العالم مع ترامب لأربع سنوات قادمة.. ماذا بعد؟
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
قلنا منذ اليوم الأول إن ترشيح هاريس كان خطأ كبيرا لأن ليبراليا من (الواسب)، أي البيض الأنجلوساكون البروتستانت، هو وحده القادر على هزيمة ترامب في هذه المرحلة التي تشعر فيها هذه الفئة بأن البلاد تُسرق من أيديها.
جميع الرؤساء الديمقراطيين في تاريخ أمريكا كانوا من الفئة المذكورة، باستثناء (كينيدي) الكاثوليكي.
لولا ذلك، لما كان لكائن موتور مُتّهم بسيل من القضايا الأخلاقية أن يحقق هذا الفوز، رغم مخاوف الدولة العميقة منه، ورغم موقف غالبية وسائل الإعلام والنخب.
نفتح قوسا هنا كي نشير إلى حضور الصوت العربي والإسلامي، ومعاقبته للديمقراطيين بسبب موقفهم من حرب غزة، ومن ثم ما يترتب على ذلك من تبعات على إحساسهم بدورهم وضرورة مشاركتهم، وهذا بالطبع من بركة فلسطين و"طوفانها" وصمود شعبها.
قضي الأمر الآن، وها إن العالم سيعيش مع كائن تتلخّص شخصيته في أنه متقلّب، ولا يمكن لأحد أن يتوقّع مواقفه وردود أفعاله، لا في الداخل ولا في الخارج.
والأهمية هنا تكمن أنه يأتي في لحظة بالغة الحساسية لأمريكا وللعالم أجمع. أمريكا المنقسمة داخليا، والتي تواجه تحدّيات الصعود الصيني الروسي، العالم الذي يعيش لحظة انتقال تاريخية في موازين القوى، وأضف صراعا مُحتدما هنا في الشرق الأوسط، مع "كيان" يريد الهيمنة عليه، في ذات الوقت الذي يهيمن اللوبي التابع له على نخب السياسة في الساحة الأمريكية ذاتها، رغم خسارته لجزء كبير من الرأي العام في الغرب والعالم بسبب توحّشه في الحرب على غزة.
ما نحن متأكّدون منه هو أن ترامب لن يعيد أمريكا عظيمة كما كانت، بحسب شعاره المُعلن، فالزمن لن يعود إلى الوراء، والتعددية القطبية باتت حقيقة واقعة، والأرجح أنه سيعزّز من تراجع نفوذ بلاده عبر خلخلة التحالف الغربي. وإذا قيل هنا إن الدولة العميقة ستلجمه، فإن ذلك سيكون صعبا في حالته تحديدا، كونه جاء من خارج دائرتها وحساباتها.
بالنسبة للصراع هنا في المنطقة، فسيكون من الصعب توقّع ردود أفعاله وطبيعة مواقفه، لكن النقطة الأكثر وضوحا هنا هي أن كل عقلاء الصهاينة في "الكيان" وفي أمريكا كانوا ضد فوزه، ما يؤكّد قناعتهم بأن سياساته لن تخدم مستقبل "الكيان"، حتى لو دفعت نحو مزيد من الغطرسة، لا سيما أننا نتحدث عن صراع تاريخي لن يكون بوسع أي أحد أن يحسمه بسطوة الغطرسة أو القوة، وقصة "صفقة القرن" شاهدة على ما نقول.
الخلاصة أن في فوزه خير، لأن مسار التراجع الأمريكي سيتعزّز بجنونه ومغامراته، فيما لن يكون وجوده في صالح "الكيان" الذي يطارد زعيمه (نتنياهو) أوهام "النصر المُطلق"، و"الهيمنة على المنطقة".
قد تزيد التضحيات والمعاناة في السياق، لكن المؤكّد أن الأمر سيكون في صالحنا وضد المشروع الصهيوني، بل ضد المشروع العدواني الغربي برمّته.. سيحدث ذلك، بإذن الله، إن لم يكن في المدى القريب، ففي المدى المتوسط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه هاريس ترامب امريكا ترامب هاريس مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
(في أمر جلل يهز العالم والإنسانية: 93,3% نعم و 6,7% لا. فنطبق على العالم حكم %6,7 !!!)
هل عرف العالم إفلاسا أكثر من هذا للمنظومة الدولية، أخلاقيا وفكريا وديمقراطيا وقانونيا، عندما يعارض طرف واحد إجماع 14 عضوا في مجلس "الأمن" قرارا إنسانيا بالدرجة الأولى لوقف الإبادة الجماعية لشعب أعزل، إلا من قوة إرادته على الصمود والثبات في أرضه ومنازلته للمحتل بأقصى مما جاد الله عليه من ذكاء ووسائل إصرار وتوفيق في التصويب والتنكيل بالعدو!؟
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.
إذن سموه ما شئتم إلا أن يكون مجلس "أمن" ! أين الأمن للضعفاء وللمحرومين وللمضطهدين! هذا مجلس تواطؤ ومجلس شرعنة قانون الغاب ومجلس تكريس منطق دوس القيم وكل المثل الانسانية من أجل شهوة متعطشين لسفك الدماء! ينبغي لأحرار العالم من دول ومنظمات وهيآت دولية ومجتمعية الثورة على هذا المنطق الاستعماري الذي تكوى به الانسانية منذ عقود من الزمن!
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.ويدل هذا التصويت على الإفلاس الفكري للمنظومة الحداثية الغربية التي صدعت العالم لعشرات السنين، بعد الحرب العالمية الثانية بمشروعها "المبشر" بإنقاذ البشرية من التخلف ومن الكراهية ومن القمع والاستبداد ومن الإرهاب، فإذا هي تكشف عن حقيقتها بالدوس على ذلك كله، وإستدعاء عمقها الصليبي الاستعماري بتوظيف القوة، كل أنواع القوة المادية والاستخباراتية والابتزازية وغيرها من أجل التنكيل الممنهج بكل مطالب بحقه في الحرية وفي الانعتاق من الظلم والاستغلال والاحتلال.
كما يدل هذا التصويت على الإفلاس الديمقراطي السياسي، إذ كيف تتحكم نسبة 6,7% تمثلها الإدارة الأميركية في مصير شعب بأكمله تحت الإبادة الجماعية المستمرة وترفض إيقاف الحرب ونتجاهل 93,3% من أصوات ممثلي باقي دول العالم التي صوتت لإيقاف الحرب!!
كما يعبر هذا التصويت عن الإفلاس القانوني للمنظومة الدولية حين تعطل المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومهام المقررين الأمميين من أجل نزوات استعلائية تسلطية استعمارية موروثة من عهد بائد سيء الذكر، لخمسة من دول العالم، ويتم تجاهل رأي 188 دولة أخرى من بين 193 دولة عضوة الآن في الأمم المتحدة.
وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تفتح الموقع الرئيس للأمم المتحدة على الأنترنيت وتجد التقديم التالي بالأحرف الكبيرة:
"الأمم المتحدة: السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.
تعريف بنا: مكان واحد حيث يمكن لدول العالم أن تجتمع معا، وتناقش المشكلات الشائعة
و تجد حلولا مشتركة".
﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ٩ وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ١٠ ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ١١ فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ١٢ فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ ١٣ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ١٤﴾ [الفجر ]
*مسؤول مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان/ المغرب