أي تأثير لإدراج لبنان على اللائحة الرمادية؟
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
إنضمّ لبنان إلى الجزائر، أنغولا وساحل العاج، وهي الدول الجديدة التي أدرجتها مجموعة العمل المالي (FATF) على قائمتها الرمادية، التي تضع المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. صحيح أنّ هذا الأمر لا يعدّ مستغرباً في حالة لبنان، الذي واجه منذ العام 2022 تحذيرات لإتمام إصلاحات هيكيلية ، إلا أنه ببساطة خطوة إلى الوراء بينما كل ما نحتاجه هو التقدّم الى الامام.
هذا القرار الذي تمّ الإعلان عنه خلال مؤتمر صحافي في باريس لمجموعة العمل FATF" وهي عضو في MENAFATF، ، يعني أن لبنان سيواجه قيودًا إضافية ورقابة مشددة على أنظمته المالية والمصرفية.
فبحسب الخبير الإاقتصادي البروفسور بيار الخوري، يتضمن ذلك عمليًا زيادة التدقيق المالي وتراجع الاستثمارات، وصعوبة الوصول إلى الأسواق المالية.
ويعتبر الخوري في حديثه لـ"بنان 24" أن السبب الرئيسي وراء إدراج لبنان على اللائحة الرمادية يعود لأوجه القصور في نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تشمل هذه الأوجه نقص الفعالية في تطبيق السياسات وعدم وجود الشفافية الكافية، مما يزيد من مخاطر الفساد والجريمة المنظمة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه البلد تحديات اقتصادية وسياسية تتعلق بالوضع الداخلي، وضعف المؤسسات وقدرتها على التعامل مع القضايا المالية، وكذلك التوترات الإقليمية التي تصعب الأمور أكثر.
وأكد أنه يمكن للبنان الخروج من هذه اللائحة، ولكن يتطلب ذلك تنفيذ إصلاحات فعالة وإظهار الالتزام بتعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مشدداً على أن التعاون مع السلطات الدولية سيكون ضروريًا لتحقيق ذلك، بحيث يتعين على لبنان تحسين الأنظمة واللوائح ذات الصلة.
وقال: "منذ تقرير التقييم المتبادل في أيار 2023، أحرز لبنان تقدمًا في تطبيق الإجراءات الموصى بها خاصة بعد تغيير حاكمية مصرف لبنان. فتم إصدار تعاميم للبنوك لإنشاء أقسام مخصصة لمكافحة الفساد، وتعزيز الرقابة على الأنشطة المالية غير المرخصة. وقد وعد لبنان بالعمل مع "FATF" من أجل تحديد وتخفيف المخاطر المرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز تنفيذ العقوبات المناسبة ضد المخالفات".
إلا أن الخوري شدد على أنه بالنسبة لطبقة الأعمال والمستوردين والمودعين بالدولار، ستواجههم تحديات عدة. على سبيل المثال، تواجه البنوك التي يلجأ لها المستوردون صعوبة في الوصول إلى التمويل، مما يضعف قدرة التجار والصناعيين على الاستيراد والتوسع. كما أن الإدراج يمكن أن يؤدي إلى زيادة تكاليف المعاملات نتيجة الرسوم المرتفعة، مما يزيد الأعباء المالية على الشركات.
وأوضح أن سعر الصرف قد لا يتأثر رغم فقدان الثقة في الليرة اللبنانية، والتي كان من المفترض ان تؤدي إلى تقلبات في السوق وزيادة الطلب على الدولار لكن تعقيم الليرة وغياب السيولة بالليرة قد لا يظهر أثر اللائحة على سعر الصرف.
بالإضافة إلى ذلك، قد تكون الأحداث الحربية الأخيرة قد ساهمت في تسريع إدراج لبنان، حيث تسلط الأضواء على المخاطر الأمنية والسياسية. بالرغم من ذلك، قرار إدراج لبنان يعتمد بشكل أساسي على تقييم "FATF" للقدرة الحالية للبلاد على مكافحة غسل الأموال، ويعكس الوضع القانوني والرقابي بشكل عام قبل اندلاع الحرب الاخيرة.
وختم قائلاً: "الخروج من المنطقة الرمادية كما تجنب الانتقال إلى اللائحة السوداء يتطلب التزامًا قويًا من الحكومة لتحسين النظام المالي، وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، معتبراً أن الخطر الاكبر بعد إدراج لبنان على اللائحة الرمادية هو التأثير على الشرعية السياسية حيث ان هذا الإدراج قد يعزز الانطباع السلبي عن النخب السياسية التي تُتهم بالفعل بعدم تنفيذ الإصلاحات الضرورية.
لا يحتاج لبنان في ظل الظروف الأمنية الراهنة إلى ما يضعف موقفه في المحافل الدولية، وهو موقع ضعيف اصلاً. فهل نشهد طفرة نموّ ومساع هدفها الإنقاذ بدل التدمير؟
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ما تأثير رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن إلى 409 دولارات؟
عمّان- يعمل الشاب عبادة ملحم (24 عاما) بمحطة وقود في الأردن منذ 3 سنوات بأجر شهري 260 دينارا (366 دولارا)، وهو الحد الأدنى للأجور، ولا يكفيه راتبه إلى منتصف الشهر، إذ يسدد منه ديونا متراكمة وأجور مواصلات وفواتير اتصالات وكهرباء وماء، لتبدأ بعدها دورة جديدة من الديون وتصبح معاناة الشاب أشبه بحلقة مفرغة لا تنتهي.
ويقول ملحم للجزيرة نت إنه يعمل 9 ساعات يوميا، وهو يحمل درجة البكالوريوس في العلوم، مضيفا أن حياة الأغلبية العظمى من العمال الأردنيين لا تختلف عما يعاني في ظل ارتفاع نسب البطالة بالبلاد.
وتتشابه قصص العمالة في المملكة مع بعضها، لكن الأغلبية العظمى ممن تحدثت إليهم الجزيرة نت يُرجعون تدني مستواهم المعيشي إلى تراجع الحد الأدنى للأجور، والذي برأيهم لا يكاد يكفي متطلبات الحياة الكثيرة مع ارتفاع تكلفتها يوما بعد الآخر.
بين الرفض والقبولوبعد طول انتظار ونقاشات مطولة ورغم التحفظات التي أبدتها قطاعات اقتصادية واسعة فإن اللجنة الثلاثية -التي تضم في عضويتها ممثلين عن أصحاب العمل والحكومة والعمال- أعلنت عن رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الخاص من 260 إلى 290 دينارا (367-409 دولارا) بدءا من الأول من يناير/كانون الثاني 2025، وسط تباين واضح في نظرة أصحاب العمل والعاملين لديهم على حد سواء.
إعلانوبحسب تأكيدات صادرة عن وزارة العمل الأردنية فإنه "حرصا على رفع مستوى معيشة شريحة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص توافقت اللجنة الثلاثية خلال اجتماعها على الموازنة بين حق العمال في تحسين أجورهم وبين الظروف الاقتصادية لأصحاب العمل".
وأكد مدير مديرية علاقات العمل في وزارة العمل عدنان الدهامشة أن رفع الحد الأدنى للأجور يشمل جميع المؤسسات، ومن ضمنها المؤسسات التعليمية في القطاع الخاص كالمدارس والحضانات والروضات والجامعات، والتي تعمل بنظام العقود ويتقاضى العاملون فيها أقل من الحد الأدنى للأجور.
ولفت الدهامشة في حديث للجزيرة نت إلى أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور "خضع لمعادلة دقيقة وصعبة أخذت بالاعتبار مصالح كل الأطراف، وجاء ضمن الإمكانيات المتاحة".
عدنان الدهامشة: رفع الحد الأدنى للأجور يشمل جميع المؤسسات (الجزيرة)وقال إن الشريحة التي تتقاضى أجورا منخفضة هي قليلة بالنسبة لإجمالي عدد العمال الأردنيين الذين يتراوح عددهم بين 400 و500 ألف عامل في المملكة، وهي عمالة غير ماهرة عادة، ولا تمتلك خبرة كافية في العمل، حسب قوله.
البحث عن التوازنمن جانبه، يرى الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي أن الحكومة وقعت في حرج شديد عند مطالبتها برفع الحد الأدنى للأجور خشية من أن يكون قرارها هذا سببا في عزوف أصحاب العمل عن تسجيل العاملين لديهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي لتجنب رفع المخصصات المالية للعاملين في الضمان الاجتماعي التي يدفعها أصحاب العمل، وبالتالي قد يرى أصحاب العمل أن القرار لم ينصفهم.
واستدرك الشوبكي في تعليق للجزيرة نت قائلا "من ناحية أخرى، فإن قرار رفع الحد الأدنى للأجور جاء لصالح الموظفين والعاملين والعمالة غير المدربة في العديد من القطاعات على الرغم من أن المبلغ -وهو 290 دينارا- لا يلبي طموحات الموظفين والعاملين، ولا سيما مع ارتفاع موجة الغلاء في الشارع الأردني، علما أن آخر زيادة للحد الأدنى للأجور كانت في العام 2021، وارتفعت حينها من 220 دينارا إلى 260 دينارا".
إعلان خط الفقروأشار الشوبكي إلى أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور إلى ما دون 300 دينار (422.96 دولارا) مهم، ولا سيما أن ثمة تشريعات تقضي بتقديم دعم مالي حكومي لأصحاب الدخول الشهرية دون 300 دينار شهريا.
عامر الشوبكي: رفع الحد الأدنى للأجور جاء لصالح الموظفين والعاملين (الجزيرة)وأشارت ورقة بحثية أعدها المرصد العمالي الأردني إلى أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 260 دينارا -والذي لم يتم تعديله منذ عام 2021- سيبقي قطاعات واسعة من العاملين عاجزة عن تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرها، خصوصا مع الارتفاع المستمر في معدلات التضخم.
وقالت الدراسة إن رفع الحد الأدنى للأجور بمستويات جيدة يعد خطوة مدروسة لتعزيز الحماية الاجتماعية، وتحفيز النمو الاقتصادي، دون أن يشكل أي ضرر جوهري على أصحاب العمل.
وأوضحت أن الحد الأدنى للأجور في الأردن يشكل فقط 41% من متوسط الأجور البالغ 627 دينارا (883.98 دولارا)، في حين توصي منظمة العمل الدولية والممارسات الأفضل عالميا بألا تقل النسبة عن 55%.
وقالت الورقة إن الحد الأدنى الحالي بعيد كل البعد عن تغطية الاحتياجات الأساسية للعاملين وأسرهم، خاصة في ظل معدل الإعالة المرتفع في الأردن، إذ يعيل كل شخص عامل 3 أفراد على الأقل، مؤكدة أن رفع الحد الأدنى للأجور إلى مستويات عادلة يضمن تحسين الظروف المعيشية للعديد من الأسر، ويقلل معدلات الفقر المرتفعة في الأردن.
وأشارت الورقة البحثية العمالية إلى أن أحد أبرز المبررات التي تقدمها الورقة لرفع الحد الأدنى للأجور هو دوره في تحفيز الاقتصاد الوطني من خلال تعزيز القوة الشرائية للعاملين وزيادة الطلب المحلي.
وحسب المرصد العمالي، فإنه لا دليل علميا يشير إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور يؤدي إلى خسارة كبيرة للوظائف أو إفلاس المنشآت الصغيرة، إذ يعتمد أصحاب العمل على قوة عاملة منتجة ومدربة للحفاظ على مستويات الإنتاج والقدرة التنافسية، مما يجعل الاستغناء عن الموظفين نتيجة لزيادة الأجور خطوة غير منطقية.
إعلانوشددت الورقة على أهمية رفع الحد الأدنى للأجور بشكل ملموس لتعزيز المشاركة الاقتصادية للشباب والنساء الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان ولكنهم يعانون من معدلات بطالة مرتفعة.
وأوضحت الدراسة أن الأجور المنخفضة تشكل حاجزا رئيسيا أمام دخول هذه الفئات إلى سوق العمل، إذ لا تغطي الأجور الحالية تكاليف النقل أو الرعاية الأسرية بالنسبة للنساء، مما يثنيهن عن العمل.
وينص قانون العمل الأردني على أن حساب الحد الأدنى للأجور يجب أن يستند إلى مؤشرات تكاليف المعيشة، في حين لم يستخدم لفظ "معدلات التضخم"، وأعطى اللجنة الثلاثية لشؤون العمل الحق كجهة وحيدة مخولة بتحديد الحد الأدنى للأجور.