سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
يراود ذهني تلك الأغنية التي كتبها ولحن كلماتها الشاب الراحل الخلوق حسن عسولان الذي توفاه الله إثر أزمة صحية وأداها بصدق وإخلاص لهذا الوطن الرائع.. هذا الوطن العظيم الذي تربينا فيه منذ نعومة أظفارنا وتعلمنا الكثير والكثير من العلوم والمعارف العلمية والاجتماعية والإنسانية والثقافية والسياسية وكل ما تعلمناه على أرض هذا الوطن هو الذي نشأ فينا وتأصلنا من خلاله بأصول المجد التليد الراسخ القوي المكين.
فمنا الجندي المحارب العسكري الباذل جهده ودمه وروحه وعمره في سبيل وطنه وإن ما دعت الحاجة إليه شمر ساعد الجد قال أنا هنا فدى أرضي ووطني وسلطاني وأهلي وشعبي والهواء الذي نتنفسه على أرض بلادنا الحبيبة عُمان.
ومنَّا معلم الأجيال صانع الحضارات خالق البطولات مشجع ومدرس ومؤدب وباحث ورياضي وفني وثقافي وإداري وعالي الهمم.
عُمان الولادة بالمثقفين والإعلاميين والكتاب والشعراء ففي تحت كل شبر وكل صخرة يولد شاعر بها ومن أرضها ليتغنى بحب هذا البلد وهذا الوطن وهذه عُمان:
الجزالة فيك منبع يا ابن طارق
من زمن قابوسنا وأنت الثقافة
لين صار عُماننا بالعز فارق
والإضافة منك وأنت أصل الإضافة
المطر في هيبتك والجو بارق
والرياح إن هبت تهب بلطافة
مجدك اللي مع شعاع الشمس شارق
مايحق لغيرك يعيش بأنافه
كل عام وشعبنا بالخير غارق
مانعيش بليت وإلا ياحسافة
كل غصنٍ من عطايا الدار وارق
والفضاء عز البلد غطا غلافه
يرفع التاريخ ذكرك فالبيارق
من يشوف الحق شاف اسمك وشافه
ومن سرق تاريخ هيثم قلت سارق
مايخاف الله وحنا مانخافه
ننكر اللي يفعله ونقول فارق
ما لحقنا من عنا الدنيا كلافه
رمزنا الوضاح يسمو للنمارق
للأدب فعله موليه الخلافة
هكذا نكتب القصائد في حب عُمان وقائد عُمان الحبيبة قصائد حروفها من ذهب وأوتارها من صميم القلب والروح وكل ما نكتبه للوطن هو منبع للمحبة والتقدير لكل إنسان وكل مناضل في وطنه ومهما كثرت الظروف التي تحيط بالإنسان؛ سواء كانت مادية أو معنوية؛ إذ بالتعاون والتكاتف سيتم السعي لإيجاد الحلول المناسبة لها وإن شاء الله ستحل جميعها ولن يكون هناك إنسان محتاج على أرض هذه السلطنة الكبيرة بسلطانها والعظيمة بشعبها.
عُمان الحاضر المشرق والماضي التليد عُمان قابوس السلام وهيثم المجد أيقونة من ولاء لا تتكرر في محيطات وأوطان أخرى وتكاتف وتآزر وتعاون ومحبة وتضحية وحب وسلام وكرامة وإباء.
العُماني الذي بزغ تاريخه الحديث ببزوغ فجر الثالث والعشرين من يوليو لعام سبعين كان رمزا تاريخيا كبيرا وبيانا واسعا مختلفا وأملا مرسوما بدقة قد تحقق فانبثقت منه الكثير من الإنجازات ابتدأت في قصر العلم العامر مرورا ببهجة الأنظار في صحار إلى بيت المعمورة بصلالة إلى أن حطت الرحال في قصر بيت البركة العامر.. خنجر سعيدية وخنجر عُمانية، عمامة سعيدية وأخرى صورية.. جبال ظفار وبحر مسندم اتفق الجميع على الولاء والطاعة مكملين مسيرة البناء الذي كان تاريخ ميلاده في الثامن عشر من نوفمبر المجيد وعلى الطاعة نمضي لهيثم العظيم فعُمان دولة قوية مترابطة متعاضدة.
أمل وسلطنة وسلطان.. قلوب شعب تنتظر المزيد من الإنجازات والإنجازات التي يجب أن تستمر ومن بناء إلى بناء ومن مجد إلى آخر ومن علو إلى رفعة وشأن وتقدير.
كل عام ونحن بخير كل عام، وعُمان بخير، كل عام وسلطاننا بخير، كل عام وأنتم ماضون بنهج سامٍ مُقدس.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فراغ الكون هو الذي يعطي حياتنا المعنى
أخطأ نيتشه حينما قال: إذا ما حملقت في الهاوية لوقت طويل فإن الهاوية سوف تبادلك حملقة بحملقة. فالحق أن الفراغ يبقى على صمته، بلا هوادة، ويبقى مفزع الجسامة. ولكننا حينما نشخص إلى السواد اللانهائي الذي يحدد شسوع كوننا، نجد خيارا مطروحا أمامنا. فبوسعنا إما أن نتراجع خائفين منصرفين عن مواجهة إنسانيتنا لذلك الرعب الكوني الخالص، أو أن بوسعنا أن نحوِّل سواد الكون إلى نور يضيء التفرُّد في كل شيء مما نعرفه هنا على الأرض. أنا عالم فلك، من العلماء الذين يدرسون نشأة الكون وتاريخه وتطوره. وقد أنفقت عمري بحثا في جزء خاص من الكون يطلق عليه الفراغات الكونية، وهي تلك المساحات الشاسعة من اللاشيء التي تمتد بين المجرات. وأغلب كوننا فراغ، فقرابة 80% من حجم الكون مصنوع من لاشيء على الإطلاق. وفقا للحساب الدقيق للوفرة الكونية، فإن كوكبنا والحياة التي نجدها عليه تساوي في الأساس صفرا. فيا لمنتهى الضآلة. إن هي إلا ذرة من الأزرق والأخضر عالقة في محيط من الليل، وإن هي إلا نتفة ضئيلة من الصخر والماء تدور في فلك نجم من النجوم. وقد عملت القوى الكبرى التي تشكل كوننا على إنماء هذه الفراغات على مدار مليارات السنين، فإذا بوحشيتها الراهنة تبرز هذه الضآلة وتزيدها وضوحا. ودعكم من الكواكب والنجوم، فعلى هذه النطاقات الهائلة، تبدو حتى المجرات العظيمة نفسها محض نقاط من الضوء. وثمة غواية عند مواجهة النطاق الحقيقي للكون الفارغ تدعونا إلى أن ننظر إلى عالمنا الضئيل نظرة عدمية، وإلى أن نشعر بأن أعظم إنجازاتنا لا يرقى إلى شيء، وأن تاريخنا أهون من أن يترك أثرا، وأن همومنا ومخاوفنا جميعا عديمة الشأن، وأن إنسانيتنا نفسها شديدة الهوان. لقد أنفقت سنين أعمل على فهم ما يمكن أن تعلَّمه لنا الفراغات الكونية عن الكون الأوسع وتاريخه. وفي مسار دراستي، تعلمت أن أرفض تلك الغواية العدمية. نعم، الكون يغلب عليه الفراغ، ولكننا عثرنا على كثير من الأعاجيب في تلك المساحات العظيمة. فالفراغات ببساطة غير موجودة، إنما هي تحدد المجرات وتبرز التباين بينها. وخصائص تلك الفراغات ـ أي أشكالها وأحجامها وما إلى ذلك ـ تعكس القوى الغامضة التي تحكم تطور الكون. وداخل هذه الفراغات نعثر بين الحين والآخر على مجرة متقزمة معتمة كأنها واحة في صحراء. وقد تبين لنا أن الفراغات تفيض بطاقات كونية قد تطغى في يوم من الأيام على بقية الكون. صحيح أن كوكب الأرض ـ من الناحية الكونية ـ ليس بالضخم ولا بطويل العمر. ولكن ما تلك إلا وسيلة واحدة من وسائل قياس الأهمية. فبالمقارنة مع الفراغات، ثمة شيء خاص يجري على كوكبنا. وبرغم عقود من البحث، لا تزال الأرض هي المكان الوحيد المعروف في الكون كله الذي ترفع فيه كائنات عاقلة أعينها إلى السماء في عجب. كوكب الأرض هو المكان الوحيد المعروف الذي توجد فيه الإنسانية، والذي (يمكن) أن توجد فيه الإنسانية. وهو المكان الوحيد المعروف الذي يوجد فيه الضحك والحب والغضب والبهجة. وهو المكان الوحيد المعروف الذي يمكن أن نعثر فيه على الرقص والموسيقى والفن والسياسة وعلم الفلك. وكل ما لدينا من خلافات وغيرة وتعقيدات جميلة هي التي تجعل منا بشرا ليست عديمة المعنى. ووجود الفراغات الكونية وهيمنتها هما اللذان يضمنان النقيض، والقصص والتجارب التي نملأ بها حياتنا فريدة لأنها لن تحدث أبدا في الشسوع الخاوي الذي يتألف منه أغلب الكون. ولقد تعلمت أن الدروس التي نتعلمها من فراغات الكون موجودة أيضا في فراغات حياتنا. فالفراغات تصقل وتحدد، وتنشئ التقابل، وتمتلئ بالإمكانيات. والألم الذي نحس به من جراء خسارة هو آخر تذكرة لنا بهبة الحياة التي نكن لها أعمق الحب. والصمت في مواجهة عرض يتلألأ بالتوقع المحتدم. واختيارنا أن ننصرف عن الأنباء الباعثة للتوتر ضروري ليتيح لنا التركيز على كل ما هو مهم. لقد فهم الفنانون والفلاسفة منذ أمد بعيد قوة الفراغ. فالشاعر والراهب البوذي في القرن الثاني عشر سايجايو تأمل الفجوات القائمة فيما بين قطرات المطر المتساقطة فلاحظ أن السكتات فيما بين أصواتها مهمة بقدر أهمية القطرات نفسها، إن لم تعلها أهمية. والموسيقي جون كيج تحدانا بمقطوعته (4ʹ33)، وهي مقطوعة مؤلفة كليا من الصمت، تنشئ تجليا للفراغ يسعى الجمهور إلى ملئه بالسعال المحرج والضحك المتوتر، فيصبح ذلك في ذاته موسيقى. والمعماري الهولندي ريم كولهاس احتفى باستعمال الفضاءات السلبية قائلا: «حيث يوجد اللاشيء، يكون كل شيء ممكنا». والفراغ في رأي المحلل النفساني كارل يانج هو فضاء نفسي لا بد أن ندخل إليه لتحقق قدراتنا الكاملة ونصوغ لأنفسنا حياة جديدة. وبعد مليارات السنين من الآن سوف تتضخم الشمس ويستحيل كوكب الأرض غبارا. أما الفراغات الكونية، وهي حراس اللاشيء العظيم، فسوف تبقى، وتلك الحقيقة العارية، المزعجة في الوهلة الأولى، تمنحنا القدرة على الاعتزاز بما أوتينا من هبات. قل طرفة لأصدقائك. قاتل من أجل ما تؤمن به. اتصل بوالدتك. أبدع شيئا لم ير الكون مثيلا له من قبل. فما عناد الفراغات الكونية إلا دعوة لك إلى العمل. ولن يفعل الكون من أجلنا شيئا إلا أن يعطينا حرية الوجود، أما ما نفعله بذلك الوجود فمتروك كله لنا، ومسؤوليتنا هي أن نملأ الكون بالمعنى والغرض. |