تقرير: الحزب الديموقراطي يستحق الخسارة
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
تساءل سيباستيان ميلبانك عن عدد المرات التي يمكن فيها تلقين نفس الدرس القاسي لمؤسسة ديمقراطية واثقة للغاية بنفسها.
ستُطرح الأسئلة الأكثر قسوة على اليسار الأمريكي
ففي عام 2016، كان الديمقراطيون على يقين بأن هيلاري كلينتون، رغم عدم شعبيتها وشعورها بالتفوق، ستتفوق على ترامب، طالما أن الصحافة السائدة وآلة الحزب تعمل بكفاءة لدعمها، أما هذا العام، فلم يبذلوا حتى جهد إجراء انتخابات تمهيدية، حيث أُبعد جو بايدن عن الأنظار بمجرد أن أصبح ضعفه واضحاً للجميع.
وكتب ميلبانك في مجلة "ذا كريتيك" البريطانية أن السخرية المحيطة بترشيح كامالا هاريس لم تتوقف عند حدود التأثيرات الخفية التي دفعت بترقيتها إلى المرشحة الرئاسية في اللحظة الأخيرة، بل تجسدت في كل جانب من جوانب حملتها. من خطابها الخالي من الأجندات السياسية إلى "البهجة" التي تميزت بها، وحتى تجنبها للتدقيق الإعلامي.
وأشار إلى أن هذه الحملة الزائفة، المدعومة من وسائل الإعلام الليبرالية المبالغة في تأييدها، كانت جزءاً من أمل يائس في أن يتمكنوا مجدداً من إحباط ترامب.
معنى النتيجةوتعكس هذه النتيجة، وفقاً لتفسير ميلبانك، أزمة ثقة عميقة بين الناخبين والمؤسسة السياسية الديمقراطية، ويبدو أن المال والتنظيم والانضباط لم يكن كافياً لتحقيق الفوز، إذ أن مسألة الثقة والشعبية لعبت دوراً أكبر في التأثير على اختيارات الناخبين.
ووجد كثيرون أن كامالا هاريس، كما كانت هيلاري كلينتون، تبدو بعيدة عن الواقع وغير متصلة بهم، ما جعلها بنظرهم مرشحة غير صادقة وأقل جاذبية.
"It's not that the US voters are knowingly harbouring a criminal, it's that the Democrats gave them no other choice."
Democrats can blame their own hubris and arrogance for Donald Trump success@kmckenna63 https://t.co/tg6PLbEglI pic.twitter.com/uqWHfMcA1l
بتتطلب هذه النتائج من الحزب الديمقراطي إعادة تقييم جذرية، حيث يقف أمام خيارين رئيسيين: إما أن يتخلى بقوة عن السياسات التقدمية المرتبطة بهوية الفئات المتعلمة في الجامعات والتي تثير الانقسامات، أو يضاعف التزامه بهذه السياسات بحماس متجدد. لكن لا أحد يستطيع التنبؤ بوضوح بالنتيجة النهائية لهذا الصراع الداخلي.
في المقابل، تواجه الإدارة الجمهورية القادمة تحديات مماثلة لتلك التي واجهتها إدارة بايدن، مع قيود على نفوذ ترامب إذ لم يتبق له سوى فترة رئاسية واحدة. وفي هذه الأثناء، يواصل الجمهوريون الإعداد لمستقبل حزبهم بعد ترامب، حيث يتعين عليهم بعد أربع سنوات تجاوز إرثه رغم تأثيره العميق، مما يشير إلى نهاية عهد "الاندماج الريغاني" وبداية رؤية محافظة جديدة.
وما يلفت الانتباه في هذه الانتخابات هو ازدياد تنوع قاعدة ناخبي ترامب، رغم تبني الحزب الجمهوري سياسة قومية صارمة وحدود مغلقة. ويبرز هذا التنوع في سياق أمريكي شديد الانقسام، حيث الهوية الفردية تتجاوز التضامن الجماعي وتصبح مرتبطة بتأكيد الذات العاطفي أكثر من أي مصلحة مشتركة.
زيؤكد الكاتب أن ترامب، رغم أنه ليس الشخص الذي يصوره خصومه كـ"وحش"، إلا أنه لا يعد الرجل المناسب لقيادة العالم الحر.
ويرى أن هذه الحقيقة المزعجة تُغطيها سياسة فئوية مليئة بالمظالم المتبادلة والكراهية، مما يعمق الانقسامات في المجتمع الأمريكي.
وخلال زيارته إلى الولايات المتحدة، أدرك ميلبانك حجم الدمار الذي أحدثته هذه الانتخابات، خاصة في محيطه الاجتماعي. إذ يشعر الكثيرون بقلق عميق بشأن أفراد أسرهم وأصدقائهم الذين يعانون من الهجوم والرفض بسبب سياسات ترامب.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو تزايد عدد الشباب الذين ينسحبون ببساطة من السياسة بشكل عام، مما يعكس فقدانهم الثقة في النظام السياسي.
Democrats can blame their own hubris and arrogance for Donald Trump success https://t.co/UQ9niv6tfb
— David Carter (@Manxstar) November 6, 2024ويرى الكاتب أن الإفقار السياسي للمعارضين وتهميشهم قد يكون مصدراً للبهجة المؤقتة لبعض المحافظين، لكن هذا لا يقدم حلاً طويل الأمد.
وفي النهاية، فإن هذا سيؤدي إلى إقامة حواجز دائمة تمنع القدرة على إحداث التغيير أو إقناع المواطنين الآخرين، ولذا، فإن السياسيين الأمريكيين الأذكياء، سواء من اليسار أو اليمين، يحتاجون إلى تجاوز الانقسامات المدمرة التي ظهرت في هذه الانتخابات، والبحث عن طريقة لصياغة رواية أكثر توحيداً للأمة الأمريكية.
ويشير الكاتب إلى أن جيه دي فانس، الذي من المتوقع أن يصبح نائباً للرئيس، قد يكون شخصية محورية في المستقبل، بفضل خلفيته الفقيرة واستعداده لدمج الاقتصاد اليساري مع الفكر المحافظ الاجتماعي. لكن عليه أن يتجاوز أسلوب ترامب وعاداته إذا أراد أن ينمو ويصبح شخصية مؤثرة.
وختم بالقول "أما بالنسبة للجانب اليساري، فقد تحطم الوهم الذي كان يعششه الحزب الديمقراطي حول فرض مرشح قد ينجح. من بايدن الذي أصبح خرفاً تدريجياً، إلى هاريس التي تُعتبر مزعجة، فقد اعتقد الحزب الديمقراطي أنه يمكنه فرض أي مرشح يريده. ولكن اليوم، تحطم هذا الوهم، وهذا ربما يكون تطوراً إيجابياً للديمقراطية الأمريكية، حيث يفتح المجال للتغيير الجوهري".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية
إقرأ أيضاً:
إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟
يتّفق المحللون الإسرائيليون على أنّ المذكرةَ التي قدّمها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار إلى المحكمة العليا، (أعلى سلطة قضائية)، وما تضمّنته من اتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ستعمّق الأزمة الداخلية في إسرائيل، وتنعكس مباشرة على مسار مفاوضات وقف الحرب في قطاع غزّة.
لا جدال حول ما يعيشه نتنياهو اليوم من لحظة تقييم حقيقية، بعد أن حصل في السابق على تفويض غير مشروط لتصعيد الحرب من أجل استعادة الأسرى، وتحقيق أهداف عسكرية، دون أن ينجح فعليًا في أي منها.
لم تهدأ الساحة الداخلية الإسرائيلية، ولم تستكن تلك الاحتجاجات الملونة في دعواتها، التي تبدأ بالدفع بالحكومة نحو إبرام صفقة الأسرى مع حركة حماس ووقف النار، ولا تنتهي عند حالات التمرّد داخل المؤسسات العسكرية، والتي شكّلت حالة "توترية" مستحدثة سببتها تلك الرسالة العلنية التي نشرها نحو ألف من أفراد سلاح الجو الإسرائيلي في 10 أبريل/ نيسان الجاري، والتي تدعو إلى إعادة الأسرى ووقف الحرب.
لا شكّ أن الداخل الإسرائيلي يشهد على اهتزازات، لم تعهدها الدولة العبرية في تاريخها، حيث وصلت الحال بزعيم المعارضة الإسرائيلي، يائير لبيد، في تصريحات أطلقها، الأحد 20 أبريل/ نيسان الجاري، إلى حدّ التحذير من أن هناك كارثة ستبدأ من الداخل الإسرائيلي "نتيجة التحريض المستمر"، محملًا رئيسَ جهاز الأمن المسؤولية عن "الفشل في التعامل مع هذه التحديات".
إعلانكما أضاف لبيد، أنه "وفقًا لمعلومات استخباراتية، نحن مقبلون على كارثة وهذه المرة ستكون من الداخل". ما دام أن جميع المعطيات تتقاطع حول موضوع الانهيار الداخلي الإسرائيلي، فلمَ لم يحصل إذًا؟
عقبات كثيرة تقف عائقًا أمام استمرارية حكومة نتنياهو، وإشكاليات تطرح عليها من الداخل والخارج، وهذا ما برزَ بعد استئناف حربه على قطاع غزة، حيث تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد الضغوط داخل الحكومة على رئيسها، لاتخاذ قرار باحتلال كامل قطاع غزة، في ظلّ مخاوف رئيس الأركان الجديد إيال زامير من الثمن العسكري لمثل هذه الخطوة.
يشير أغلب التقارير إلى أن إطالة أمد الحرب في المنطقة، يصبّ في صالح توفير الحماية لنتنياهو، الذي تحيط به ملفات مشبوهة. هو الذي مثَلَ في مارس/ آذار الماضي أمام المحكمة المركزية في تل أبيب، للردّ على اتهامه بالتورط في فساد وتلقّي رِشا.
كُشفت نوايا نتنياهو من خلال إفشال مسارات التفاوض، ومن الذهاب إلى الخيار العسكري، ولكن الذي ما يزال غامضًا، هو الموقف الأميركي (اللين) تجاه نتنياهو، ورفضه المقترحات التي قدّمها الأميركي لحلّ الأزمة في المنطقة.
هذا (التراخي) الأميركي تجاه نتنياهو، قابله صرامة وصلت إلى حدّ "البهدلة" بالنسبة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض عقب لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 فبراير/شباط الماضي.
لا يوفّر ترامب مناسبة إلا ويتهجم فيها على زيلينسكي، لا بل ذهب بعيدًا في مواقفه، عندما عرض عليه الأربعاء 23 أبريل/ نيسان الجاري، ورقة "الذل" لإنهاء الحرب، طالبًا منه الموافقة على التخلي عن شبه جزيرة القرم، من خلال أخذ كييف إلى الاعتراف بملكيتها لروسيا. لا يتوقف الموضوع عند فرض الاستسلام على كييف، بل ذهب بعيدًا في المطالبة بالاستيلاء على الموارد النادرة في أوكرانيا. رغم أن ترامب أطلق في حملاته الانتخابية مواقف حاسمة تتعلق بإنهاء حالة الحرب في كل من القطاع وأوكرانيا.
إعلانلا مصالح لأميركا في الحرب الدائرة في أوكرانيا، بل على العكس هناك مكاسب لها تستطيع أن تستغلها لصالح سياساتها في الشرق الأوسط. يفتّش ترامب عن صادقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كيف لا وهو يجد في أوكرانيا تسوية كبرى ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط.
إنّ جلّ ما يريده الرئيس الأميركي من روسيا ممارسة المزيد من الضغط على حليفتها إيران للتوصل إلى تسويات في المنطقة، بهدف إبعاد شبح الحرب معها.
أفصح نتنياهو عن "تهديد وجودي" يداهم إسرائيل من خطورة التسوية التي تقودها أميركا مع إيران، ورفع من مستوى خطابه تجاه إيران. فعبّر قائلًا الأربعاء 23 أبريل/ نيسان، إن "إيران تمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل وخطرًا على مستقبلها"، مؤكدًا عزم حكومته على مواصلة التصدي لما وصفه بـ"الخطر الإيراني" حتى لو اضطرت إسرائيل للتحرك بمفردها".
هذا السقف العالي من التهديدات تحتاجه إدارة ترامب، كي تستغلّه لفرض شروطها في المفاوضات مع الجانب الإيراني. وبهذا يتبلور ما تخطط له واشنطن في المنطقة، بعيدًا عن التوجّسات الإسرائيلية، مستغلة تهديدات نتنياهو تجاه إيران.
إنّ زيارة وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، إلى الرياض، السبت 19 أبريل/ نيسان الجاري، وإعلانه عن "طريق مشتركة" لاتفاق نووي مدني مع السعودية، دليل واضح على ما تراه الإدارة الأميركية للمرحلة القادمة في المنطقة، ودليل إضافي على أن النظرة الأميركية تختلف كل الاختلاف عن نظرة نتنياهو.
في السبعينيات، قام نيكسون ووزير خارجيته في حينها "هنري كيسنجر" ببلورة مبادئ ما سُمي "سياسة الركيزتين" ووقتها الخطة استهدفت ضمان استقرار إقليمي، ووفرة النفط ومساعدة متبادلة ضد النفوذ السوفياتي، بينما اليوم تتوجه ضد النفوذ الصيني.
وقعت المملكة مع الولايات المتحدة على اتفاقية المادة 123 التي تطرق إليها قانون الطاقة النووية الأميركية من العام 1954، والذي يسمح لواشنطن بنقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى. قد تهدف واشنطن من هذا الاتفاق إلى خلق تقاربات إقليمية تعتمد على ركائز متنافسة، بدل اللجوء إلى خيار الحروب المباشرة، التي يحتاجها نتنياهو.
إعلانليس صحيحًا أن يد نتنياهو مطلقة التصرف، بل الأصح هو أن لواشنطن حساباتها في المنطقة، وأن نتنياهو أصبح أداة تدار من قبل الإدارة الأميركية، التي تتصرف بما ينسجم مع مصالحها.
فنتنياهو يدمر غزة لأجل تحقيق الممر الاقتصادي الهندي، وبناء "ريفيرا الشرق"؛ تمهيدًا لفتح الاستثمارات الأميركية تحديدًا الخدماتية والسياحية.
لهذا لن يتخلَّى ترامب في المدى المنظور عن نتنياهو، ولن يُسمح للداخل الإسرائيلي بالتهور وأخذ الأمور نحو الانهيار، ما دام لم تُرسم المنطقة بحسب مع تريده واشنطن، ولم يزل النظام الدولي يرسم أطره العامة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline