غثاثة القول عند السّيد حسن!
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
مقال الدكتور محمد الرميحي نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية خرج علينا الأسبوع الماضي – كعادته – السيد حسن نصر الله بقول منزلق مغلف بالخبث الثوري ذي الطبيعة الهلامية، قال إن لديه معلومات وليس تحليلاً، عن أن المملكة العربية السعودية اتفقت مع إسرائيل على أن تهاجم لبنان وتدمره، وفي المقابل تدفع الأولى للثانية بلايين الدولارات لفعل ذلك! ثم أردف أن حرب عام 2006 بين إسرائيل ولبنان كانت أيضاً بدفع من السعودية! إذا كان القائل مختلاً فإن الجسم المتلقي فيه بعض العقلاء، مع التسليم بأن بعض العقول التي ما زالت تؤمن بعصمة العمامة تعتبر أن ذلك الكلام معطى نهائي.
الخلاف السياسي والأيديولوجي بين غالبية العرب والسيد حسن ليس جديداً، كما أن تحالف حسن نصر الله والحرس الثوري الإيراني ليس جديداً أيضاً، فهو موثق وبلسانه وصورته، كما أنه القائل عن حرب شعواء عام 2006 «لو كنت أعلم النتائج الكارثية التي سوف تسببها تلك الحرب لما بدأتها» في حالة شفافية نادرة لها دوافعها الزمنية عند القول ذاك.
القول الأخير للسيد حسن حول دفع أموال لشن الحرب على لبنان التبس عليه فقارنه بما يقوم به، فالكل يذكر العبارة للسيد «طالما في إيران فلوس احنا عندنا فلوس»، كما هو يدل، وإن كان غير مقصود، إلى جهل كامل بما يسميه في خطبه بالعدو الإسرائيلي، فإسرائيل على كل صلفها وتعاملها غير الإنساني مع الفلسطينيين، فإن الخاصية الأهم فيها لأي عاقل أن جيشها لا يمكن أن يكون جيش مرتزقة تأمره المملكة أو أي دولة بشن الحرب على الآخرين فيقوم بذلك من أجل دفعات مالية، كما (في فلوس في إيران)؟؟؟، إذا لم يكن يعرف تلك الحقيقة البسيطة عن عدوه فهو بالتأكيد لا يعرف حقائق أكثر.
رغم عمامة السيد إلا أنه، عقلاً، يتصرف بالضبط كما تصرف صدام حسين والقذافي في تبني «الغرور الثوري»، لأن الأخير معد وخبيث ويهيئ لقائله إنه على حق دائم وإن الآخرين على خطأ دائم.
ثم، السؤال الأهم: لماذا الحرب على لبنان؟ هل هي من أجل خراب لبنان؟ إن كان كذلك، فخراب لبنان متكفل به السيد على أفضل وجه، وما الحالة التي وصل إليها لبنان إلا بسبب وجود «حزب الله» وتصرفه واستحواذه، والذي لا يتورع مناصروه عن قتل الناس في الشارع، كما حدث في الأسبوع الماضي في حادثة شاحنة السلاح المنقلبة في الشارع، وشاهد العالم إطلاق الرصاص على الناس والجمهور الأعزل من قبل محازبيه الذين يعرفون أنهم في معزل عن المساءلة، تمكن الإشارة إلى عشرات النتائج الكارثية التي يمارسها محازبو السيد، والتي أدت إلى خراب لبنان، فليس لأحد قدرة على خرابه أكثر مما هو، وما سحب المواطنين العرب من لبنان في الأسابيع الأخيرة إلا إشارة إلى أن الوضع الأمني ليس بيد الدولة بل بيد محازبي السيد.
من يعتقد أن كل مشروع «حزب الله» (المقاومة والدفاع عن فلسطين) فلينظر حوله، فلا جدال بأن الحزب، وبالتحديد قيادته هي المتحكمة في الصغيرة والكبيرة في هذا البلد المنكوب، فلماذا لا تنصف الإخوة الفلسطينيين في المخيمات أو الإخوة السوريين في منفى لبنان، وكلاهما يعاني معاملة «تحت إنسانية» على أقل تقدير!
السيد مصر على تضليل البعض، إلا أن مجاميع أكبر أصبح لها شيء من الوعي، أن رأي المعمم ليس مقدساً كما يعتقد أو معصوم، وأن إثارة السخط على الآخرين هو إمعان في عزلة لبنان وحرمان اللبنانيين من الإفاقة من هذا الكابوس.
المملكة العربية السعودية دائبة على بناء نموذج تنموي مشهود في المنطقة، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وقد خطت خطوات يشهد لها بها، حتى المتشككون والمترددون، فعالم الاقتصاد فيها يتعاظم في أدرار الموارد، وجامعاتها تضخ المتعلمين، ويشهد المواطن السعودي استقراراً ليس متوفراً في دول كبيرة في الجوار، والدليل إلى ذلك بسيط يرى رؤية العين، فثبات قيمة الريال السعودي هو غير سباق الانخفاض المتعاظم بين عملات الجارات الكبرى إلى الحضيض! واللبناني الذي يعمل ويعيش في الخليج ويكسب بعرق جبينه يشعر بالأمان على نفسه وعائلته وأمواله، عكس أخيه الذي يعيش تحت بندقية السيد، فلا هو آمن على نفسه ولا هو آمن على ماله أو عياله!
إثارة السخط ضد عرب الخليج واستهداف المملكة، فقدا تأثيرهما، ومشروع حسن نصر الله المرتبط بالخارج يكاد يفلس، فلا حرية ولا أمن ولا عيش كريم، أما إسرائيل المتكأ على رسمها كعدو، فلم يتأخر «حزب الله» بالموافقة من خلال مندوبيه على ترسيم الحدود البحرية معها وبوساطة أميركية، وهو اعتراف بوجودها، فعلى أي قاعدة تتم المخادعة والإمعان في غثاثة القول!!
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية
كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا
إقرأ أيضاً:
تقرير: الحرب تزيد المخاوف من اندلاع أزمة طائفية في لبنان
لطالما كانت التوترات بين الطوائف المتعددة في البلاد كامنة تحت السطح، ولكن مع فرار مئات الآلاف من الغارات الجوية الإسرائيلية في الجنوب، تزداد المخاوف من تأجيج تلك التوترات.
تقرير لأليسا روبين في صحيفة "نيويورك تايمز" يتناول المخاوف من اندلاع أزمة طائفية جراء الحرب في لبنان.يشير التقرير إلى قصة قرية مسيحية تسمى "عيتو" وتقع في أقصى شمال لبنان، ويذكر أنه نادراً ما سمع القرويون المسيحيون ضجة الطائرات بدون طيار أو أصوات القنابل التي تنفجر — وهي أحداث يومية في الجنوب، حيث تقاتل إسرائيل ميليشا حزب الله الشيعية.
ثم وصلت عائلة شيعية نازحة من مزارعي التبغ من الجنوب إلى عيتو بحثا عن ملجأ.
في الأيام التي تلت ذلك، انضم المزيد من الأقارب إلى الأسرة في أكتوبر (تشرين الأول).
وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، توجه رجل يعتقد أنه يوزع أموال مساعدات لحزب الله إلى المنزل الذي كانت تقيم فيه الأسرة وأخذ أكياسا مليئة بالنقود بداخله، وفقاً لما ذكره اثنان من الجيران ورجل قام بتوصيل المياه إلى الأسرة.
بعد دقائق، قامت غارة جوية إسرائيلية بتسوية المنزل وقتلت الأسرة بأكملها مع الرجل الذي جلب المال.
وشوهدت بعض الأوراق النقدية، سواء بالدولار الأمريكي أو الليرة اللبنانية، وهي تهب في الهواء في الموقع مباشرة بعد الانفجار.
فقط تمثال للقديس شربل، القديس الماروني، بقي واقفاً أسفل المبنى المدمر.
“People have run away, and the situation is so horrifying.”
Joumana Mansour, our nurse team supervisor in Lebanon, tells us about the challenges in delivering medical assistance through daily bombings. pic.twitter.com/WOm4xkMXDp
وسعى العديد منهم إلى اللجوء إلى المناطق التي تهيمن عليها ديانات وطوائف أخرى، وبدا أن القصف الإسرائيلي يلاحق النازحين وهم ينتشرون في مختلف أنحاء البلاد، بحسب التقرير.
وبدأت الضربات مثل تلك التي استهدفت بلدة عيتو، خارج جنوب لبنان الذي يهيمن عليه حزب الله، في الارتفاع.
لقد أدت هذه الهجمات إلى تعطيل الحياة في أماكن كانت آمنة في السابق، وأشعلت التوترات الطائفية التي كانت خامدة منذ فترة طويلة تحت سطح المجتمع اللبناني.
كما أدت إلى نشر الخوف من أن القنابل الإسرائيلية سوف تلاحق النازحين أينما ذهبوا، بحسب الصحيفة.
وعندما سُئِل الجيش الإسرائيلي عن الهجوم على عيتو، قال فقط إن غارة على شمال لبنان في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) استهدفت شخصية من حزب الله، وإنه يتحقق مما إذا كان الهجوم أسفر عن مقتل مدنيين لبنانيين.
وقال مسؤولون عسكريون لبنانيون إنهم لا يعرفون هوية الرجل الذي أحضر المال.
لكن الجيران الذين جاءوا لتقديم العزاء لأصحاب المنزل الذي تعرض للقصف المسيحيين عبروا عن إحباطهم تجاه حزب الله، الفصيل العسكري والسياسي الأقوى في لبنان، والذي يسعى إلى تدمير إسرائيل.
وحث إلياس، وهو صديق مسيحي لصاحب البيت، حزب الله على هزيمة إسرائيل إذا استطاع.
ويكمل إلياس: "إن لم يكن الأمر كذلك، فاصمت، لا تدْعهم إلى هنا".
Multiple prominent figures of the Lebanese political scene have been called in for interrogation, but have delayed their questioning or avoided showing up. Impunity has reigned since 4 August 2020.
Life in Lebanon through half a decade of crises, by @tamara_saade_. Read the full… pic.twitter.com/TwLpaIEWiR
وأدت الانقسامات الطائفية إلى تأجيج الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد في الفترة من 1975 إلى 1990، والتي انتهت بتقسيم متجدد للسلطة على أسس دينية وطائفية.
وكانت النتيجة شللاً سياسياً ودولة غير قادرة على أداء وظائفها وتفتقر حتى إلى شبكة كهرباء عاملة.
More than one million people are now internally displaced in #Lebanon.@Refugees representative in the country @IFreijsen shares what he has witnessed: pic.twitter.com/VnYUnUaHtL
— United Nations Geneva (@UNGeneva) October 21, 2024 ولا يزال العديد من زعماء الحرب المسؤولين عن الحرب الأهلية لاعبين سياسيين بارزين بعد مرور ثلاثين عاماً.ولا تزال أهوال الحرب الأهلية تطارد المجتمع اللبناني لدرجة أن وزير الدفاع عقد في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) مؤتمراً صحفياً حذر فيه على وجه التحديد من "الفتنة"، وأوضح أنه يرى خطراً جسيماً في أي شيء من شأنه أن يثير الانقسامات الدينية أو الطائفية.
وعندما بدأ النازحون في الوصول إلى مجتمعات أخرى، وجدوا تعاطفاً واسع النطاق من المواطنين الذين جمعوا البطانيات والطعام وساعدوهم في إيجاد المأوى في عرض غير عادي للتضامن.
ولكن بعد ذلك جاءت الغارات الجوية الإسرائيلية، وأفسح الدفء المجال للقلق من احتمال وجود أعضاء من حزب الله بين الحشود الهاربة.
وتتلقى عشرات الآلاف من العائلات الشيعية في لبنان دعماً مالياً من حزب الله المدعوم من إيران، وقد قامت الجماعة بتوزيع مبالغ متواضعة على بعض الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم.
ومع مرور الأشهر، تضخمت أعداد النازحين، لتتجاوز المليون.
يقول المستشار السياسي اللبناني رابح هبر: "إنهم موجودون في المدارس، وفي المباني الفارغة، وفي القرى، أينما ذهبوا، يشعر الناس بالخوف، لماذا؟ لأن عدداً صغيراً منهم سيكون مسلحاً، وعدداً صغيراً منهم سيكون هدفاً".
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارة الجوية الإسرائيلية على قرية عيتو كانت قوية لدرجة أنها قتلت عائلة شيعية نازحة بالكامل، وعددها 21 شخصاً.
وكان من بين القتلى أطفال، بحسب المستشفى المحلي وملاك العقارات المسيحيين الذين استأجروا لهم العقار.
وأدى الانفجار إلى تحويل المنزل إلى أنقاض، وأثار الخوف في المجتمع من احتمال حدوث الشيء نفسه إذا لجأت عائلات شيعية نازحة أخرى إلى هناك.
وقال سركيس علوان (54 عاما) شقيق صاحب المنزل "لم يحدث شيء كهذا في عيتو قط، لم نكن نعتقد قط أنه سيصل إلى هنا".
وكان إلياس، صديق صاحب المنزل، قد توقف لتقديم التعازي بعد الغارة الجوية.
وقال إلياس إن عائلته تعيش منذ فترة طويلة في منطقة عيتو.
وأضاف "هذا ما سيبقى من بلادنا كومة من الأنقاض والأسلاك الملتوية".
NEW | Hezbollah: Hezbollah officials continue to claim that Israeli ground operations in Lebanon are failing to achieve Israeli objectives. The head of Hezbollah’s media office also emphasized Hezbollah's friendly relationship with the Lebanese Armed Forces (LAF). The LAF would… pic.twitter.com/aZ3Cm37WSv
— Critical Threats (@criticalthreats) November 12, 2024 من الترحيب إلى العداء وقالت يارا عبد النبي (21 عاماً)، وهي طالبة جامعية شيعية من قرية بنعفول في جنوب لبنان، إن التحول من الترحيب إلى الحذر إلى العداء تجاه السكان النازحين جاء سريعاً.وأشارت إلى أن عائلتها كانت تعيش على مقربة شديدة من جيرانها المسيحيين، لدرجة أن أول مكان لجأوا إليه عندما بدأت القنابل الإسرائيلية تتساقط حول بنعفول كان الكنيسة، ثم انتقلوا إلى منزل صديق مسيحي سمح لهم بالبقاء مجانًا.
وقالت: "كنا نعتقد على وجه اليقين أنهم لن يقصفوا الكنيسة".
ولكن بعد مرور أسبوعين، أصبحت القنابل قريبة للغاية وتكررت بشكل متكرر حتى شعرت أسرتها بأنها مضطرة إلى الانتقال. وقالت السيدة عبد النبي إنهم واجهوا انعدام ثقة متزايد تجاه الشيعة أثناء توجههم شمالاً.
وقالت إن التجربة الأكثر إيلاماً كانت عندما عثروا، بعد التنقل من سكن مؤقت إلى آخر، على مكان للإيجار في الشوف، وهي منطقة ذات أغلبية مسيحية ودرزية في وسط لبنان.
وعندما وصلوا، رأت صاحبة المنزل السيدة عبد النبي وقد كانت مكشوفة الشعر، وكانت مرحبة بها، كما تتذكر السيدة عبد النبي.
ولكن عندما خرجت والدة السيدة عبد النبي وقريبة أخرى من السيارة مرتديتين الحجاب والعباءات الطويلة التي ترتديها العديد من النساء الشيعيات، تغير سلوك صاحبة المنزل.
وتقول يارا إن السيدة سرعان ما بدأت في إيجاد الأعذار بهدف طرد الأسرة، بداية من الشكوى من عدد سكان البيت، وانتهاء باتهام الوافدين الجدد بأنهم يجعلون المكان قذراً.
كانت أسرة يارا قد دفعت ثمن الإقامة لمدة أربعة أيام، ولكن خلال ليلتهم الأولى، أبلغهم المضيف أن شخصًا آخر سيأتي في الصباح، فاضطروا إلى المغادرة.
وتقول السيدة عبد النبي: "بسبب الوضع الحالي، أصبح من السهل الآن على الناس أن يقولوا مثل هذه الأشياء، في السابق، كانوا يخجلون من إظهار ذلك، لكن الآن، أصبح الأمر أسوأ كل يوم".
In #Lebanon, more than 2,000 people have died and 800,000 have been forced to flee in recent weeks as shelling continues. @UNIFIL_ Spokesperson briefed reporters in NY from Beirut, pointing out that statistics cannot convey the human toll of the conflict. pic.twitter.com/sblryxMx96
— UN News (@UN_News_Centre) October 30, 2024 وفي بلدات أخرى يهيمن عليها المسيحيون والدروز في الجبال الواقعة شرق العاصمة بيروت، بدأ الناس يجدون منشورات في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) تحذر أي شخص مرتبط بحزب الله أو حركة أمل، وهي فصيل شيعي لبناني آخر، من مغادرة المنطقة "من أجل سلامتك وسلامتنا".وفي بيروت، قال أحد مختاري المسيحيين الأرمن، أو زعيم المجتمع المحلي، إنه، مثل عدد من المخاتير الآخرين، أنشأ خطاً ساخناً يمكن للسكان الإبلاغ عنه عندما يشتبهون في أن النازحين الجدد الذين وصلوا إلى الحي ويستأجرون مساكن في الحي قد يكونون مرتبطين بحزب الله.
الآن، أصبحت منطقة الأشرفية ذات الأغلبية المسيحية في بيروت تحمل أعلاماً بيضاء لحزب القوات اللبنانية، وهو حزب مسيحي.
وتعمل هذه الأعلام كسياج تقريباً، يشير إلى النازحين الشيعة الباحثين عن مكان للإقامة بأنهم غير مرحب بهم هنا.