يتعرض السجناء المجندون بالجيش الروسي، لانتهاكات مستمرة، ويتم إجبارهم على "القتال بالخطوط الأمامية" دون التسليح المناسب، ولا يتم دفع رواتبهم بانتظام، وفقا لشهادات بعض هؤلاء المجندين التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز".

وخلال شهر قضاه على خط الجبهة، لم ير محكوم سابق يخدم في الجيش الروسي، ويدعى ألكسندر "جنديا أوكرانيا واحدا وبالكاد أطلق رصاصة واحدة"، وكان الموت يحيط به من كل مكان.

وتضم الوحدة التي يخدم بها ألكسندر 120 رجلا، وحوالي 40 فقط منهم على قيد الحياة، وهم يتعرضون لضغوط شديدة من قبل الجيش الروسي للبقاء في ساحة المعركة رغم نهاية عقود تجنيدهم ومدتها ستة أشهر.

وخلال أسابيع على الجبهة في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا، عانت الوحدة المكونة بالكامل تقريبا من السجناء، من القصف المتواصل وهجمات القناصة والكمائن.

وقال إنه شاهد الكلاب "تقضم الجثث المتراكمة لرفاقه القتلى"، مشيرا إلى أن القوات الروسية ترسلهم إلى "مذبحة، لأنهم ليسوا بشرا بالنسبة لهم".

وأصبحت الوحدات المكونة من المدانين أحد الأركان الأساسية للاستراتيجية العسكرية الروسية حيث أدى القتال المطول إلى تدمير القوات النظامية في البلاد.

وتعكس شهادة ألكسندر الوحشية المفروضة على المدانين الروس، والتكلفة البشرية التي تستعد موسكو لدفعها للحفاظ على سيطرتها على الأراضي الأوكرانية المحتلة، وفق "نيويورك تايمز".

كيف تطورت وحدات "السجناء"؟ نقطة تجنيد متنقلة للترويج للخدمة في الجيش الروسي في موسكو يوم 3 مايو 2023- صورة تعبيرية.

في فبراير، بدأت وزارة الدفاع الروسية في تسجيل آلاف السجناء من سجون البلاد في وحدات خاصة تسمى"Storm Z" بعد توليها مهام اضطلعت بها "فاغنر" خلال العام الأول من غزو أوكرانيا.

وتم تجنيد ألكسندر في مارس، بعد فترة وجيزة من تلقيه عقوبة سجن طويلة بتهمة القتل في وسط روسيا، ومثل غيره من السجناء المقاتلين، حصل على وعد براتب شهري قدره 2000 دولار، والحصول على الحرية عند انتهاء ستة أشهر هي "مدة عقده".

وخلال الغزو الروسي، جندت "فاغنر" آلاف السجناء ليقاتلوا في أوكرانيا في مقابل العفو عنهم، وتدعي المجموعة الروسية شبه العسكرية أن 49 ألف سجين قاتلوا في صفوفها بأوكرانيا، وأن 20 بمائة منهم قد ماتوا. 

وبحلول فبراير، فقدت "فاغنر" إمكانية الوصول إلى السجون أثناء صراع على السلطة مع القيادة العسكرية الروسية العليا، مما سمح لوزارة الدفاع بتجنيد المدانين.

ومن غير المعروف حجم الوحدات الخاصة بالسجناء في الجيش الروسي ومعدلات الإصابات والقتلى خلال الحرب.

لكن السجناء أصبحوا أكثر الضحايا بين صفوف القوات الروسية، مما يؤكد المساهمة الضخمة التي قدموها في دعم المجهود الحربي لروسيا، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وتُظهر شهادة ألكسندر وثلاثة سجناء سابقين كيف تطورت الوحدات المدانة تحت السيطرة المباشرة للجيش الروسي، حسب "نيويورك تايمز".

وتحدث ألكسندر وزملاءه عن "عدم انتظام دفع رواتبهم التي تقل كثيرا عن المبالغ التي وعدتهم بها الدولة"، مشيرا لـ" عدم قدرتهم على تحصيل التعويضات عن الإصابات".

وقال ألكسندر إن الضباط الروسي "منعوا صراحة رجالا في وحدته من جمع رفاقهم القتلى من ساحة المعركة".

وأرجع ألكسندر ذلك لمنع عائلات السجناء من المطالبة بالتعويضات، لأنه يتم تسجيلهم كمفقودين بدلا "قتلى بساحة المعركة".

قال ألكسندر: "كانت الجثث في كل مكان، واصفا القتال على ضفاف نهر دنيبرو في مايو".

تهديد وترهيب؟ لوحة للترويج للخدمة بالجيش الروسي في موسكو بروسيا في 3 مايو 2023

اتهم ألكسندر  مجموعة من الضباط بالجيش الروسي باستخدام "التهديد والترهيب، لإجبار النزلاء الناجين على البقاء في الجبهة لمدة عام آخر بعد انتهاء عقودهم".

وفي حديثه لـ"نيويورك تايمز"، كشف جندي آخر يعمل حاليا في جبهة زابوريجيا الواقعة شرقا، عن "إجباره على البقاء في أوكرانيا لمدة عام إضافي بعد حصوله على العفو"، ولكن هذه المرة كـ"جندي محترف".

وتحدث جميع السجناء عن خسائر فادحة في وحداتهم وعن تجاهل قادتهم الواضح لحياتهم، وقال ألكسندر إن الضباط يخبرونهم بأنهم "لا شيء".

وبعد شهر من التدريب بالقرب من مدينة لوغانسك المحتلة، تم إرساله هو وزملاءه للقتال دون "تحديد الهدف من المهمة، وبلا أسلحة ثقيلة أو وسيلة للدفاع عن أنفسهم ضد الهجمات الأوكرانية".

وفي رسالة مسجلة قبل موته بالمعركة، قال نزيل سابق من وحدة ألكسندر يُدعى دميتري "أنا أركض بمسدس آلي مثل الأبله، لم أصنع طلقة واحدة، ولم أر عدوا واحدا، نحن مجرد طُعم لفضح مواقع مدفعيتهم".

وقال ألكسندر إن وحدته تُركت بدون طعام وماء لعدة أيام، مما أجبرهم شرب مياه الأمطار المعالجة بالكلور.

في أواخر مايو، تم إرسال ألكسندر في مهمة على ضفاف دنيبرو، وأصيبت وحدته بقذيفة "هاوتزر" أوكرانية فجرت ألغاماً قريبة. وقال إن جميع الرجال الآخرين في وحدته "ماتوا على الفور"، بينما أصيب هو.

وعلى الرغم من أنه لا يزال غير قادر على المشي بشكل جيد، فقد تم إعادته إلى الخط الأمامي، وقال ألكسندر: "إنه أمر مخيف للغاية أن تبقى هنا، هذه ليست حربنا".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: بالجیش الروسی نیویورک تایمز الجیش الروسی

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: أوكرانيا تحاول البقاء على الحياد في الصراع السياسي الأمريكي الحالي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن أوكرانيا تحاول البقاء على الحياد في الصراع السياسي الأمريكي الحالي، وتشعر ببعض الخوف إزاء نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته اليوم الأحد، أنه مع عدم وضوح مستقبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، وعدم اليقين بشأن دعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب لأوكرانيا، واقتراب عقد اجتماع كبير لحلف شمال الأطلنطي (ناتو) في واشنطن، يسعى القادة الأوكرانيون جاهدين للحفاظ على توازنهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا، التي تعتمد على المساعدات العسكرية الأمريكية من أجل بقائها، حاولت منذ فترة طويلة الحفاظ على دعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة. ولم يكن هذا الأمر سهلا على الإطلاق، لكنه أصبح أكثر صعوبة، خاصة مع تزايد احتمال عودة دونالد ترامب، وهو ليس صديقا كبيرا لأوكرانيا، إلى البيت الأبيض.
وبحسب الصحيفة، تُوجه إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كل مقابلة تقريبا أسئلة عما قد تعنيه إدارة ثانية لترامب بالنسبة لأوكرانيا. وبينما يختار زيلينسكي كلماته بعناية، فإن الأثر العاطفي للافتراض وراء السؤال – أن ترامب يمكنه إنهاء المساعدة العسكرية الأمريكية، مما يسمح لروسيا بالنجاح في حربها – يظهر في بعض الأحيان للعيان.
وقال الرئيس الأوكراني في إحدى المقابلات إن ادعاء ترامب الأسبوع الماضي خلال مناظرته مع بايدن بأنه وحده يعرف الطريق إلى السلام "مخيف بعض الشيء"، مضيفا: "لقد رأيت الكثير والكثير من الضحايا، لكن هذا يجعلني متوترا بعض الشيء حقا".
ويقول مسؤولون أوكرانيون، سرا وعلنا، إن البيئة الحزبية المفرطة في الولايات المتحدة، والجهود الروسية المستمرة لإذكاء تلك الانقسامات، والاضطرابات التي شهدتها الحملة الرئاسية، ووجود بيت أبيض مشتت، جميعها عناصر تشكل تحديا دبلوماسيا صعبا للغاية.
وقال أولكسندر ميريزكو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوكراني: "بمنتهى الصراحة، نحن في وضع ضعيف إلى حد ما في الوقت الحالي. إذا أصبح ترامب رئيسا، فلا ينبغي أن يكون ذلك بمثابة صدمة بالنسبة لنا"، مشيرا إلى مجموعة من الكتب حول رئاسة ترامب كان يطلع عليها للحصول على أفكار. لكنه قال إن التواصل مع الأشخاص المقربين من ترامب "يجب أن يتم بطريقة حساسة، حتى لا يثير عداوة من جانب الديمقراطيين".
وأكد ميريزكو "نحن حريصون للغاية على عدم التورط في صراع سياسي داخلي في الولايات المتحدة. لا نريد إفساد علاقتنا مع أحد".
وقالت النيويورك تايمز إن خيبات أمل الجانب الأوكراني نابعة من كلا الحزبين، ومن الشائع سماع الإحباط من بطء وتيرة المساعدات الأمريكية والمرارة بشأن القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الغربية التي طالبت بها إدارة بايدن، كما هو الحال مع سماع المخاوف بشأن ترامب.
وبحسب الصحيفة، يقول مسؤولون أوكرانيون سرا إن سياسات إدارة بايدن تركت أوكرانيا في مأزق قاس، مع عدم وجود الأسلحة اللازمة للفوز ولا الدعم الأمريكي الكامل للجهود الأوكرانية لبدء محادثات التسوية بشروط مواتية لكييف. 
ولم يحضر بايدن قمة السلام التي نظمتها أوكرانيا في سويسرا الشهر الماضي، على الرغم من مناشدات زيلينسكي له أن يحضر، بينما أوفد نائبته كامالا هاريس للحضور بدلا منه.
وحصل المسؤولون الأوكرانيون على بعض العزاء من تصريح ترامب المقتضب في المناظرة بأنه لن يقبل شروط روسيا لإنهاء الحرب، وقد أشار الكثيرون إلى أن أوكرانيا تتمتع بدعم كبير في الحزب الجمهوري ويأملون أن يؤثر ذلك على ترامب.
ولفتت الصحيفة إلى أن القلق الأكثر إلحاحا بالنسبة للأوكرانيين هو أن دوامة الجدل حول المستقبل السياسي لبايدن ستكون بمثابة إلهاء خلال اجتماع الناتو في واشنطن هذا الأسبوع، مع اتجاه التكتل نحو دور أكبر في تنسيق إمدادات الأسلحة والذخيرة لأوكرانيا.
واختتمت الصحيفة مقالها بالقول إنه بالنسبة للعديد من المدنيين والجنود الأوكرانيين الذين تأثروا بالخسارة ويستعدون لشتاء آخر بدون تدفئة وكهرباء، فإن مشهد الانتخابات الأمريكية يضيف إلى حالة عدم اليقين التي تشكل جزءا من الحياة اليومية.

مقالات مشابهة

  • بايدن يتحدث عن "الهبة التاريخية" ونصر أوكراني قريب
  • شاهد: بوتين يصطحب ضيفه الهندي "العزيز مودي" إلى مقر إقامته في أول زيارة منذ الحرب الروسية الأوكرانية
  • مسيّرة أوكرانية تضرب مستودعا للذخيرة غرب روسيا واستمرار حرب الاستنزاف بين البلدين
  • القوات الروسية تواصل تقدمها وكييف تواجه أسوأ المعارك في الجبهة الشرقية
  • لافروف: روسيا تبني موقفها فقط على الإجراءات الملموسة التي يتخذها قادة أوكرانيا
  • حرارة قاتلة ومياه نادرة.. شهادات للجزيرة توثق معاناة النازحين بالسودان
  • لافروف: صواريخ أوكرانيا وصلت سيفاستوبول بمشاركة بمباشرة من واشنطن
  • نيويورك تايمز: أوكرانيا تحاول البقاء على الحياد في الصراع السياسي الأمريكي الحالي
  • روسيا تتقدم في شرق أوكرانيا
  • روسيا تقرر إضافة بعض التعديلات على عقيدتها النووية