في عرض خاص بكتارا.. فيلم المرهقون يستعرض رحلة كفاح أسرة يمنية وسط العاصفة
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
الدوحة- نظمت مؤسسة الحي الثقافي "كتارا" عرضا خاصا للفيلم اليمني "المرهقون"، مساء أمس الثلاثاء، بالتعاون مع السفارة اليمنية في قطر.
ولاقت الفعالية اهتماما واسعا وشهدت حضورا متنوعا من الجاليات العربية، وهدفت إلى تسليط الضوء على جانب من حياة ملايين اليمنيين الذين يعيشون أزمات إنسانية واقتصادية صعبة منذ سنوات.
فعالية متميزة نظمتها مؤسسة الحي الثقافي، كتارا@kataraqatar في قطر بالتعاون مع السفارة جرى خلالها عرض فيلم "المرهقون" للمخرج اليمني عمرو جمال والذي سلط الضوء على ظروف الحياة الشاقة للأسر اليمنية جراء الأزمة الانسانية والاقتصادية التي تعصف ببلادنا منذ سنوات.
أشكر مؤسسة الحي الثقافي… pic.twitter.com/pIKO8d4hGt
— Rajeh Badi راجح بادي (@AmbRajehBadi) November 5, 2024
"المرهقون".. تجسيد لمعاناة اليمنيينيستند فيلم "المرهقون" من إخراج عمرو جمال إلى أحداث حقيقية، ويسرد تفاصيل معاناة أسرة يمنية من الطبقة المتوسطة في مدينة عدن عام 2019. تجبر الأسرة على مواجهة خيار صعب حين تكتشف الأم حملها الرابع، وسط ظروف اقتصادية قاسية بعد فقدان الوالدين وظيفتيهما نتيجة الانهيار الاقتصادي.
وبينما يرمز الإجهاض في الفيلم إلى المستقبل القاتم والأحلام التي تعوقها الأوضاع الصعبة، يلامس العمل مشاعر وآمال الأسر اليمنية العادية، ويقدم نظرة مؤلمة على الكفاح اليومي لأناس يعانون الفقر وضيق الأفق، لكنهم يتمسكون بالأمل.
"المرهقون"، الذي صدر عام 2023، حصد سلسلة من الجوائز التي أكدت جودة العمل وتأثيره الإنساني، فقد بدأ رحلته في فبراير/شباط الماضي من مهرجان برلين السينمائي الدولي، حيث حاز على جائزة منظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناشونال" عن تأثيره الإنساني، إلى جانب المرتبة الثانية في جائزة تصويت الجمهور في قسم البانوراما، بعد منافسة قوية شارك فيها أكثر من 22 ألف شخص.
وتوالت التكريمات بعد ذلك، إذ حصل الفيلم على جائزتي أفضل مخرج وأفضل سيناريو في مهرجان فالنسيا السينمائي الدولي، بالإضافة إلى جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل فيلم في مهرجان تايبيه السينمائي الدولي بتايوان، مما وضع السينما اليمنية على خارطة المهرجانات الدولية.
صناعة سنيمائية وسط العواصفوواجه المخرج اليمني عمرو جمال وفريقه تحديات هائلة لإنتاج هذا الفيلم في اليمن، البلد الذي يفتقر إلى بنية تحتية لصناعة السينما.
ورغم أن عدن كانت من المدن الرائدة في استضافة دور العرض السينمائي في الثلاثينيات، فإن هذه الصناعة تراجعت بشكل كبير منذ الثمانينيات بسبب الظروف السياسية.
يشير جمال إلى أن مجرد تصوير الفيلم في شوارع عدن كان تحديا، في ظل صعوبة التنقل وانعدام الكهرباء والخدمات الأساسية. ولم يكن من السهل أيضا توفير كوادر فنية متخصصة، إذ إن اليمن لم يشهد تدريبا مكثفا للعاملين في السينما لسنوات عديدة.
ورغم هذه الصعوبات، فإن فيلم "المرهقون" تلقى دعما إنتاجيا من عدة جهات سينمائية دولية، منها مهرجان البحر الأحمر السينمائي ومهرجان كارلوفي فاري للأفلام، مما ساهم في إتمام المشروع دون المساس برسالة الفيلم.
ونال فيلم "المرهقون" استحسانا واسعا في المهرجانات الدولية، إذ عبّر عديد من المشاهدين عن إعجابهم بصدق القصة وأهمية الرسالة الإنسانية التي يحملها. لاقى الفيلم استقبالا حارا من الجمهور الذي لم يعتد مشاهدة قصص يمنية على الشاشة الكبيرة، إذ يقدم الفيلم فرصة نادرة لتعرف العالم على ملامح الحياة اليومية لليمنيين.
وبالنسبة لعمرو جمال، كان من الأهمية بمكان أن يكون فيلمه ليس مجرد نافذة على واقع اليمن، بل عملا فنيا يستدرج المشاهدين إلى التفاعل مع شخصياته وأحداثه.
جمال أبدع في تجسيد القصة بلغة سينمائية هادئة بعيدا عن الميلودراما، فاختار زوايا تصوير واسعة وثابتة تتيح للمشاهدين تأمل الشخصيات والمكان، مما منح مدينة عدن دور البطولة إلى جانب أبطال القصة. كذلك اعتمد جمال على اللقطات الطويلة التي تمزج الشخصيات بالمكان، ليرسم مشهدا دافئا يعكس التناقض بين جمال عدن وسحرها، والواقع القاسي الذي يكابده سكانها.
بهذا النجاح، يفتح "المرهقون" آفاقا جديدة أمام السينما اليمنية، ويعطي دفعة لقصص منسية تحتاج لمن يرويها للعالم، ويشجع صناع الأفلام اليمنيين على الانطلاق من واقعهم وبيئتهم لنقل تجاربهم الفريدة إلى السينما العالمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة يستعرض التحديات الكبرى التي تواجه الأسر العربية والعالمية
نوفمبر 4, 2024آخر تحديث: نوفمبر 4, 2024
المستقلة/- سلَّطت فعاليات مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، الذي عُقد بالدوحة على مدار يومين 30-31 تشرين الأول/أكتوبر، بعنوان “الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة”، الضوء على السياسات الكفيلة بحماية الأسر في البلدان المتضررة من النزاعات، وسُبل معالجة التحديات الكبرى التي تواجهها الأسر لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، والتصدي لأضرار الإفراط في استهلاك التكنولوجيا على الأجيال الناشئة، بالإضافة إلى آثار التغير المناخي على استقرار الأسر.
وقد شهد المؤتمر الذي نظمه معهد الدوحة الدولي للأسرة، عضو مؤسسة قطر، في مركز قطر الوطني للمؤتمرات، بالتعاون مع كل من وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة، ووزارة الخارجية في قطر، وإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، حضور أكثر من 2000 مشارك من الخبراء وصناع السياسات وقادة الفكر من المنطقة العربية وجميع أنحاء العالم، الذين استعرضوا السياسات والبرامج التي من شأنها أن تعزز مكانة الأسرة في قلب المجتمع، وذلك خلال جلسات وفعاليات ركزت على الاتجاهات العالمية الكبرى التي تؤثر على حياة الأسرة.
تخلل المؤتمر مشاركة شخصيات بارزة من مختلف أنحاء العالم العربي منهم: سعادة السيدة شاناز إبراهيم أحمد، حرم فخامة رئيس جمهورية العراق؛ وسعادة الدكتورة مايا مرسي، وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر؛ وسعادة الدكتورة أمثال هادي هايف الحويلة، وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وشؤون الأسرة والطفولة في دولة الكويت؛ والدكتور هيكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية في لبنان، إلى جانب عدد كبار الشخصيات وأصحاب السعادة.
وألقت الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، شدّدت فيها على أهمية التنبه للتأثيرات التكنولوجية العميقة على الأُسر العربية، وقالت:”لا شكَّ أنّ قضايا الأسرة وتحدياتِها تتماثلُ في المجتمعاتِ جميعِها، ولكنَّها تختلفُ في خصوصياتِها من بلدٍ إلى آخر، فهناك مشتركاتٌ كثيرةٌ بينَ الأُسرِ من شَمالِ العالمِ إلى جنوبِهِ، أبرزُها تحدياتُ التكنولوجيا وتأثيرُها، واللغةُ الأم في عالمٍ معَولَم، وصراعُ الهويات”.
وفي هذا الإطار، تشير دراسة بحثية رائدة نشرتها جامعة ديوك بالتعاون مع معهد الدوحة الدولي للأسرة، إلى أن 84% من أولياء الأمور في المنطقة يشعرون بالقلق حيال تأثير الأوقات التي يمضيها أفراد أسرهم أمام الشاشات على العلاقات الأسرية، فيما يخشى 67% من احتمالية فقدان أبنائهم لهويتهم وخسارة قيمهم الثقافية في خضم هذا العصر الرقمي.
ويأتي تنظيم هذا المؤتمر، في سياق الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة، حيث كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت عام 1994 سنةً دولية للأسرة، مؤكدة على دور الأسرة باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع، والتي ينبغي أن تحظى بأكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة وذلك وفقًا للمواثيق المصادق عليها دوليًا. ويضطلع مؤتمر السنة الدولية للأسرة، الذي يُعقد مرة كل عشر سنوات بدور محوري في تطوير السياسات والبرامج التي يمكنها دعم وتمكين الأسر عبر العالم.
وتحدثت خلال الجلسة الافتتاحية أيضًا، السيدة أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجموعة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، عن أهمية الجهود الدولية في حماية الأسرة قائلةً: “غالباً ما يقع العبء على نسائنا وأطفالنا من غزة إلى السودان، ومن السودان إلى أوكرانيا، ومن أوكرانيا إلى ميانمار، والعديد من الأماكن الأخرى. من واجبنا في هذا المؤتمر أن نسعى لضمان أن تكون الأسرة من حق الجميع، وألا نترك أحداً خلف الركب.”
وقد تناول المشاركون في المؤتمر بالنقاش أربعة اتجاهات عالمية معاصرة تؤثر على الأسرة في قطر والمنطقة والعالم، وهي: التغير التكنولوجي، والاتجاهات الديموغرافية، والهجرة والتمدّن، وتغيّر المناخ.
وفي جلسة نقاشية حملت عنوان:” التأرجح بين الأسرة والعمل”، تحدثت الدكتورة ميمونة خليل آل خليل، الأمين العام لمجلس شؤون الأسرة، بالمملكة العربية السعودية، عن التحديات والفرص الرئيسية التي تواجه الأسر العاملة في سعيها لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، قائلة: “أثبتت الأبحاث أن ابتعاد الأب والأم لساعات طويلة عن المنزل بسبب العمل، يؤثر على الخصوبة وسن الزواج وكذلك معدلات الطلاق. لذا، لا بد من تقديم مبادرات تهدف إلى التأكد أن النساء نشيطات في القوى العاملة، ولكن التأكد أيضًا أننا نمارس دور الأبوة والأمومة بشكل جيد”.
وأضافت:” بينما نعمل على تمكين الأسر ونطلب منهم توفير حياة أفضل لأطفالهم، علينا أن نتأكد أننا ندعمهم أيضًا بمبادرات مختلفة، مثل العمل المرن، والتربية النشطة. ويتعين على أرباب العمل إدراك أن هذه السياسات سوف تجعل النساء العاملات أكثر إنتاجية وتركيزًا في العمل، وبالتالي يسهمن بشكل أفضل في التنمية الوطنية.”
وفي جلسة أخرى جاءت بعنوان “حياة ممزقة: الأسرة في ظل الحروب والنزاعات”، تحدثت الباحثة والأكاديمية الفلسطينية، الدكتورة نور نعيم، المدير التنفيذي لأكاديمية “آي أي مايندز” عن التدمير الممنهج لكل من الطبقة الوسطى والتعليم في قطاع غزة، قائلة: “تأتي قوة المجتمع في غزة من الأسر والترابط الأسري القوي جدًا، حيث تنزح الأسر إلى منازل بعضها البعض، دون التمييز بين القريب والغريب، ويعيشون معًا كأنهم أسرة واحدة، فهذه هي القيم والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع في غزّة، عكس ما يحدث دائماً في الحروب. وهناك مجتمع مدني تطوعي شبابي داخل الخيام والمشافي لدعم الأسر الفقيرة، والمتطوعين في مجال التمريض”.
وأضافت: “حالة التكافل المجتمعي في غزة يجب أن تدرّس في الكتب وعلم الاجتماع في العالم بأسره، والدافع الأساسي لهذا التكافل هو أننا كلنا سواسية تحت الموت في كل لحظة، وليس أمامنا الآن رفاهية البكاء، خيارنا هو التماسك والصبر”.
وفي جلسة نقاشية أخرى دارت حول تأثيرات التغير المناخي على استقرار الأسر، سلَّط المتحدثون الضوء على آثار الهجرة الناجمة عن المناخ والأمن الغذائي وندرة المياه والقلق حيال قضايا البيئة، وجاءت بعنوان: “حماية كوكبنا تبدأ من الأسرة”.
وخلالها، قالت السيدة ماهينور أوزدمير جوكتاش، وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية في الجمهورية التركية: “لأجل التوصل إلى حلول ناجعة، يبقى الأهم هو تحمل المسؤولية بشكل جماعي، ودعم المؤسسات الحكومية في مختلف البلدان بكوادر بشرية مؤهلة، بالإضافة إلى الدعم المالي اللازم. كما تبقى الحاجة ماسّة لتعزيز التعاون بين مختلف الدول عن طريق تبادل خبراتنا والانخراط في تحالف بيئي من خلال وضع سياسات فعالة ومستدامة تستهدف مواجهة التحديات المرتبطة بالتغير المناخي”.
بدوره، سلَّط الدكتور محمد بهناسي، وهو خبير بيئي أول في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ومقره في العاصمة المغربية، الرباط، الضوء على ثلاث ظواهر بيئية مترابطة تؤثر على الأسر وهي: “النزوح الناجم عن تأثير المناخ وانعدام الأمن الغذائي الذي يتفاقم بسبب التغير المناخي، وانعدام الأمن بفعل الحروب.” وشدّد على أن “هذه التحديات المترابطة باتت تفضي إلى ما نسميه الهجرة المناخية – أي الهجرة التي ترجع أسبابها إلى قضايا بيئية، وتتضخم أكثر بسبب ندرة المياه والفيضانات والتصحر وإزالة الغابات”.
واُختتمت فعاليات المؤتمر بالإعلان عن “نداء الدوحة للعمل” الذي تضمن سلسلة من التوصيات الرامية إلى التصدي للتحديات الكبرى التي تواجه الأسر حول العالم ودعا الحكومات إلى دعم الأسر وتمكينها من المساهمة في عملية التنمية. ومن المقرر أن تتم مشاركة هذا النداء للتباحث مع جميع المشاركين في مواقع صناعة القرار، ومنظمات الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، ومراكز الفكر، والجامعات، والجهات المعنية.