عندما يصوت الناخبون في الولايات المتحدة لاختيار الرئيس، فإن أنظار العالم تتجه نحو هذا الحدث الكبير، حيث يمتد تأثيره ليشمل شعوبًا عديدة خارج حدود الولايات المتحدة وتتأثر مصائر مليارات الأشخاص الذين لا حق لهم في التصويت، بنتائج هذا القرار الانتخابي.

من شرق أوكرانيا الذي يعاني الدمار، إلى قطاع غزة المشتعل بالصراع، ومن المياه المتوترة في مضيق تايوان إلى شوارع طهران المزدحمة، وأبراج بكين العالية، وصولاً إلى غرف الكرملين الدافئة، يُطرح السؤال ذاته: كيف ستعيد هذه النتيجة تشكيل السياسات العالمية، وخاصة في الشرق الأوسط؟

مستقبل الشرق الأوسط بعد فوز ترامبمستقبل الشرق الأوسط بعد فوز ترامب

ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تُطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل المنطقة التي كانت محط تركيز لسياساته الصارمة خلال فترة رئاسته السابقة.

فهل سيعيد  ترامب دعم الحلفاء التقليديين بقوة، ويتبنى سياسة تصعيدية ضد إيران ومحورها؟ أم سنشهد توازنًا جديدًا يجمع بين التهدئة الدبلوماسية ودعم الحلفاء، بما يعزز الاستقرار ويعزز النفوذ الأمريكي في المنطقة؟

قال المحلل السياسي، الدكتور أحمد العناني أن العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية ستشهد مزيدًا من التطور تحت رئاسة دونالد ترامب، الذي سبق أن اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، بجانب اعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان، مما يعزز دعمه السياسي القوي لإسرائيل.

وأضاف العناني في تصريحات لـ"صدى البلد"، أن ترامب سيواصل تقديم دعم سياسي كبير لإسرائيل، مع تجنب التصعيد العسكري المباشر. وأشار إلى أن ترامب يسعى لتحجيم النفوذ الإيراني وحلفائه في المنطقة، مثل حماس وحزب الله، عبر وسائل دبلوماسية وضغوط سياسية دون الانخراط في مواجهات عسكرية شاملة، بهدف تحقيق هزيمة سياسية لهذا المحور.

أول تعليق بعد فوز ترامب.. روسيا تكشف موقفها من الإدارة الأمريكية الجديدة تطلع للعمل معه من أجل السلام.. أبومازن يوجه برقية تهنئة الي ترامب

كما أضاف العناني أن ترامب سيتبنى سياسة ضغوط صارمة تجاه إيران تشمل عقوبات اقتصادية لكبح طموحاتها النووية، مشيرًا إلى أن أي تصعيد عسكري محتمل ضد إيران سيكون بتنسيق كامل مع إسرائيل. هذا التصعيد سيكون مدروسًا ومشتركًا لتجنب توسيع دائرة النزاع.

على الصعيد الاقتصادي، يتوقع العناني أن عودة ترامب ستدعم دولًا مثل مصر، خصوصًا في ملف سد النهضة، حيث سبق أن دعم ترامب موقف مصر. كما سيسعى ترامب لتعزيز صفقات اقتصادية مع دول الخليج لتحقيق مكاسب للاقتصاد الأمريكي، مما يعكس توجهه نحو سياسة "أمريكا أولاً" مع التركيز على الدبلوماسية الاقتصادية في إدارة الشرق الأوسط.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب الشرق الاوسط غزة البيت الأبيض قطاع غزة بعد فوز ترامب الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل

نشرت مجلة "ناشيونال إنترست" تقريرًا يناقش التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، مؤكدة أن قادة المنطقة بدأوا باعتماد سياسات أكثر براغماتية، لكن الطريق مازال طويلا لتحقيق الاستقرار.

وقالت المجلة في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الكثير من الدماء سالت خلال المحاولات العديدة الفاشلة لإنشاء "شرق أوسط جديد"، لكن المؤشرات الحالية تدل على أن المنطقة قد تتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.

وأضافت أن قادة المنطقة أصبحوا بعد الحرب الأخيرة بين الخصمين اللدودين إيران و"إسرائيل" أكثر تقبلا لفكرة أن الشرق الأوسط المليء بالصراعات لا يتناسب مع استراتيجياتهم الكبرى أو مصالحهم الوطنية، وهذه القناعة بدأت تشكل ببطء شرق أوسط جديد.


واعتبرت المجلة أن هذا المخاض ليس سهلا على الإطلاق، فالصراع في السودان يعد المثال الأبرز على أن المنافسة الإقليمية ما زالت تتحول إلى صراعات دموية في بعض في دول العالم العربي. وقد كان هذا هو الحال في الآونة الأخيرة في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين واليمن وليبيا وتونس.

وترى المجلة أن تل أبيب وطهران أثبتتا براعتهما في خلق ساحات للتنافس على بسط النفوذ، تمامًا مثلما تواصل دول الخليج، على غرار الإمارات العربية المتحدة، محاربة أي مظهر من مظاهر الديمقراطية خوفًا من وصول الإسلاميين للحكم.

وأشارت المجلة إلى أن هذه الديناميكيات لن تتغير بين عشية وضحاها، لكن بعض الأحداث تثبت أن هناك تحولات جوهرية، ومنها انتهاء حصار قطر، وجهود دول الخليج للتطبيع مع نظام الأسد السابق، ووقف إطلاق النار في اليمن بين التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيين، واتفاق التطبيع بين السعودية وإيران.

"براغماتية قاسية"
وحسب المجلة، تعكس كل هذه الأحداث رغبة براغماتية في التركيز على التنمية الاقتصادية من خلال التعاون، وتمثل نقاط تحول رئيسية بعيدًا عن الصراعات وفترة الربيع العربي المضطربة التي حارب فيها المستبدون مطالب التغيير.

وتابعت المجلة بأن هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر عززت التحول نحو "البراغماتية القاسية". ورغم تخوف العديد من الخبراء والمسؤولين من أن تؤدي حرب غزة إلى صراع إقليمي كبير،  إلا أن حجم التوتر لم يرقَ إلى مستوى أسوأ التوقعات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تخلي قادة الشرق الأوسط عن السياسات الصفرية، حسب المجلة.

وانعكاسًا لهذه الديناميكية، جرى نوع من التقارب بين السعودية وإيران، وقد شدّدا على أهمية استقرار الوضع ومنع توسع النزاع.

وأوضحت المجلة أن التعاون يتجاوز المصلحة المشتركة في منع نشوب حرب إقليمية تضر بالجميع، حيث تشهد المنطقة أيضا توسعا ملحوظا في التعاون الدبلوماسي والاقتصادي. ويتجلى ذلك بشكل خاص على الساحة السورية، حيث تهتم دول المنطقة بشكل كبير بنجاح حكومة تصريف الأعمال السورية الجديدة، وتعمل دول الخليج بشكل منسق على دعم العملية الانتقالية من خلال الاستثمار في إعادة إعمار البلاد، والدعوة إلى رفع العقوبات.

وحتى الخصوم التقليديون، أي تركيا وقطر من جهة، والسعودية من جهة أخرى، يبدو أنهم عازمون على ضمان حصول دمشق على الدعم الاقتصادي والدبلوماسي والعسكري الذي تحتاجه في الفترة الحالية، وفقا للمجلة.

التعاون العسكري
أضافت المجلة أن التعاون العسكري يحمل أيضًا مؤشرات واعدة على البراغماتية والتعاون الإقليمي الضروريين لدفع عجلة التنمية والاستقرار. فقد عملت تركيا مع السعودية والإمارات على إبرام صفقات عسكرية واقتصادية في السنوات الأخيرة؛ وقد حصلت أنقرة على استثمارات من دول الخليج الغنية لدعم اقتصادها المتعثر، بينما حصلت الدول الخليجية على التكنولوجيا والمعدات العسكرية من قطاع الصناعات الدفاعية المتنامي في تركيا وسط القيود الأمريكية في ظل إدارة بايدن.

جاء ذلك في أعقاب سنوات من التوتر -حسب المجلة-، حيث كانت تركيا وقطر تدعمان حركات الإسلام السياسي، ما شكّل مصدر إزعاج لعدة دول، وقد ردت السعودية وحلفاؤها بحصار قطر، لكن كل هذه الدول تنسق فيما بينها حاليا لتحقيق المصالح المشتركة.

هل تستقر المنطقة؟
ترى المجلة رغم كل هذا التقارب أن المنطقة بعيدة كل البعد عن الاستقرار الكامل، حيث لا توجد دولتان في الشرق الأوسط متوافقتان تمامًا في كل القضايا، فالرياض وأبوظبي تتنافسان بحدة على مستوى الاقتصاد والاستثمارات، كما أن التنافس السعودي الإيراني لم ينتهِ بعد رغم المصافحات الودية وإحياء الكتلة المؤيدة لفلسطين، ولا تزال تركيا تُتهم بـ"العثمانية الجديدة"، خاصة مع نفوذها في سوريا ما بعد الأسد.

وختمت المجلة بأن التغيير الإيجابي يستغرق وقتًا طويلًا، لكن من الواضح أن قادة المنطقة يأملون ببداية عصر جديد في الشرق الأوسط، عصر يقوم على التنمية الاقتصادية والتعاون التجاري والاستقرار، وهي طموحات في متناول أيديهم إذا اختاروا المضي قدما في هذا المسار.

مقالات مشابهة

  • مجلة أمريكية: تصنيف ” الحوثيين” مجرد استعراض لإدارة ترامب لمحاولة تمييز نفسها عن بايدن
  • فرصة تاريخية أمام أمريكا في الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط يتجه نحو واقع جيوسياسي مختلف عن السابق.. البراغماتية هي الحل
  • رغم تاريخه في التصعيد ضد إيران.. ترامب يلوح بإجراء مفاوضات نووية مع طهران
  • مصر تحاصر مخطط الشرق الأوسط ضدها
  • ترامب يوجه رسالة إلى إيران: التفاوض أو التصعيد العسكري
  • خطة مصر بشأن غزة تعزز مكانتها في المنطقة
  • وزير الخارجية الصيني: غزة للفلسطينيين
  • الخارجية الصينية: قطاع غزة ملك للشعب الفلسطيني
  • الصين: ندعم خطة القاهرة لاستعادة السلام في غزة