لهذه الأسباب يجب تجنّب ضرب البرنامج النووي الايراني
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
قال بنيامين غيلتنر، محلل شؤون الدفاع والسياسة الخارجية الأمريكية، إن الشرق الأوسط يقترب من اندلاع حرب إقليمية شاملة، إذ شنت إسرائيل مؤخراً ضربات انتقامية ضد إيران، ورغم تجنبها استهداف المنشآت النووية والنفطية الإيرانية، لايزال هناك خطر يتمثل في أن تؤدي الضربات الصاروخية المتبادلة بين إسرائيل وإيران إلى جر الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط.
نطوي الحكمة على اختيار أقل الخيارات سوءاً
وأضاف أن هناك مجموعة من الأفراد، مثل رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت ومستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، شجعوا الجيش الإسرائيلي على مهاجمة القدرات النووية الإيرانية.
ومع فشل "خطة العمل الشاملة المشتركة"، يزعم صقور اليمين الإسرائيلي أن الخيار الوحيد المتاح أمام إسرائيل لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي هو الحرب.
معطيات الضربة في غير محلهاومع ذلك، فإن المعطيات المرتبطة بتوجيه ضربة ضد القدرات النووية الإيرانية في غير محلها. فالهجوم لن يؤخر البرنامج بشكل كبير، ومن المرجح أن يقنع إيران بأنها بحاجة إلى الأسلحة النووية لتكون آمنة.
وفي نهاية المطاف، برغم أن امتلاك إيران للقدرات النووية ليس بالأمر المثالي، فإنه لن يعني كارثة لإسرائيل أو الولايات المتحدة.
وبحسب الكاتب يبالغ أنصار توجيه ضربة استباقية لإيران بشكل صارخ في تقدير قدرة إسرائيل على تدمير كل القدرات النووية الإيرانية، فالاستخبارات العسكرية دائماً غير كاملة، مما يجعل من غير المرجح أن تعرف إسرائيل مكان كل القدرات النووية الإيرانية.
The same isn't true for Iran’s strategic sites, which are still well protected. Iran’s ballistic missile and nuclear sites are heavily fortified and deep underground. Long-range missiles and bombs typically deliver smaller payloads incapable of destroying these sites. (7/13) pic.twitter.com/5GHgPjRwnM
— Naftali Hazony (@nhazony) October 29, 2024وعلى سبيل المثال، من المرجح أن تكون إيران قد نشرت تكنولوجيا أبحاثها النووية ومراكزها في جميع أنحاء البلاد لجعل الاستهداف أكثر صعوبة.
ورغم أن إيران لا تمتلك سوى موقعين لتخصيب اليورانيوم قادرين على تخصيب اليورانيوم إلى المستويات اللازمة لامتلاك سلاح نووي، فقد عززت إيران منشآتها النووية؛ بحيث يوجد موقع واحد على الأقل مدفون على عمق كبير تحت سطح الأرض لدرجة أن الضربات الجوية الأمريكية لن تكون قادرة على تدميره.
وهذا يجعل اكتشاف هذه القدرات النووية وتدميرها أكثر صعوبة بالنسبة لإسرائيل، وسوف يتطلب مشاركة الولايات المتحدة لزيادة فرص تدميرها.
وحتى في السيناريو غير المحتمل إلى حد كبير الذي قد تدمر فيه إسرائيل كل القدرات النووية الإيرانية، فستظل إيران محتفظةً بالمعرفة اللازمة لبناء الأسلحة النووية.
وهذا هو نفس السبب الذي يجعل الأسلحة النووية لن تختفي أبداً؛ فغياب السلاح النووي لا يلغي قدرة أي دولة على بناء مثل هذا السلاح. وإذا حاولت إسرائيل نزع السلاح النووي عن إيران بالقوة، فسوف تقنع طهران بأن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن الحقيقي هو الحصول على ترسانة نووية، وهو المعادل الأعظم في السياسة الدولية.
سلوك إيران وخطابهاوتابع الكاتب أن إسرائيل تمتلك ما يكفي من الأسلحة النووية لتمكينها من شن ضربة ثانية آمنة ضد إيران.
وهذا الوضع من شأنه أن يعرض بقاء إيران للخطر ويمنعها من شن ضربة نووية ضد إسرائيل.
ويشير سلوك إيران بقوة إلى أنها لن تبدأ حرباً يكون زوالها فيها مؤكداً.
وأخيراً، يزعم أولئك الذين يؤيدون الضربات الاستباقية، أن إيران ستستخدم ترسانتها النووية كابتزاز نووي لردع تغيير النظام، الأمر الذي يسمح لها بالمخاطرة أكثر بقواتها التقليدية ووكلائها.
وكما كتب كينيث والتز "إن السبب الرئيس وراء مقاومة أمريكا لانتشار الأسلحة النووية يتمثل في أن الدول الضعيفة قد تقيّد أسلوبنا إذا امتلكت بعض الأسلحة النووية".
حجة ضعيفةلكن هذه الحجة تنهار في مواجهة القدرات العسكرية والحقائق على الأرض، حسب الكاتب، فبالنظر إلى الأسلحة التقليدية التي تمتلكها إيران، يتبين لنا أنها غير قادرة على الفوز في حرب طويلة الأمد ضد إسرائيل، ولا تستطيع أن تهيمن على الشرق الأوسط.
كما أن وكلاء إيران لا يقدمون الكثير من المساعدة، حيث تهاجمهم إسرائيل حالياً، والواقع أن قطع رأس زعيمي حزب الله وحماس على يد إسرائيل لا يؤدي إلا إلى تفاقم مخاوف طهران وحوافزها للحصول على سلاح نووي.
حكمة ميكافيللي...الخيار الأقل سوءاًويختم الكاتب "لا يشير أي من هذا إلى أن العالم ينبغي له ببساطة أن يتجاهل المخاوف بشأن إيران النووية، فهذه الأسلحة هي الأكثر تدميراً في تاريخ البشرية، وعلينا أن نتوخى الحذر عندما يدخل أي طرف نووي جديد إلى الساحة، ولكن إذا ما أعدنا صياغة مقولة مكيافيلي: "تنطوي الحكمة على اختيار أقل الخيارات سوءاً". وفي هذه الحالة، فإن الخيار الأقل سوءاً بالنسبة لإسرائيل وأمريكا هو تجنب توجيه ضربات استباقية إلى المنشآت النووية الإيرانية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل الأسلحة النوویة
إقرأ أيضاً:
هل هذه الفرصة الأخيرة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي؟
في عام 2006، صدمت كوريا الشمالية العالم بإجراء أول اختبار لسلاح نووي، لكن المفاجأة العالمية لم تكن في محلها، إذ كانت طموحات بيونغ يانغ النووية واضحة منذ عقود، ومع ذلك، لم تتمكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة من إيقاف تقدمها.
يجب أن تتعلم الولايات المتحدة من تاريخ كوريا الشمالية
وجرّبت كل إدارة استراتيجيات مختلفة، وعرضت حوافز اقتصادية ودبلوماسية، على أمل أن تتخلى بيونغ يانغ عن أهدافها النووية، لكن هذه الجهود لم تخلق سوى شعور زائف بإحراز تقدم.
وفي هذا الإطار، قال دان نيديس، كابتن مشاة بحرية سابق ومحارب قديم في حرب العراق يعمل حالياً في وادي السيليكون، في مقاله بموقع صحيفة "ذا هيل" التابعة للكونغرس الأمريكي، إن الوضع مع إيران ينطوي على تشابه مقلق مع مسار كوريا الشمالية في امتلاك قوة نووية.
وبدأت كل من الدولتين برامجهما النووية لأغراض سلمية ظاهرياً، ثم ظهرت نوايا التسلح. وكما انتهكت كوريا الشمالية مراراً وتكراراً بروتوكولات الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما واصلت إيران أيضا أنشطتها النووية على الرغم من الرقابة الدولية.
وأوضح الكاتب أن مناورات إيران الحالية تعكس تكتيكات كوريا الشمالية، حيث تعمل طهران على كسب الوقت وتجنب العمل الحاسم من الغرب.
تحذير خطير من واشنطنوكشف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مؤخراً أن "وقت الاختراق" لإيران - الوقت المطلوب لإنتاج سلاح نووي - قد يكون قصيراً مثل أسبوع إلى أسبوعين.
"Is this our last chance to stop Iran from going nuclear?" (@TheHillOpinion) https://t.co/pgTeadTlfn
— The Hill (@thehill) November 2, 2024ووصف الكاتب موقف إدارة بايدن بالمتقاعس، مدعياً أن واشنطن تبدو راضية عن المراقبة من الهامش.
ومع بقاء بضعة أشهر فقط على انتهاء ولاية الرئيس بايدن، يرى نيديس أن الإدارة الأمريكية تأمل في ترك هذه القضية المعقدة لخلفائها بدلاً من اتخاذ تدابير حاسمة الآن.
ومضى الكاتب يقول "إننا نمر بأكبر وقت للمخاطرة"، زاعماً أن الفشل في التصرف الآن قد يعني خسارة آخر فرصة حقيقية لمنع إيران من أن تصبح دولة مسلحة نووياً.
وعلى عكس كوريا الشمالية، التي قبلت في نهاية المطاف المخاطر التي تهدد مواطنيها ومكانتها الدولية، فإن إيران لديها القدرة على التأثير على منطقة أوسع بكثير وتصعيد الصراعات لتشمل دولاً متعددة.
استراتيجية إسرائيل ضد إيران وحزب اللهمن الناحية التاريخية، كان تهديد ترسانة حزب الله الصاروخية الضخمة، الموجهة إلى إسرائيل، بمنزلة رادع ضد مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وهذا التهديد مماثل لكيفية ردع المدفعية الكورية الشمالية للعمل ضدها، مع توجيه آلاف الأسلحة نحو سيول.
US House Intelligence Committee chairman says Iran could "declare itself a nuclear weapons state by the end of the year".
It’s time to push back against the Islamic Regime’s nuclear program which will deeply destabilise the Middle East and also threaten the world order. pic.twitter.com/vsWVvUGF18
ومع ذلك، يلاحظ نيديس أن إسرائيل كانت تعمل بشكل منهجي على إضعاف قدرات حزب الله، مما يجعله رادعاً أقل فعالية.
ومهدت إسرائيل، باستهدافها لحزب الله وتقويض الدفاعات الجوية الإيرانية، الطريق فعلياً لشن ضربة محتملة على البنية الأساسية النووية الإيرانية.
ويعكس موقف إسرائيل فهمها لأولويات إيران.
وتابع الكاتب إن "زعماء إيران يدعمون بقاء النظام فوق كل شيء آخر، بما في ذلك استثماراتهم الطويلة الأمد في حزب الله"، وإحجام طهران عن تصعيد الصراعات على حساب نظامها يوفر فرصة فريدة للولايات المتحدة وحلفائها للضغط على إيران في حين أصبحت قيادتها أكثر ضعفاً مما كانت عليه قبل سنوات.
الدور الأمريكي ومخاطر التقاعسويعترف نيديس بأن التنبؤ برد فعل إيران على الهجوم المباشر أمر صعب، ومع ذلك، فهو يشير إلى أن ردود الفعل الإيرانية الأخيرة على الإجراءات الإسرائيلية، مثل استهداف حزب الله أو اغتيال قادة حماس، كانت محدودة.
وقال الكاتب إنه في حال أوضحت الولايات المتحدة أنها لا تهدف إلى تفكيك النظام الإيراني، فقد تختار إيران رداً محدوداً يحفظ ماء وجهها بدلاً من التصعيد الكامل.
ويقترح نيديس أنه إذا صعدت إيران من تصعيدها، يتعين على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة لاستهداف الأصول الحيوية للنظام، مثل قوات الأمن الداخلي والمؤسسات المستخدمة لقمع المواطنين الإيرانيين.
وأكد الكاتب ضرورة أن تتعلم الولايات المتحدة من تاريخ كوريا الشمالية، مشيراً إلى أن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين كانوا متفائلين بشكل مفرط، معتقدين أن الدكتاتوريين المعادين سوف يتفاوضون بجدية بشأن الأسلحة النووية.
وتشكل قدرة كوريا الشمالية على التلاعب بكل إدارة أمريكية من خلال تقديم الوعود وتأمين تخفيف العقوبات شهادة على هذا النهج المعيب.
ويحذر نيديس من أن الثقة في إيران للتفاوض على نزع السلاح النووي ستكون ساذجة وخطيرة على نحو مماثل.
سوابقوقال الكاتب إن التاريخ يقدم مساراً أكثر وضوحاً. فقد نجحت الضربات الحاسمة التي وجهتها إسرائيل إلى المفاعل النووي العراقي في عام 1981 وسوريا في عام 2007 في منع تلك الدول من امتلاك الأسلحة النووية.
وأضاف "هذه الأمثلة توضح ما ينجح في منع الانتشار النووي؛ أي العمل السريع الحاسم. وعلى النقيض من ذلك، أثبتت الجهود الدبلوماسية عدم فعالية هذه الاستراتيجية مراراً وتكراراً، خاصةً مع الأنظمة الاستبدادية التي ترى في القدرات النووية أصولاً غير قابلة للتفاوض".
وتعهد كل رئيس أمريكي منذ جورج دبليو بوش بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية. ومع ذلك، ينتقد الكاتب إدارة بايدن لما يراه من افتقار إلى الإقناع بالوفاء بهذا الالتزام. ويشير إلى أن بايدن عارض الضربات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، وهو الموقف الذي يراه نيديس مخيباً للآمال بشكل خاص بالنظر إلى نافذة الفرصة الحالية للحيلولة دون أن تصبح إيران دولة مسلحة نووياً.