أبوظبي-وام
أكد الدكتور سيف الظاهري، مدير مركز العمليات الوطني في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، أن الهيئة تعمل على توفير أعلى مستويات السلامة والأمن لجميع أفراد المجتمع، وفق منظومة متكاملة واستراتيجية موحدة لإدارة الطوارئ والأزمات، من شأنها تسخير الموارد الوطنية كافة للمحافظة على المقدرات والمكتسبات الوطنية وحماية البيئة والأرواح، بما يعزز من سرعة الاستجابة لمواجهة الطوارئ على أراضي الدولة كافة.


وقال خلال جلسة رئيسية ضمن أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024: إن الإمارات أدركت مبكراً أن الاستعداد المسبق والجاهزية أهم مرتكزات مواجهة أي أزمات، وأثبتت في أكثر من ظرف مرونتها وكفاءتها في التعامل مع الظروف العالمية المختلفة من خلال توحيد الجهود والتنسيق الكامل بين الجهات المختلفة على مستوى الدولة.
وشدد على ضرورة تعزيز الجاهزية بشكل دائم وتوحيد الجهود الوطنية، والعمل باستمرار على إعداد وتحديث الخطط والاستعداد لأي أحوال تفرضها الظروف العالمية سواء الصحية أو البيئية، وهو ما تعمل عليه دولة الإمارات بتوجيهات ومتابعة دائمة من قيادتها الرشيدة.
وأضاف، إننا نعيش في عصر يتسم بتسارع الأحداث العالمية، حيث تواجه الإنسانية تحديات بيئية متزايدة وظروفاً صحية واقتصادية متغيرة، وأمام هذا الواقع، يصبح الاستعداد والتخطيط الاستباقي مفتاحاً ضرورياً لمواجهة تلك التحديات وإدارتها بكفاءة، مضيفاً: «في هذا السياق، تعتمد كفاءة المؤسسات الحديثة ونجاحها في تحقيق أهدافها بشكل كبير على مدى جاهزيتها للتعامل مع الأزمات وإدارة الموارد بفعالية، خاصة في حالات الطوارئ والظروف الاستثنائية. وهذا يتطلب منا إدراكاً عميقاً لأهمية تعزيز التضامن والعمل الجماعي على المستويين الوطني والدولي لمواجهة التحديات المتزايدة بشكل منسق وفعّال».
وأشار الظاهري إلى أن العالم يشهد وتيرةً متسارعة للأزمات المتزامنة، ومثال على ذلك الجائحة العالمية «COVID-19» التي أصابت أكثر من 600 مليون شخص حول العالم، إضافة إلى تأثر سلاسل الإمداد والتبعات الاقتصادية التي لا تزال بعض الدول تتعافى منها، حيث تبرز أهمية الحاجة لاتخاذ خطوات استباقية لضمان حماية مجتمعنا وتعزيز الاستعداد لمواجهة التحديات المستقبلية المتزامنة وتبني المرونة والتوازن الاستراتيجي بين القطاعات.
وقال: إن التوجهات العالمية تشير إلى أن العالم سيشهد خلال العقد المقبل تغيرات جذرية إثر التغيرات المناخية المتفاقمة، وإن مواجهة هذه التغيرات المتسارعة، جعلت التحول إلى الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الكربونية ضرورة ملحة، لافتاً إلى أن من المتوقع زيادة معدل الأمطار بنسبة 40% بحلول عام 2035؛ إذ أصبحت التغيرات المناخية حقيقة ملموسة تؤثر في دول العالم كافة، بما في ذلك دولتنا؛ حيث شهدنا خلال العام الماضي هطولاً تجاوز 142 ملم من الأمطار في يوم واحد، متجاوزاً في غضون ساعات قليلة متوسط الأمطار السنوية المعتادة، ما أدى إلى اضطرابات أثرت في البنية التحتية.
وأضاف، هذه التغيرات ليست مجرد تقلبات مناخية فقط، بل أصبحت جزءاً من واقع جديد يتطلب إعادة التفكير والنظر في تخطيط البنية التحتية، وبالتالي فإن من الضروري الاستثمار في تطوير بنية تحتية مرنة قادرة على مواجهة الأزمات المناخية بفعالية وكفاءة.
ونوه إلى أن الكلفة الاقتصادية الناتجة عن الكوارث الطبيعية على مستوى العالم قد تصل إلى 3 تريليونات دولار سنوياً، فيما تُقدّر الخسائر الناتجة عن الكوارث في بعض البلدان النامية بنسبة تصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي وفقاً لتقديرات التقارير الدولية.
وأكد أنه تم خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين «COP 28» الذي استضافته دولة الإمارات، اعتماد خطط عمل ملموسة لخفض الانبعاثات بنسبة 50% بحلول عام 2030، ما يمثل خطوة مهمة في مكافحة التغير المناخي، مضيفاً: «في هذا السياق، يبرز التخطيط الحضري كأحد المحاور الأساسية، حيث يجب أن نتبنى استراتيجيات مبتكرة لتصميم مدن قادرة على التكيف مع الظروف المناخية المتغيرة، فالتحديات المناخية أضافت بُعداً جديداً من التعقيد إلى التحديات التي نواجهها، ما يتطلب منا التعامل مع الأخطار المتعددة والمعقدة بشكل متزامن. ومن المهم أن تواصل مؤسساتنا تعزيز مواردها وقدراتها وجاهزيتها للتعامل مع هذه التحديات، مع ترسيخ ثقافة الاستدامة والقدرة على الاستجابة السريعة والمتزامنة».
وقال: إن تأثير هذه التغيرات لا يقتصر على الجانب البيئي فحسب، بل يمتد ليشمل الاقتصاد الوطني، فمن المتوقع أن تؤثر زيادة التقلبات المناخية في القطاعات الاقتصادية الرئيسية في دولة الإمارات، مثل السياحة والزراعة، ما يتطلب تبني حلول مبتكرة لتعزيز الاقتصاد الأخضر والاستفادة من الطاقة المتجددة لتقليل التكاليف وتحقيق الاستدامة الاقتصادية. أما من الناحية الاجتماعية، فإن التحديات التي نواجهها توفر أيضاً فرصاً كبيرة لبناء مجتمع أكثر مرونة وتماسكاً.
وأكد أهمية العمل الجماعي وتكامل الجهود الوطنية. وقال: إن العنصر البشري هو الأساس في تحقيق أي نجاح أو تقدم. وإن الوحدة والتضامن والولاء للوطن هي ركائز قوتنا في مواجهة التحديات وحماية الإرادة الوطنية.
وأكدت مريم سالم الشحي ممثلة عن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، أن الهيئة تبذل جهوداً وطنية متكاملة بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين لتطوير قدرات مجتمع إدارة الطوارئ والأزمات، والاستعداد لمستقبل أكثر أمناً للأجيال المقبلة.
وأشارت إلى أن الهيئة نظمت خلال العام الماضي نحو 30 تمريناً ومحاكاة تغطي سيناريوهات معقدة تشمل الأزمات الطبيعية، والاقتصادية، والصحية والمركبة. وتم تصميم هذه التمارين بدقة عالية لتحاكي الاحتمالات كافة، ما يتيح اختبار مرونة وكفاءة الاستجابة في مواجهة الأزمات، كما عقدت نحو 50 دورة تدريبية وبرنامجاً تخصصياً، تم خلالها تأهيل ما يقرب من 900 شخص من الجهات المعنية، ما يسهم في تعزيز الجاهزية الوطنية لمواجهة الأزمات بكفاءة ومرونة، وأصدرت أكثر من 58 وثيقة، من خطط ومعايير وأدلة وسياسات، لتنظيم وتطوير العمل وضمان توحيد الجهود وتوجيهها نحو الاستجابة المثلى للطوارئ وفقاً لأعلى معايير الأداء.
وأضافت الشحي أن الهيئة، نفذت التمرين الأول من نوعه في المنطقة بعنوان «ميتافيرس الأزمات»، الذي استخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الاستجابة لحوادث المواد الخطرة بشكل مبتكر وفعّال، ما يمثل علامة فارقة في مجال تطوير الأنظمة التقنية لإدارة الأزمات.
وأشارت إلى أن الهيئة تلتزم بتوحيد الجهود الدولية وبناء شراكات مستدامة لدعم جهودها في إدارة الطوارئ والأزمات، إذ شاركت بفعالية في منصات دولية مثل مجموعة العشرين (G20)، ومجموعة بريكس (BRICS)، وجامعة الدول العربية، لتعزيز التعاون والتنسيق مع الشركاء الدوليين.
وأكدت أن الهيئة تسعى للاستثمار في الكوادر البشرية الوطنية، عبر تطوير المهارات القيادية وتمكين الشباب ليكونوا جاهزين لمواكبة تحديات المستقبل، معتبرة أن بناء القدرات الوطنية هو الأساس لضمان استمرارية النجاح وتحقيق المرونة في مواجهة الأزمات.
وشددت الشحي على أهمية استمرار هذه الجهود ضمن رؤية طموحة لبناء مجتمع آمن وقادر على التصدي للأزمات، مؤكدة أن التعاون المستمر بين الأطراف المحلية والدولية هو الضمان لتحقيق أفضل النتائج في الأوقات الحرجة.
من جانبه أوضح سعيد سالم الشامسي، ممثل عن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، أن الهيئة أعلنت عن إطلاق برنامج «الإشراك المجتمعي» خلال العام المقبل، بهدف تعزيز دور الأفراد في جهود الاستجابة والتعافي من الأزمات، وكخطوة نحو تمكين سكان الأحياء ليكونوا جزءاً من منظومة الدعم أثناء الطوارئ، وتعزيز التعاون والتنسيق فيما بينهم لتحويل الأحياء إلى وحدات دعم ذاتية خلال الأزمات.
وقال: إن الهيئة تعتزم إطلاق منصات تثقيفية وتعليمية تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف تزويد المجتمع بمعلومات دقيقة وإرشادات واضحة حول التصرف أثناء الطوارئ، وتعزيز الوعي المجتمعي وزيادة جاهزية الأفراد للتعامل مع الأزمات بفعالية.
ولفت إلى أن الهيئة تعمل في إطار تطوير منظومة الاستجابة الوطنية، على مشاريع استراتيجية تشمل توظيف الذكاء الاصطناعي في منظومات الرصد والمراقبة والتنبؤ، ما يسهم في رفع مستوى الجاهزية للتعامل مع المخاطر المستقبلية، وتعزيز القدرات الاستباقية في مواجهة التهديدات غير المتوقعة.
وأشار الشامسي إلى أن الهيئة تركز على تطوير منظومة التدريب والتمارين المستقبلية لضمان استجابة فعّالة وسريعة للأزمات المعقدة، إضافة إلى توفير آليات واضحة لصنع القرار في أوقات الطوارئ؛ إذ تشير دراسات أممية إلى أن الاستثمار في الوقاية والاستعداد يوفر ما يصل إلى سبعة أضعاف جهود الاستجابة والتعافي، ما يؤكد أهمية اتباع نهج استباقي في إدارة الأزمات.
وأكد أن الهيئة تسعى إلى تحقيق رؤية طموحة لبناء مجتمع أكثر أماناً واستعداداً، مشيراً إلى أن التعاون والتنسيق بين جميع أفراد المجتمع ومؤسساته يُعدان الأساس لتحقيق هذا الهدف وتعزيز مرونة المجتمع في مواجهة التحديات المتزايدة.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث التغير المناخي لإدارة الطوارئ والأزمات مواجهة التحدیات مواجهة الأزمات دولة الإمارات إلى أن الهیئة للتعامل مع فی مواجهة

إقرأ أيضاً:

اقتصاديون: الاستراتيجية الوطنية للاستثمار تعزز مكانة الإمارات كوجهة جاذبة

‎تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة عبر إطلاق استراتيجيتها الوطنية للاستثمار 2031، إلى تحقيق أهداف طموحة تشمل جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

وأشاد اقتصاديون بهذه الاستراتيجية، معتبرين أنها خطوة محورية لتعزيز مكانة دولة الإمارات وجهة استثمارية جاذبة إقليمياً ودولياً، إضافة إلى دورها البارز في تحقيق نمو اقتصادي شامل عبر تنويع مصادر الدخل، وتقديم حوافز للمستثمرين، وتطوير البنية التحتية الاستثمارية. نقلة نوعية

يرى عمران ثوبان، الخبير الاقتصادي، أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031 خطوة ستحقق نقلة نوعية في الاقتصاد الإماراتي وستعزز من تنافسيته، وتمثل حجر الزاوية في خطط الدولة الرامية لتحقيق رؤية نحن الإمارات 2031، عبر توفير بيئة استثمارية جاذبة وتعزيز البنية التحتية الاقتصادية.
وأوضح دور الاستراتيجية، في تعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية التي ستسهم في تحقيق تنمية شاملة ومستدامة وتنويع الاقتصاد الوطني.

محمد بن راشد يطلق استراتيجية الإمارات للاستثمار - موقع 24أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، استراتيجية الإمارات للاستثمار، والتي تهدف لزيادة رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمي 3 مرات بحلول 2031 ليصل 2.2 تريليون درهم. تحفيز القطاع الخاص من جانبه، قال مأمون فؤاد، الخبير الاقتصادي، إن "الاستراتيجية ستسهم بشكل مباشر في تحفيز القطاع الخاص، حيث وضعت رؤية واضحة لتشجيع الاستثمار، وتقديم التسهيلات اللازمة لزيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، موضحاً أن هذه الخطوات من شأنها تمكين الاقتصاد الوطني لمواصلة النمو والازدهار".
بدوره، أكد طارق قاقيش، الخبير الاقتصادي، أن "الاستراتيجية ستساهم في تحسين البيئة الاستثمارية للمستثمرين الأجانب عبر تقديم حوافز وتسهيلات قانونية، كما ستساهم في تعزيز ثقة المستثمرين الأجانب ويجعل الإمارات وجهة مفضلة للاستثمارات الجديدة، وسيكون لها دور في تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط".

مقالات مشابهة

  • اقتصاديون: الاستراتيجية الوطنية للاستثمار تعزز مكانة الإمارات كوجهة جاذبة
  • الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ومؤسسة (JOIN) اليابانية تبحثان فرص التعاون الاستثماري في مشروعات البنية التحتية
  • الأهم في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.. جهود مصر في تنمية البنية التحتية
  • قانونيون: الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات تعزز حماية المجتمع من آفة السموم
  • صندوق إعادة إعمار درنة يواصل أعمال تطوير البنية التحتية على امتداد شارع البحر
  • تعميق الصناعة الوطنية سلاح مصر لمواجهة التحديات.. شعبة المصدرين: الملف على رأس أولويات الحكومة.. خبير: نحتاج استراتيجية لدعم القدرة التنافسية للمنتجات
  • تدريب الفرق الطبية بالشرقية عن إدارة المخاطر والأزمات
  • أبوظبي تستضيف «الاجتماع العالمي لفرق الطوارئ» غداً