انتخابات أميركا.. ماذا وراء الموجة الحمراء؟
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
في نتيجة فاجأت الكثيرين، نجح المرشح الجمهوري دونالد ترامب في العودة للبيت الأبيض ليصبح بذلك الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة، محققا فوزا مريحا على منافسته الديموقراطية كامالا هاريس ومخالفا بذلك معظم استطلاعات الرأي التي توقعت سباقا تنافسيا للغاية.
فجر، الأربعاء، بتوقيت الولايات المتحدة أُعلن فوز ترامب بعد حصوله على 277 من أصوات المجمع الانتخابي مستفيدا من فوزه بأربعة ولايات متأرجحة من أصل سبعة، هي نورث كارولاينا وجوروجيا وويسكنسن وبنسلفانيا.
ولم تقتصر مكاسب الجمهوريين على فوز ترامب وحسب، بل حقق الحزب الذي يستخدم اللون الأحمر لتمثيله في السياسة الأميركية، فوزا مهما في الجانب التشريعي بتحقيقه الأغلبية المطلوبة في مجلس الشيوخ، واحتمال حصوله على أغلبية مماثلة في مجلس النواب.
ويُطلق على هذا الفوز الكاسح اسم مصطلح "الموجة الحمراء" في الانتخابات الأميركية إشارة إلى فوز كبير أو سيطرة كبيرة للحزب الجمهوري في الانتخابات، سواء كانت انتخابات الكونغرس (مجلس النواب والشيوخ) أو الانتخابات الرئاسية.
وعندما يتحدث المحللون أو وسائل الإعلام عن "موجة حمراء"، فإنهم يقصدون بها تحقيق الجمهوريين مكاسب كبيرة في مقاعد الكونغرس أو فوزهم بالعديد من المناصب المهمة في الانتخابات على مستوى الولايات.
تكون الموجة الحمراء غالبًا مدفوعة بعدة عوامل، مثل الإقبال العالي من الناخبين المحافظين، أو عدم رضا الناخبين عن سياسات الحزب الديمقراطي الحاكم، أو الرغبة في تغيير مسار البلاد نحو سياسات أكثر تحفظا.
يقول كبير الباحثين في مركوز التقدم الأميركي لاري كورب أن السبب الرئيس في هذه الموجة الحمراء يتمثل بعدم "رضا الناس عن السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي الحالي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس سواء الداخلية منها أو الخارجية".
ويضيف كورب في حديث لموقع "الحرة" أنه "داخليا على سبيل المثال، شهدت أسعار البقالة ارتفاعا ملحوظا خلال الأشهر القليلة الماضية وكان التضخم واضحا للغاية، وقابله ارتفاع في إرسال المساعدات للخارج وخاصة أوكرانيا".
ويشير كورب إلى أن "الناخبين أرادوا القول من خلال نتائج التصويت، حسناً دعونا نعيد ترامب حتى يكون اقتصادنا أفضل في الداخل وحتى لا تتورط الولايات المتحدة كثيرا في صراعات خارجية كما يحصل في أوكرانيا والشرق الأوسط".
خلال حملته الانتخابية تمكن ترامب من إقناع الأميركيين بأنه يفهم الصعوبات اليومية التي يواجهونها بشكل أفضل من أي شخص آخر، ولا سيما أن هاريس التي خاضت حملة خاطفة بعد انسحاب جو بايدن من السباق، لم تتمكن من حشد تعبئة كافية لرسالتها الوسطية الداعية إلى الوحدة، في مواجهة انتقادات منافسها اللاذعة بشأن التضخم والهجرة.
يعتقد الصحافي في صحيفة بوليتيكو الأميركية دانيال ليدمان أن أصوات الأميركيين من أصول لاتينية كانت حاسمة في فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية.
ويقول ليدمان للحرة إن "الزخم كان واضحا في أوساط اللاتينيين الأميركيين، الذين دعموه بشكل أكبر مقارنة بالانتخابات الماضية".
ويشير ليدمان إلى أن الناخبين الأميركيين أرادوا إيصال رسالة مفادها ضرورة أن يكون هناك تغيير في السيساات الاقتصادية التي اتبعتها البلاد خلال فترة ولاية بايدن-هاريس.
موجات حمراءوهذه ليست المرة التي تشهد في الولايات المتحدة "موجة حمراء" حيث تمكن الحزب الجمهوري من تحقيق انتصارات كبيرة في الكونغرس أو مناصب حكومية مختلفة خلال العقود الماضية.
واحدة من أبرز هذه الموجات حصلت في عام 1980 بعد فوز الجمهوري رونالد ريغان برئاسة الولايات المتحدة ضد منافسه الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر.
تزامن فوز ريغان مع سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ للمرة الأولى منذ عام 1954، وكان هذا الأمر بمثابة تحول كبير نحو سياسات محافظة، واعتبره البعض بداية لعصر جديد من النفوذ الجمهوري.
وفي انتخابات التجديد النصفي لعام 1994 حصل الجمهوريون على مكاسب كبيرة حيث فازوا بأغلبية مقاعد مجلس النواب للمرة الأولى منذ 40 عاما، وسيطروا أيضا على مجلس الشيوخ.
عُرفت هذه الانتخابات بـ "ثورة الجمهوريين" وكان لها تأثير كبير على سياسات إدارة الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، مما أجبره على تبني سياسات أكثر اعتدالا.
وبعد سنتين من انتخاب باراك أوباما، شهدت انتخابات 2010 موجة حمراء كبيرة، حيث تمكن الجمهوريون من الفوز بـ 63 مقعدا إضافيا في مجلس النواب، مما أعاد إليهم السيطرة على المجلس.
ستمنح السيطرة على مجلس الشيوخ دفعا كبيرا لترامب في تطبيق برنامجه وتعيين كبار موظفي الحكومة والقضاة الجدد في المحكمة الأميركية العليا النافذة جدا، وفقا لكورب.
بالإضافة لذلك يشير كورب إلى أن السيطرة على مجلس النواب يعني أن الرئيس المقبل سيكون قادرا على التحكم بالميزانية العامة للبلاد بالطريقة التي يريدها.
ويتألف الكونغرس الأميركي من مجلس النواب الذي يختار الناخبون خلال الاقتراع الحالي أعضاءه الـ435 بالكامل، ومجلس الشيوخ المؤلف من مئة مقعد يتم تجديد 34 منها هذه السنة تزامنا مع الانتخابات الرئاسية.
وفي حين يقر مجلس الشيوخ الاتفاقات والمعاهدات وبعض تعيينات الرئيس، مثل السفراء وأعضاء المحكمة العليا، كل القوانين التي تشمل أموالا يجب أن تبدأ مناقشتها في مجلس النواب.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الموجة الحمراء فی الانتخابات مجلس النواب مجلس الشیوخ على مجلس فی مجلس
إقرأ أيضاً:
تجري اليوم.. ما تريد معرفته عن انتخابات إقليم العاصمة الهندية دلهي
دلهي – بدأ أكثر من 15.5 مليون ناخب من سكان هند منذ صباح اليوم الأربعاء بالتوجّه إلى صناديق الاقتراع في إقليم العاصمة الوطنية الهندية دلهي لانتخاب 70 عضوا في الجمعية التشريعية.
وتأتي هذه الانتخابات في ظل سعي حزب "عام آدمي"، الذي يتولى الحكم في إقليم العاصمة منذ عام 2015، للفوز بولاية ثالثة على التوالي بعد انتصاره في انتخابات عامي 2015 و2020.
في المقابل، يسعى حزب "بهاراتيا جاناتا"، الذي يقود الحكومة المركزية بقيادة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، إلى كسر هيمنة حزب "عام آدمي" على المشهد السياسي في دلهي بعدما أخفق في الفوز بانتخابات الجمعية التشريعية للإقليم على مدى عقود.
ووفقًا للجنة الانتخابات في دلهي، من المقرر إعلان نتائج الانتخابات يوم السبت المقبل.
تنقسم الهند إلى 28 ولاية و8 أقاليم اتحادية، حيث تتمتع الولايات بحكومات منتخبة يقودها رئيس وزراء الولاية وجمعية تشريعية، مما يمنحها درجة كبيرة من الحكم الذاتي، إلى جانب سيطرتها على الأمن والشرطة والأراضي.
في المقابل، تخضع الأقاليم الاتحادية للإدارة المباشرة من الحكومة المركزية باستثناء ثلاثة أقاليم تتمتع بحكم ذاتي نسبي عبر جمعيات تشريعية منتخبة، وهي: دلهي، وجامو وكشمير، وبودوتشيري.
ورغم أن دلهي تُصنف بوصفها إقليما اتحاديا، فإنها تتمتع بوضع خاص باعتبارها "إقليم العاصمة الوطنية"، مما يمنحها بعض الصلاحيات الإدارية، لكنها تظل خاضعة لسيطرة الحكومة المركزية في قضايا رئيسية، أبرزها الأمن والشرطة والأراضي.
إعلان ما الأحزاب السياسية الرئيسية المشاركة في الانتخابات؟ حزب "عام آدمي" الذي يحكم دلهي منذ عام 2015، حيث فاز في فترتين متتاليتين ويسعى الآن للاحتفاظ بالسلطة لولاية ثالثة. وكان زعيم الحزب أرفيند كيجريوال رئيس وزراء حكومة إقليم دلهي حتى سبتمبر/أيلول 2024، قد استقال من منصبه بعد اتهامات بالفساد ليحل محله في رئاسة الحكومة أتيشي مارلينا من حزبه.ويُصنف الحزب عادة على أنه يسار الوسط في الجمعية الحالية، ويُعتبر "عام آدمي" الحزب الحاكم، إذ يمتلك 62 مقعدا من أصل 70 في الجمعية التشريعية. حزب بهاراتيا جاناتا الذي حكم دلهي من 1993 إلى 1998 بعد إعلان دلهي إقليم العاصمة الوطنية للهند بموجب تعديل دستوري، مما منحها وضعا خاصا. ولكن بعد فترة ولايته الأولى، لم يتمكن الحزب من تشكيل حكومة في دلهي، رغم فوزه بـ31 مقعدا من أصل 70 مقعدا في انتخابات 2013، لفشله في الحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل حكومة.
وفي الجمعية الحالية، يمتلك حزب بهاراتيا جاناتا 8 مقاعد من أصل 70 مقعدا، ويشغل دور حزب المعارضة. حزب المؤتمر الوطني الهندي الذي حكم دلهي من 1998 إلى 2013، فقد نفوذه بعد ذلك بحصوله على 8 مقاعد من أصل 70 في انتخابات 2013. وفي انتخابات 2015 و2020 لم يتمكن الحزب من الفوز بمقعد واحد رغم كونه حزب المعارضة الرئيسي على المستوى الوطني.
تعهّد حزب "عام آدمي" بتنفيذ عدة مبادرات للرعاية الاجتماعية تشمل: توفير الأدوية المجانية لكبار السن، والسفر المجاني بالحافلات للطلاب، وخلق فرص عمل للشباب، وصرف مخصصات شهرية للنساء، وضمان مياه شرب نظيفة، إضافة إلى تغطية تأمينية للسائقين.
من جانبه، أعلن حزب بهاراتيا جاناتا عن تعهده بتوفير وظائف حكومية وفرص عمل حر، إضافة إلى تحويل دلهي إلى مدينة تعتمد على الحافلات الكهربائية. ويشمل برنامجه منح حقوق الملكية الكاملة للمستعمرات غير المرخصة، وتوفير التأمين الصحي للعاملين المؤقتين.
إعلان ما أهمية هذه الانتخابات لحزبي "عام آدمي" وبهاراتيا جاناتا؟في حديث للجزيرة نت، يقول الكاتب الهندي المتخصص في السياسة الهندية والقوميين اليمينيين الهندوس نيلانجان موخوبادياي إن هذه الانتخابات تشكل محطة مهمة لحزب "عام آدمي" لسببين:
تعرض الحزب لهجمات متكررة من حزب بهاراتيا جاناتا على مدى السنوات الماضية، حيث اعتُقل العديد من وزرائه في حكومة دلهي بمن فيهم زعيمه كيجريوال. يُعد حزب عام آدمي، إلى جانب حزب المؤتمر الوطني الهندي، من بين قلة من أحزاب المعارضة التي تمتلك نفوذا في أكثر من ولاية على مستوى الهند، في حين أن معظم الأحزاب المعارضة الأخرى تقتصر قوتها على ولاية واحدة في أغلب الأوقات.ويرى موخوبادياي أنه إذا تمكن حزب "عام آدمي" من الاحتفاظ بالسلطة في دلهي، فسيعزز موقعه كقوة معارضة رئيسية على المستوى الوطني.
كما أوضح موخوبادياي، فإن هذه الانتخابات تعد مهمة لحزب بهاراتيا جاناتا، إذ لم يتمكن من الفوز بأي انتخابات لتشكيل حكومة في دلهي منذ عام 1998، مما جعله بعيدا عن السلطة في الإقليم.
ويعتبر موخوبادياي أن الحزب يسعى إلى إحياء نفسه بالفوز في الانتخابات بدعم من قادة بارزين مثل رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ووزير الداخلية أميث شاه، ورئيس وزراء ولاية أوتار براديش ويوجي أديدياناث، وجميعهم من خارج إقليم دلهي. وفي الوقت ذاته، يشير إلى أن الحزب يفتقر حاليا إلى زعيم محلي يتمتع بالشعبية نفسها.
في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فاز حزب بهاراتيا جاناتا بجميع المقاعد السبعة في دلهي، ومع ذلك يرى موخوبادياي، في حديثه للجزيرة نت، أن هذا لن يؤثر على فوز حزب "عام آدمي" في الانتخابات الحالية.
إعلانوأشار إلى أنه رغم فوز حزب بهاراتيا جاناتا بجميع المقاعد السبعة في دلهي في الانتخابات البرلمانية السابقة في 2014 و2019 و2024، فإن حزب "عام آدمي" نجح في الفوز في انتخابات إقليم العاصمة الوطنية على التوالي منذ عام 2015.
وأضاف للجزيرة نت "قرر الناس التصويت لصالح حزب عام آدمي في الانتخابات على مستوى الإقليم، وحزب بهاراتيا جاناتا في الانتخابات على المستوى الوطني".