في دراسة جديدة، قام باحثون في جامعة كوبنهاغن بزراعة "فيروسات جيدة" من البراز، والهدف هو استبدال كبسولات البراز المستخدمة الآن في ما يسمى بزراعات البراز.

وبحسب موقع "medicalxpress" أظهرت تقنيتهم الجديدة إمكانات في الدراسات التي أجريت على الفئران والأمل هو أن تعمل على تحسين هذا العلاج المنقذ للحياة من خلال التوحيد القياسي وتمهيد الطريق للعلاج في الطب السائد.



ويتلقى معظم الناس التطعيم دون أن يفكروا في أن تاريخ التطعيمات بدأ عندما تم استخراج السوائل من بثور مليئة بالصديد من الأبقار المريضة. وعلى نحو مماثل، فإن البنسلين الحديث بعيد كل البعد عن أصوله – الذي كان عبارة عن عفن في طبق بتري زرعه ألكسندر فليمنغ وكان يعج ببكتيريا المكورات العنقودية.

يشهد شكل آخر من أشكال الطب المنقذ للحياة تطورا مماثلا: حيث تنقذ عمليات زرع البراز، حيث يتم نقل مادة البراز البشرية من شخص إلى آخر، مئات الأرواح كل عام في الدنمارك وحدها. ولكن في المستقبل، قد يصبح العلاج علاجا أكثر نظافة مع إمكانات أوسع بكثير - بعيدا عن البراز الذي يمثل نقطة انطلاقه.


قال الأستاذ المساعد راسموسن من قسم علوم الأغذية بجامعة كوبنهاغن: "في النهاية، نأمل في الحصول على منتج خالٍ من البكتيريا والفيروسات الضارة المحتملة، ولا يترك سوى جرعة نقية من الفيروسات الجيدة، تسمى العاثيات [فيروسات لاقمة للبكتيريا]، والتي يمكن أن تحارب اضطرابات الجهاز الهضمي المختلفة، وفي الأمد البعيد، يمكن استخدامها لعلاج مجموعة واسعة من المشكلات الصحية".

يقود راسموسن البحث الجديد مع زميله في القسم الأستاذ دينيس ساندريس نيلسن ومجموعة من الباحثين الدوليين - ومن بينهم فريق بحثي من شركة تال تيك في إستونيا. والهدف على المدى الطويل هو أن يتطور العلاج إلى حبة بسيطة يمكن وصفها من قبل الطبيب أو العثور عليها على رفوف الصيدلية - مصممة للأفراد، ولكن في متناول الجميع. ومع ذلك، فإن الطريق طويل.

وأوضح دينيس ساندريس نيلسن قائلا: "اليوم، لا تُستخدم عمليات زرع البراز إلا لعلاج المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة، وعادة ما يكون المرضى في حالات تهدد حياتهم بسبب عدوى بكتيريا Clostridioides difficile. يتم فحص المتبرعين بدقة بحثا عن عدد من البكتيريا والفيروسات المسببة للأمراض المعروفة، لكن هذا مكلف، وهناك دائما درجة من عدم اليقين نظرا لأن المحتوى الدقيق للبراز المتبرع به يختلف من عينة إلى أخرى. تسمح لنا هذه التقنية بالاقتراب من العلاج الموحد حيث نعرف بالضبط ما يتلقاه المريض".


وتستخدم طريقتهم الجديدة التخمير، وهي عملية معروفة من علم الأغذية، تُستخدم في صنع الكومبوتشا والكيمتشي وخبز العجين المخمر، من بين أشياء أخرى. وهنا يأتي دور خبرة الباحثين في علم الأغذية، حيث يقوم بإنشاء ظروف مواتية في حاوية محكمة الغلق لزراعة بكتيريا تعزز الكائنات الحية الدقيقة المفيدة. التخمير هو أيضا العملية التي يتم من خلالها زراعة الكائنات الحية الدقيقة صناعيا لإنتاج مركبات محددة.

وفي هذه الحالة، يبدأ الباحثون بزراعة ميكروبية من البراز، والمنتج النهائي هو مزيج معقد من البكتيريا والعاثيات - الفيروسات التي تهاجم البكتيريا فقط.

وتعتمد هذه التقنية على جهاز يُعرف باسم "الكيموستات" - وهو وعاء يستقبل باستمرار سائلا يحتوي على مغذيات محددة ("وسط نمو") مع تصريف كمية متساوية من السائل.

ويتم إضافة البراز في البداية إلى الوعاء، ويكون تأثير استبدال السائل هو زراعة المزيد من البكتيريا (والعاثيات) التي تزدهر في وسط النمو المعطى، بينما تتم إزالة المحتوى الآخر، بما في ذلك الفيروسات المعدية للإنسان (حقيقيات النوى)، تدريجيا.

ويسمح هذا الأسلوب للباحثين بالتحكم في محتوى الكيموستات عن طريق تعديل تركيبة وسط النمو والتخفيف من استبدال السائل.

ويعد الهدف هو خلق توازن مع تركيبة محددة من البكتيريا والعاثيات، مما يوفر توحيدا مهما. يجعل هذا التوحيد العلاج قابلا للتطوير وأكثر أمانا لأنه يضمن محتوى ثابتا في كل دفعة طالما ظل "مجتمع" الكائنات الحية الدقيقة متوازنا.


واختبر الباحثون تقنية التخمير الجديدة في الكيموستات على الفئران في دراستين تستهدفان اضطرابين مختلفين. وقد ركزت إحدى الدراسات، التي نشرت في مجلة  Nature Communications، على علاج السمنة، بينما ركزت الأخرى، التي نشرت في مجلة Microbiome، على العدوى ببكتيريا C. difficile  القاتلة [مطثية عسيرة]، والتي تشكل خطورة ليس فقط على البشر بل وأيضا على الفئران. وتصف المقالة الثالثة، وهي دراسة بحثية نظرية في iScience، تصميم الطريقة الأكثر نجاحا.

ظهرت النتائج الأكثر أهمية في الفئران المصابة ببكتيريا  C. difficile: حيث تعافى معظم الفئران التي عولجت بالخليط تماما، في حين ماتت غالبية المجموعة الضابطة بسبب العدوى.

قال راسموسن: "تشير اختبارات المتابعة لدينا إلى أن خمسة على الأقل من الفئران الثمانية قد شُفيت بالعلاج. ويشير هذا النجاح في تجربة التخمير الأولى لدينا إلى إمكانية تحسين العملية بشكل أكبر". راسموسن.

كما أنتجت دراسة علاج السمنة تأثيرات، وإن كانت أكثر هدوءا. وتوفر الدراسات معا لمحة عن مستقبل واعد لهذا النوع من العلاج.

وتعتبر عمليات زرع البراز علاجا قياسيا لعدد قليل فقط من أمراض الجهاز الهضمي الشديدة، مثل العدوى بـ  C. difficile (CDI)، حيث تكون حياة المرضى معرضة للخطر. هذا فعال للغاية، حيث يساعد تسعة من كل عشرة مرضى وينقذ العديد من الأرواح سنويا.


ومع ذلك، تظل عملية التبرع بالبراز "صندوقا بنيا"، كما يسميها الباحثون في هذا المجال. المحتوى الدقيق لبراز المتبرع غير معروف، والتأثير الدقيق لنقل الميكروبات على المتلقي غير مفهوم تماما، مما يحد من الاستخدام الأوسع للعلاج.

وقال راسموسن: "نحن نعلم أن صحة الأمعاء أمر بالغ الأهمية لمجموعة واسعة من الحالات والصحة العامة، وبالتالي فإن إمكانية التطبيقات الأوسع كبيرة إذا تمكنا من إنشاء منتج موحد وآمن باستخدام هذه العاثيات المستخرجة".

ويمكن توجيه العلاجات المستقبلية إلى حالات مثل الربو ومرض السكري من النوع الأول، والتي، وفقا لدينيس ساندريس نيلسن، تتضمن العلاج بدءا من مرحلة الطفولة المبكرة.

ويضيف نيلسن: "إن علاج كبار السن المصابين بأمراض خطيرة دون أي بدائل أخرى يختلف تمام الاختلاف عن علاج طفل يبلغ من العمر تسعة أشهر ومعرض لخطر الإصابة بالربو. وهذا يؤكد الحاجة إلى التوحيد القياسي الذي نعمل عليه. ويتطلب تحقيق أعلى مستوى من السلامة".


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة طب وصحة طب وصحة دراسة الجهاز الهضمي دراسة مرض السكري الجهاز الهضمي امراض خطيرة المزيد في صحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة سياسة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من البکتیریا

إقرأ أيضاً:

تطور علمي واعد في مواجهة أشرس أنواع السرطان

كشفت دراسة حديثة عن تطورات واعدة في مجال علاج الورم الدبقي الأرومي "الجليوبلاستوما"، الذي يعد أخطر أنواع سرطان الدماغ وأكثرها انتشارا، وذلك من خلال العلاج المناحي الذي من شأنه أن يمثل نقطة تحول محتملة في مكافحة هذا المرض القاتل.

وتشير إحصائيات إلى أن متوسط بقاء المصابين بهذا المرض بعد تشخيصهم يتراوح بين 12 و15 شهرا فقط، إذ لا تتجاوز نسبة النجاة منه 6.9 بالمئة بعد خمس سنوات من التشخيص، ويصنف من قبل منظمة الصحة العالمية، كورم من الدرجة الرابعة، وهو من أكثر أشكال السرطان عدوانية، وفقا لموقع "ساينس ألرت".

وتسجل المراكز الطبية حول العالم نحو 150 ألف حالة جديدة سنويا بهذا المرض الذي يعاني من أعراض شديدة تشمل الصداع والنوبات والتغيرات المعرفية والشخصية، إضافة إلى الضعف العصبي، مما يؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية وقدرتهم على ممارسة أنشطتهم المعتادة.

وأوضح باحثون أن العلاجات التقليدية المتمثلة في الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي لم تعد كافية، نظرا لقدرة الورم على مقاومتها وصعوبة وصول الأدوية إلى الدماغ بسبب الحاجز الدموي الدماغي.

وفي تطور جديد، نجح علماء في إيصال العلاج المناعي بأمان إلى الدماغ عبر حقنه في السائل النخاعي، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها في علاج هذا النوع من السرطان. ويعمل العلاج المناعي على تحفيز جهاز المناعة الطبيعي في الجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية.

وأكد الدكتور ماثيو كليمنت، زميل الأبحاث في كلية الطب بجامعة كارديف: "رغم التحديات التي نواجهها في تطوير علاج فعال للورم الدبقي الأرومي، إلا أن النتائج الأولية للعلاج المناعي تبعث على التفاؤل".

وأضاف كليمنت، الذي يمتلك خبرة 20 عاما في دراسة التفاعلات المناعية: "نعمل حاليا على تطوير طرق أكثر فعالية لإيصال العلاج إلى الورم مع الحرص على تجنب الآثار الجانبية المحتملة".

جدير بالذكر أن العلاج المناعي أثبت فعاليته بالفعل في علاج أنواع أخرى من السرطان مثل سرطان الجلد "الميلانوما" وسرطاني الثدي والرئة، مما يعزز الآمال في نجاحه مع سرطان الدماغ.

مقالات مشابهة

  • المشي يقلل فرص الإصابة بسرطان الأمعاء.. دراسة جديدة تكشف مفاجأة
  • كيف يمكن استخراج قرار علاج على نفقة الدولة؟ (أوراق وإجراءات)
  • أبرزهم تعزيز صحة الجهاز الهضمي.. 7 فوائد للمياة الفوارة تعرف عليهم
  • تطور علمي واعد في مواجهة أشرس أنواع السرطان
  • دراسة طبية حديثة تكشف عن لغز طول عمر "الفئران الخالدة"
  • حكم علاج المريض بالإجبار إذا رفض الامتثال للطبيب.. دار الإفتاء تجيب
  • أستاذ الجهاز الهضمي: هذه الحقن من الممكن أن تسبب شللا في حركة المعدة
  • 350 مليون دينار تكلفة علاج مرضى السرطان في الأردن سنويًا
  • تحدث «شلل» في الجهاز الهضمي.. تحذير حكومي من حقن التخسيس