حربا وسلاما.. كيف غيرت الانتخابات الأميركية تاريخ مصر؟
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
لم تكن مصر بعيدة عن الانتخابات الأميركية، التي تحظى منذ سنوات طويلة باهتمام العالم بأسره، ليس فقط لأنها تحدّد مصير الشخص الذي سيحكم الدولة الأقوى عسكريًا واقتصاديًا بالعالم، ولكن لأن هذه الانتخابات باتت عنصرًا أساسيًا لابد أن يضعه قادة العالم في حساباتهم خلال اتخاذ قراراتهم الكبرى، حتى ذات الطابع المحلي منها.
القاهرة كانت دائما مرتبطة بكل ذلك، فلقد لعبت الانتخابات الأميركية دورًا مباشرًا في صناعة أحداث كبرى مرّت بها، نستعرض أبرزها في ذلك التقرير..
تأميم القناة.. لحظة الهجومحسبما ذكر دونالد نيف في كتابه "عاصفة على السويس 1956" فإنه في ظل تصاعد نبرة الرئيس المصري جمال عبدالناصر المعادية لإسرائيل عام 1955 رفض رئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون الانتظار لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية المتوقع عقدها خلال عام وفقًا لما نُصح به من مستشاريه، وقرّر بحث ضرورة التصعيد ضد القاهرة بأي شكل.
في العام نفسه أدلى عبد الناصر بتصريح إلى صحيفة "نيويورك بوست"، هاجم فيه الولايات المتحدة بسبب رفضها تسليح الجيش المصري، معتبرًا أن هذا التصرف كان السبب الرئيسي لعقد صفقة "الأسلحة التشيكية" التي أثارت غضب الغرب ضده.
وخلال هذا الحديث ألمح إلى أن الرفض الأميركي ينبع من خشية إغضاب إسرائيل في هذا الوقت الحساس التي تملك فيه الدولة العبرية نفوذًا متعاظمًا داخل واشنطن بسبب قُرب الانتخابات الأميركية وخوف الساسة من خسارة أصوات اليهود فيها، بحسب اعتقاد عبدالناصر آنذاك.
وفي يوليو 1956 أعلن عبدالناصر تأميم قناة السويس ردًا على تراجع واشنطن ولندن عن تمويل بناء السد العالي، وهو قرار أشعل الغضب ضده في بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وقرروا منعه من إتمامه بنجاح بأي شكل.
وبعد شهرين من القرار جرت مباحثات سرية بين الأطراف الثلاثة في فرنسا لبحث استعدادات الحرب، كشف فيها وزير الخارجية الفرنسي كريستيان بينو بأن أفضل توقيت للهجوم على مصر سيكون في منتصف أكتوبر قبل بداية الانتخابات الأميركية.
وفي مذكراته "قصة حياتي" أكد وزير الدفاع الإسرائيلي الراحل موشي ديان أن الحاضرين في الاجتماع اعتقدوا أن الانتخابات الرئاسية الأميركية ستكون فرصة ذهبية للهجوم وضمان عدم معارضة الرئيس الأميركي داويت أيزنهاور بسبب اعتقادهم أنه "سيحرص على عدم الظهور بمن يُضحي بحلفائه أمام ناخبيه".
وبحسبما أورد الصحفي محمد حسنين هيكل في كتابه "عند مفترق الطرق"، فإن هذا الاختيار أثار غضب أيزنهاور لاحقًا واعتبره "سخيفًا" لأن هذه الحرب تناقضت مع النقطة الرئيسية التي بنى عليها برنامجه الانتخابي هو كيفية تحقيق السلام.
المفارقة أن الموعد ذاته دخل في حسابات عبدالناصر أيضًا خلال مراحل التفكير في قرار التأميم وكان من النقاط التي شجعته على اتخاذ هذه الخطوة بعدما اعتبر أن هذا الموعد يضمن له "الحياد الأميركي" لأن واشنطن لن تشارك أبدًا في أي عملٍ عسكري ضد مصر مع اقتراب الانتخابات، بحسب ما ورد في كتاب "العدوان الثلاثي على مصر" لعاصم الدسوقي.
السيسي يهنئ ترامب بعد إعلان فوزه بالرئاسة تقدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، بالتهنئة لدونالد ترامب بعد إعلانه فوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية. الاستعداد لحرب أكتوبركذلك لعبت الانتخابات الأميركية دورًا غير مباشر في عمليات استعداد الجيش المصري لحرب أكتوبر التي خاضها الجيش المصري ضد إسرائيل وتمكّن خلال أيامها الأولى من تحقيق انتصارات مهمة، عززت لاحقا الجهود السياسية التي انخرط فيها البلدان لاحقًا وانتهت بانسحاب إسرائيل الكامل من سيناء بمقتضى اتفاقية السلام بعد سنوات.
بحسب كتاب "لعبة الأمم والسادات" لمحمد الطويل، فإنه رغم أن واشنطن بدأت تشكل نظرة إيجابية بحقِّ الرئيس السادات منذ بداية 1972 إلا أن آفاق تحقيق السلام كانت صعبة في ضوء تمسّك مصر بضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن 242 وتشبث إسرائيل بعدم تنفيذه. ووفق الطويل فإن واشنطن قررت الانتظار حتى نهاية الانتخابات الأميركية المقرر إجراؤها بالعام ذاته لبذل الضغط السياسي اللازم لدفع الأطراف جميعًا إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن.
وبحسب كتاب "السياسة الأميركية تجاه الصراع المصري الإسرائيلي" لنبوية أحمد فإن واشنطن حرصت على استرضاء الرأي العام اليهودي قبل الانتخابات عبر تزويد إسرائيل بأسلحة تمنحها تفوقًا على الجيش المصري حتى أن الرئيس ريتشارد نيكسون أبلغ وزارة الخارجية بألا تفكر في طرح أي مبادرات جديدة إلا بعد الانتخابات.
ووفق نبوية فإن "المحظور الانتخابي" ذاته كان في ذهن السادات؛ فبعد مرور عام 1971 دون حسم رغم تعهده بذلك للشعب المصري فإنه أيقن أن 1972 لن يحمل الحسم أيضًا في ضوء عقد الانتخابات الأميركية في نهايته، وهو ما تطرّق له السادات بوضوح في كتابه "البحث عن الذات" حين وصف عام 1972 بأنه "سنة انتخابات والحكومة الأميريكية فيها لا تُقدِّم ولا تؤخر".
إلا أن السادات سعَى لعدم التأخر عن وعده طويلاً، وخلال زيارة إلى موسكو اتفق مع القادة السوفييت على تنفيذ "عمل عسكري" مباشرة بعد انتهاء انتخابات الرئاسة الأميركية كوسيلة لتحريك الوضع وإنهاء حالة الجمود التي سيطرت على الجبهة إذا أثبت الرئيس الأميركي الجديد أنه لن يكون قادرًا على فرض حل سلمي يرضي جميع الأطراف، حسبما ذكر المؤرخ العسكري جمال حماد في كتابه "من سيناء إلى الجولان".
وفي رسالة وجهها السادات لسكرتير الحزب الشيوعي ليونيد بريجنيف في أغسطس 1972 طلب فيها منحه المزيد من الدعم العسكري حتى يقف على أرض صلبة لمواجهة وضع "ما بعد الانتخابات الأميركية" التي توقّع أن يُفرض عليه فيها حلٌّ لصالح إسرائيل.
وخطط الرئيس المصري لأن يكون جيش بلاده قادرًا على الهجوم فور انتهاء الانتخابات الأميركية، ووفق كتاب "في قلب المعركة" للواء عبدالمنعم خليل فإن الرئيس السادات أخطر وزير الدفاع المصري محمد صادق بأنه "بعد الانتخابات الأميركية يجب العمل على تحريك القضية عسكريًا بما نستطيع وبما نملك".
الأمر ذاته أكّد عليه السادات في مذكراته التي كشف فيها أنه أمر وزير دفاعه بالاستعداد للحرب في منتصف نوفمبر بعد انتهاء الانتخابات الأميركية مباشرة إلا أن صادق تلكأ في تنفيذ هذه الخطة ولم يُبلغ قادة الأسلحة بها فأقاله السادات من منصبه.
وفي يوليو من العام نفسه قرّر الرئيس السادات طرد 20 ألف خبير سوفييتي من مصر، في قرار أثار اهتمام عواصم العالم الكبرى حتى أن بعض الدبلوماسيين الأفارقة أظهروا اندهاشًا من توقيت القرار المصري الذي يتزامن مع "عام الانتخابات الأميركية" والذي سيحرم القاهرة من طلب ثمن باهظ من واشنطن عبر الضغط على إسرائيل لإجبارها على الانسحاب من سيناء، بحسب الطويل.
رغم ذلك فإن البيت الأبيض تفاعل إيجابيًا مع "هدية السادات" بعدما بعث مستشار الأمن القومي الأميركي هنري كيسنجر رسالة إلى السادات أبلغه فيها أنه يجري الإعداد لمبادرة جديدة تحت إشراف البيت الأبيض -وليس وزارة الخارجية مثل مبادرة روجرز عام 1970- ستُطرح بعد انتهاء الانتخابات الأميركية، بحسب كتاب "السياسة الأميركية تجاه الصراع المصري الإسرائيلي".
وفي نوفمبر 1972 أقيمت الانتخابات الأميركية وحقّق فيها المرشح الجمهوري نيكسون فوزًا كبيرًا على منافسه السيناتور الديمقراطي جورج ماكغفرن.
في الداخل والخارج.. ماذا يتوقعون من ترامب؟ قدم دونالد ترامب وعودا كبيرة خلال حملته الانتخابية فيما يتعلق بسياسته الخارجية إذا عاد إلى البيت الأبيض، والآن، أكدت النتائج فوزه بعدد كاف من أصوات مندوبي المجمع الانتخابي ليصبح رئيسا، فما هي أهم أوجه سياسته الخارجية وماذا يتوقع منه العالم؟ الطريق إلى كامب ديفيدفي إطار دبلوماسيته المكوكية من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط صادف كيسنجر تعقيدات عدة منها ما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في حديثٍ له مع جريدة (هارتس Hearst) في ديسمبر 1974 أن إسرائيل تسعى لتأجيل المفاوضات إلى ما بعد الانتخابات الأميركية في 1976.
الأمر ذاته تنبأ به هيكل في كتابه "الحل والحرب"، حين أكد أن إسرائيل لن تسعى لتحقيق اختراق قبل "انتهاء سنة الانتخابات الأميركية وظهور اتجاهات النظام الجديد في واشنطن".
وخلال هذه الفترة عانت مصر من عزلة في محيطها العربي إثر موافقتها على عقد اتفاقية فض الاشتباك الثانية 1975 التي تعهد فيها السادات بعدم اللجوء إلى استعمال القوة حال تجدد الخلافات مع إسرائيل، بعدها تعقد مسار المفاوضات بين البلدين حتى حلَّ عام الانتخابات الأميركية 1976 الذي كان -كما هو معتاد- يجب أن يخلو من الأحداث الكبرى.
وشهد عام 1976 ترديًا كبيرًا في علاقة السادات بالسوفييت وصل إلى حدِّ إلغاء معاهدة الصداقة والتعاون بين الطرفين وأيضًا حرمان القطع البحرية السوفييتية من التسهيلات البحرية الممنوحة لها في الموانئ المصرية.
وفي أعقاب قطع السادات علاقته بالسوفييت تلقّى رسالة من الرئيس الأميركي جيرالد فورد يهنئه فيها على هذه الخطوات ووافق الكونغرس على صفقة أسلحة لمصر بقيمة 50 مليون دولار إلا أن فورد لم يمنح السادات المزيد من المكاسب السياسية بسبب رغبته في عدم خسارة اللوبي اليهودي في هذا العام الانتخابي، بحسب نبوية أحمد.
عقب انتهاء انتخابات 1976 بفوز جيمي كارتر، صرّح السادات في يناير 1977 بأن مسار مفاوضات "سلام ما بعد الحرب" تعطّل مؤقتًا بسبب الانتخابات الأميركية والآن فإنه بعد انتهائها بوصول الرئيس الأميركي الجديد أصبح الشرق الأوسط مهيئًا لإحلال السلام.
وإزاء تعقّد المفاوضات بين إسرائيل وبين مصر وسوريا توجّه كارتر بنداءٍ مباشر إلى السادات بأن الوقت قد حان ليقوم بـ"خطوة جريئة" دون تحديدها، وفي نوفمبر 1977 أطلق الرئيس المصري مبادرته الشهيرة التي أعلن فيها استعداده للسفر إلى إسرائيل والتفاوض المباشر مع قادتها في تل أبيب ليكون أول زعيم عربي يزور الدولة العبرية رسميًا منذ نشأتها.
ولاحقًا ستكون هذه الرحلة بداية لمفاوضات عسيرة خاضها المصريون والإسرائيليون برعايةٍ أميركية مباشرة انتهت بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد 1978، التي صنعت السلام بين البلدين حتى اليوم.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الانتخابات الأمیرکیة انتهاء الانتخابات الرئیس الأمیرکی بعد الانتخابات الرئیس المصری الجیش المصری فی کتابه فی کتاب إلا أن
إقرأ أيضاً:
كان يتعدى على بالضرب والإهانة ويطمع في أموالي التي يرسلها لي أخي وطلب مني 100 ألف جنيه مقابل الطلاق.. تفاصيل أول دعوى خلع من سودانية ضد زوجها المصري
تلقت محكمة الأسرة بالجيزة أول دعوى قضائية من زوجة سودانية ضد زوجها المصري بعد زواج استمر قرابة 8 أشهر، تطلب فيها تطليقها خلعًا، وأكدت أنها تعرضت للأذي النفسي والبدني والمعنوي من زوجها المدعى عليه، ما دفعها للجوء إلى محكمة الأسرة.
وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد التقت صحيفة «المصري اليوم», من أمام مكتب تسوية النزاعات بمحكمة الأسرة، الزوجة صاحبة الدعوى، حيث كانت تسأل كل من يمر أمامها «بريد أرفع قضية خلع على جوزي أعمل شنو؟». كل من سألته كان يجيبها ويريد مساعدتها قدر المستطاع، لتروي بعدها المدعية تفاصيل نزاعها أمام خبراء محكمة الأسرة.
تزوجت بداية العام الحالي وزوجي بيشتغل نقاش، تعرفت عليه وقت بحثي أنا وأسرتي عن مسكن في أحد أحياء الجيزة، وكان واقف بجانبنا وبيقدم لنا المساعدة باستمرار حتى وجدنا المسكن المناسب وأقمنا فيه وأسرتي- هكذا قالت امام محكمة الأسرة-.
وتابعت: «شهرين فقط وفوجئت به يتقدم لطلب زواجي من والدتي وأخبرنا أن لديه مسكنا مناسبا ويتكسب من عمله ما يوفر لنا حياة مستقرة ومحترمة، ولكن كل ادعاءاته كانت كاذبة».
وأضافت الزوجة بحسب ما نقل محرر موقع النيلين, من موقع “المصري اليوم”, أمام محكمة الأسرة: «اكتشفت بعد فترة قصيرة من زواجنا أنه كان يطمع في أموالي وأموال أسرتي، والتي كان يرسلها لنا أخي المقيم في إحدى الدول العربية، وبدأ يطلب مني أن أعطيه من هذه الأموال وكأنها حقه على، وعندما كنت أرفض كان يتعدي على بالضرب والإهانة والسب بألفاظ بذيئة».
وواضلت: «طلبت منه الطلاق أكثر من مرة، وأخبرته أن زواجنا من البداية كان «غلطة» لابد من إصلاحها – قالت أمام محكمة الأسرة»، لكن طلب مني أن أدفع له مبلغ 100 ألف جنيه مقابل الطلاق، والتنازل عن كل حقوقي لديه، وعندما رفضت والدتي وإخوتي فكرت في اللجوء لمحكمة الأسرة بعد نصيحة صديقة مصرية لي، وأن أرفع «قضية خلع ضده» خصوصًا إني «ما عايزه منه ولا شىء»- هكذا قالت مقيمة الدعوى.
محمد عثمان _ الخرطوم
النيلين
إنضم لقناة النيلين على واتساب