قال شريف بكر، رئيس دار العربي للنشر والتوزيع، إن الذكاء الاصطناعي في هذه المرحلة سيساعد في إجراءات كثيرة لوجستية لتوفير وتحسين عملية النشر، فعلى سبيل المثل سيحسن من عملية المراجعة النحوية والإملائية، فمن الممكن أن يقترح أيضًا تعديلات في الأسلوب وهذا سيكون فارقا جدا في عملية النشر.

وتابع “بكر” قائلا: "إن هذا سيساعد جدًا المترجمين، بل أقول إن الخوف على المترجمين في المرحلة المقبلة فمن الممكن أن تلجأ دور نشر إلى هذه البرامج لترجمة النص ويكون المترجم دوره فقط هو مراجعة النص الذي تم ترجمته بالفعل، كما سيساعد في أمور كثيرة في العمل منها تنظيمه وتوزيع المهام فسيكون عمود فقري أساسي لتحسين سرعة إجراءات النشر كما سيكتشف أيضًا عوامل السرقة وهل هذا النص بسيط أو ضعيف أو غير ذلك".

وأوضح “بكر” في تصريحات خاصة لـ “البوابة نيوز”: “فكرة أن الذكاء الاصطناعي يكتب شعرا أو قصة أو غير ذلك فهذا سيتقدم مع الوقت لأنه يتعلم ويطور من نفسه حتى أنه من الممكن أن يحاكي في أمور كثيرة ، لكن يتبقى أمرا لن نجدها في الذكاء الاصطناعي وهي موجودة لدى العقل البشري الذي لديه ويمتلك فكرة الإبداع على عكس الذكاء الاصطناعي لا يعطي جديد فنتائج الذكاء الصطناعي عبارة تجميعة لعدد من الأعمال فربما يستنبط جملة من نجيب محفوظ وأخرى من كاتب آخر وغير ذلك على عكس الإنسان الذي يبدع ويعطي الجديد، فالطبيعي سيكون هناك تدخل من الإنسان في عمل الذكاء الاصطناعي ولن يعتمد عليه بشكل كامل حتى يكون النص متكاملا لا ينقصه شيء فلن يكون بديلا عن الإنسان مطلقا، لكن هذا لا يمنع أنه سيكون عامل مساعد بشكل جيد للإنسان والكاتب”.

وأضاف “بكر”: “فالكاتب سيستخدم الذكاء الاصطناعي لاستخراج أفكار لإعادة صياغتها أو يكتب له شيئا ليستكمل عليها الذكاء الاصطناعي وهذا الأمر ربما يستخدم بشكل مضر في أمور مثل السرقة الفكرية وغيرها وبالطبع لن تظهر، فنجد أن المؤلف الذي يكتب من تلقاء نفسه ربما تُسرق أعماله دون علمه، ونرى أن أول دولة بدأت في تقديم قوانين لحماية الملكية الفكرية من هذا النوع هي إيطاليا، فبدأت بالفعل العمل على تقديم لوائح وقوانين، فتحاول أن ترى السياق المناسب من ناحية الحقوق الفكرية والحماية منها على سبيل المثال دفع أموالًا للكاتب لأنها حقوقه لأنك استخدمت صورته أو صوته أو عمله من كتاباته فيحق أن تدفع له أموالا قبل استخدامها، وهنا سيعاد النظر في القوانين وإعادة صياغتها بحيث تكون ملائمة لتحمي حقوق المؤلف والناشرين وتحقيق منها مبلغ مالي للذي يستغل هذا الأمر”.

وأوضح “بكر”، أنهم كناشرين تحدثوا مع اتحاد الناشرين في مستقبل النشر على مدار السنوات المقبلة فعند وضع قانون يجب الانتباه أن هذا القانون يحل مشكلة قائمة فقط لكن على المدى البعيد ربما لن يكون هذا القانون الموضوع قادر على حل مشكلة مستقبلية فيجب إعادة صياغته وهذا ما نلمسه حاليا من حقوق الملكية بعد ظهور الذكاء الاصطناعي فيجب فعلا إعادة النظر في القوانين فهل نحن في مصر مستعدون لهذا الأمر على الرغم من أننا في الوقت الحالي لا نعرف استخراج رقم إيداع لكتاب إلكتروني فما بالك بالذكاء الاصطناعي، ولو افترضنا أن هناك كتاب تأليف الذكاء الاصطناعي فمن سيكون صاحب الحقوق ومن الذي سيضع اسمه على الكتاب ومن الذي سيتخرج رقم الإيداع باسمه ونحن في مصر غير مستعدين لهذه المشاكل التي ستنتج عن الذكاء الاصطناعي.

واختتم قوله، بأن الحل الوحيد لحماية حقوق النشر من الذكاء الاصطناعي الآن على الأقل هو أن تتضمن عقودنا بندًا عن الذكاء الاصطناعي وتعاون الناشرين مع اتحاد الناشرين ومجلس النواب لسن قوانين والطريقة التي نحمي بها حقوق المؤلف وربما يكون الدور الأكبر على المجلس الأعلى للثقافة واتحاد الناشرين ومنظمات المجتمع المدني فلا بد أن يحدث تزاوج بين من الذين يعملون بأيديهم والتقنيين.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: دور النشر الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الفن والذكاء الاصطناعي

الصلة بين الفن والتكنولوجيا ليست وليدة اليوم؛ فطالما استفاد رواد الفن من منتجات التكنولوجيا؛ إذ ساهمت التكنولوجيا في مجال الفنون التشكيلية باكتشاف خامات جديدة، وفي مجال الضوء والصوت وتقنيات الكاميرا السينمائية، وفي فن الرسوم المتحركة، وغير ذلك كثير. غير أن تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الفنون التشكيلية- خاصةً في فن التصوير- تعد نقلة نوعية مدهشة في استخدام التكنولوجيا في عصرنا الراهن، وهي نقلة مدهشة لأنها أثارت ولا تزال تثير جدلًا واسعًا حول مدى مشروعية الفن المصنوع وفقًا للذكاء الاصطناعي من الناحية الإبداعية ومن الناحية الأخلاقية أيضًا.

ولإيضاح الأمر هنا نقول إن الذكاء الاصطناعي في الفن التشكيلي هو نوع من الفن التوليدي الذي يقوم على إنشاء صور من خلال جهاز الكومبيوتر باستخدام برامج معينة تعتمد على نوع من الخوارزميات أو الصيغ الرياضية. ويقوم الذكاء الاصطناعي على تطوير تصور عالم الرياضات آلان تورينج Alan Turing (1912-1954): ذلك العبقري البريطاني في مجال الرياضيات الذي استطاع حل شفرة «الإنجما» الألمانية في أثناء الحرب العالمية الثاني، والذي انتهت حياته بشكل مأساوي في ريعان عمره بالانتحار، مما لا يتسع المجال لذكره هنا؛ لأن هذا يستحق مقالًا بذاته. لقد استبق تورينج علوم الكومبيوتر وما يُعرف الآن بالذكاء الاصطناعي حينما أجرى تجارب تبرهن على ذكاء الآلة وقدرتها على التفكير؛ إذ قام بتجربة تُعرف باسم «لعبة التقليد» أثبت فيها قدرة الكومبيوتر على إظهار سلوك ذكي لا يمكن تمييزه عن سلوك الإنسان. ومن هنا بدأت المحاولات في إنشاء برامج قادرة على تقليد الإبداع الفني لفنانين عظام، بل إبداع أعمال فنية. والسؤال الأول الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يمكن اعتبار الناتجة عن برامج الذكاء الاصطناعي أعمالًا فنية؟

لا شك في أن اللوحات المصنوعة وفقًا لبرامج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تثير متعتنا وإعجابنا، ولكن اعتبارها إبداعًا فنيًّا يظل أمرًا مشكوكًا فيه؛ ولذلك فإنني أسمى هذه اللوحات بأنها لوحات «مصنوعة» وليست «إبداعًا». الإبداع الفني ينطوي دائمًا على رؤية الفنان الخاصة به وحده غير القابلة للتكرار. حقًّا إن هذه الرؤية قد تحمل تشابهًا مع رؤية فنان آخر، ولكنها تظل لها خصوصيتها الفريدة التي تميزه عن غيره. وهذه الخصوصية تتبدى حتى في أسلوب الفنان في التعبير عن هذه الرؤية، كما يتبدى ذلك- على سبيل المثال- من خلال ضربات فرشاة مصور ما. إن ضربات فرشاة فان جوخ- على سبيل المثال- يمكن حتى لعين المتذوق العادي أن تتعرف عليها بوضوح. وهنا يمكن القول إن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون لها فائدة عظيمة، لا في مجال الإبداع، وإنما في مجال التحقق من أعمال المبدعين الحقيقيين. وفي هذا الصدد يمكن أن نذكر مثالًا مهمًا على ذلك: في سنة 2021 ابتكرت شركة سويسرية برنامجًا في الذكاء الاصطناعي قادر على التمييز بين الأعمال الفنية الأصلية والمزيفة، وقد استطاع هذا البرنامج حسم الجدال حول لوحة «شمشون ودليلة» الموجودة في المتحف الوطني بلندن والتي كان يُعتقَد أن الفنان الهولندي بيتر بول روبنز قد رسمها سنة 1609، ولكن برنامج الذكاء الاصطناعي أثبت أنها مزيفة بنسبة 90%! وهذا في حد ذاته دليل قاطع على تفرد الإبداع الفني، بحيث يمكن تمييزه عن غيره مهما كان يحمل تشابهًا أو تقليدًا لأسلوب الفنان الأصلي.

الأعمال التي يصنعها الذكاء الاصطناعي- وأنا هنا أستخدم عمدًا كلمة «يصنعها» لا كلمة «يبدعها»- هي أعمال يمكن أن تكون مهمة في مجال الدعاية والإعلان، بل يمكن حتى أن تستدعي متعتنا وإعجابنا الجمالي بقدرتها على استخدام أساليب رياضية وحيل فنية في توظيف التكوين والتشكيل واستخدام اللون والخداعات البصرية وغير ذلك؛ ولكنني لا أستطيع أن أسمي هذا إبداعًا فنيًّا خالصًا؛ لأن الإبداع الفني الخالص يظل دائمًا بمثابة رؤية فنان ما لعالم ما من خلال أسلوبه الفني الخاص في التعبير عن تلك الرؤية، وإلا فمن أين نأتي بضربات فرشاة فان جوخ أو توظيف الضوء في لوحات رامبرانت. أقصى ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي في هذا الصدد هو أن يحاول محاكاة أسلوب فان جوخ أو رامبرانت، ولكنه لا يستطيع أبدًا أن يخلق الرؤية التي ألهمت إبداع أي منهما. وهذا لا يعني التقليل من شأن الذكاء الاصطناعي، وإنما يعني فقط أن هذا الذكاء يجب استخدامه فيما أراد أن يستخدمه آلان تورين: في مجال الرياضيات والخوارزميات، أعني في مجال العلم في المقام الأول؛ أما في مجال الفن، فينبغي أن يقتصره دوره على توظيف تقنيات الكومبيوتر في الدعاية والإعلان وفي تشكيل تكوينات فنية، من دون أن نحسب ذلك على الإبداع الفني. لأن الأعمال الفنية الأصيلة- أعني الأعمال الفنية العظيمة- تظل في النهاية نتاجًا لرؤية عقل شخص ما وروحه وتجربته الخاصة، ولأسلوب فني في التعبير عن ذلك غير قابل للتكرار، وإنما يمكن تقليده أو محاكاته فحسب بعد أن تجرد من روحه. وإلا فخبرني- أثابك الله- كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبدع عملًا يشبه سيمفونية لبيتهوفن على سبيل المثال. أقول يمكنه أن يفعل ذلك بشكل حسابي ركيك بلا روح، وربما بلا معنى أيضًا.

الأمر الآخر هنا هو التساؤل عن مدى مشروعية الذكاء الاصطناعي من الناحية الأخلاقية في مجال الفن وفي غيره، وتلك قضية كبرى لا يتسع لها المقام هنا.

مقالات مشابهة

  • محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستقبل 45 طالباً في برنامج التدريب البحثي
  • هل اقترب عصر الذكاء الاصطناعي الواعي؟
  • جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستقبل 45 طالبا في برنامج التدريب البحثي
  • بوراس: على حكومة الدبيبة العودة إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حلول تضمن إعادة فتح معبر رأس اجدير
  • لماذا تستخدم أكبر شركات الموسيقى في العالم مولدات الأغاني بالذكاء الاصطناعي؟
  • الفن والذكاء الاصطناعي
  • "التعاون الاسلامي" تناقش أثر الذكاء الإصطناعي على حقوق الإنسان
  • "سجن لدقائق فقط".. مفهوم غريب قد يُحدث ثورة في نظام العدالة الجنائية
  • ميتا تطلق مساعد الذكاء الاصطناعي Meta AI في الهند
  • جامعة سوهاج تعلن عن فتح باب التقدم للحصول علي مكافآت النشر العلمي لأبحاث عام ٢٠٢٣م