من التسويق إلى الإنتاج… شابة تؤسس مشروعاً متناهي الصغر بالسويداء
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
السويداء-سانا
حولت الشابة روان العيسمي عملها من مجال تسويق مستلزمات التجميل والعناية بالشعر والبشرة لصالح الغير إلى قيامها بتصنيعها بنفسها وتأسيس مشروع منزلي متناهي الصغر عرفت انطلاقته قبل نحو عام.
المشروع انطلق كما ذكرت روان خلال حديثها لسانا الشبابية عقب مرحلة من عملها بالتسويق لمدة ثلاث سنوات، ما أعطاها الخبرة التي كللتها بدورة تدريبية مكثفة بإشراف مختص أهلتها للدخول في ميدان العمل والإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتأسيس مشروعها بعد حصولها على تمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي جراء دورة تدريبية بإدارة المشاريع اتبعهتا ضمن مركز تمكين الشباب التابع لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل.
وبينت الشابة روان كيف تقوم بإحضار المواد الأولية من الشموع والزيوت وتركيبها وفق معايير ومقادير معينة وذلك بشكل يدوي مع اتباع أساليب التعقيم للعبوات واستخدام المياه المفلترة.
ولم يقتصر عمل روان على مستحضرات التجميل فحسب بل توجهت مؤخراً كما أوضحت لتصنيع المنظفات وذلك كونها وجدت تقارباً فيها من حيث الفكرة مع ما تقوم به ضمن مشروعها.
خبرة روان بالتسويق تساعدها كما ذكرت ببيع منتجاتها بشكل مباشر للمعارف والأصدقاء مع تخصيصها صفحة على وسيلة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” فضلاً عن مشاركتها الدائمة في معرض “كادو” الدائم للأعمال اليدوية بمدينة السويداء.
ورغم ما تواجهه الشابة روان من صعوبات تتعلق بعدم توفر المواد الأولية أحياناً وغلاء أسعارها لكنها تعمل دائماً على تذليلها وتستمر بعملها بكل شغف ومحبة وخاصة مع وجود طموحات لديها لافتتاح متجر خاص بمنتجاتها خلال الفترة القادمة كما ذكرت.
ما تحمله روان من خبرة بمستحضرات التجميل يتوافق أيضا مع خبرتها في مجال الحلاقة النسائية، حيث تعمل مدربة في هذين المجالين مع جمعية المرأة حياة وذلك بهدف تمكين العديد من النساء اقتصادياً.
وتدعو الشابة روان كل شخص لأن يسير وفق طموحه للوصول إلى أهدافه مهما كانت الظروف التي تعترضه كونها تؤمن بأنه أمام الإرادة لا شيء مستحيلاً.
ووفقاً للمختصة بمجال تصنيع الأعمال اليدوية وفاء بلان فإن روان شابة مكافحة طموحة تعمل بشغف تماشياً مع اهتمامها بتربية وتعليم أطفالها وتقدم خدمات تطوعية مجانية في مجال التدريب، مبينة أنها شاركت معها بالعديد من المعارض وكانت تقدم منتجات مميزة.
عمر الطويل
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
التسويق السياحي كأداة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد والهوية
د. سعيد الدرمكي
في ظل التنافس العالمي المحتدم، بات من الواضح أن الاعتماد على الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز لم يعد خيارًا مستقرًا كما كان في السابق، رغم كونها الدعامة الأساسية لاقتصادات العديد من الدول لعقود عدة. وفي المقابل، تظل المقومات الطبيعية الخلابة من جبال شامخة، وبحار هادئة، وشواطئ ساحرة، عناصر جذب تأسر الألباب وتحول الأماكن إلى وجهات تنبض بالحياة والجمال. ومن هنا، تبرز السياحة كأحد أهم البدائل الاقتصادية الواعدة، شريطة استثمارها برؤية استراتيجية ذكية.
وفي قلب هذه الصناعة الحيوية، يبرز التسويق السياحي كأداة محورية لا تقتصر وظيفته على استقطاب الزوار فحسب، بل يتجاوز ذلك ليجسد هوية المكان وينقل رسالته الثقافية وقيمه إلى العالم. فعندما يُصاغ الخطاب السياحي برؤية تسويقية ناضجة، يتحول المكان من مجرد مشهد طبيعي إلى تجربة إنسانية لا تُنسى.
التسويق السياحي لا يقتصر على دوره التقني في عرض الإعلانات والترويج للعروض، بل يتجاوز ذلك بكثير؛ إذ يركّز على إدارة تجربة الزائر والانطباع الأول عن الوجهة. وهو يشمل مجموعة متكاملة من الأنشطة التي تهدف إلى جذب الزوار المحليين والدوليين، من خلال تقديم تجربة سياحية فريدة ومتميزة معتمدا على أربعة عناصر أساسية تُعرف بالمزيج التسويقي وهي المنتج السياحي، السعر، الترويج، والتوزيع.
حينما تتم إدارة التسويق السياحي بذكاء وكفاءة، فإنه يتحول من نشاط ترويجي بحت إلى أداة إنتاج اقتصادي فاعلة. فالسائح في هذه الحالة يُعد مستثمرًا مؤقتًا، يضخ أموالًا مباشرة في السوق المحلية عبر الإقامة، والتنقل، والتسوق، مما يسهم في زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي. كما يُسهم ذلك في تنشيط قطاعات متعددة مثل النقل، والفنادق، والمطاعم، والصناعات التقليدية، إلى جانب خلق فرص وظيفية متنوعة على مختلف المستويات. ولا يقتصر الأثر هنا، بل يمتد لدعم وتمكين رواد الأعمال، لا سيما في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
يلعب التسويق السياحي دورًا محوريًا في تعزيز الصورة الذهنية للدولة؛ إذ يسهم في نقل وترسيخ القيم، والتعريف بالتاريخ والحضارة، مما يعزز سمعتها على المستوى الدولي كوجهة آمنة وجذابة وغنية بالفرص. كما يبرز التنوع الثقافي والتراثي كمصدر للفخر الوطني وأداة لتعزيز التفاهم الإنساني. وإلى جانب ذلك، يساهم في تصحيح الصور النمطية المغلوطة من خلال رواية صادقة وواقعية لتجارب الزوّار. وفي هذا الشأن، نجحت دول ذات موارد محدودة مثل جورجيا وألبانيا في توظيف التسويق السياحي الذكي لبناء صورة عالمية متميزة، تفوقت بها على دول أكثر خبرة وثراءً.
وتُعد تجربة سلطنة عُمان في السياحة والتسويق السياحي نموذجًا متوازنًا يجمع بين الأصالة والاستدامة. وفي خطوة استراتيجية لتعزيز حضورها العالمي، أطلقت السلطنة هويتها الترويجية الوطنية تحت شعار "أهل عُمان"، بهدف توحيد الرسائل الاتصالية بين الجهات المعنية، وتسويق السلطنة كوجهة جاذبة للاستثمار والسياحة والإقامة. وتشمل هذه الجهود أكثر من 60 مبادرة، ومنصة رقمية متكاملة، وبرامج لبناء القدرات، بما ينسجم مع رؤية "عُمان 2040" ويُعزّز من تنافسية السلطنة في الأسواق الدولية عبر أدوات احترافية ومستدامة.
ورغم الجهود المقدمة، لا تزال هناك فرص كبيرة لتعزيز التسويق الرقمي وتنويع المنتجات السياحية، كالسياحة العلاجية والتعليمية، مما يسهم في رفع القدرة التنافسية لعُمان عالميًا. وتشير بيانات عام 2025 إلى أن مساهمة القطاع السياحي تتراوح بين 2.75% و3% من الناتج المحلي الإجمالي، مع استهداف زيادتها إلى 3.5% بحلول عام 2030، بما يرسّخ دور السياحة كمحرك رئيسي للنمو الاقتصادي الوطني.
ومن التحديات العامة في تسويق السياحة، أنه لا يزال يواجه عقبات تتطلب حلولًا إبداعية ومستدامة. ومن أبرز هذه التحديات المنافسة العالمية المتصاعدة، حيث تتسابق الدول في تقديم تجارب سياحية فريدة وغير مسبوقة. كذلك، فإن محدودية الاستثمار في التسويق الرقمي تُعد عائقًا كبيرًا، على الرغم من تأثيره الفعّال في جذب شرائح السياح الشباب. ومن بين العقبات الأخرى، الاعتماد على الحملات الموسمية بدلًا من بناء خطط تسويقية شاملة وطويلة الأمد، إلى جانب ضعف إشراك المجتمع المحلي كجزء من الاستراتيجية السياحية، وقلة الترويج لأنماط سياحية نوعية مثل السياحة البيئية، والعلاجية، والتعليمية. وهذا يتطلب تبني رؤية تسويقية مبتكرة تُعيد تشكيل حضور الدولة في السوق السياحية العالمية بأسلوب مستدام وتنافسي.
الخلاصة.. إن التسويق السياحي ليس ترفًا إعلاميًا ولا نشاطًا تكميليًا؛ بل هو ضرورة استراتيجية تسهم في دعم اقتصاد الدولة وتعزيز هويتها الوطنية. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة إلى بلورة رؤية وطنية شاملة، تُدمج فيها عناصر الاستثمار، والابتكار، والمشاركة المجتمعية. ومع تطور أدوات التسويق وتغير توقعات السائح العالمي، يبقى التحدي الأكبر أن تنجح كل دولة في سرد قصتها بطريقتها الخاصة، وبصوت يحمل صدق التجربة ودفء الانتماء، ليصل إلى قلوب العالم والسياح على حد سواء.