على الرغم من أن الاهتمام بحروب المدن قد نما بشكل ملحوظ قبل عقود، وتحديداً منذ التسعينيات، وصارت المدن موضع تركيز للمفكرين الاستراتيجيين العسكريين ومجتمعات الدفاع الدولية؛ فإنها في واقع الأمر ظاهرة تاريخية، وكانت أحد الأنماط الأساسية لحروب العصور القديمة. لدرجة أن العديد من القواعد المُعترف بها على أنها تُميِّز حروب المدن في عالم اليوم، كانت قابلة للتطبيق إلى حد كبير في فترات التاريخ.


ويمكن القول إن حروب المدن قد استعادت زخمها في العقد الثاني من القرن الـ 21، وهو ما ظهر في الموصل بالعراق (2017)، والرقة بسوريا (2017)، وشوشا بأذربيجان (2020)، ثم جاءت المعارك في أوكرانيا (منذ فبراير 2022)، وفي غزة (منذ أكتوبر 2023)، لتؤكد على أهمية حروب المدن في الاستراتيجية العسكرية على مستوى العالم، ولتُسجّل دروساً جديدة تُضاف إلى قواعد حروب المدن الحديثة، وهي الدروس التي ربما تتطور لاحقاً لتُنتج تكتيكات وأساليب جديدة تتحدى القواعد التقليدية لحروب المدن.
في هذا الإطار، أصدر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، عدد جديد من سلسلة “دراسات خاصة”، تحت عنوان “من أوكرانيا إلى غزة: التحولات في حروب المدن الحديثة”، وهي من إعداد محمد محمود السيد، نائب نائب رئيس تحرير دورية “اتجاهات الأحداث” بالمركز.
عودة حروب المدن وقواعدها الحاكمة
تراجعت أهمية حروب المدن في العصور الوسطى والحديثة لصالح المعارك العسكرية الكبرى، والتي كانت تدور على مسارح حرب استراتيجية، متهيئة لقتال بين جيوش نظامية ضخمة، وهو ما وصل إلى ذروته في الحربين العالميتين الأولى والثانية. ولكن إبان الحرب الباردة، أعادت فيتنام حروب المدن مرة أخرى إلى دوائر الاهتمام العسكري الاستراتيجي. ولكن كانت نقطة التحول الحقيقية في التسعينيات، مع وقوع سلسلة من المعارك الحضرية داخل المدن، بدايةً من معركة فوكوفار الكرواتية (1991)، وحصار سراييفو (1992-1996)، ومروراً بمعركة مقديشو (1993)، ووصولاً إلى معركتي غروزني (1994-1995) و(1999-2000). حينئذ بدأ العسكريون الغربيون في إدراك أن التضاريس الحضرية صارت أمراً لا مفر منه في الحرب الحديثة.
يرى علماء دراسات الحرب أنه مع تزايد معدلات التحضر، والنمو السكاني الهائل، وتركز القوة السياسية والمالية والاجتماعية والثقافية في المدن، صار من الطبيعي أن تتحول تلك الساحات لتصبح المسارح الأساسية للحروب، ناهيك عن صعود القوى العسكرية غير النظامية (الفواعل والجماعات من دون الدولة) بعد الحرب الباردة.
ولكن أنتوني كينج، أستاذ دراسات الحرب في جامعة ووريك وأحد روّاد دراسات حروب المدن حول العالم، رأى أن تفكيك الجيوش الكبرى وتراجع أعدادها، هو السبب الرئيسي لانتشار حروب المدن؛ فالجيوش لم تعد كبيرة بما يكفي لتشكيل جبهات أو محاصرة مدن بأكملها، أو الالتقاء بخصومها في ميادين مفتوحة. على سبيل المثال، عندما استعاد الجيش الأحمر، أوكرانيا، من النازيين، في معركة “دنيبر” عام 1943، شارك من الطرفين ما يقرب من أربعة ملايين جندي. بينما عندما بدأت روسيا حربها على أوكرانيا في 24 فبراير 2022، وكانت تهدف –وفقاً للمحللين الغربيين- إلى إسقاط الحكومة الأوكرانية، حشد بوتن ما يقرب من 190 ألف جندي فقط لهذه المهمة.
وبناءً على مراجعة الأدبيات العسكرية التي درست معارك العقود الثلاثة الأخيرة، يمكن استخلاص أربع قواعد أساسية تحكم حروب المدن في العصر الحديث، وهي:
1. اختلاف مفهوم “الانتصار العسكري” في حروب المدن عن الحروب النظامية:
يقول المُنظِّر والمؤرخ الروسي الأشهر في مجال الدراسات العسكرية، كارل فون كلاوزفيتز، في كتابه “عن الحرب”: “في الحرب، يربح الطرف الضعيف إذا لم يخسر، بينما يخسر الطرف القوي إذا لم يربح”. وهذا هو جوهر التعقيد في حروب المدن؛ إذ تثبت الأمثلة المتعددة لحروب المدن أن التفوق العسكري لا يضمن النصر بالضرورة، بل حتى إن تحقق النصر في معركة حضرية، فإن هذا قد لا يُترجَم بالضرورة إلى نجاح في الحرب بأكملها. وهو ما أكده أيضاً الخبير العسكري البريطاني، إيان ريجدن؛ إذ دفع بأن المدن هي البيئة الأكثر صعوبة للحرب، وأنه نادراً ما يكون هناك فائز واضح في الحرب الحضرية، وهي بذلك تتحدى مفهوم “الانتصار العسكري”.
2. تراجع كفاءة الاستخبارات والاستطلاع ومحدودية الاستفادة من الأصول الجوية:
تستثمر الجيوش حالياً مبالغ كبيرة من ميزانياتها في تطوير أدوات الاستطلاع الجوي والأقمار الاصطناعية، والذخائر الموجهة بدقة، والمدفعية بعيدة المدى. ولكن في حروب المدن، وتحديداً ذات الكثافة السكانية العالية، فإن العديد من مزايا هذه الأدوات وغيرها تكون أقل فعالية بكثير. كذلك، فإن استخدام الطرف المُهاجم للنيران التحضيرية والهجومية عن طريق الغارات الجوية والمدفعية وقذائف الهاون، تخلق كتل ضخمة من الركام، والذي بدوره يمنح للطرف المُدافع مزايا دفاعية إضافية، ويُراكِم التحديات التضاريسية على المهاجم.
3. عدم حياد ساحة المعركة وقدرة الطرف المدافع على التلاعب بالتضاريس:
غالباً ما تكون المدن بمزيجها من التصميم المُخطَّط والفوضوي، إلى جانب التضاريس الطبيعية، مُنحازة لسكانها، والذين يمثلون في حالة الحرب، الطرف المُدافع. وتكمن الصعوبة الرئيسية في البنية التحتية، مثل المباني والجسور، وكذلك المسافة بين الهياكل البنائية، وتأثير ارتفاعها. وهنا غالباً ما يُشار إلى البعد الرأسي في تكوين المباني، فمثلاً نجد أن المبنى المُكوّن من 10 طوابق قد يشغل نفس المساحة الخطية التي يشغلها ميدان صغير، على خريطة ثنائية الأبعاد. ولكن هذا المبنى، في حالة الحرب، يضم 11 ضعف المساحة الفعلية لهذا الميدان (10 طوابق إضافة إلى السقف)، وهو ما يجعل هذه المساحة الصغيرة تحوي 11 ساحة قتال واختباء محتملة. كذلك يكون الطرف المُدافع في موقع يسمح له بالتلاعب بالتضاريس الحضرية، وإعادة تصميمها في بعض الأحيان، وذلك لتسهيل حركته إلى أي مكان تتطلبه المعركة.
4. تمتع الطرف المُدافع بالأفضلية في حروب المدن:
لقد أدرك المنظرون العسكريون منذ فترة طويلة أن الدفاع هو الموقف التكتيكي الأقوى؛ إذ يتطلب الأمر قوة أكبر بكثير لمهاجمة وهزيمة عدو موجود في دفاع راسخ ومبني بشكل صحيح، مقارنةً بالعدو المتمركز في ساحة قتال مفتوحة. وينطبق هذا بشكل أكبر على التضاريس الحضرية؛ حيث تُوفِّر العديد من الهياكل المادية الموجودة في المدن، مواقع دفاعية، ذات جودة عسكرية للطرف المُدافع. وتتطلب حرب المدن أعدداً هائلة من القوى البشرية والموارد، بما يتجاوز معايير التفوق العددي في الحروب التقليدية، والتي يجب أن يكون فيها الطرف المُهاجم متفوق على الطرف المُدافع بنسبة 3 إلى 1، بينما توصي العقيدة العسكرية الروسية –بناءً على خبرة معركتي غروزني- بأن النسبة في حروب المدن يجب أن تكون 6 إلى 1. بجانب أن القوة المُهاجمة غالباً ما تحتاج إلى أربعة أضعاف كميات الذخيرة التي تستهلكها عادةً في الحروب النظامية.

تحولات جديدة … دروس من حربي أوكرانيا وغزة
تكاد تكون حربا أوكرانيا وغزة تجسيداً نموذجياً لحروب المدن الحديثة؛ فحرب أوكرانيا، وعلى الرغم من أنها تدور بين جيشين نظاميين بأسلحتهما الحديثة، فإنها تضمنت معارك حضرية كبرى كانت فاصلة في مسار الحرب، اتبع فيها الجيش الأوكراني تكتيكات حروب المدن، وحاربت إلى جانبه مجموعات مسلحة غير نظامية، ودارت أغلب فصول هذه الحرب في مدن أوكرانية متفاوتة الكثافة السكانية والتضاريسية. أما حرب غزة فهي بالأساس معركة حضرية كبرى، تدور بين طرفين متفاوتين في العتاد والتنظيم العسكري، بما يصب في صالح الطرف الإسرائيلي المُهاجم.
وقد أفضت المعارك الحضرية في أوكرانيا والحرب الإسرائيلية في قطاع غزة إلى طرح عدد من التطورات اللافتة على قواعد حروب المدن، والتي ربما تخضع لمزيد من التدقيق والدراسة خلال السنوات المقبلة، وهي كالآتي:
1. ظهور نمط جديد للتفوق الجوي:
في يونيو 2023، أشار تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية إلى أن روسيا وأوكرانيا قد أخذتا حرب المُسيّرات إلى نطاق غير مسبوق؛ إذ باتتا تستخدمان مئات منها يومياً. وقد بلغ معدل خسائر الجيش الأوكراني نحو 10 آلاف مُسيّرة شهرياً، أي أكثر من 300 مُسيّرة يومياً. وهو رقم هائل غير مسبوق في تاريخ الصراع العسكري الحديث، وليس أدل على ذلك من أن الجيش الفرنسي كان يمتلك حتى عام 2023 ما يزيد قليلاً على 3 آلاف مُسيّرة في ترسانته العسكرية.
أمّا في قطاع غزة، ومع بداية الحرب في أكتوبر 2023، بدأ الخبراء العسكريون الغربيون في الحديث عن كيفية تغيير المُسيّرات لمفهوم “التفوق الجوي”، فقد استطاعت حركة حماس، والتي لا تمتلك قوات جوية نظامية، توظيف المُسيّرات في أغراض المراقبة والاستطلاع والهجوم خلال الحرب، على الرغم من الهيمنة الجوية التقليدية لإسرائيل، حتى أنها استخدمتها في هجومها في السابع من أكتوبر 2023.
2. صعود شركات التكنولوجيا التجارية كفواعل جُدد في ساحات حروب المدن:
بعد ساعات من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، في فبراير 2022، ناشدت وزارة الدفاع الأوكرانية، مالكي المُسيّرات التجارية من المدنيين، التبرع بها للمساعدة في الدفاع عن كييف، فتدفقت التبرعات وحلّقت المُسيّرات التجارية في السماء فوق القوات الروسية. عملت تلك الطائرات بالأساس على توفير قدرات استخباراتية ومراقبة استطلاعية، منخفضة التكلفة والمخاطر، وقد تم استغلال تلك المعلومات في تحديد الأهداف وتوجيه نيران المدفعية أو قذائف الهاون. وقد كانت الغالبية العظمي من المُسيّرات التجارية التي تم استخدامها في بدايات حرب أوكرانيا من إنتاج الشركة الصينية “دي جيه آي تكنولوجي” DJI Technology، وتحديداً من طراز Mavic 3.
كذلك لعبت شبكة “ستارلينك” الفضائية، التابعة لإيلون ماسك، دوراً بارزاً في حربي أوكرانيا وغزة؛ إذ كانت العمود الفقري لتوفير خدمة الإنترنت في أوكرانيا في خوض حربها. كذلك ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، في يونيو 2024، أن إسرائيل تتطلع إلى استخدام خدمات “ستارلينك”، في حالة نشوب حرب شاملة مع حزب الله اللبناني، بحيث تعمل الشركة على توفير الإنترنت للمواقع النائية، أو المناطق التي يتم تعطيل البنية التحتية العادية للاتصالات فيها.
3. التوسع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي:
يرى المحلل الدفاعي، بيتر دبليو سينجر، أن الحرب في أوكرانيا تؤدي دوراً مماثلاً للحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939)، والتي كانت بمثابة بروفة لتقنيات وتكنولوجيات جديدة قبل الحرب العالمية الثانية. فمنذ أواخر عام 2022، بدأ جيل جديد من الآلات ذاتية التشغيل، والمعروفة باسم “الروبوتات القاتلة”، في الظهور في أوكرانيا. كذلك توسّع الجيش الإسرائيلي خلال حرب غزة، في استخدام “الكلاب الآلية”؛ من نموذج “Vision 60”.
أمّا التطور الأبرز في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في حرب غزة، فقد كشف عنه تحقيق أجرته “مجلة +972″، في إبريل 2024؛ إذ استخدم الجيش الإسرائيلي نظام الذكاء الاصطناعي المسمى “لافندر” Lavender، لتحديد عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة كأهداف للاغتيال، مع قليل من الإشراف البشري.
4. تطور تكتيكات حروب الأنفاق:
لن يكون من قبيل المبالغة الادعاء بأن الأنفاق هي المحور الرئيسي في حرب غزة. فعلى الرغم من امتلاك الجيش الإسرائيلي لوحدات عسكرية متخصصة، للعثور على الأنفاق وتحييدها، مثل وحدة “ياهالوم” التابعة لفيلق الهندسة القتالية، واستحواذها على مجموعة واسعة من الذخائر التي تخترق الأرض مثل قنبلة GBU-28، والتي يمكنها اختراق عمق 100 قدم في الأرض أو عمق 20 قدم من الخرسانة. إلا أنه وبعد عام من الحرب، بدا أن عمق وحجم أنفاق حماس في غزة يتجاوز قدرات إسرائيل المتخصصة.
تقول دافني ريتشموند باراك، الأستاذة بجامعة رايشمان في إسرائيل، ومؤلفة كتاب “الحرب تحت الأرض”، في مقالٍ لها في مجلة “فورين آفيرز”: “إن الحرب الوحيدة التي يمكن مقارنتها بحرب الأنفاق في غزة، هي الحرب العالمية الأولى”. وذكرت باراك في مقالٍ آخر لها على موقع “فورين بوليسي”: “إن الطرق المبتكرة التي استخدمت بها حماس، الأنفاق، وبقاء المجموعة تحت الأرض لفترة طويلة، كانت غير مسبوقة”.

المدن كساحات لحروب المستقبل
رسّخت الحرب الأوكرانية، ومن بعدها حرب غزة، الاعتقاد الناشئ منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، أن المدن ستتحوّل لتصبح الساحات الرئيسية للحروب في المستقبل، بما في ذلك الحروب بين القوى الكبرى والجيوش النظامية. ويعتقد الخبراء العسكريين أنه إذا توسّعت روسيا في مغامراتها العسكرية في شرق أوروبا، أو إذا غزت الصين مدينة تايبيه وهي في طريقها للسيطرة على تايوان، فقد يشهد العالم أكبر معارك حضرية في التاريخ. وربما يحمل المستقبل معارك حضرية أشد ضراوةً وأكثر اختلافاً عن تلك التي نشهدها حالياً.
ويعد الاتجاه الحضري السريع أحد الأسباب الرئيسية لتحديد حرب المدن كمجال رئيسي لمعارك المستقبل؛ حيث يرى تقرير، صدر عام 2021، عن مجلس الاستخبارات الوطني الأمريكي، بعنوان “الاتجاهات العالمية 2040″، أن اتجاه التحضر مستمر، ويتوقع أن ترتفع حصة سكان المدن من 56% في عام 2020، إلى ما يقرب من الثلثين بحلول عام 2040. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 600 مليون شخص سيعيشون فيما يقرب من 40 مدينة كبرى بحلول الفترة 2025-2030.
وفيما بتأثير التكنولوجيا على مستقبل حروب المدن، والذي من المتوقع أن يتعاظم خلال السنوات القادمة، فغالباً ما يدور الحديث حول النقاط التالية:
أ. تكتيك استخدام المُسيّرات الذكية: أحد التطورات المهمة في تكنولوجيا المُسيّرات هو الانتشار الناشئ لما يُسمى “الأسراب”، أي “أعداد كبيرة من الأنظمة البسيطة ومنخفضة التكلفة والقابلة للاستهلاك والمترابطة”، والقادرة على تغيير سلوكها والعمل بشكل مستقل، وذلك لتحديد التهديدات والأهداف ونقل المعلومات ذات الصلة لبعضها بعضاً، والعودة إلى قواعدها العسكرية سالمة.
ا. توسيع استخدامات أجهزة الاستشعار: تعد أجهزة الاستشعار إحدى التقنيات الرئيسية لمستقبل حرب المدن، والتي توفر بيانات الموقع والملاحة والتواصل من دون انقطاع بين القوات والمُسيّرات الطائرة في ميدان المعركة، وذلك في المناطق التي تكون فيها إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ضعيفة أو غائبة.
ب. تطوير استخدام الواقع المعزز (AR): تعتمد تكنولوجيا الواقع المعزز على إسقاط الأجسام الافتراضية والمعلومات في البيئة الحقيقية للمُستخدِم، ما يُوفِّر له معلومات إضافية، وعلى ذلك سيوفر الواقع المُعزز للعسكريين في أرض المعركة، أكثر مما تُوفِّره لهم الخريطة التقليدية ثنائية الأبعاد.
إجمالاً، يمكن أن نتوقع مستقبل “أكثر وحشية” لحروب المدن؛ فلا توجد بيئة أخرى أكثر تعقيداً -من الناحيتين المادية والبشرية- مثل المدن، لذلك ستظل الحاجة إلى اختراق الجدران والتطهير من منزل إلى منزل ومن غرفة إلى غرفة، مستمرة. وربما تساعد التكنولوجيا الحديثة على تنفيذ هذه المهام، ولكن لا شك أن الخسائر ستكون أفدح وأكبر، وستكون مشاهد الحروب التي سُتنقل على الهواء مباشرةً وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، أشد قسوةً وضراوةً، وسيظل من المشكوك فيه أن الانتصار في المعارك الحضرية مستقبلاً سيضمن الانتصار في الحروب الكبرى، فالتدمير الذي تُخلِّفه حروب المدن، يقضي على أي معنى لمفهوم الانتصار.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: على الرغم من فی أوکرانیا ما یقرب من الحرب فی فی الحرب حرب الم حرب غزة فی غزة وهو ما من الم

إقرأ أيضاً:

في حال انتخابه.. لماذا قد يلجأ ترامب لقانون “العدو الأجنبي”؟

4 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة: مع دخول الانتخابات الأمريكية الساعات الحاسمة قبل يوم 5 نوفمبر الجاري، تصاعدت تهديدات المرشح الجمهوري دونالد ترامب بشأن تطبيق سياسات أكثر صرامة تجاه المهاجرين.

ووفق مجلة “تايم”، ستمثل أجندة ترامب المقترحة تحولا كبيرا في سياسة الهجرة الأمريكية، إذ تستهدف ملايين المهاجرين غير النظاميين وتعيد تعريف نهج البلاد تجاه الوافدين الجدد.

وقد امتد هذا التحول المنتظر ليشمل تعهده بتفعيل قانون “العدو الأجنبي” الذي وضع عام 1798، والذي يسعى من ورائه لتنفيذ ترحيلات جماعية تستهدف المهاجرين غير الشرعيين ذوي الصلات الإجرامية.

ويتيح هذا القانون للسلطات احتجاز وإبعاد مواطنين من دول معينة، تعتبر الولايات المتحدة أنها في حالة حرب معها.

وقال ترامب في تجمع حاشد في كاليفورنيا مؤخرا: “سأقوم بتفعيل قانون الأعداء الأجانب لعام 1798 لاستهداف وتفكيك كل شبكة إجرامية للمهاجرين تعمل على الأراضي الأميركية.”

ووعد ترامب بأنه، إذا تم انتخابه مجددا، سيستخدم هذا القانون لبدء جهد فيدرالي يسمى “عملية أورورا” لاستهداف أعضاء العصابات من المهاجرين غير الشرعيين بالاعتقال والترحيل.

وقد سميت العملية بـ “أورورا” تيمنا بمدينة أورورا في كولورادو التي يزعم أنها أصبحت تحت سيطرة عصابات فنزويلية، وهو ما ينفيه السكان والمسؤولون المحليون.

ما هو قانون “العدو الأجنبي”؟

قانون مكون من مجموعة قوانين تعرف مجتمعة باسم قوانين الأجانب والفتنة، التي أقرها الكونغرس الأمريكي ووقعها الرئيس جون آدامز في عام 1798، وسط توتر سياسي كبير مع فرنسا، إذ كانت تهدف بالأساس إلى تنظيم التعامل مع الأجانب والتحكم في الخطاب السياسي.
يعتبر قانون العدو الأجنبي هو القانون الوحيد الذي لا يزال ساريا حتى الآن، على عكس القوانين الـ3 الأخرى التي ألغيت أو انتهى العمل بها.
يسمح قانون العدو الأجنبي للرئيس الأمريكي بتوقيف أو ترحيل رعايا الدول التي تكون الولايات المتحدة في حالة حرب معها، إذا اعتبرهم يمثلون تهديدا للأمن القومي، ولا يطبق إلا عندما تعلن حالة الحرب رسميا.
متي استخدم هذا القانون؟

استُخدم هذا القانون 3 مرات فقط، الأولى في حرب عام 1812، ثم في الحرب العالمية الأولى، وأيضا في الحرب العالمية الثانية، حيث جرى احتجاز مهاجرين من الألمان والإيطاليين في الحرب العالمية الأولى، ومن الصينيين واليابانيين والكوريين في الحرب العالمية الثانية.

وفعل الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت هذا القانون بعد الهجوم على بيرل هاربر خلال الحرب العالمية الثانية، ووصف المواطنين اليابانيين والألمان والإيطاليين بأنهم “أعداء أجانب”.

تفعيل ترامب لهذا القانون

يعتمد تفعيل هذا القانون على خطة ترامب لاستخدام الجيش في إنفاذ قوانين الهجرة، والتي ينظر إليها على أنها تصعيد كبير في نهج الحكومة الفيدرالية تجاه المهاجرين غير النظاميين.

ومن خلال الاستناد إلى قانون “العدو الأجنبي” وقانون العصيان، يخطط ترامب لنشر القوات الفيدرالية للمساعدة في القبض على المهاجرين عند الحدود الجنوبية، وهو تحرك يثير مخاوف قانونية وأخلاقية خطيرة تتعلق بدور الجيش في إنفاذ القوانين المحلية.

وسبق أن أشار ترامب إلى رغبته في تنفيذ ما أسماه “أكبر عملية ترحيل داخلية في تاريخ أمريكا”، وقد يعني ذلك حملة تستمر لسنوات لإبعاد ما يقدر بنحو 11 مليون شخص يقيمون في البلاد بدون تصريح، حيث تهدف إدارته إلى الاستفادة من عمليات الترحيل السريعة التي تسمح بالترحيل السريع دون إجراءات قانونية مطولة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الشعب الجمهوري: المنتدى الحضري فرصة قيمة لتوجيه أنظار العالم نحو وتجربتها التنموية الحديثة
  • حتى يكون لنا مايسمى “وطني السودان أحب مكان وأعز مكان”
  • أستاذ إعلام: يجب تعزيز الوعي المجتمعي لمواجهة الحرب النفسية الحديثة
  • نتنياهو يقيل وزير حربه “غالانت” للمرة الثانية
  • العليمي: الحرب التي تسبب بها الحوثيون أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الاساسية
  • لطيفة بنت محمد: “برؤية محمد بن راشد.. دبي ترسّخ مكانتها مركزاً دولياً للثقافة وحاضنة للإبداع وملتقى للمواهب من حول العالم”
  • في حال انتخابه.. لماذا قد يلجأ ترامب لقانون “العدو الأجنبي”؟
  • المهندس “بالقاسم حفتر” يبحث مع عمداء بلديات الجنوب المشاكل التي تعاني منها البلديات
  • المشير “خليفة حفتر” يبحث مستجدات عمل الجهاز الوطني للتنمية بمختلف المدن الليبية