موانئ دبي العالمية تضيف 3 ملايين حاوية نمطية إلى طاقتها الاستيعابية بنهاية 2023
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
دبي في 15 أغسطس / وام / أعلنت مجموعة موانئ دبي العالمية "دي بي ورلد" أنها تتوقع إضافة نحو 3 ملايين حاوية نمطية "20 قدماً" من الطاقة الاستيعابية الجديدة لمناولة الحاويات بحلول نهاية العام، ما يضيف إلى البنية التحتية والطاقة الاستيعابية اللازمة لتعزيز مرونة سلاسل التوريد العالمية.
وتدير المجموعة حالياً ما يقارب 9% من طاقة المناولة الاستيعابية على مستوى العالم، ما يجعلها واحدا من بين أكبر خمسة مشغلين عالميين للموانئ، في حين سترفع التوسعات طاقتها الإجمالية إلى 93.
وتوقعت مؤسسة "دروري" لاستشارات سلاسل التوريد نمو إنتاجية مناولة الحاويات عالمياً إلى 932 مليون حاوية نمطية بحلول عام 2025، مقارنة بـ 858 مليون حاوية نمطية في عام 2021. وتأتي خطط توسيع طاقة المجموعة في فترة حيوية تشهد ارتفاع معدلات التضخم وتكلفة المعيشة وحالة عدم اليقين على المستوى الجيوسياسي، والتي تثير القلق بشأن التجارة العالمية وارتفاع الطلب على حلول سلاسل التوريد الأسرع والأكثر مرونة.
وحسب تقرير "التجارة في مرحلة انتقالية" 2023 الصادر عن مجموعة موانئ دبي العالمية، لا تزال الشركات تعطي الأولوية للنمو من خلال التوسع في الأسواق؛ إذ يشير التقرير إلى أن العوامل الرئيسية لنمو الصادرات في عام 2023 تتمثل في الطلب المتزايد والتوسع في العمليات في أسواق جديدة، ويؤكد أيضاً استخدام التكنولوجيا باعتبارها السبب الرئيسي وراء تفاؤل المديرين التنفيذيين فيما يتعلق بالتجارة العالمية.
وقال سلطان أحمد بن سليّم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية "دي بي ورلد": "نحن ملتزمون بالاستثمار في بنيتنا التحتية لتلبية الطلب المتزايد على التجارة، حيث ستدعم إضافات الطاقة الاستيعابية مكانتنا كمزوّد عالمي رائد لحلول سلاسل التوريد، يربط الاقتصادات والأعمال والمستهلكين حول العالم".
من جانبه قال تيمن ميستر، مدير العمليات للموانئ ومحطات الحاويات في مجموعة موانئ دبي العالمية "دي بي ورلد": "ينبغي أن نلقي نظرة طويلة الأجل على تطور الاقتصاد العالمي، ونرى كيفية تغير الطلب وكيف يمكننا تلبيته بكفاءة أكبر، إن هدفنا على المدى المتوسط هو الوصول إلى 100 مليون حاوية نمطية سنوياً، اعتماداً على الطلب".
وبالإضافة إلى التوسع الفعلي، تركز المشاريع أيضاً على الرقمنة – أي تنفيذ تقنيات جديدة وأنظمة تشغيل متطورة لمحطات الحاويات، ما سيزيد الطاقة الاستيعابية عن طريق الأتمتة وتسهيل العمليات داخل كل ميناء، ويمكّن تدفقاً أكبر للتجارة وعمليات أكثر كفاءة للمتعاملين.
وتتوقع مجموعة موانئ دبي العالمية تحسين قدرتها على المناولة بشكل ملحوظ في نفس الحيّز المكاني عبر استخدام التجهيزات الآلية والطرق الذكية في العمل، هذا بالإضافة إلى أن استبدال الأجهزة القديمة التي تعمل بالوقود الأحفوري بأجهزة كهربائية مأتمتة حديثة يساعد على تخفيف انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بالنسبة لمجموعة موانىء دبي العالمية ومتعامليها بشكل كبير.
وكانت مجموعة موانئ دبي العالمية أعلنت في مارس الماضي عن أول استخدام تجاري لنظام التخزين المبتكر "بوكس باي BOXBAY" في محطة حاويات بوسان نيوبورت كوربوريشن "PNC" في كوريا الجنوبية حيث تمتلك المجموعة 66% من أسهم شركة "PNC"، والتي تشغل واحدة من أفضل محطات الحاويات أداءً في آسيا بطاقة استيعابية تبلغ 5.3 مليون حاوية نمطية. وستوفر إضافة تقنية "بوكس باي" لشركة "PNC" كفاءة أكبر لعملياتها.
ومن المقرر أيضاً أن تبدأ المجموعة؛ عملياتها في محطة الحاويات الجديدة بيلاوان "BNCT" في شمال سومطرة بإندونيسيا، والتي تبلغ طاقتها الاستيعابية 600 ألف حاوية نمطية بحلول نهاية العام، كما ستعمل على زيادة قدرة هذه المحطة إلى 1.4 مليون حاوية نمطية وجذب المزيد من رحلات الشحن المباشرة، وتقليل الاعتماد على الموانئ الإقليمية، ما يعزز مكانتها كبوابة تجارية ولوجستية رئيسية في مضيق ملقا الذي يمثل مساراً رئيساً للشحن.
وفازت مجموعة موانئ دبي العالمية بامتياز كبير في شهر فبراير، لتطوير وتشغيل وصيانة محطة حاويات "تونا تيكرا" الضخمة في ميناء "ديندايال" على الساحل الغربي للهند. وستشمل المحطة عند اكتمالها رصيفاً بطول 1100 متر وستقوم بمناولة 2.19 مليون حاوية نمطية سنوياً، ما يمهد لنمو حركة الحاويات في الهند مستقبلاً، ولتلبية الصادرات والواردات من شمال وغرب ووسط الهند، مما يقلل التكلفة اللوجستية ويعزز كفاءة سلاسل التوريد.
محمد جاب الله/ إبراهيم نصيراتالمصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: سلاسل التورید
إقرأ أيضاً:
نصف مليون جندي و8 ملايين طن من القنابل.. لماذا هُزمت أميركا في فيتنام
لقد كانت تلك اللحظة من صباح 30 أبريل/نيسان 1975، آخر ما يفصل أكبر قوة عسكرية في العالم عن اعتراف صامت وغير معلن، لكنه مدو وصاخب في الوقت نفسه، بالهزيمة في أوضح صورها.
ومع إقلاع المروحية الأميركية الأخيرة مبتعدة عن سايغون بمن أمكنها حملهم، أُسدل الستار على واحدة من أطول الحروب في القرن الـ20، لتنهي الولايات المتحدة صفحة دامية في تاريخها وسط مرارة وانكسار، لم تعرف لهما مثيلا منذ تأسيسها.
ورغم مرور نصف قرن على مشاهد سايغون، لا تزال الحرب الفيتنامية واحدة من أكثر الحروب الحديثة تناولا بالدراسة، ومحور عديد من الأدبيات العسكرية، التي سعت إلى تفكيك أسباب فشل قوة عظمى بحجم الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية، وإخضاع خصم أقل منها بكثير رغم الفارق الهائل في الإمكانات والموارد ورغم سنوات الحرب الطويلة.
ومع أن الروايات الأميركية فرضت هيمنتها على مجريات التأريخ والتحليل في ما يخص تلك الحرب، فإن ذلك لم يمنع من اعتبارها نموذجا ملهما لحركات التحرر عبر العالم، ودرسا بليغا في كيفية انتصار طرف محدود الموارد على خصم متفوق عسكريا وتقنيا واقتصاديا.
ويعد هذا الدرس مهما بشكل خاص بالنظر إلى حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، التي تخوض فيها المقاومة الفلسطينية والشعب الغزي الأعزل مواجهة ضد الآلة العسكرية الإسرائيلية المتفوقة المدعومة من قبل الولايات المتحدة والقوى الغربية.
لقد طرحت حرب فيتنام سؤالا جوهريا عن سر هزيمة الولايات المتحدة في تلك الحرب، وهي هزيمة ثبت أن أسبابها تتجاوز الأخطاء العسكرية البحتة إلى سوء فهم أميركي متأصل للواقع الذي دارت فيه الحرب وانفصال معرفي جسيم عن الواقع. لقد خاضت واشنطن حربا على عدو لم تفهمه، في بيئة لا تدرك تعقيداتها، بحسب ما عبرت عنه الصحفية الأميركية الحاصلة على جائزة "بوليتزر" فرانسيس فيتزجرالد، في كتابها "حريق في البحيرة..
الفيتناميون والأميركيون في فيتنام"، حين وصفت مأساة "الغربة المعرفية" الأميركية تلك بقولها: "إن الأميركيين تاهوا بغباء في تاريخ شعب آخر".
عدّاد الجثث ولعل أول مظاهر الغياب المعرفي يتجسد في فشل أميركا في استيعاب الطبيعة الخاصة للحرب التي خاضتها، حيث واجه جيشها تمردا مسلحا وحرب عصابات طويلة النفس، استحال خلالها الحسم عبر معركة فاصلة واحدة أو من خلال احتلال عاصمة العدو، وفق الأنماط التي اعتادت عليها الجيوش النظامية.
ومما زاد من تعقيد المهمة أن الفيتناميين نجحوا في المزج بين تكتيكات حرب العصابات والقتال التقليدي المنظم عبر مراحل مدروسة، إلى جانب بذل جهود دبلوماسية، للاستفادة من اضطرابات الجبهة الداخلية الأميركية وانقسامات القوى الكُبرى (استفاد الثوار الفيتناميون من الدعم السوفياتي)، بما أتاح لهم تعظيم مكاسبهم في الميدان والسياسة معا. في المقابل، وفي مواجهة ضبابية الميدان، لجأت القيادة العسكرية الأميركية إلى سلسلة من التكتيكات والإستراتيجيات التجريبية، لكنها سرعان ما أثبتت قصورها.
منها اعتمادها عمليات "البحث والتدمير" الاستنزافية، القائمة على تمشيط الأدغال والقرى واستخدام القوة النارية غير المتماثلة لسحق الخصوم، مع تكثيف القصف الجوي لقطع خطوط الإمداد القادمة من الشمال عبر لاوس وكمبوديا.
وبالتوازي مع ذلك، ابتكرت القيادة الأميركية مقياسا إحصائيا غريبا لقياس التقدم العسكري، عُرف بـ"عدّاد الجثث"، استند لفرضية أن تكبيد المقاومة أكبر قدر من الخسائر البشرية سوف يؤدي في النهاية إلى إنهاكها وكسر إرادتها.
وشملت الممارسات الأميركية أيضا تكتيكات الحرب النفسية، مثل إلقاء ملايين المنشورات واستخدام مكبرات الصوت المحمولة جوّا، لبث رسائل التهديد والذعر في صفوف الفيتناميين.
لكن تبقى أكثر ممارسات الحرب النفسية الأميركية إثارة للجدل هي ما عُرف باسم "عملية الأرواح المتجولة" وتضمنت قيام القوات الأميركية ببث تسجيلات لأصوات بشرية مذعورة ومشوهة، تحاكي أصوات أرواح متخيلة، بغرض إثارة الخوف والارتباك في صفوف الفيتناميين وتقويض معنوياتهم، وإجبار مقاتلي "الفيت كونغ" على الفرار مستغلة اعتقادهم في معاناة الأرواح التي لا تُدفن بشكل لائق.
كانت فيتنام حقلا لتلك التجارب الأميركية وغيرها، لكن رغم تنوع الأساليب، فإن الواقع الميداني ظل عصيا على الأميركيين، فعدّاد الجثث، على سبيل المثال، سرعان ما تحوّل إلى فخٍّ قاتل، إذ دفع الوحدات الأميركية إلى السعي المحموم وراء تحقيق أرقام مرتفعة للقتلى بأي طريقة، حتى لو كان ذلك بارتكاب المذابح في صفوف المدنيين، مما عزز من كراهية السكان المحليين للجيش الأميركي وأفقده فُرص التعاون معهم وكسب ولائهم.
ومن جهة أخرى، شجّعت هذه السياسة على المبالغة المتعمدة وتقديم أرقام مضخمة للقتلى من جانب القادة الميدانيين، بهدف إظهار التفوق أمام القيادة العليا، مما أوحى مرارا باقتراب النصر الحاسم، لكن مع كلّ تعبئة جديدة وتعويض لتلك الخسائر البشرية من جانب المقاومة الفيتنامية، كان يبدو أن "عداد الجثث" يرتد بتأثير معنوي سلبي داخل الوحدات الأميركية، في الوقت الذي يزيد فيه من عزيمة الثوار وتصميمهم.
القصف الجوي الأميركي على فيتنام أثبت فشله في تحقيق الأهداف الإستراتيجية والعملياتية (غيتي) اختبار إرادة لا اختبار أسلحة وعلى غرار إخفاق الإستراتيجيات البرية، أثبت القصف الجوي الأميركي أيضا فشله في تحقيق الأهداف الإستراتيجية والعملياتية.
فعلى الرغم من نصف مليون جندي أمريكي أرسلهم الرئيس ليندون جونسون إلى فيتنام، وإسقاط أكثر من 8 ملايين طن من القنابل، بما يتجاوز أضعاف ما استخدم في الحرب العالمية الثانية (أسقط الحلفاء حوالي 2.7 مليون طن من القنابل خلال سنوات الحرب)، فإن ذلك لم ينجح في خنق المقاومة أو قطع خطوط الإمداد الحيوية.
في غضون ذلك، استمر تدفق المقاتلين والعتاد عبر طريق "هو تشي منه" الأسطوري، حتى إن الإحصاءات الأميركية نفسها أقرت بارتفاع عدد المتسللين من الشمال إلى الجنوب، من نحو 35 ألف مقاتل عام 1965 لما يقرب من 90 ألفا عام 1967 لدرجة أن تكلفة تدمير مستودع مؤن واحد صارت باهظة، قياسا بقدرة الفيتناميين على تعويضه سريعا عبر شبكة إمداداتهم الفعالة والمموهة جيدا.
تزامن هذا الفشل ومشكلة تكتيكية أعمق، فمثلما لم تعرف هذه الحرب خطوط إمداد مكشوفة، لم تكن أيضا تحتوي جبهات محددة قابلة للاستهداف، فهي بالأساس حرب عصابات، يظهر خلالها الخصم مثل طيف كي يضرب ثم يختفي، وسط تضاريس يعرفها كراحة يده وبين سكّان بلده وحاضنته الاجتماعية القوية.
وقد أفضى ذلك في الأخير إلى فشل مبدأ "البحث والتدمير"، الذي تبناه الجنرال وليام ويستمورلاند، قائد القوات الأميركية في فيتنام في الفترة 1964-1968، حين اكتشف الأميركيون أن مواقع العدو لا تبقى فارغة بعد انسحابه، إذ سرعان ما يعود إليها الفيتناميون لاستئناف معادلة الكر والفر، وزرع الكمائن والفخاخ الأرضية، قبل الاختفاء مثل الأشباح في الأدغال أو التسلل إلى شبكة الأنفاق السرية، فور استشعار الخطر.
ومع تعاظم الخسائر والإحباط، اضطرت القيادة الأميركية إلى التخلي عن إستراتيجية "البحث والتدمير"، واعتماد مبدأ "التطهير والاحتفاظ" بدلا منها، ويركز هذا المبدأ على تأمين المواقع عوضا عن مطاردة المقاتلين الأشباح، وتزامن ذلك مع تولي الجنرال كريتون أبرامز القيادة الأميركية في فيتنام خلفا لويستمورلاند