* محللون : العالم أصبح أكثر فوضي وخطورة مما كان عليه في عام 2016 

* حرب إبادة غزة.. أكثر المعارك دموية للمدنيين وتنذر بقتال مباشر بين إسرائيل وإيران 

* اشتعال حرب في تايوان سيكون ضربة موجعة للاقتصاد العالمي

* احتمالات بضرب الصين لقواعد أمريكية في المحيط الهادئ بشكل استباقي 

 

قد لا يعني عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى مقعد الحكم بالبيت الأبيض، حدوث حرب عالمية ثالثة أو حتمية اندلاعها لكن ذلك لا يلغيها بالمطلق في وقت يشهد العالم أعمال إبادة في غزة ولبنان.

يرث المرشح الفائز برئاسة أمريكا وضعا عالميا كارثيا سيكون أكثر خطورة وأقل قابلية للتنبؤ مما كان قبل انتخاب ترامب أول مرة في عام 2016 وما يزيد من مخاطره نهج ترامب غير المنتظم والمعاملاتي في السياسة الخارجية، وفق ما ذكر تقرير لشبكة فويكس الأمريكية.

حربي أوكرانيا وغزة

قال التقرير إن ما كان قبل ثماني سنوات صراعًا محليًا في "المنطقة الرمادية" بشرق أوكرانيا أصبح الآن أول حرب برية كبرى في أوروبا منذ عقود وهي الحرب التي هدد فيها الرئيس الروسي مرارًا وتكرارًا باستخدام الأسلحة النووية.

 كما أن حرب إسرائيل في غزة وإبادتها لأهلها، التي تعد واحدة من أكثر الأمور دموية للمدنيين تتطور بسرعة إلى صراع إقليمي ينذر بقتال مباشر بين إسرائيل وإيران قد يجر الجيش الأمريكي إليه.

كوريا الشمالية  وتايوان .. حروب مهلكة قد تنشأ بسببهما

وفي الشرق، تلوح في الأفق صراعات أكثر خطورة ويعتقد العديد من مراقبي كوريا الشمالية أن البلاد تستعد للحرب وأن خطر اندلاع صراع شامل في شبه الجزيرة الكورية ــ الذي قد يؤدي إلى مقتل أكثر من مليون شخص  حتى لو لم تستخدم كوريا الشمالية ترسانتها النووية ــ لم يكن أعلى من أي وقت مضى.

كما أن هناك تايوان، فحتى لو وضعنا جانباً عدد القتلى على الجانبين الذي قد يتضاءل مقارنة بالحرب في أوكرانيا فإن الحرب في تايوان ستكون ضربة موجعة للاقتصاد العالمي.

وفي حال جاءت الولايات المتحدة لمساعدة تايوان قد تخسر عددًا من القوات في غضون أسابيع كما فعلت في عشرين عامًا من القتال في العراق وأفغانستان. 

الصين قد تهاجم القواعد الأمريكية في المحيط الهادئ

ويعتقد بعض المحللين أن الصين قد تهاجم القواعد الأمريكية في المحيط الهادئ بشكل استباقي إذا اعتقدت أن التدخل الأمريكي أمر لا مفر منه، وهو أمر لم يختبره الجيش الأمريكي منذ الحرب العالمية الثانية.

وسوف يلوح في الأفق خطر استخدام الأسلحة النووية حيث تمتلك الصين ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم، وهي ترسانة تنمو بسرعة .

ربما لا يكون لدى الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران ــ المجموعة التي أطلق عليها البعض "محور الاضطرابات" ــ الكثير من القواسم المشتركة من حيث الإيديولوجية والمصالح الشاملة، لكنها تتعاون على نحو متزايد وما يتردد عن وجود قوات كورية شمالية تقاتل إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا هو أحدث مثال على ذلك .

لا شيء من هذا يقلل من شأن الحروب والتهديدات الأمنية التي كانت قائمة في عام 2016 واستمرت خلال رئاسة ترامب، ولا التأثير التخريبي الهائل الواضح لجائحة كوفيد-19. لكن الصراع بين الدول وحتى الصراع بين القوى العظمى، هو أمر مختلف تمامًا عن الحرب ضد الجماعات فصراع المنطقة الرمادية هو أمر مختلف عن الحرب المفتوحة.

تهديد عودة ترامب

ومن المرجح أن تجعل التطورات السريعة الأخيرة في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي حروب المستقبل أكثر صعوبة في التنبؤ بها، وربما أكثر تدميراً.

كل هذا يجعل فكرة إعادة رئيس إلى المكتب البيضاوي، وهو الذي يصف نهجه في السياسة الخارجية بـ"المجنون" بكل فخر، فكرة خطيرة للغاية.

عالم مشتعل

حتى لو تم تجاهل قضايا مزاج ترامب أو حدة ذهنه أو التحذيرات التي أطلقها العديد من كبار مسؤولي الأمن القومي من إدارته السابقة بأنهم يعتقدون أنه غير مؤهل بشكل خطير للرئاسة، فهناك عدة أسباب للاعتقاد بأن رئاسة ترامب الجديدة من شأنها أن تعمل على تضخيم هذا "الوضع الثوري" بدلاً من تخفيفه.

أولا، لا يولي ترامب أهمية كبيرة لفكرة السلامة الإقليمية فقد يبدو هذا وكأنه نقطة أكاديمية مربكة، لكن يميل المحللون إلى افتراض أنه في عصرنا الحالي نادرا ما تغزو الدول بعضها البعض ونادرا ما يتم تغيير الحدود بالقوة.

ترامب ودعم روسيا تفويض امتلاك للقرم

 ومن الواضح أن تدخل و روسيا في أوكرانيا تحدى هذا المحظور ضد ما يسميه ميثاق الأمم المتحدة "التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية" للدول الأخرى.

وباعتباره رئيسا، يقال إن ترامب أخبر زعماء العالم الآخرين أن شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني من أوكرانيا في عام 2014، هي روسية بحق لأن الجميع هناك يتحدثون الروسية.

 وقد أيد شخصيات مقربة من حملة ترامب مثل تاكر كارلسون وإيلون ماسك علنا ​​الرأي القائل بأن شبه جزيرة القرم روسية.

ترامب ينهي عقودًا من السياسة الأمريكية

انهي ترامب عقودًا من السياسة الأمريكية والإجماع الدولي من خلال الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان الذي وصفه بأنه قرار سريع اتخذ بعد درس سريع في التاريخ من سفيره في إسرائيل وصهره جاريد كوشنر.

كما اعترف أيضًا بأن القدس المحتلة عاصمة الاحتلال لاغيا حق الفلسطينيين التاريخي.

وبالنسبة لترامب، الرئيس الذي فكر في شراء جرينلاند ، فإن السيادة والسلامة الإقليمية تشبه أي شيء آخر في الصفقة: قابلة للتفاوض.

تهديد حلف الأطلسي بسبب عدم أهميته لترامب

ثانيا، لا يقدر ترامب التحالفات ومن بين الأسباب التي جعلت روسيا لا تهاجم أيا من الدول المجاورة لأوكرانيا، حتى مع تدفق الأسلحة إلى أوكرانيا من تلك الدول، أن هذه الدول أعضاء في حلف شمال الأطلسي وهذا يعني أن الهجوم عليها قد يؤدي إلى رد عسكري من جانب الحلف ككل وهذا دليل على صحة فكرة التحالف العسكري الأكثر قوة في التاريخ.

يميل ترامب إلى تبني وجهة نظر ضيقة النطاق فيما يتصل بالتحالفات وقد تم توثيق نفوره من حلف شمال الأطلسي وتهديداته بانسحاب الولايات المتحدة من التحالف فضلاً عن تعليقاته التي تعامل دفاع الولايات المتحدة عن الشركاء الآسيويين مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان باعتباره ابتزازاً للحماية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أمريكا ترامب كوريا الشمالية ماسك لبنان إسرائيل ايران الاحتلال الرئيس الروسى المحيط الهادئ عودة ترامب المرشح الفائز فی عام

إقرأ أيضاً:

أمريكا الإسرائيلية وإسرائيل الأمريكية.. الأسطورة التي يتداولها الفكر السياسي العربي!

الكتاب: أمريكا... "إسرائيل" الكبرى... التاريخ الحقيقي لأمريكا في العالم العربي
 الكاتب: د. عبد الحي زلوم
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2009 ـ عدد الصفحات 408

هل فعلاً أنَّ اللوبي الصهيوني يمتلك القدرة على توجيه القرار العام الخارجي الأمريكي، لما يخدم مصلحة "إسرائيل"، وليس أمريكا؟ وهل من الصحيح أن هناك سلطة أحادية الجانب في السياسة الخارجية الأمريكية، هي سلطة اللوبي الصهيوني، ولاسيما في الشق المتعلق بالشرق الأوسط تمارس ضغطاً مباشراً على الرؤساء الأمريكيين، حيث أن نجاح أو إخفاق أي رئيس أميركي يبقى مرهونا بأموال وأصوات اللوبي الصهيوني، كما تروج له الفكرة السائدة في العقل السياسي العربي؟

في سياق المحاولات لفهم طبيعة العلاقة بين "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية، كثيرا ما يجري تناولها من زاوية محددة، أو بنظرة أحادية الجانب، إذْ تحرص "إسرائيل" والحركة الصهيونية العالمية على تقديم صورة مضخمة لنفوذ اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية وهي تهدف من وراء ذلك تخويف أعداء "إسرائيل" وإظهار هذه الأخيرة بمظهر القوي المتحكم في القرار السياسي الأمريكي ليبدو وكأنه يتقمّص سمات الموقف الإسرائيلي بصورة لا يستطيع أحّد أن يفرّق بين صوت رئيس الوزراء الإسرائيلي من صوت الرّئيس الأمريكي في كل الأوساط الدّوليّة داخل وخارج الأمم المتّحدة.

وفيما درج الفكر السياسي العربي على إظهار الولايات المتحدة أمة تستحق الإشفاق، إذ إن قرارات هذه الدولة العظمى وتوجهاتها وسياساتها تصنع على يد الطباخين اليهود، حيث تستثمر "إسرائيل" هذه الصورة المضخمة لتيئيس العرب والمسلمين من إمكانية التأثير في الرأي العام الأمريكي والسياسة الخارجية الأمريكية المنحازة إلى جانب الكيان الصهيوني، فإنَّه يهمنا من جانبنا أن نؤكد على أنَّ "إسرائيل" ليست إلا مجرد أداة أمريكية تقوم بدور وظيفي لحماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما بعد أن شيعت الولايات المتحدة مبدأ مونرو لتخرج من عزلتها التقليدية إلى معترك الصراع الدولي، وتعاظم دور الأداة لتتحول إلى عصا غليظة لإخضاع شعوب المنطقة وتنفيذ المخطط الأمريكى فى الهيمنة. وتدحض الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنانفي عام 2006 بما لا يقبله الشك نظرية اللوبي الصهيوني، لأنَّنا وجدنا بأن أمريكا كانت أكثر حماسا لخوض "إسرائيل" هذه الحرب، وكانت متمسكة بإطالة أمدها العدواني، وذلك من أجل تقديم مساعدة لما يسمى بحرب أمريكا على الإرهاب. ف"إسرائيل" في تلك الحرب كانت تقوم بوظيفة حربية في خدمة استراتيجية الإمبريالية الأمريكية...

هل إنَّ اللوبي الصهيوني هو الذي يسير السياسة الأمريكية؟

ومع ذلك، فإن الدكتور عبد الحي زلوم في كتابه: أمريكا..."إسرائيل" الكبرى، يقدم لنا صورة مضخمة جدا عن اللوبي الصهيوني، إذ يقول: "من أبلغ المؤشرات على مدى ما يحظى به اليهود من نفوذ في الولايات المتحدة ما صدر عن المرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأخيرة. فما إن ضمن باراك أوباما ترشيح الحزب له حتى: "حثّ الخطى إلى مؤتمر تعقده لجنة العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية AIPAC، أقوى جماعات الضغط الإسرائيلي في البلاد، وهناك ألقى كلمة كسر فيها سائر الأرقام القياسية المسجلة في إظهار الخنوع وممارسة التزلف على حد تعبير الكاتب وعضو الكنيست الصهيوني السابق يوري أفنيري في عموده المنتظم بتاريخ 10 يونيو/حزيران 2008 وأضاف أفنيري: "انظروا كيف أن أول عمل أقدم عليه أوباما بعد ضمان ترشيح الحزب له كان التضحية بمبادئه.. وها قد أقبل أوباما زاحفاً وسط الغبار لينكب على أقدام "إيباك" ويخرج عن خطه المعهود في تبرير سياسة تناقض تماماً أفكاره التي طالما نادى بها".

الذي يهم فعلاً هنا هو وجه التشابه الكبير بين المشروعين الأمريكي والصهيوني، على المستويين: الروحي والمادي لدرجة يمكن معها القول إن: "إسرائيل" ليست سوى أمريكا الصغرى، وإن أمريكا هي "إسرائيل" الكبرى. وجدت في هذه الجملة أبلغ تعبير عن مضمون كتابي فوقع عليها اختياري كعنوان للكتاب..وجاء في مقالة أفنيري أيضاً القول: "الذي يهم فعلاً هنا هو وجه التشابه الكبير بين المشروعين الأمريكي والصهيوني، على المستويين: الروحي والمادي لدرجة يمكن معها القول إن: "إسرائيل" ليست سوى أمريكا الصغرى، وإن أمريكا هي "إسرائيل" الكبرى. وجدت في هذه الجملة أبلغ تعبير عن مضمون كتابي فوقع عليها اختياري كعنوان للكتاب".

تعمل اللجنة الأمريكية ـ الإسرائيلية للشّؤون العامّة التي تعرف اختصارا باسم "ايباك"AIPAC ، The American-Israel: Public Affairs Committee ، وتضم في عضويّتها عدّة منظّمات صهيونيّة مثل بناي بريث، وتعقد اللجنة مؤتمراً سنويّاً يحضره عدد كبير من الشّخصيّات الأمريكية السّياسيّة من مجلس الشّيوخ والنّوّاب وغير ذلك، تعمل على تضخيم دورالنفوذ الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال الصورة التي تقدمها في أجهزة الإعلام الأمريكية والعالمية على أساس أنها هي التي تتحكم بالقرار السياسي الأمريكي.

ويحاول اللوبي الصهيوني الموالي لـ "إسرائيل" داخل أمريكا أن يوهم الرأي العام العالمي، ولا سيما الرأي العام العربي، من أنه يمتلك قدرة خاصة على التأثير من خلال اتصاله برجال الإدارة والشيوخ والنواب وامتلاكه لقاعدة معلوماتية وإمكانيات التأثير على الحملات الانتخابية من خلال المساهمة في تمويلها.

وفي الحقيقة، فإن هذا التأثير في مجرى الانتخابات الأمريكية هو محدود جدا، لأن الذي يقررمصير الانتخابات الرئاسية هو المجمع الصناعي العسكري في الولايات المتحدة والاحتكارات النفطية الأمريكية، التي تأتي دائما بالرئيس المناسب الذي يخدم مصالحها في كل مرحلة تاريخية محددة.

ويستند اللوبي الصهيوني في تضخيم دوره لعدة عوامل أهمها مكانة دولة "إسرائيل" في الاستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، ودور القوة العظمى التي تقوم بها أمريكا اليوم والمرجعية الأيديولوجية ـ الثقافية الأمريكية والتي تنعكس في علاقة المجتمع الأمريكي بالجالية اليهودية القائمة على الإدماج والتبني والعلاقة الخاصة بالدولة الإسرائيلية.

لقد استطاع اللوبي الصهيوني أن يبني أوهاماً دعائية حول المصالح المشتركة بوصفها أساس العلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرئيل"، وكيف هيأ دعاوى إعلامية وسياسية مغلوطة، هدفها إبراز قوة اللوبي الصهيوني هذا وكأنها هي التي تسير السياسة الأمريكية، وهذا ما يتناقض مع منطق الأمور وحقيقة السياسة الأمريكية، إذ كيف يمكن لإمبراطورية بقوة وجبروت الولايات المتحدة الأمريكية أن تسير بقوة لوبي معين، حتى لوكان صهيونيا.

لقد شاعت دائما مقولة في الدوائر العربية الرسمية بأن السياسة الأمريكية الخارجية في الشرق الأوسط يوجهها اللوبي الصهيوني الذي يصول ويجول ويرهب الساسة الأمريكيين لكي يقدموا دائما المصالح الإسرائيلية حتى لو تعارضت مع المصالح القومية الأمريكية.

ولكن لم تظهر دراسات تسلط الضوءعلى الحجم الحقيقي للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، لأن مثل هذه الدراسات تعتبر من المحرمات. والواقع أنه في مختلف المحطات كانت قوة اللوبي الصهيوني مستمدة من طبيعة النظام السياسي الأمريكي وليس في مواجهته، ومن حيوية شبكة العلاقات التي صاغتها مجموعة المنظمات التي تمثل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، ومن طريقة عمل النظام السياسي الأمريكي ذاته، لا من القوة الذاتية لهذا اللوبي التي تضخمها أجهزة الإعلام لأسباب سياسية وإيديولوجية، حتى تبث روح الاستسلام في العقل السياسي العرب.

لكن هذا اللوبي الصهيوني يكتشف يوما بعد يوم أنه لم يعد يقود اليهود الأمريكيين، كما كان يفعل في إيهام الرأي العام خلال العقود الماضية. فاليهود الأمريكيون يعلمون أن "إسرائيل" ليست الترياق الذي بإمكانها استخدامه لحل إشكالاتها الداخلية.

ويحاول الكاتب أن يقدم عدة شهادات تبرز الدور القوي للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، فيقول: "ولعل ما حصل مع اثنين من الأكاديميين الأمريكيين المعروفين مؤخراً ما يشكل مثالاً على طريقة عمل اللوبي اليهودي المناصر ل"إسرائيل" في الولايات المتحدة. فقد طلبت مجلة "أتلانتيك ماغازين"، من أستاذين من جامعة شيكاغو وجامعة هارفارد، إعداد دراسة عن اللوبي الإسرائيلي . وبعد عامين من العمل والبحث والتمحيص، أبلغهما رئيس التحرير بأن المجلة لن تتمكن من نشر الدراسة. وفي ذلك يقول البروفيسور جون ميشيمر: "عملنا على إعداد الدراسة على مدى عامين بالتعاون مع محرري "أتلانتيك ماغازين". وفي يناير/كانون الثاني 2005 أرسلنا لهم النص النهائي، الذي جاء منسجماً تماماً مع ما تم الاتفاق عليه ومتضمناً مقترحاتهم كافة. بعدها بأسابيع فوجئنا برئيس التحرير يبلغنا بأن المجلة قررت عدم نشر الدراسة".

قرَّر الأستاذان جون ميشيمر وستيفن وولت توسيع الدراسة وإعدادها للنشر ككتاب صدر عام 2007 بعنوان: "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة" أوضح االمؤلفان في كتابهما بأن الفكرة الرئيسية التي شكلت موضوع الدراسة المرفوضة كانت بسيطة ومباشرة، وهي أن الولايات المتحدة تقدم دعماً مادياً وسياسياً ل"إسرائيل" بمعدلات غير عادية، وبأن هذه المساعدات لا يمكن تبريرها على أسس إستراتيجية أو أخلاقية على حد سواء. وبدلاً من ذلك "فإن هذه المساعدات هي نتاج القوة السياسية للوبي ال"إسرائيل"ي في المقام الأول".

ويرى المؤلفان "أن السياسة الأمريكية المنحازة تماماً ل"إسرائيل" تضر بالمصالح القومية للولايات المتحدة بل هي ضارة بالمصالح ال"إسرائيل"ية نفسها على المدى البعيد". ولتوضيح حجم الدعم الذي تحظى به "إسرائيل" من الولايات المتحدة من حجم ما تتلقاه من مساعدات أميركية يمولها دافعو الضرائب الأمريكيون في المقام الأول. فحتى عام 2005 كان حجم ما تسلمته "إسرائيل" من مساعدات أميركية قد وصل إلى 154 مليار دولار معظمها هبات لا ترد"...، ولمثير هنا أن المساعدات الأمريكية ل"إسرائيل" تأتي بمعدل 100 ألف دولار لكل أسرة إسرائيلية مكونة من أربعة أفراد في وقت يعاني فيه 45 مليون أميركي من ضيق الحياة المعيشية ويصنفون تحت خانة الفقراء، طبقاً لمكتب الإحصاءات الرسمي في واشنطن، الأمر الذي ينسف المقولة الأمريكية الشهيرة: الإحسان يبدأ من البيت".

يحاول اللوبي الصهيوني الموالي لـ "إسرائيل" داخل أمريكا أن يوهم الرأي العام العالمي، ولا سيما الرأي العام العربي، من أنه يمتلك قدرة خاصة على التأثير من خلال اتصاله برجال الإدارة والشيوخ والنواب وامتلاكه لقاعدة معلوماتية وإمكانيات التأثير على الحملات الانتخابية من خلال المساهمة في تمويلها.هذا الكتاب لم يأت بشيء جديد على صعيد الدراسة المعمقة لدور اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وللعلاقة الخاصة التي تحكم "إسرائيل" بأمريكا، بل أنه كرر نفس الأسطورة التي يتداولها الفكر السياسي العربي حول التأثير الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية، علماً أنَّ هذه الأسطورة ليست قدرًا على العرب والمسلمين أن يستسلموا لها، بل إنَّ المطلوب هو القيام وبعمل دؤوب لمواجهة هذا النفوذ الصهيوني، إذ يوجد في أمريكا أكثر من عشرة مليون عربي ومسلم، وهو عدد يفوق عدد اليهود الأمريكيين. والحال هذه بإمكان العرب والمسلمين الأمريكيين أن يشكلوا لوبي عربي منافس للوبي الصهيوني، داخل هذه التكتلات البشرية العربية والمسلمة يعتمد بالدرجة الأولى على السيطرة الاقتصادية الممكنة في هذه التكتلات واستغلال الرأي العام الشعبي الأمريكي المتعاطف نسبيا مع الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة الكبرى في الثمانينات، وإلى حد ما مع الانتفاضة الثانية، حتى وإن كان دوافع هذا التعاطف هي الممارسات القمعية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تتناقض مع ما هو عالمي في القيم.

وفضلا عن ذلك، فإن مسؤولية العرب والمسلمين جميعا تتمثل في دعم هذه الجالية العربية والمسلمة بكل الوسائل لتشكل لها موطئ قدم في الحياة الاقتصادية الأمريكية، والعمل على تنمية ثقافة هذه الجالية وتوجيهها من أجل تغيير الصورة المشوهة التي اكتسبها الشعب الأمريكي عن العرب والمسلمين بعد أحداث الحادي عشر من أيلول.

وعلى مستوى دوام العلاقات والمرجعية النفعية، فإن هناك إمكانية للتأثير والتداخل، وهو ما حدث فعلاً خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة حيث برزت الجاليات العربية والمسلمة كقوة ملموسة تؤخذ في الحسبان في الجولات القادمة. إلا أن هذا لن يؤدي في المدى المنظور لوضع الطابع المتميز للعلاقات الأمريكية ـ ال"إسرائيل"ية موضع تساؤل وإنما زيادة أو نقصان تكلفة أو هامش المناورة المتروك ل"إسرائيل" واللوبي في الولايات المتحدة الأمريكية.

فالطابع الخاص للعلاقات الأمريكية -الإسرائيلية يعمل الآن على ضبط الصراع العربي ـ الصهيوني أكثر مما يسهم في تسويته لمصلحة كافة أطرافه. ويبقى ما هو مطلوب من العرب والمسلمين الأمريكيين أن يقوموا بالدراسات الفكرية والسياسية لبلورة سياسة إعلامية ونشرها عبر وسائل الإعلام الحديثة وشبكة الأنترنت من أجل إنشاء لوبي عربي ومسلم قوي في الولايات المتحدة قادرعلى مواجهة الدعاية المضللة للوبي الصهيوني.

إنَّ الحديث عن اللوبي يتطلب الدراسة المعمقة وغير المبسطة لعملية صنع القرار في السياسة الخارجية، إذ إن هناك عملية تبسيط واختزال في فهم السياسة الخارجية الأمريكية لدى الفكر السياسي العربي، إما عبر الاعتماد على نظرية اللوبي الصهيوني المسيطر على كل مقدرات السياسة الخارجية، وإما على أساس الاعتماد على اختزال كل عملية صنع القرار بشركات النفط والسلاح.

مقالات مشابهة

  • بلومبرج: مشادة بين ترامب وزيلينسكي تهدد العلاقات الأمريكية الأوروبية ومساعدات أوكرانيا
  • رئيس وزراء المجر: عودة ترامب إلى البيت الأبيض تسهم في إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • استبعاد أوكرانيا من المحادثات الأمريكية الروسية حول الحرب يشكل خطراً كبيراً على الجميع.. ما تأثيره على إفريقيا؟
  • الخارجية الأمريكية: وفدا التفاوض الأمريكي والروسي بحثا عودة موسكو للنظام المالي العالمي
  • بيل جيتس: البشرية مهددة برباعي مدمر.. والمخاطر أكثر رعبًا من «النووي»
  • استشاري يوضح أبرز الأمراض الجلدية التي تحدث خلال الصيام ..فيديو
  • أمريكا الإسرائيلية وإسرائيل الأمريكية.. الأسطورة التي يتداولها الفكر السياسي العربي!
  • إدارة ترامب تعلن إلغاء أكثر من 90 % من عقود المساعدات الخارجية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
  • آخر الأخبار الأخبار المحفوظة روسيا العالم العربي العالم الاقتصاد الرياضة منوعات صحافة ورأي استطلاعات الرأي تقارير مصورة فيديوهات أخبار العالم تاريخ النشر: 27.02.2025 | 00:36 GMT إدارة ترامب تعلن إلغاء أكثر من 90 % من عقود المساعدات الخارجية للوكالة الأمري
  • ترامب: سنستعيد الأموال التي منحناها إلى أوكرانيا