ترمب والجمهوريون واكتساح الانتخابات الأمريكية
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
عبد النبي العكري
في سابقة تاريخية في الانتخابات الأمريكية اكتسح الجمهوريون الانتخابات الأمريكية وتشمل انتخابات الرئاسة والانتخابات الجزئية لمجلسي الشيوخ والنواب وحكام الولايات؛ حيث تأكد فوز دونالد ترمب على منافسته كمالا هاريس، وحصل الجمهوريون على أغلبية في مجلس الشيوخ ومجلس النواب، كما إن أغلبية حكام الولايات هم جمهوريون.
تميز السباق الانتخابي للرئاسة بالتنافس الشديد وأظهر مسار الحملة الانتخابية للمتنافسين ترمب وهاريس قسوة شديدة خصوصًا من قبل ترمب ضد هاريس وعملية تخويف للمجتمع الأمريكي الأبيض بشكل خاص من الأخطار التي يمثلها المهاجرون والحق في الإجهاض والحقوق المدنية الأخرى وسياسات الديمقراطيين وبالتحديد سياسات بايدن وهاريس والتي قادت أمريكا الى التدهور داخليا وتراجع قيادتها للعالم دوليا. وكون هاريس أول امرأة ملونة (أفريقية آسيوية الأصل) مرشحة للرئاسة في أمريكا التي لم ترأسها امرأة قط مقابل 46 رئيسًا من البيض باستثناء الرئيس باراك أوباما، فإنَّ ذلك شكل تحديا إضافيا لغير صالحها.
وبالمقابل حذرت هاريس من خطورة وصول ترمب للرئاسة في ضوء تجربة حكمه السابقة وبرنامجه اليميني الذي يؤكد على نزعة استبدادية وسلب الأمريكيين العديد من حقوقهم المدنية ومنها حق الإجهاض وتقويض الهجرة المشروعة التي تتميز بها أمريكا وتهميش الأقليات والإعفاءات الضريبية للأغنياء على حساب دعم الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
بالنسبة لقضية فلسطين والعرب فلا يوجد فارق جوهري سوى أن ترمب يطلب من نتنياهو تصفية القضية بسرعة بينما هاريس تطرح مراعاة شكلية للمدنيين في مسار الحرب. وكما عبر عن ذلك رسم رمزي فإن نتيجة تنافس الرئاسة بالنسبة للعرب هو ما بين أبي لهب وحمالة الحطب.
الصراع على الرئاسة كان متقارباً جداً والاستقطاب على أشده بحيث إن المرشحين ظلا حتى لآخر يوم الإثنين قبل انتخابات يوم الثلاثاء يقومان بحملاتهما الانتخابية في الولايات المتأرجحة، هاريس في ولاية بنسلفانيا وترمب في ولاية متشجن.
بالنسبة للعرب والمسلمين والتقدميين عمومًا، فلم يكن لهم تأثير يذكر على برنامج المرشحين والحزبين رغم كل المحاولات ولم يتحدث باسم الفلسطينيين والعرب أي متحدث في مؤتمر الحزب الجمهوري أو الديمقراطي فيما تحدث في مؤتمري الحزبين الجمهوري والديمقراطي مؤيدون "لإسرائيل" واللوبي الصهيوني؛ بل إن كلمات المرشحين للرئاسة وكبار المتحدثين أكدت على التحالف "الإسرائيلئ" الأمريكي ودعم أمريكا "لإسرائيل" في حرب الإبادة ووصف المقاومة بالإرهاب واستنكار الحركة الاحتجاجية الجامعية في أمريكا.
بالنسبة "لإسرائيل" واللوبي الصهيوني/اليهودي فقد كان له الصدارة في جميع مهرجانات المرشحين ترامب وهاريس وحظي كلٌ منهما بتمويل سخي من اللوبي الإسرائيلي والشركات والأثرياء المؤيدين لإسرائيل، وانعكس ذلك في برنامج ومواقف كلا المرشحين.
ترمب أكد في حملته الانتخابية أنه سيقوم بأكبر عملية في التاريخ لإبعاد المهاجرين وطرد أي مُقيم يحتج على السياسات الرسمية خصوصًا من المؤيدين لفلسطين والمعارضين لإسرائيل وللسياسة الأمريكية تجاهها، وسيقوض الحريات المدنية الإنسانية مثل حق الإجهاض ويدعم الطبقات الرأسمالية بمزيد من الإعفاءات الضريبية وانعاش الاقتصاد بتخفيض سعر الفائده ورفع الضرائب على الواردات خصوصا الصينية.
موقف ترمب تجاه العدو الصهيوني
بالنسبة لموقف ترمب من القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية فلنا مثال فيما عمله في رئاسته الأولى، حيث تجاوز في دعمه للكيان الصهيوني كل الرؤساء الأمريكيين السابقين وكوفئ بإطلاق اسمه على مستعمرة في الجولان المحتل. وفي ضوء برنامجه الانتخابي وتصريحاته فإنه يدعم "إسرائيل" بقيادة نتنياهو في حرب الإبادة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني وضد محور المقاومة بمشاركة أمريكية عسكرية وسياسية واقتصادية. ويلح على نتنياهو بإنجاز المهمة بسرعة دون أي اعتبار لاعتبارات إنسانية .كما إنه سيعزز التحالف مع الأنظمة الاستبدادية العربية لفرض تسوية للصراع والحرب الجارية بأسرع وقت وإقامة شرق أوسط جديد تهيمن عليه أمريكا وتكون فية "إسرائيل" القوة الإقليمية العظمى والبلدان العربية وجوارها خاضعة لأمريكا و"إسرائيل". وبالنسبة لدول مجلس التعاون فإنه بالإضافة إلى ماسبق فانه سيبتزها مجددا بفرض صفقات تسلح باهظة وامتيازات أمريكية مقابل مايدعوه حمايتها من المخاطر الخارجية.
يبقى أن مخطط نتنياهو وترمب لن يمر في ضوء المقاومة الباسلة للشعبين الفلسطيني واللبناني ودعم محور المقاومة والخسائر الكبيرة بل والهزائم التي تتكبدها "إسرائيل" والحركة الصهيونية طوال أكثر من عام في حرب لا سابق لإسرائيل بها.
وبالنسبة لما سيترتب على فوز الحزب الجمهوري بأغلبية مجلسي الشيوخ النواب، فإنه يطلق الحرية لترامب والحزب الجمهوري في تنفيذ برنامجهم دون معارضةٍ؛ مما يشكل خطورة للسياسات الأمريكية داخليا وخارجيا وهو ما يتخوف منه حتى حلفاء أمريكا في حلف الأطلسي والاتحاد الأوربي خصوصا ما يتعلق بأوكرانيا. وبالطبع فإن محور الصين/ روسيا وحلفائهم سيواجهون تحديات لاسابق لها وبالطبع مخاطر جسيمة للبلدان النامية والطامحة للتخلص من الهيمنة الأمريكية والغربية في ظل حكم ترمب والجمهوريين، وهو ما سنناقشه في حلقة أخرى.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الانتخابات الأمريكية 2024.. استطلاعات الرأى تكشف عن مشهد محير بين المرشحين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
مع بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام ٢٠٢٤، لا يزال السباق محتدمًا، حيث تقدم بيانات استطلاعات الرأى صورة محيرة، ويشارك خبراء من مختلف المجالات فى الآراء، مما يعكس مزيجًا من التفاؤل وعدم اليقين المحيط بالمرشحين: دونالد ترامب، الرئيس السابق، وكامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية.
مع إظهار استطلاعات الرأى تقدمًا أو خسارة جزئية بين المرشحين، يعرب المحللون السياسيون عن إحباطهم إزاء صعوبة التنبؤ بالنتيجة. قال أحد الخبراء، ملخصًا المشاعر التى يتقاسمها العديد من خبراء استطلاعات الرأى المحترمين: «الإجابة الأكثر صدقًا التى يمكننى تقديمها هي: ليس لدى أى فكرة». المشهد منقسم؛ يبدو أن الأسواق المالية تفضل هاريس، فى حين تميل أسواق الرهان نحو ترامب. تقع استطلاعات الرأى الوطنية واستطلاعات الرأى فى الولايات المتأرجحة ضمن هامش الخطأ، مما يعقد أى محاولة للتنبؤ بنتائج الانتخابات.
إن المزاج داخل معسكر ترامب أكثر تفاؤلاً بشكل ملحوظ من مزاج أنصار هاريس، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا ثابتًا فى شعبية ترامب. وعلى الرغم من المزايا المبكرة لهاريس، اكتسبت حملة ترامب زخمًا، خاصة مع تحول موقفه بشأن التصويت المبكر، مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ فى نسبة إقبال الناخبين الجمهوريين.
مع تقييم الخبراء للولايات المتأرجحة، تظهر ولاية بنسلفانيا كنقطة محورية للقلق بالنسبة للحزب الجمهورى. على الرغم من أن الاستراتيجيين الجمهوريين أعربوا عن مخاوفهم بشأن لعبة ترامب على الأرض فى الولاية، إلا أنهم يعترفون بأن الانتخابات قد تتوقف على نسبة إقبال الناخبين فى بنسلفانيا. «يبدو أن أنصار السيدة هاريس خرجوا مبكرًا بأعداد أكبر بكثير»، يسلط أحد الاستراتيجيين الجمهوريين الضوء على أهمية أنماط التصويت المبكر فى هذه الولاية المحورية.
تشير بيانات استطلاعات الرأى إلى أن أداء ترامب أفضل فى عام ٢٠٢٤ مقارنة بحملاته السابقة. يلاحظ المحللون أن هذا قد يكون بسبب التعديلات فى أساليب استطلاع الرأى أو ترشيح ترامب المعزز. فى تحول كبير، يتقدم ترامب الآن فى خمس من الولايات السبع المتأرجحة - وهو تناقض صارخ مع أدائه فى الانتخابات الماضية.
تأثرت ديناميكيات دورة الانتخابات هذه بميل كلا الحزبين بشكل كبير إلى قواعدهما. لقد استفادت حملة ترامب من الفكاهة فى مخاطبة الناخبين اللاتينيين، فى حين ركز الديمقراطيون رسائلهم على حقوق الإنجاب للنساء. ومع ذلك، ينتقد الخبراء كلتا الحملتين بسبب الافتقار إلى المشاركة الجوهرية فى القضايا الأوسع نطاقًا. قال أحد المحللين، مؤكدًا على الحاجة إلى خطاب أكثر جدوى: «لقد كانت حملة مليئة بالألعاب النارية ولكن القليل من الضوء الثمين».
رغم جهود هاريس لحشد الدعم فى الولايات الرئيسية، تشير أحدث استطلاعات الرأى إلى أنها تخسر الأرض. يحذر المحللون من أن «طريقها إلى البيت الأبيض يعتمد الآن على فوزها فى ميشيغان وبنسلفانيا، وإما ويسكونسن أو نيفادا»، مشيرين إلى أن محاذاة هذه البطاقات الانتخابية الحاسمة أصبحت صعبة بشكل متزايد.
عند التفكير فى الرحلة حتى هذه النقطة، فإن رواية المرونة السياسية لترامب مذهلة. من أداء منتصف المدة الصعب فى عام ٢٠٢٢ إلى استطلاعات الرأى المتقاربة مع مرشح ديمقراطى أنفق أكثر منه بكثير، تشير قدرة ترامب على البقاء تنافسيًا إلى عودة سياسية ملحوظة. صرح أحد الخبراء: «إذا فاز فى الانتخابات الأسبوع المقبل، فسيكون من العدل أن نقول إن دونالد ترامب حقق ربما العودة السياسية الأكثر روعة فى الذاكرة الحية».
مع الانتهاء من توقعات الخبراء، يعرب الكثيرون عن الحذر فى الاعتماد فقط على بيانات استطلاعات الرأى. اعترف أحد الخبراء قائلاً: «أنا حذر من بناء توقعاتى على استطلاعات الرأى والأجواء بعد أن قلل الخبراء من شأن ترامب بشدة فى عام ٢٠١٦»، مشيرًا إلى عدم القدرة على التنبؤ المتأصل فى العملية الانتخابية.
ولكن كثيرين يترددون فى الالتزام بحزم، مما يشير إلى أن النتيجة النهائية قد تتوقف بالفعل على مزيج معقد من مشاعر الناخبين والتطورات فى اللحظة الأخيرة.
وفي يوم الحسم، فإن حالة عدم اليقين والروح التنافسية فى السباق ملموسة. وتظل المخاطر عالية، وكلتا الحملتين على استعداد لمواجهة متوترة يمكن أن تعيد تعريف المشهد السياسى فى الولايات المتحدة.