أهلاً وسهلًا نوفمبر المجيد
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
في تاريخ الأمم والشعوب هناك قصص وحكايات، وبطولات وتحديات وأزمات ومعوقات، وصعوبات وتضحيات، وتأتي في سياق عهودها وأزمنتها وتاريخها، أيام سامقات عظام كبار، سطرت ملاحم وبطولات وإنجازات، فأزهرت حاضرًا مشرقًا، وبنت مستقبلًا يانعًا هانئًا باسمًا، حقق الخير على كل الصعد هنا وهناك، وأتى بالرخاء والتطور من الشمال إلى الجنوب، فكان الاستقرار والتقدم شمل الفيافي والسهول والوديان، وعمَّ الحضر والبادية سيان.
فمن تعليم تحت الشجر إلى وجود مؤسسات تعليمية راقية وجامعات عريقة حكومية وخاصة، ومدارس كبيرة مرتبة ومُجهزة، بها مرافق دراسية مختلفة، وتخصصات متعددة ومجالات علمية متنوعة، وخدمات وأغراض دراسية متقنة؛ وصولًا إلى بناء منظومة مكتملة ومؤسسات صحية كبيرة وشاملة، ومستشفيات ضخمة على مدار الساعة عاملة، ومراكز صحية ممتازة، تؤدي عملها ودورها الريادي والعناية بصحة الإنسان العُماني أينما وجد وليست منحازة، فكل هذا يحدث لدينا في السلطنة الحبيبة، هذا البلد الذي قال عنه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم "لو أنَّ أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك".
منذ أيام هل علينا شهر نوفمبر المجيد، هذا الشهر الذي كان ولا زال له ذكريات خالدة في ذاكرة العُمانيين، فكانت عُمان على موعد معه بقدرة وتوفيق من الخالق جل في علاه، نعم كانت على موعد مع خيراته ومسراته وبركاته، فكتب للعُمانيين فيه تحولًا كبيرًا في مسار التنمية البشرية الشاملة، وفي حقول وميادين حياتهم. العامة والخاصة، محدثًا- بإرادة سلمية وعزيمة لم تلن- نقلة نوعية وتاريخيّة عظيمة، وأمطر علينا خيرًا سارًا، أبهجنا وأسعدنا، وجعلنا نفخر ونُفاخر به على الدوام.
وما تحقق في عقود مضت، جعل عُمان يضيء بريقها ويظهر اسمها للعلن، لتكون محط أنظار العالم أجمع، فشاع اسمها وذاع صيتها في كل أرجاء المعمورة وهي تمضي في طريق آمن، وفي خط سير سليم ثابت، أكسبها احترام العالم أجمع، ككيان مستقل وإمبراطورية عظمى، وبلد شامخ متجذر متحد متعاضد مُستقر متحاب، لا يتدخل في شؤون الغير، ولا يحبذ أن يتدخل الغير في شؤونه.
فعُمان بلد له تاريخ طويل حافل بالإنجازات والنضال والرجال، فيه وجد السلام له مكانا، والوئام والتعايش السلمي والالتفاف خلف القيادة الحكيمة منذ عهد السلطان الراحل- طيب الله ثراه- ضمانًا وسمة غالبة سائدة، حتى إلى وقتنا الحالي والعهد الجديد المتجدد بقيادة السلطان هيثم حفظه الله ورعاه.
إن عُمان من أقصاها إلى أقصاها وهي تستشرف اليوم آفاق هذا الشهر النوفمبري الجديد، وتستلهم منه الدروس والعبر والعضات، لتستذكر بكل فخر واعتزاز أيامها السعيدة الماجدة طوال الـ ٥٤ عامًا من مسيرتها المباركة، ونهضتها المتجددة، التي جاءت في فتراتها المتلاحقة بالخير العميم، وبالرفاه واليسر بعد الشدة والعناء وكل فكر ذميم؛ فتاريخها وهي عُمان كان ولا زال براقا بأحرف من نور بكل ما تحقق من أحداث جسام، مليئاً بأفعال ومنجزات حضارية وتنموية، شاهدة على جهود القيادة الحكيمة، وإنجازات العهد الميمون الحالي، ما جعل عُمان دولة حديثة مُكتملة البنيان، راسخة الأركان.
ومع الإشراقة المباركة للذكرى الرابعة والخمسين للعيد الوطني المجيد، فإنه نتوجه إلى المولى العلي القدير، بأن يديم على هذا الوطن العزيز الأبيّ نعمه ظاهرة وباطنة، وأن ينعم على جلالته بدوام العافية، محفوفًا بالرعاية الإلهية ومؤيدًا بنصره، محفوفًا بتوفيقه الدائم، لتحقيق المزيد من التقدم والنماء والازدهار.
إننا اليوم في عُمان نسعد بما يتحقق على أرضنا من مكاسب اقتصادية واجتماعية، وقد استبشر الشعب منذ تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم بعطايا وهبات ومكارم شتى، هدفت إلى التخفيف من وطأة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتحسين الأحوال المعيشية والأوصاع الحياتية.
إن شهر نوفمبر تعودنا أن يكون شهر المكرمات، ونتطلع فيه إلى كل ما من شأنه، دوام الخير والتقدم، والبشرى بكل ما يُحقق استقرار البلد ومجتمعاته.
حفظ الله عُمان وأهلها وسلطانها من كل سوء وشر ومكروه، وكل عام والجميع بخير وصحة وعافية وسلامة، ولنكن قلبًا واحدًا لعُمان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عَميدُ الشُهَداء
إلى الشهيد المجاهد
العميد مهندس/ السيد محمد طه عبداللطيف الجنيد:
تَرَجَّلَ عن صَهْواتِها أم تَدَفَّقا
إلى اللهِ تَحليقاً وللحُجْبِ مَزَّقا
تواثَبَ مثلَ الصبحِ يطوي الدُّنىٰ وفي
تواثُبِهِ قلبانِ بالبِشرِ صَفَّقا
وحققَ ما لم يَحوِهِ الوَصفُ، لم يزلْ
خفايا، وطَيَّ الكَتمِ كم ذا تَحَقَّقا
أهندسَ قدسَ اثنينِ أم صاغ قُبلَةً
ل(يافا) ب(يافا)*؟! لستُ أدري من انتقىٰ!!
أخَطَّ طريقاً في السماءِ خَفيَّةً
تراوغُ حشداً ليسَ يدري من التقىٰ؟!!
فهل يلتقي جُندَ اليمانيِّ طاوياً
جَناحَيْهِ، أم جِنّاً بهِ اليومَ أحدَقا؟!!
لكَ الفخرُ يا (طٰهَ)** وأنجبتَ خالداً
هِزَبراً هَصُوراً من معانيكَ أشرقا
ترقّىٰ إلى عليائها غيرَ عابئٍ
بغيرِ ارتقاءِ النفسِ عَمّا تعلّقا
وعَلّقَ نَصبَ العينِ وهجَ انتمائهِ
إلى يَمَنِ الإيمانِ عَهداً ومَوثِقا
وعَتَّقَ بالسِّرِّيَّةِ الأمرَ وهو في
غِمارِ الوغىٰ يَصلي العِدى النارَ مُغدِقا
يُشيرُ فتطوي الطائراتُ المَدىٰ ضُحَىً
وفجراً وليلاً، والمدىٰ منهُ أشفقا
ويَكبِسُ زِرّاً والصواريخُ ترتميْ
على حاملاتٍ أفرغتْ حِملَها شَقا
تَشققَ وجهُ الغزوِ، لاحتْ حقيقةٌ
لمضمونِ أشقىٰ الخلقِ غرباً ومَشرِقا
رأى العالمُ الكُلّيُّ أظلَمَ صورةٍ
لوجهٍ من الغربِ امتطىٰ القُبحَ مُرتَقىٰ
تَبدَّتْ لهُ الأخرىٰ كما هيَ جيفةً
أبادتْ من الأطفالِ عشرينَ فَيلَقا
ولم تلتقِ الأحرارَ يوماً لأنها
تخافُ لقاءَ الويلِ ما الحُرًُ أشرَقا
ولكنها بادَتْ بأعيُنِ من رأىٰ
جرائمَها في الناسِ ما إن تحقّقا
رأتها شعوبُ الأرضِ غُولاً تلطختْ
يداها دَمَاً.. مَن يا تُرىٰ الحَقَّ أنطَقا؟!!
أرىٰ العَزمَ بالإيمانَ مَن أنطقَ الدُجىٰ
وأخرَسَ أبواقَ العَدُوِّ وأغلَقا
تَجَسَّدَ في جُندِ (المَسيرةِ).. هل رأىٰ
زمانٌ مثالاً للرجالِ تَخَلُّقا
رأيتُ بهم كَرّارَها وحُسامَهُ
رأيتُ حسينَ الطفِّ بالنفسِ أغدَقا
رأيتُ بهم نَصراً عظيماً تدفقت
بَشائرُهُ عَدلاً وصِدقاً ومَنطِقا
رأيتُ المَدىٰ ناراً، رأيتُ السما دماً
لتُمطِرَ سِجّينَاً على لهذمِ الشقا
على أمَريكا أمطري يا جَهنّماً
يَمانيّةَ التأويلِ شَرقيّةَ النَقا
على دُمَّلٍ في وجهِ أشرفِ أمةٍ
سيُجتَثُّ ما إن وجهُها قد تَعَرَّقا
على قادةٍ أدجَوا صباحاتِ أُمتي
وكلٌ على شَعبٍ تَعدّىٰ وفَرَّقا
على عُلَماءِ الجهلِ يا نارُ أطبقي
ذراعَيكِ، ضُمّي مَن بديني تَزَندَقا
على عُمَلاءٍ جوّعونا ليَشبَعوا
أباحوا دمانا كي يَعيشوا تَمَلُّقا
على كل أزلامِ الوقيعةِ منذُ أن
تَعَدَّوا إلى يومِ اللقا فيمن التقىٰ
ستمحو صَداهُمْ يا دَمَاً طاهراً جرىٰ
على وَجهِ هَذِيْ الأرضِ بَرقاً وبَيرَقاً
ستجتثُهُم كي تَفتحَ الأرضَ بانياً
شُموخاً ومَجداً صَرحُهُ خالدُ البَقا
(محمدُ) في الدربِ المُحَمّدِ كم طوىٰ
دروباً، إليها كَمْ صَبَونا تَشَوُّقَا
تَمَنّىٰ فأفضىٰ ما تَمَنّىٰ ليلتقي
بأحبابِهِ في جَنةِ الوَصلِ واللقا
وقد حققَ الفوزَ العظيمَ فمن إلى
مَداراتِهِ يَسمو وما قد تَذَوّقا
نَما في روابي الذكرِ والبِرِّ والتُّقىٰ
فأصبحَ نبراساً لمن فيهِ حَقّقا
تَولّىٰ معَ اللهِ النبيَّ وآلَهُ
وأعلامَ هَديِ اللهِ حُبّاً تَعَلّقا
فكانَ مِثالاً للذينَ غَذَتْهُمُ
يَدُ اللهِ أخلاقاً تَفي مَن تَخَلّقا
شهيدَ طريقِ القُدسِ يا مَن تَجَوْهَرَتْ
بكَ الكلماتُ العِطرُ عُلوِيّةُ الرُقَىٰ
بَذَلتَ الدمَ الغاليْ وشَرَّفتَ أنفُساً
غدت في مسارِ الفَقدِ شِلواً مُمَزَّقا
ولكنها تَحسو بِذِكراكَ عِزَّةً
وذِكراً وتثبيتاً وحَمداً ورَونَقا
هنيئاً أبا طهٰ المَعِيَّةَ مُنْعَمَاً
هنيئاً لكَ الفوزَ العظيمَ المُوَفَّقا
هنيئاً لكَ القربَ المُخَلَّدَ يا ضُحَىً
وفَجراً لنصرٍ بالبشارةِ أشرَقا
على العهدِ مازلنا، على دربِ قائدٍ
عظيمٍ توليناهُ غُصناً وبُنْدُقا
وصلى الذي صلى بكل صلاتِهِ
على خيرِ خلقِ الله ما النورَ أطلَقا
وآلٍ كرامٍ منهُمُ قادةُ الوَرىٰ
أئمَّتُنا الأبرارُ أرقىٰ من ارتقىٰ
* يافا الأولى: مدينة فلسطينية، اتخذها المحتل عاصمة له، وغير اسمها.
ويافا الثانية: إسم طائرة بدون طيار، يمنية الصنع، هي أول سلاح يمني يضرب هدفاً في عاصمة المحتل.
** والد الشهيد.
صنعاء. الخميس. 22 شعبان 1446هـ
20 فبراير 2025م