعد وزير التموين السابق، أننا نغذى التضخم برفع الأجور الاسمية دون إنتاج حقيقي ورفع الأسعار خاصة المحروقات، وهو ما يسهم فى زيادة التضخم وهو ما يتعارض مع سياسة التشديد النقدي، وأشار إلى أن الحكومة تتعامل بشكل خاطئ فى ملف الدعم، حيث أنها تعتبر كل زيادة فى التكلفة باعتبارها دعم، وفى ظل وضع احتكارى فى تقديم الخدمات، مؤكدا أن تحرير الأسعار يتطلب تحرير السوق، مطالبا بإعادة تعريف الدعم والتفرقة بين التكلفة لما هو مدعوم والتكلفة الناتجة عن انخفاض كفاءة الدعم  وارتفاع الهدر والتسريب حتى يتم إظهار تكلفة الدعم الحقيقية.

وأشار نافع إلى أن توحيد سعر الصرف أمر هام ولكن الأهم هو توافر الدولار، لافتا إلى أن الطلب على الدولار هو طلب مشتق على الواردات وسداد الديون التى تنمو بشكل مخيف منذ عام 2017، وأصبحت نحو 47% من الموازنة العامة يوجه لخدمة الدين، مشيرا إلى أنه فى آخر سنتين ماليتين زاد حجم خدمة الدين والاستثمارات الحكومية فى الموازنة العامة مقابل تراجع كافة البنود الأخرى.

وأكد شريف سامى رئيس هيئة الرقابة المالية سابقا، على خطأ  أن نعول على طروحات الشركات العامة فى البورصة، في حين أن شركات القطاع الخاص الكبيرة يجب أن تكون هى الوقود الذى يغذي البورصة، معربا عن اختلافه مع إعلان قائمة من الشركات العامة المزمع طرحها وفق جدول زمنى، لأنه فى حالة عدم تنفيذ هذه الطروحات فهذا يثير علامات استفهام عديدة، فى حين أن الأفضل هو طرح الشركة الجاهزة مباشرة عندما تأتي الفرصة لذلك، مع عدم طرح الكيانات الصغيرة أو المتوسطة لأنها لن تكون فكرة ناجحة.

وتعليقا على تحسن التصنيف الائتماني لمصر، أشار سامي، إلى أنه يمثل حلا لمشكلة آنية ولكن يجب التركيز على مقياس تدفق الاستثمارات الحقيقية واستثمار القطاع الخاص المصري بعيدا عن فكرة صفقات المرة الواحدة.

وعلقت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، بقولها أن المشكلة الحقيقية للاقتصاد المصري تكمن فى عدم تحقيق الإصلاح المؤسسي وعدم تطبيق اللامركزية، بجانب عدم كفاءة منظومة الدعم، وهو ما يتطلب إصلاح هيكلى حقيقي شامل وفصل مقدم الخدمة عن تقييمها، معربة عن خلافها مع اعتبار عمليات الاستحواذ وبيع الشركات استثمارات، لأنها مجرد نقل ملكية لاستثمارات قائمة بالفعل وليست استثمارات جديدة. وأشارت إلى أن الحكومة توجهت لصندوق النقد الدولي لوجود مشكلة اقتصادية لدينا لكننا لا نتخذ أى إجراءات سوى زيادة الأسعار.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: صندوق النقد القطاع الخاص ترامب البترول الإقتصاد المصرى الغاز الطبيعى الانتخابات الموازنة العامة خفض الفائدة معدل التضخم الأسواق الناشئة الربع الثالث من تکلفة الاقتراض لافتا إلى أن بشکل کبیر سعر الصرف وهو ما

إقرأ أيضاً:

خبراء وممثلو أجهزة المنافسة حول العالم يعلقون على التجربة المصرية في مجال سياسات المنافسة

شهد المؤتمر السنوي الثاني لجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية؛ مشاركة دولية واسعة من ممثلي المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بسياسات المنافسة وممثلي أجهزة المنافسة بعدد من الدول، وهو المؤتمر الذي عُقد بمناسبة مرور 20 عاما على إنشاء الجهاز.

أسعار الذهب في السعودية اليوم الأربعاء 30 أبريلوزير الإسكان يتابع موقف المشروعات ونتائج حملات مواجهة المخالفات بمدينة بدر

حيث قال مكسيم يرمالوفيتش، عضو مجلس الإدارة والوزير المسؤول عن المنافسة وتنظيم مكافحة الاحتكار في المفوضية الاقتصادية الأوراسية، إن مصر تُعد واحدة من الشركاء الرئيسيين للمفوضية الاقتصادية الأوراسية في العالم العربي والقارة الأفريقية.

وأشار إلى أن التجارة بين مصر ودول الاتحاد الأوراسي تجاوزت 8 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، مما يعكس ديناميكية إيجابية في العلاقات التجارية الثنائية، موضحًا أن القيادة المصرية ملتزمة بتحقيق تكامل فعال في النظام التجاري والاقتصادي العالمي.

وأعرب عن اهتمام مصر المتزايد بتوسيع العلاقات التجارية، سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار التعاون الإقليمي، مضيفًا أن مصر تشارك بنشاط في العديد من الإطارات الإقليمية الرئيسية مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، واتفاقية الكوميسا، وغيرها.

وأشار إلى انضمام مصر إلى منظمة التجارة العالمية في العام الماضي، مما يعزز التعاون بين مصر والمفوضية الاقتصادية الأوراسية.
وأكد يرمالوفيتش أن مصر تمثل سوقًا محليًا ضخمًا يتمتع بميزات تنافسية فريدة وحجم كبير من التجارة الخارجية، مما يجعلها عرضة لبعض أشكال المنافسة غير العادلة التي يجب فهمها ودراستها ومعالجتها من خلال التدابير الوقائية.

وأشار إلى الدور النشط لرئيس جهاز حماية المنافسة، الدكتور محمود ممتاز، الذي يُعتبر عضوًا مهمًا في تعزيز التعاون بين هيئات المنافسة في قارة أفريقيا.

وأوضح أن هناك مجالات أخرى للتعاون بين المفوضية الاقتصادية الأوراسية وجهاز حماية المنافسة، مثل أسواق التجارة الإلكترونية، التي تشهد اهتمامًا كبيرًا من جميع هيئات المنافسة في العالم، وكذلك أسواق السلع. وأضاف أن هناك حاجة لإيجاد آليات جديدة لضمان الممارسة العادلة في الأسواق الدولية، وهو أمر يسهم في تعزيز استقرار التجارة العالمية.

وصرح وليام كوفاتشيك، أستاذ قانون المنافسة في جامعة جورج واشنطن ورئيس مفوضية التجارة الفيدرالية بالولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، أن المنافسة تعد من الركائز الأساسية لتعزيز الأداء الاقتصادي في أي دولة، مشيرًا إلى ضرورة أن تولي مصر أولوية كبيرة لسياسة المنافسة ضمن إطار أجندتها للإصلاح الاقتصادي.

وأوضح كوفاتشيك خلال كلمته في الجلسة الأولى بعنوان "عشرون عامًا من تطور مناخ المنافسة في مصر: تعزيز السياسات والشراكات الدولية"، أن المنافسة تسهم في تحسين الأداء الاقتصادي بشكل عام عبر عدة طرق، من أهمها مواجهة السلوكيات الخاصة التي تؤثر سلبًا على تقديم منتجات أفضل بأسعار منخفضة وتشجيع الابتكار.

وأشار إلى أن قطاع المشتريات العامة يعد مثالًا قويًا على ذلك، حيث تمثل المشتريات العامة في مصر نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فإن تحسين أداء هذا القطاع ولو بنسبة صغيرة يمكن أن يحدث تأثيرًا كبيرًا في مجالات حيوية مثل التعليم، الرعاية الصحية، النقل، والبنية التحتية.

وتابع كوفاتشيك، قائلًا: "جهاز حماية المنافسة ليست مجرد جهة رقابية، بل أصبحت مرجعًا أساسيًا للحكومة المصرية في تطوير السياسات الاقتصادية، خاصة على المستوى الجزئي. وتُعتبر واحدة من أهم مصادر المعرفة حول السياسات الاقتصادية في العديد من الدول.".

وعن أهمية سياسة المنافسة في خلق الفرص الاجتماعية، أضاف كوفاتشيك: "من خلال اعتماد الحكومات على الأسواق الحرة، تُستخدم قوانين المنافسة لضمان استفادة المواطنين من النمو الاقتصادي بشكل عادل، وهذا يسهم في خلق بيئة تمكن الأفراد من النجاح وتحقيق إمكانياتهم بالكامل، مما يعزز من مستوى الرفاهية العامة للمواطنين."

وفي سياق تقييم تطور جهاز حماية المنافسة في مصر، أشار كوفاتشيك إلى أن الجهاز أثبت نجاحًا كبيرًا على مر السنين، مشيدًا بقيادات الجهاز والتي كان لها دورا كبيرا في تعزيز دوره في تطور السياسات الاقتصادية في مصر.

أما أليكسي إيفانوف، مدير مركز قانون وسياسات المنافسة لدول البريكس وأستاذ القانون بجامعة الدراسات العليا للاقتصاد، أكد على أن دور هيئات المنافسة أصبح حيويًا في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم اليوم.

وأشار إلى أهمية دور المنافسة في تعزيز نمو الأسواق وتحقيق التوازن بين مصالح الشركات والمستهلكين، خاصة في ظل التحولات السريعة التي تشهدها الأسواق العالمية.

وأوضح إيفانوف أن التغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم حاليًا تؤدي إلى تغيير سريع في "قواعد اللعبة" في الأسواق العالمية، مؤكدًا أن هيئات المنافسة يجب أن تكون في قلب هذه التغييرات عبر تبني دور استباقي في معالجة هذه التحولات.

وقال: "في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، لم تعد الأسواق العالمية تعمل بالطريقة التي كانت عليها في الماضي. لذلك، من الضروري أن تتخذ هيئات المنافسة نهجًا نشطًا وتعمل على تعزيز الشفافية وكفاءة الأسواق."

وأشار إيفانوف إلى أن واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الأسواق العالمية هي سوق الحبوب، والذي يعاني من قلة الشفافية والاحتكار من قبل كبار التجار والمستثمرين. وأضاف قائلاً: "سوق الحبوب العالمي يحتاج إلى إصلاحات هيكلية عاجلة. نحن بحاجة إلى منصة تبادل حبوب أكثر شفافية وكفاءة بحيث تكون أكثر إنصافًا وفاعلية. ومن خلال ذلك، يمكننا ضمان مصالح المستهلكين والدول التي تعتمد على استيراد الحبوب."

كما شدد إيفانوف على أهمية التعاون بين هيئات المنافسة في دول مثل مصر، التي تمتلك موقعًا إستراتيجيا كحلقة وصل بين مناطق متعددة في العالم.

ولفت إلى أن هيئات المنافسة في مصر ودول البريكس يمكن أن يكون لها دورًا محوريًّا في إحداث تغييرات هيكلية حقيقية في أسواق الحبوب، وذلك من خلال التعاون بين هذه الدول لتطوير سياسات تشجع على الشفافية وتحسن من تنظيم السوق.

كما أكد على ضرورة التعاون الدولي بين هيئات المنافسة في مختلف الدول حول العالم، مضيفًا "إذا تضافرت جهود هيئات المنافسة من خلال التعاون المشترك، يمكننا تغيير قواعد السوق بشكل إيجابي وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تعود بالفائدة على الدول النامية والمستهلكين على حد سواء."

أما البروفيسور يوانيس ليانوس، أستاذ قانون وسياسات المنافسة الدولية بكلية القانون جامعة لندن، وعضو محكمة الاستئناف الخاصة بالمنافسة بالمملكة المتحدة والرئيس السابق لمفوضية المنافسة اليونانية، على أهمية الدور المزدوج الذي تلعبه الهيئات التنظيمية للمنافسة في العصر الرقمي الحديث.

وأشار ليانوس، خلال الجلسة الثانية تحت عنوان "العلاقة بين قوانين وسياسات المنافسة: دور التشريع والقضاء في دعم الإنفاذ الفعال لحماية المنافسة"، إلى أن هيئات المنافسة بحاجة إلى تنفيذ القانون بشكل فعال، بناءً على الأدلة المتعلقة بالمنافسة.

وأضاف أن دور هذه الهيئات لا يقتصر فقط على التطبيق القضائي، بل يتطلب منها أيضًا دورًا نشطًا في توجيه السياسات العامة التي تحمي المنافسة على المدى الطويل مع ضمان النمو والابتكار.

وقال ليانوس: "في العصر الرقمي الحالي، حيث تتداخل العديد من القطاعات الاقتصادية، يصبح من الضروري على هيئات المنافسة تعزيز دورها في حماية المنافسة من خلال المشاركة النشطة في صياغة السياسات العامة."

وأضاف أن هيئات المنافسة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بدأت تدمج بشكل أكثر فاعلية بين سياسات المنافسة والسياسات العامة، مما يعزز النمو والابتكار المستدام.

وأوضح البروفيسور ليانوس أن من أبرز التحديات التي تواجه هذه الهيئات هو الحفاظ على استقلالها في تطبيق القوانين، مع ضرورة مشاركتها في تصميم السياسات العامة لضمان تأثير طويل الأمد في الاقتصاد، لافتًا إلى ضرورة التركيز على نظام الإنفاذ الإداري بجانب النظام القضائي، لتمكين الهيئات من فرض غرامات في حال وجود انتهاكات لقوانين المنافسة.

وأكد أيضًا على أهمية تعزيز دور الهيئات في مجلس السياسات التنافسية، مما يسمح بتعاونها مع السلطات الأخرى والوزارات المختلفة في الدولة، مما يسهم في تكامل السياسات التي تعزز النمو المستدام.

من ناحيته؛ قال هاردن راتشي سوسو، نائب مفوض بمفوضية المنافسة بدولة جنوب إفريقيا، أن تبني هيئات المنافسة لنهج متوازن يعزز من دورها في تحسين الأسواق وتحقيق التنمية الاقتصادية. وأوضح سوسو، في كلمته أن دور هيئات المنافسة لا يقتصر فقط على التطبيق الصارم للقوانين، بل يشمل أيضًا التنسيق مع سياسات الحكومة الوطنية لضمان توافق التشريعات مع الأولويات التنموية.

وقال سوسو: "من خلال إطار تحديد أولويات القضايا التي تؤثر على المستهلكين، وبشكل خاص الفئات الأكثر احتياجًا، نحرص على ضمان توافق قوانين المنافسة مع الأهداف التنموية للحكومة. فعلى الرغم من أن قوانين المنافسة تعتبر امتدادًا لسياسات الحكومة الاقتصادية، إلا أن نجاحها يعتمد على تكامل هذه السياسات".

وأضاف أن المراجعات المستمرة والتقييمات التأثيرية تُعد من الأدوات المهمة التي ساعدتنا على التأثير في التعديلات التشريعية بما يتناسب مع متطلبات السوق.

وفيما يتعلق بالتعاون الدولي، أشار سوسو إلى أهمية الاطلاع على التجارب العالمية، موضحًا أن جنوب إفريقيا تراقب عن كثب السياسات المتبعة في دول أخرى للتعرف على أفضل الممارسات، وهو ما ساعد في إحداث إصلاحات تشريعية متميزة على مدار السنوات.

وبحسب سوسو، فعلى الرغم من تقدمنا في العديد من المجالات، إلا أن هناك فجوات أحيانًا بين التشريعات والتنفيذ الفعلي. إلا أن الجهود المستمرة لضمان التنسيق بين القوانين والأهداف الاقتصادية جعلت هناك توافقًا بين القطاعين العام والخاص".

أكد سوسو أن التركيز على هذا التناسق بين تشريعات المنافسة والسياسات العامة سيؤدي إلى تعزيز الابتكار والنمو المستدام في الأسواق.

وأكد أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة المغربي، أن المجلس يتمتع باستقلالية تامة بفضل ما نص عليه دستور المملكة لسنة 2011، والذي اعتبره مؤسسة دستورية مستقلة عن الحكومة وعن مختلف الفاعلين الاقتصاديين.

ولفت رحو إلي أن هذه الاستقلالية، تُمكن المجلس من أداء دوره في مراقبة المنافسة وإبداء الرأي حول السياسات الاقتصادية، بما يخدم مصلحة المواطن والمستثمر على حد سواء.

وشدد على أهمية تبادل التجارب بين الدول العربية، خاصة بين المغرب ومصر، مشيراً إلى أن هناك تشابهاً كبيراً في التحديات التي تواجه الهيئات المعنية بالمنافسة في البلدين.

وأشار رئيس مجلس المنافسة المغربي، إلي بعض التجارب الدولية مثل الصين التي أنشأت مجلساً للمنافسة منذ أكثر من 20 سنة، ما يعكس أهمية تطوير هذه المؤسسات وتحديث القوانين المرتبطة بها.

وأوضح رحو، أن المجلس يركز بشكل خاص على القطاعات التي تمس الحياة اليومية للمواطن، مثل الصحة، والتعليم، ومواد البناء، والمواد الغذائية.

وأكد أن هناك بعض القطاعات، كالبنوك والتأمينات، لا تزال بحاجة إلى إصلاحات قانونية لضمان مزيد من الانفتاح والشفافية.

ولفت رحو ، إلي أن  قانون المنافسة لا يحمي المستهلك فقط، بل يحمي أيضاً المستثمر، سواء كان محلياً أو أجنبياً، من خلال ضمان قواعد عادلة للجميع، مؤكدا حاجة المستثمر  إلى بيئة قانونية واضحة و مطمئنة حتى يتمكن من الاستثمار بثقة.

وأكد، على أن مجلس المنافسة يلعب دور "الحَكم" في السوق، لضمان أن تسير اللعبة الاقتصادية بقواعد عادلة تضمن مصلحة الجميع.

طباعة شارك جهاز حماية المنافسة المنظمات الإقليمية دول الاتحاد الأوراسي العلاقات التجارية

مقالات مشابهة

  • الريال اليمني يترنح مجددًا.. انهيار جديد في مناطق الشرعية والأسواق تحبس أنفاسها
  • صندوق النقد يحذر مصر
  • خبراء يحذرون: لا تفرّطوا في الذهب.. الأسعار مرشحة للارتفاع
  • محافظ بنك اليابان: تأخير توقيت الوصول إلى مستهدف التضخم لا يعني إرجاء رفع الفائدة
  • صندوق النقد يوصي «المركزي المصري» التحرك بحذر في مسار خفض الفائدة
  • برلماني: التحول إلى الدعم النقدي يتطلب تعويضا ماليا يواكب التضخم
  • الحكومة: المؤسسات الدولية تتوقع تراجعا ملحوظا لمعدل التضخم بمصر في 2026
  • توقعات بانخفاض معدلات التضخم.. تفاصيل اجتماع رئيس الوزراء باللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع
  • الحكومة: رادار الأسعار يتيح للمستهلك الإبلاغ عن نقص السلع أو ارتفاع أسعارها
  • خبراء وممثلو أجهزة المنافسة حول العالم يعلقون على التجربة المصرية في مجال سياسات المنافسة