أثارت دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، إلى تحكيم سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة العراقية، العديد من التساؤلات بخصوص توقيت هذه الخطوة، ومن الجهات المطالبة بالتخلي عن سلاحها، وما مدى استجابة الفصائل المسلحة لذلك.

ودعا السيستاني خلال استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى بغداد العماني محمد الحسان، الاثنين، إلى "منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات".



وشدد المرجع الديني الشيعي في العراق، على أن هناك "مسارا طويلا كما يبدو أمام العراقيين إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك"، مشيرا إلى "التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد"، وفقا لوكالة الأنباء العراقية.

"فرصة تاريخية"
وبخصوص توقيت دعوات المرجعية، قال المحلل السياسي العراقي، عائد الهلالي، إن "البيان كان لافتا بعد غياب لمدة طويلة، وأن المرجعية الدينية اليوم تدخل على الساحة السياسية باعتبارها مراقب ومتابع، بل هي لاعب أساسي في صناعة المشهد السياسي للبلاد".

وأضاف الهلالي لـ"عربي21" أن "المرجعية تدرك، أن المتغيرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط والتحديات الكبيرة من الممكن أن تجر العراق وتجعله طرفا أساسيا في الحرب من خلال بعض التصرفات، وربما تجعله متضررا بشكل كبير حتى وإن حقق انتصارات على إسرائيل".


ولفت إلى أن "بيان المرجعية يتماهى مع خطاب الحكومة، عندما صرح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل أيام بضرورة عدم جر البلاد إلى الحرب، وأن قرار السلم والحرب بيد الدولة حصرا".

وأشار إلى أن "الكثير من الجهات السياسية تنادي اليوم بحصر السلاح بيد الدولة وألا يكون هناك عملية إقحام للعراق في المشهد الحاصل بمنطقة الشرق الأوسط، لذلك كل القوى أيدت بيان المرجعية سواء الإطار التنسيقي أو غيره".

واستبعد الهلالي أن "يجري حصر السلاح بيد الدولة في الوقت الحالي، لأنه كثير، سواء لدى الفصائل أو العشائر أو في عموم الشارع العراقي، لكن لابد من الامتثال لأمر المرجعية وتطبيق ما تريده بشكل دقيق جدا، وذلك تجنبا لإيقاع البلاد في مأزق الحرب".

ورأى المحلل السياسي أن "الحكومة العراقية الحالية لديها فرصة تاريخية بخصوص حصر السلاح بيد الدولة، لأن المرجعية الدينية تقف وراءها، لذلك يجب أن تبقى كل الأسلحة في مفاصل الدولة الأمنية العسكرية".

وشدد الهلالي على ضرورة ألا "تكون هناك فصائل رديفة أو تعمل بالتوازي مع القوات الأمنية خارج إطار الدولة، لأن هذا الشيء غير مقبول، فهي عندما لا تمتثل لأوامر الدولة فإنها تعرّض البلد إلى الخطر".

وتابع: "لا نقول إن الحكومة ستذهب إلى الصدام مع الفصائل من أجل نزع سلاحها، وأن الأخيرة تدرك تماما بأن الحكومة الحالية هي الأفضل منذ عام 2003 وحتى اليوم، بالتالي يجب أن تتم العملية بشكل سلسل من دون تعكير الوضع العام للبلد".

وأشار الهلالي إلى أن "الحكومة الآن عقدت اتفاقا مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية على إخراج قواتها نهاية عام 2025، بالتالي الاحتكام إلى العقل هو المطلوب في الوقت الحالي".

وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي القريب من الفصائل المسلحة، علي فضل الله، الثلاثاء، أن "كلام المرجع عن السلاح يُقصد به التحالف الدولي لأن يستبيح البلد. وليس من المنطق أن تُجرد الفصائل من سلاحها في وقت تلوح فيه واشنطن بوجود مجاميع إرهابية على حدود البلاد".

وأرجع "فضل الله" تفسيره بأن السلاح الذي دعت المرجعية الشيعية لحصره بيد الدولة هو ما لدى التحالف الدولي وليس الفصائل، إلى أن "حديث السيستاني جاء مع شخصية تمثل الأمم المتحدة (محمد الحسان) وليس مسؤول محلي في الدولة العراقية".

"اختلاف المرجعيات"
وعلى صعيد آخر، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، إن "بيان السيستاني واضح، وأن الجهات المطلوب تسليم أسلحتها إلى الدولة هي ذاتها التي أيدت فتوى (الجهاد الكفائي) عن المرجع عام 2014 لقتال تنظيم الدولة، وبالتالي من المؤكد المقصود هم الفصائل والمليشيات المنفلتة، وأسلحة العشائر وكل الجهات غير الرسمية".

وتوقع العابد في حديث لـ"عربي21"، عدم تسليم هذه الفصائل لسلاحها، وذلك لأنها من الناحية العقائدية لا تتبع مرجعية السيستاني، لأنه في عام 2019 عندما اندلعت "احتجاجات تشرين" طالبت المرجعية بعدم التعرض للمتظاهرين، لكن هذه الأطراف لم تستمع لها واستمرت بقتل المحتجين.

وبحسب الخبير العراقي، فإن "مرجعية هذه الفصائل هي تابعة للولي الفقيه (علي خامنئي) في إيران، وإذا لم تصدر من الأخيرة فتوى بما طالب به السيستاني، فإنها لن تسلم الأسلحة إلى الدولة العراقية".
ورأى العابد أن "هناك الكثير من العوامل التي لن تمكّن الدولة العراقية من حصر السلاح بيدها، الأول هو أن حكومة محمد شياع السوداني، بقي من عمرها عام واحد فقط، الأمر الآخر أن هذه الفصائل مشاركة في حكومته".

وتابع: "كذلك، فإن رئيس الوزراء لا يمتلك عشرات المقاعد في البرلمان، حتى يوفر الدعم البرلماني لأي قرار يتخذه بالضد من هذه الفصائل، بل على العكس وهو أن الأخيرة بإمكانها العبث بأمن بغداد والعراق في مقابل ألا تسلم سلاحها، لذلك لا أعتقد أن السوداني بإمكانه مواجهتها أو سحب سلاحها بالقوة".


وأعرب العابد عن اعتقاده بأن "ذهاب الأمم المتحدة إلى مرجعية تتبعها غالبية المذهب الشيعي في العالم هي رسالة إلى المليشيات، تفيد بأن الأخيرة إذا رفضت تسليم السلاح للدولة العراقية، ربما تكون خطوات تصعيدية أممية بقرارات دولية ضدها وضد قادتها".

ولم يستبعد الخبير العراقي أن "تصل القرارات الأممية ضد المليشيات المسلحة في العراق إلى حد التعامل معها بالطريقة ذاتها التي عوملت بها التنظيمات المتطرفة السنية (تنظيم الدولة والقاعدة)".

وفي 24 تشرين الأول المنصرم، أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن "قرار الحرب والسلم تقرره الدولة بمؤسساتها الدستورية، وكل من يخرج عن ذلك سيكون بمواجهة الدولة التي تستند إلى قوة الدستور والقانون في تنفيذ واجباتها ومهامّها".

وبين الحين والآخر تعلن فصائل شيعية، ‏تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق"، شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على الاحتلال الإسرائيلي، في سياق الرد على العدوان على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وتضم "المقاومة الإسلامية في العراق" بشكل أساسي، خمس جماعات، هي: "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"حركة النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب الإمام علي"، إضافة إلى بعض الفصائل الصغيرة مثل "أنصار الله الأوفياء، ولواء الطفوف".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراق السيستاني السوداني العراق السيستاني السوداني المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حصر السلاح بید الدولة الدولة العراقیة المحلل السیاسی هذه الفصائل فی العراق إلى أن

إقرأ أيضاً:

دعوة أوجلان.. هل تنهي وجود حزب العمال في كردستان العراق؟

2 مارس، 2025

بغداد/المسلة: دعا عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، إلى حل الحزب والتخلي عن السلاح، في خطوة وصفت بالتاريخية تهدف إلى تمهيد الطريق لعملية سلام مع تركيا. وأتى هذا الإعلان بعد عقود من الصراع المسلح مع أنقرة، ليثير تساؤلات حول مستقبل الحزب وتأثيره على المناطق الكردية.

ويأمل أوجلان أن يتحول النزاع من العنف إلى الحوار السياسي، لكن ردود الفعل داخل الحزب وخارجه تشير إلى انقسامات قد تعيق هذا المسار.

ويُعتبر حزب العمال الكردستاني السبب الرئيسي وراء توغل القوات التركية داخل إقليم كردستان، حيث منح نشاطه العسكري أنقرة ذريعة لإقامة قواعد عسكرية عديدة في مناطق مثل شمال دهوك وزاخو وأربيل.

وأدى هذا الوجود إلى نزوح السكان من قرى المناطق الحدودية، مما زاد من تعقيد الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.

ويشير تقدير غير رسمي إلى أن أكثر من 27 قاعدة تركية تنتشر في الإقليم، بحسب تصريحات محلية كردية، بينما أقر رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدرم بوجود 11 قاعدة عام 2018.

ويتسبب وجود حزب العمال أيضاً في إحراج السلطات الاتحادية العراقية، خاصة مع قاعدة “زليكان” في بعشيقة بمحافظة نينوى، التي أثارت جدلاً حول السيادة العراقية. ويمتد تأثير الحزب إلى قضاء سنجار، حيث يُقدر أن نحو 1500 عنصر مسلح من أبناء المنطقة يتبعون الحزب، مما يعزز نفوذه هناك.

ويرى محللون أن هذا الوجود يعكس قدرة الحزب على استقطاب الشباب المحلي، لكنه يثير مخاوف من تصاعد التوترات مع القوى الأخرى في المنطقة.

وأحدث حزب العمال انقسامات داخل البيت الكردي، إذ يتهمه البعض بتقويض تجربة الحكم الذاتي في إقليم كردستان منذ تأسيسه عام 1992. ويؤكد منتقدون أن موقفه السلبي من الإقليم وصراعاته مع القوات الكردية، مثل البيشمركة، ساهما في إضعاف الوحدة الكردية. وتتجلى هذه الانقسامات في الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، اللذين يريان في نشاط “العمال” تهديداً لاستقرار الإقليم.

ويبقى الوضع في سنجار معقداً على المدى القريب، حيث ترفض القوى المحلية الإيزيدية الربط بينها وبين حزب العمال، معتبرة نفسها مستقلة وحامية للمجتمع الإيزيدي. وتظهر هذه التصريحات محاولة لفصل الهوية المحلية عن أجندة الحزب، لكن الواقع يشير إلى تداخل النفوذ. ويحذر خبراء من أن استمرار الصراع قد يعرقل عودة النازحين الإيزيديين، الذين يقدر عددهم بحوالي 300 ألف شخص منذ أحداث 2014.

ويتهم الحزب بإحداث “خراب كبير” في إقليم كردستان، بحسب آراء سياسية محلية، حيث يرى منتقدوه أن أنشطته العسكرية خدمت مصالح تركيا أكثر مما خدمت القضية الكردية.

ويعتبر البعض أن دعوة أوجلان قد تكون فرصة لإنهاء هذا الإرث المدمر، لكن نجاحها يتوقف على استجابة قيادات الحزب الميدانية، التي أظهرت حتى الآن تردداً في تنفيذ الدعوة.

وتُظهر الأحداث الأخيرة، مثل الاشتباكات في العمادية بمحافظة دهوك، استمرار التوتر بين حزب العمال والجيش التركي، حتى بعد دعوة أوجلان. وتشير الغارات الجوية التركية الأخيرة إلى أن أنقرة لن تتراجع عن عملياتها ما لم تتأكد من نزع سلاح الحزب فعلياً.

ويبقى السؤال: هل ستكون هذه الدعوة بداية نهاية الصراع، أم مجرد فصل جديد في سلسلة طويلة من النزاعات؟

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الحشد الشعبي يرفض حله أو الاندماج في الجيش ويؤكد على استمرار المقاومة تحت راية خامئني
  • تصريحات سياسية تكشف: حل الفصائل أو مواجهة العواقب الوخيمة
  • بقرار قاطع.. الفصائل العراقية تقول لا للسوداني والأخير يذكرهم بمصيرهم
  • المرجع السيد السيستاني بستقبل الطبيب العراقي محمد الموسوي
  • دعوة أوجلان.. هل تنهي وجود حزب العمال في كردستان العراق؟
  • هكذا علّق بافل طالباني على دعوة أوجلان لإلقاء السلاح
  • وزير الخارجية:واشنطن طلبت من العراق حل الحشد الشعبي والتهديد الإسرائيلي ضده ما زال قائماً
  • العراق يرحب بدعوة أوجلان لإلقاء سلاح حزب الـ pkk
  • أردوغان يعتبر دعوة أوجلان حزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح “فرصة تاريخية”
  • أردوغان يرى في دعوة أوجلان لإلقاء السلاح فرصة تاريخية