كيف ينعكس فوز ترامب على العلاقات الأمريكية-التركية؟
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
أنقرة (زمان التركية) – لا تؤثر الانتخابات الرئاسية الأمريكية على أمريكا فحسب، بل تؤثر أيضًا على التوازنات في جميع أنحاء العالم. وتتابع تركيا عن كثب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وقد يؤدي إعادة انتخاب دونالد ترامب إلى تغييرات كبيرة في العلاقات مع تركيا بسبب السياسات التي اتبعها في الماضي.
وعلى الرغم من أن رئاسة ترامب السابقة عُرفت بالحفاظ على حوار دافئ مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، فإنها ارتبطت أيضًا بالعديد من الأزمات بسبب النزاعات مع البيروقراطية الأمريكية والكونغرس.
لفت ترامب الانتباه بخمسة عقوبات ضد تركيا خلال فترة رئاسته الأولى. وقد خلقت قضية برونسون، وشراء تركيا لنظام الدفاع الجوي إس-400، وسياسات سوريا العديد من التوترات الدبلوماسية بين البلدين. وعلى الرغم من أن ترامب استمر في إقامة علاقة دافئة مباشرة مع الرئيس أردوغان فإنه لم يستطع منع السياسات القمعية للكونغرس الأمريكي وبيروقراطيته تجاه تركيا.
على وجه الخصوص، كان الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب في سوريا أحد القضايا الرئيسية التي تسببت في مخاوف تركيا الأمنية. وصرح ترامب بأنه يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا، لكنه لم يتمكن من تنفيذ هذا القرار بالكامل بسبب البيروقراطية والمقاومة داخل الجيش.
واستمر تعاون الولايات المتحدة مع وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها تركيا تهديدًا في سوريا، خلال عهد ترامب.
أزمة منظومة إس-400 والعقوباتدفع شراء تركيا لنظام الدفاع S-400 من روسيا الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على تركيا في ظل إدارة ترامب. وجادلت تركيا بأن هذا الاتفاق لا يشكل تهديدًا في إطار الناتو، بينما وضع الجانب الأمريكي بعض العقوبات في نطاق عقوبات CAATSA مدعياً أن هذه الخطوة تهدد أمن الحلف.
وألقى إقصاء تركيا من برنامج مقاتلات F-35 بظلاله على محاولات ترامب لإقامة علاقة إيجابية مع تركيا.
السياسات السورية: التخلي عن الوعود وعملية نبع السلامووعد ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا في عام 2018، لكن القرار لم ينفذ بسبب الضغوط السياسية والعسكرية داخل الولايات المتحدة. وأدى الوجود الأمريكي في سوريا ودعمها لوحدات حماية الشعب إلى إطلاق تركيا عملية نبع السلام. وخلال هذه العملية، أعلن ترامب أنه سيسحب القوات الأمريكية من منطقة العمليات، لكن الوجود الأمريكي في سوريا استمر واستمر التعاون مع وحدات حماية الشعب.
وجهة نظر ترامب عن تركيا: البراغماتية والمشاكلعلى الرغم من وصف ترامب بأنه زعيم براغماتي فإنه لم يتمكن من حل المشاكل في العلاقات مع تركيا خلال فترة رئاسته.
ولم تستجب الولايات المتحدة في عهده لمطالب الجانب التركي بتسليمه زعيم حركة الخدمة، فتح الله كولن.
بالإضافة إلى ذلك، أدى دعم ترامب لإسرائيل إلى اختلاف بين تركيا والولايات المتحدة في سياساتهما في الشرق الأوسط، كما برزت قضايا مثل انتقاد الشؤون الداخلية لتركيا وقضية بنك الشعب التركي خلال عهد ترامب مما أدى إلى تعقيد العلاقات بين البلدين.
التطورات المحتملة التي تنتظر تركيا بعد انتخاب ترامبقد تتراجع العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة في بعض القضايا بعد انتخاب ترامب. على الرغم من أن ترامب حاول إقامة علاقة وثيقة مع تركيا في فترة ولايته السابقة فإنه هذه المرة قد يحظى بدعم أقوى من البيروقراطية الأمريكية.
يمكن الترحيب بخطوات مثل خفض أو سحب الوجود العسكري الأمريكي في سوريا من حيث أمن الحدود التركية، لكن لا يُتوقع حدوث تغيير جدي في المقاربات العامة في الولايات المتحدة بشأن الموضوعات المسببة للأزمات مثل قضية منظومة إس-400 الروسية.
خلال ولاية ترامب الثانية، لا يزال من الممكن تشكيل حل كل هذه القضايا في ظل تأثير الكونغرس الأمريكي والبنتاغون.
نهج تركيا المحتمل لرئاسة ترامبيمكن لتركيا أن تأمل في تحقيق نتائج إيجابية من سياسات ترامب القائمة على البراغماتية. على سبيل المثال، يمكن النظر في نهج أكثر تعاونًا بشأن قضايا مثل الحد من الدعم لوحدات حماية الشعب والعمل على إقامة مناطق آمنة في سوريا. ومع ذلك، فإن التطورات المحتملة في السياسة الداخلية الأمريكية ونوع الموقف الذي سيتبعه ترامب، خاصة في السياسة الداخلية، ستكون مواضيع مهمة تعني تركيا.
ومن بين العوامل الحاسمة في هذه العلاقات هو رد فعل تركيا على سياسات الدعم الأمريكية تجاه إسرائيل أو موقفها من قضايا مثل قبرص.
كيف سينعكس انتخاب ترامب على تركيا؟قد توفر رئاسة ترامب فرصًا لتركيا في بعض النواحي، غير أنها قد تجعل من الصعب حل الأزمات المستمرة في بعض المناطق. وستحاول تركيا الاستفادة من رياح التغيير التي أطلقها ترامب في السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، لكن سكون أحد أهم العوامل التي ستحدد كيفية تشكيل العلاقات بين البلدين هو ما إذا كانت الرئاسة ستجر ترامب مرة أخرى إلى نفس الأزمات.
Tags: الانتخابات الرئاسية الأمريكيةالعلاقات الأمريكية التركيةدونالد ترامبرجب طيب أردوغانالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الأمريكية العلاقات الأمريكية التركية دونالد ترامب رجب طيب أردوغان الولایات المتحدة على الرغم من حمایة الشعب مع ترکیا فی سوریا
إقرأ أيضاً:
أوروبا والتقارب الأمريكي الروسي
لم يعد يؤرق قادة أوروبا في الوقت الحاضر إلا مشكلة أساسية احتلت المساحة الأكبر في مناقشاتهم على الميديا وهي: كيف يمكنهم تطوير صناعة السلاح لديهم بأسرع ما يمكن بعد أن تخلت عنهم الولايات المتحدة وآثر رئيسها التحالف مع العدو التاريخي لبلاده وخصمهم اللدود؟
كانت الولايات المتحدة تتحمل العبء الأعظم في حمايتهم أمنياً وعسكرياً باسم الصداقة والتضامن والإيمان المشترك بقيم الديمقراطية والليبرالية وحقوق الإنسان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى ابتلاهم القدر بمن ينسف روابط القربى والصداقة. لا شك أن الولايات المتحدة كانت تنوء بنسبة كبيرة بنفقات حلف الناتو وتتكفل بمده بالمال والعتاد الأساسي من السلاح والجنود. كما أنها لعبت الدور الأكبر في تزويد أوكرانيا بالسلاح وبالمعلومات الاستخبارية الحيوية في حربها ضد روسيا. ومن ثم فإن جل ما يشغل بال قادة أوروبا الآن هو يتركز على وضع خطة عاجلة تمكن الدول الأوروبية من الصمود أمام الحليف الأمريكي الذي خان عهد الصداقة والعشرة وتخلى عنهم وجعلهم يواجهون وحدهم بوتين.
لهذا قررت أوروبا الاستثمار بكثافة في الدفاع والتسلح بعد أن رسخ في أذهان قادتها أن بوتين بعد أن يلتهم أوكرانيا بأكملها لن يتردد في الزحف على بولندا وما يجاورها من بلاد كانت في الماضي جزءاً من الاتحاد السوفيتي. والواقع أن نفور ترامب من القارة الأوروبية وضيقه باستغلال دولها لموارد بلاده قد دفعه إلى أن ينشر على منصة السوشال تروث «Social Truth» بوستا متضمناً عبارة قالها له بوتين أثناء لقائهما وتقول: «سترى بنفسك قريباً الجميع وهم واقفون عند أقدام سيدهم يهزون له ذيولهم بخفة ولطف». إن ما يريده ترامب هو إذلال القارة القديمة، إذ لديه شعور قوي بأن الأوروبيين قوم من المبذرين المتغطرسين الذين يتبرمون حتى من سداد ثمن مظلة عسكرية تحميهم! إن ما أثار حنق ترامب التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية وأعلنت فيها التزام الاتحاد الأوروبى بمد أوكرانيا بكل ما تحتاجه من دعم مادي وبدون أي شروط حتى تتمكن من هزيمة بوتين رغم أن الاتحاد مثقل بالديون ومتعثر اقتصادياً وعسكرياً اعتماداً منه على أن الولايات المتحدة هي التي ستتكفل بسداد فواتير السلاح لأوكرانيا! والواقع أن تحالف ترامب مع بوتين لا يزال يثير العديد من علامات الاستفهام في مجال الاجتهاد النظري لمحاولة التعرف على ما يمكن أن تفضي إليه التغيرات العميقة في السياسة الأمريكية من تحولات في النظام العالمي والعلاقات الدولية بين القوى المتنافسة، فضلاً عن النزاعات المحتملة بينها. فالواضح أن شخصية ترامب تكاد تؤكد أنه لا يزأر بالتهديد والوعيد إلا لمن يرتجف أمامه وإذا ما وجد فيه طاعة وخنوعاً تمادى في تهديده له. كما أن قراراته كلها محكومة بمنطق الصفقة وحجم ما ستجلبه له من عائد مادي وفير ويمكنه بسهولة التراجع عنها إذا ما جاءه عرض أكبر. وأكثر ما يتأفف منه ترامب الألفاظ الكلية المجردة التي تلوكها المؤسسات الدولية والقانونية في خطاباتها المكررة مثل: الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، فهي بالنسبة له فارغة المضمون مادامت منقطعة الصلة بالتجارة المربحة.
ويعقد المفكر الفرنسي جاك أتالى مقارنة مثيرة بين ترامب وهتلر. إذ يرى أن ترامب في تصرفاته كلها في طريقه إلى أن يكون شخصية مطابقة لنموذج الشخصية الهتلرية. فقد سبق لترامب أن حاول القيام بانقلاب فاشل وأشاع الذعر بين المواطنين وسعى إلى الترويج لكثير من الأكاذيب ويسعى إلى تهجير الناس من بلادهم ولا يتوانى عن إلقاء معارضيه في السجون وتهديد القضاة وضرب بأحكامهم عرض الحائط.
والواقع أن أكثر أن ما يقلق ترامب سببه النفوذ الذي يتمتع به العملاق الصيني. وليس يخف على أحد أن يكون تقاربه الأخير مع بوتين وهو الغريم التاريخي للولايات المتحدة ليس إلا محاولة منه لإحداث شرخ في العلاقة الوطيدة التي تربط الصين بروسيا. لن تنظر الصين بعين الارتياح إلى تقارب من هذا النوع بين الولايات المتحدة وحليفها الروسي. فهل سيتمكن ترامب بمنطق الصفقة من عزل العملاق الصيني بعد أن تخلص من القارة العجوز التي استنزفت موارد بلاده باسم التضامن والمحبة؟