بعد انتصار ترامب.. لبنان يخشى التصعيد ويتطلع للوعود
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
مع إعلان فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية، تتصاعد التساؤلات في لبنان بشأن الآثار المحتملة لوصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض على الأوضاع اللبنانية. إذ تلعب الولايات المتحدة دوراً محورياً في سياسات الشرق الأوسط، وتؤثر مواقفها الخارجية بشكل مباشر وغير مباشر على استقرار المنطقة.
وكان كل من المرشحين دونالد ترامب وكامالا هاريس قد وعدا في حملاتهما الانتخابية بالعمل على وقف إطلاق النار في لبنان وقطاع غزة.
وفي سياق موازٍ، تزداد المخاوف بين اللبنانيين من احتمال اندلاع حرب أوسع نطاقاً إذا نفذت إيران تهديداتها بضرب إسرائيل، وما قد يتبع ذلك من ردود فعل من قبل الأخيرة. ومع استمرار هذه التوترات، تثار تساؤلات بشأن قدرة واشنطن على الضغط على تل أبيب للحد من التصعيد، ومدى استجابة إسرائيل لهذه الضغوط.
غياب التغيير
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي أنه لا توجد مؤشرات تدل على تغييرات كبيرة في الإدارة الأميركية بشأن حربي غزة ولبنان في الأفق القريب، حتى بعد انتقال السلطة من الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري.
ويوضح الزغبي أن سبب عدم توقع تغيير قريب في السياسة الأميركية يرجع إلى عاملين رئيسيين: "الأول أن الإدارة الجديدة تحتاج إلى وقت حتى 20 يناير المقبل لاستلام الرئيس الجديد سدة الرئاسة وتنظيم إدارته من خلال التعيينات الضرورية. أما السبب الثاني، فهو انتخابات الكونغرس، التي تكتسب أهمية كبيرة توازي أهمية انتخابات الرئاسة، خصوصاً مع حسمها لمصلحة حزب الرئيس الجمهوري".
ويشير الزغبي إلى أنه "يتعين انتظار فترة من الفراغ الدبلوماسي النسبي قبل اتخاذ قرارات حاسمة من قبل الإدارة الأميركية المنتخبة. وبالتالي، من المرجح أن تستمر الحرب في لبنان وغزة لأسابيع مقبلة، نظراً لبطء الحركة الدبلوماسية أو تجمّدها".
وفي هذا السياق يضيف الخبير الاستراتيجي، العميد المتقاعد ناجي ملاعب أن "الفائز في السباق الرئاسي لن يكون قادراً على اتخاذ قرارات فعلية قبل الموعد الرسمي لانتقال السلطة"، موضحاً أن "التصريحات التي أدلى بها ترامب خلال حملته الانتخابية بشأن اتخاذ خطوات فورية لا تتعدى كونها وعوداً انتخابية".
ويستبعد ملاعب امكانية استقرار في الشرق الأوسط، خاصة على الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، في الوقت القريب، وذلك "لاستبعاد حدوث تحول جذري في السياسة الأميركية تجاه المنطقة".
كما يلفت ملاعب إلى أن "الرئيس جو بايدن قدّم دعماً غير مسبوق لإسرائيل، ومن المتوقع أن يستمر في تلبية متطلباتها إلى حين تسلّم الرئيس الجديد، وفي هذا السياق، أعلن الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، عن تصعيد عسكري ضد إسرائيل، مما ينذر باستمرار حالة التوتر والعنف في المنطقة، في وقت لن تسمح إيران بانهيار حزب الله، الذي يعد رأس حربة في محورها بالمنطقة".
من جهته يرى الكاتب والباحث السياسي جورج العاقوري أن "نتيجة الانتخابات الأميركية، سواء كان فاز بها الجمهوريون أو الديمقراطيون، لن تغير من الثابت الأساسي في السياسة الأميركية أي "الحفاظ على أمن إسرائيل واستقرارها"، مشيراً إلى أن هذا المبدأ يعتبر "قاعدة لتقييم كل الخطوات الأميركية المقبلة في المنطقة".
ويشير إلى أن المرشحين للرئاسة الأميركية تعهدوا بالسعي لإنهاء الحرب في لبنان، "لكن التساؤل يبقى بشأن طبيعة الحلول المطروحة، التي باتت مرتبطة بقرار إسرائيلي اتخذ منذ 7 أكتوبر يقضي بالقضاء على أذرع إيران في المنطقة"، ويشدد على أن "الضربة التي تلقتها إسرائيل في ذلك اليوم، استدعت حلولاً جذرية منها، إذ أصبح الهدف وجودياً بالنسبة إليها".
"قرار نتانياهو واضح بمواصلة الحرب حتى تحقيق استقرار دائم"، كما يشدد العاقوري مذكّراً بأن" القرار 1701 تعرض لانتهاكات منذ 2006، "سواء عبر تحركات حزب الله العسكرية في منطقة الليطاني سواء تحت الأرض عبر بناء الأنفاق، أو فوق الأرض عبر نشاط جمعيات مثل جمعية أخضر بلا حدود، وكذلك عبر الخروق الإسرائيلية".
ويعتبر أن لبنان "ليس أولوية بحد ذاته في المعادلة الإقليمية، لكن ارتباط استقرار إسرائيل بالجبهة اللبنانية ودور حزب الله، يضع الملف اللبناني في الواجهة كأداة للتعامل مع الوضع الراهن".
وفيما يتعلق بالجهود المبذولة لوقف إطلاق النار، يوضح العميد الركن المتقاعد، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، الدكتور هشام جابر، في حديث لموقع "الحرة" أن "الأفق يبدو مسدوداً، لكن الجيش الإسرائيلي يعاني من استنزاف في جنوب لبنان ولم يحقق نتائج ملموسة. لذلك، قد يطرح نتانياهو صيغة لوقف إطلاق النار أو يستجيب للإدارة الأميركية الجديدة، فلن يقدم هدايا مجانية للرئيس بايدن بعد انتهاء ولايته".
في عين العاصفة؟
وسيبدأ الرئيس الأميركي الجديد بعد أسابيع "في صياغة سياسة خارجية واضحة، وخاصة تجاه الأزمات الكبرى، مثل الوضع في أوكرانيا والأزمة مع الصين حول تايوان، وكذلك الأوضاع في الشرق الأوسط، وتحديداً ما يحدث في غزة ولبنان"، كما يقول الزغبي.
ويشرح الزغبي أن "ترامب يتبع نهجاً متشدداً في مواجهة إيران، على عكس الديمقراطيين الذين سعوا إلى احتواء النفوذ الإيراني وربما إعادة إحياء الاتفاق النووي بشروط جديدة"، مشيراً إلى أن "كل ذلك يعني استمرار الحرب لأسابيع إضافية، مما قد يؤدي إلى تفاقم المآسي الإنسانية في لبنان".
ويوضح الزغبي أن فوز ترامب "يمنح إسرائيل ضوءاً أخضر أكثر حسماً، خصوصاً بعد تخلّص نتانياهو من معارضيه، لمواصلة عملياتها العسكرية بهدف تدمير ترسانة حزب الله العسكرية والتشكيلات المسلحة التابعة له، وهو ما قد يؤدي بشكل متسلسل إلى تراجع النفوذ الإيراني في دول عربية أخرى، مثل العراق واليمن، خاصة بعد أن بات النفوذ الإيراني في سوريا موضع اختبار في ضوء مواقف متحفظة اتخذها النظام السوري تحت ضغوط عربية وأوروبية وربما بتنسيق أميركي".
من جهة أخرى، يبرز جابر الفرق بين النهجين الديمقراطي والجمهوري، إذ يصف الديمقراطيين بأنهم "يظهرون أنفسهم كمعتدلين، لكنهم في الواقع يتبعون نهجا مكيافيليا: قبضة من حديد ترتدي قفازات من المخمل. أما الجمهوريون، فهم أكثر تشدداً، لكنهم صريحون في مواقفهم، ويعتقد جابر أن ترامب سيعمل على انهاء الحروب بعد وصوله إلى البيت الأبيض، إذ رغم دعمه الكبير لإسرائيل، إلا أنه لم يخض أي حرب خلال فترة رئاسته. بينما أظهرت إدارة بايدن دعماً غير مسبوق لإسرائيل رغم ما ترتكبه في غزة ولبنان".
ورغم الاختلافات بين الحزبين، يرى جابر أنهما "وجهان لعملة واحدة"، لكنه كان يتمنى كما يقول "فوز ترامب بسبب موقفه من لبنان، حيث يحمل شعوراً خاصاً تجاه هذا البلد وقد صرح بذلك".
حرب إقليمية محتملة؟
يدفع اللبنانيون "ثمن حرب بالوكالة، حيث تعتبر الأرض اللبنانية ساحة لصراع ممتد بين إيران وإسرائيل" كما يقول العاقوري "وأي تصعيد بين الجانبين قد يؤثر على استقرار المنطقة ككل، فيما سيبقى لبنان عالقاً في دوامة الصراع والدمار والدم، وربما قد يؤدي توسع النزاع إلى تخفيف الضغط على لبنان أو تسريع إخماد جبهته".
ويضيف العاقوري أن وصول ترامب إلى السلطة يعني "تصعيد الضغط الأميركي على طهران، كما حدث خلال ولايته السابقة حين شُدّدت العقوبات على إيران وتم اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مما شكّل ضربة موجعة لنفوذ طهران الإقليمي".
كما يطرح العاقوري تساؤلاً بشأن ما إذا كانت إسرائيل ستكتفي بضرب أذرع إيران الإقليمية أو ستقبل بضمانات دولية تحدّ من نفوذ إيران، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة تمكنت حتى الآن من إبقاء الضربات الإسرائيلية ضد إيران محددة، وقد يكون الاستحقاق الانتخابي دافعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي للتريث في توسيع المواجهة، والأيام المقبلة ستكشف مسار التصعيد ومدى قدرة الإدارة الأميركية على ضبط وتيرة هذا النزاع".
وفي السياق نفسه، يشير الزغبي إلى ضرورة ترقب مواجهة محتملة بين إيران وإسرائيل، حيث "اعترفت إيران، ولو مؤخراً، بالتداعيات السلبية الكبرى للغارات الإسرائيلية الأخيرة، وهي تستعد للرد بشكل موجع وحاسم، مما يشير إلى احتمال رد إسرائيلي متوقع قد يكون أشد إيلاماً وأوسع نطاقاً من الردود السابقة، لكن فوز ترامب قد يعيد حسابات طهران في مسألة الرد العنيف".
ويشدد الزغبي على أن الوضع الحالي في الشرق الأوسط، وتحديداً الأزمات التي تلعب الإدارة الأميركية دوراً في حلها، يتطلب "وقتاً إضافياً لتقييم مدى التغيير المتوقع في السياسة الأميركية".
كذلك يعبّر جابر عن تخوفه من اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل، مشيراً إلى أن "ردود الأفعال المحتملة بين الجانبين قد تؤدي إلى تصعيد أكبر، رغم أن إيران ليست لديها مصلحة في الدخول في حرب شاملة، كونها ستتحول في النهاية إلى صراع مباشر مع الولايات المتحدة".
وفي تعليقه على الضربة الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، يؤكد ملاعب أن "طهران سعت إلى التقليل من أهمية الهجوم بإعلانها عن مقتل جنديين فقط، لكن تصريحات نتانياهو، التي أشار فيها إلى تدمير الدفاعات الجوية الإيرانية، وضعت إيران في موقف يفرض عليها الرد، وهي تنتظر موقفاً واضحاً من الرئيس الأميركي المنتخب، فيما تؤكد إسرائيل أن أي رد إيراني سيواجه بردٍّ مؤلم، مما يزيد من تعقيد الوضع في المنطقة".
ويشدد ملاعب على أن "إيران تعد الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك مشروعاً استراتيجياً، مما يضعها في مواجهة مع إسرائيل، رغم أن قدراتها لا تضاهي قدرات الأخيرة. وبعدما كانت تعتمد على أذرعها، وخصوصاً حزب الله في لبنان، لخوض هذه المواجهة، تجد نفسها الآن في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. وقد نشهد في الأيام المقبلة تصعيداً إضافياً بين الطرفين، بما في ذلك تصعيد من قبل حلفاء إيران وأذرعها في المنطقة، ومن ضمنهم حزب الله في لبنان".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی السیاسة الأمیرکیة الإدارة الأمیرکیة فی الشرق الأوسط فی المنطقة حزب الله فی لبنان إلى أن
إقرأ أيضاً:
بايدن يوقع على مشروع قانون التمويل ويجنب إغلاق الحكومة الأميركية
ديسمبر 22, 2024آخر تحديث: ديسمبر 22, 2024
المستقلة/- وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن على مشروع قانون تمويل ثنائي الحزبية يتجنب إغلاق الحكومة، بعد أيام من دخول الكونجرس في حالة من الاضطراب بعد رفض الرئيس المنتخب دونالد ترامب لاتفاق أولي.
وأعلن البيت الأبيض يوم السبت أن بايدن وقع على التشريع، الذي يمول الحكومة حتى منتصف مارس.
وقال بايدن في بيان: “يمثل هذا الاتفاق تسوية، مما يعني أن أيًا من الجانبين لم يحصل على كل ما يريده. لكنه يرفض المسار السريع لخفض الضرائب للمليارديرات الذي سعى إليه الجمهوريون، ويضمن قدرة الحكومة على الاستمرار في العمل بكامل طاقتها”.
“هذه أخبار جيدة للشعب الأمريكي، خاصة مع تجمع العائلات للاحتفال بموسم الأعياد هذا”.
أقر مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، بأغلبية 85 صوتًا مقابل 11 صوتًا، مشروع القانون لمواصلة تمويل الحكومة بعد 38 دقيقة من انتهاء صلاحيته في منتصف الليل (05:00 بتوقيت جرينتش) في واشنطن العاصمة يوم السبت.
أقر مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون مشروع قانون الميزانية في وقت سابق من مساء الجمعة بدعم من الحزبين.
يختتم التوقيع يوم السبت أسبوعًا مضطربًا في الكونجرس الأمريكي بعد أن أثار ترامب، الذي يتولى منصبه في يناير، ومستشاره، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، معارضة الاتفاق الحزبي الأولي.
أصر ترامب على أن تتضمن الصفقة زيادة في حد اقتراض الحكومة. وقال إنه إذا لم يكن الأمر كذلك، فلندع إغلاق الحكومة “يبدأ الآن”.
أمضى المشرعون عدة أيام في محاولة التوصل إلى اتفاق آخر، مع التهديد بتوقف هائل للخدمات الحكومية خلال موسم العطلات في نهاية العام.
كان الإغلاق يعني إغلاق العمليات غير الأساسية، مع إجازة ما يصل إلى 875000 عامل وإجبار ما يصل إلى 1.4 مليون آخرين على العمل بدون أجر.
تمول النسخة النهائية من التشريع الحكومة بالمستويات الحالية حتى 14 مارس. كما يوفر 100 مليار دولار من مساعدات الكوارث بالإضافة إلى 10 مليارات دولار من المساعدات للمزارعين.
لكن الصفقة جردت بعض الأحكام التي دافع عنها الديمقراطيون، الذين اتهموا الجمهوريين بالاستسلام للضغوط من الملياردير ماسك.
صوت بعض الجمهوريين ضد الحزمة لأنها لم تخفض الإنفاق.
قال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون إن الحزب سيكون له نفوذ أكبر العام المقبل، عندما يكون له الأغلبية في مجلسي الكونجرس وسيكون ترامب في البيت الأبيض.
وقال للصحفيين بعد تصويت مجلس النواب: “كانت هذه خطوة ضرورية لسد الفجوة، لوضعنا في تلك اللحظة حيث يمكننا وضع بصماتنا على القرارات النهائية بشأن الإنفاق”، مضيفًا أن ترامب أيد الصفقة.
وأضاف جونسون أن التسوية كانت “نتيجة جيدة للبلاد”.
ومع ذلك، تثير الحلقة تساؤلات حول ما إذا كان جونسون سيكون قادرًا على الاحتفاظ بوظيفته في مواجهة زملائه الجمهوريين الغاضبين.
ومن المقرر أن ينتخب مجلس النواب الرئيس القادم في 3 يناير/كانون الثاني، عندما ينعقد الكونجرس الجديد.
من المتوقع أن يحصل الجمهوريون على أغلبية ضئيلة، 220-215، وهو ما يترك لجونسون هامشًا ضئيلًا للخطأ بينما يحاول الفوز برئاسة مجلس النواب مرة أخرى.