كشف تحليل أجرته وكالة رويترز أن عددا من الشركات المالية الكبرى في أوروبا قد قلصت استثماراتها في شركات مرتبطة بإسرائيل، أو في شركات لها علاقات مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل، وذلك في ظل ضغوط متزايدة من الناشطين وحكومات عدة لوقف الحرب على غزة.

ويأتي هذا التوجه في وقت تلتزم فيه العديد من البنوك وشركات التأمين بأهداف الاستدامة، رغم عدم وضوح تفاصيل انكشافها على النزاعات المسلحة.

ومن بين المؤسسات التي اتخذت خطوات واضحة في هذا الاتجاه بنك "يونيكريديتو" الإيطالي الذي أضاف إسرائيل إلى قائمة "البلدان المحظورة" منذ تصاعد العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حسب ما أوردته منظمة "باكس" الهولندية غير الحكومية.

ويمثل هذا القرار امتدادا لسياسة البنك في الامتناع عن تمويل صادرات الأسلحة المباشرة للدول المتورطة في النزاعات، متجاوزا بذلك المبادئ التوجيهية الإيطالية لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل. ورفض بنك "يونيكريديتو" ووزارة المالية الإسرائيلية التعليق على هذا الإجراء.

كذلك تراجعت شركة "ستوربراند" النرويجية لإدارة الأصول، وشركة التأمين الفرنسية "أكسا"، عن بعض استثماراتهما في شركات إسرائيلية، ومن ذلك بعض البنوك.

سياسات الشركات المالية

وتشير الوثائق إلى أن الشركات تعمل على تعديل سياساتها الاستثمارية تجاه إسرائيل. فقد صرح مارتن روهنر، المدير التنفيذي للتحالف العالمي للمعاملات المصرفية القائمة على القيم، بأن هناك تغيرا ملحوظا في سياسات الشركات المالية في ما يتعلق بتوجيه الاستثمارات بما يتماشى مع مبادئ التنمية المستدامة. وأضاف روهنر أن الاستثمار في صناعة الأسلحة يتناقض بشكل جوهري مع هذه المبادئ.

وسبق أن أعلنت شركة "ستوربراند" في تقريرها الاستثماري السنوي عن استبعاد 24 شركة من محفظتها الاستثمارية في نهاية عام 2023، بينها شركات إسرائيلية، بسبب ارتباطها بالاستيطان الإسرائيلي. كما سحبت الشركة النرويجية نحو 24 مليون دولار من استثماراتها في شركة "بالانتير" الأميركية التي تزود الجيش الإسرائيلي بتقنيات تثير مخاوف تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان.

وأعلن صندوق الاستثمار الإستراتيجي الأيرلندي عن بيع حصص في 6 شركات إسرائيلية، بما في ذلك بعض البنوك الإسرائيلية الكبرى، مشيرا إلى أن الاستثمارات في هذه الشركات أصبحت تنطوي على مخاطر تتعارض مع معايير الاستثمار المعتمدة لديه.

وفي وقت سابق من هذا العام، صرح الصندوق الأيرلندي -الذي تبلغ قيمته 15 مليار يورو- بأن المخاطر التي تنطوي عليها هذه الاستثمارات تخرجها عن معايير الاستثمار الخاصة به.

أما صندوق الثروة السيادية النرويجي -الذي تبلغ قيمته 1.8 تريليون دولار أميركي وهو الأكبر في العالم- فقد يقوم بسحب استثماراته من الشركات التي تساعد عمليات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتنتهك معايير أخلاقيات الشركات.

وتخضع الاستثمارات في البنوك الإسرائيلية أيضا لتدقيق متزايد، فقد أدرجتها الأمم المتحدة في عام 2020 ضمن قائمة الشركات المرتبطة بالمستوطنات في الأراضي الفلسطينية كجزء من عملية مراجعة آثارها على حقوق الفلسطينيين.

ووفقا لدراسة أجرتها شركة الأبحاث "بروفوندو"، بتكليف من هيئة "إيكو" لمراقبة الشركات، باعت شركة التأمين الفرنسية "أكسا" معظم حصصها في أسهم البنوك الإسرائيلية هذا العام، محتفظة بحصة صغيرة فقط في بنك "لئومي".

ورغم عدم رد بنك "لئومي" على طلب للتعليق، فإن متحدث باسم "أكسا" أكد أن الشركة لا تستثمر في البنوك المستهدفة من الناشطين، وأن قائمة الأمم المتحدة تمثل أحد المعايير التي تأخذها الشركة في الاعتبار عند اتخاذ قرارات الاستثمار.

وأشار ريتشارد بورتيس، أستاذ الاقتصاد في كلية لندن للأعمال، إلى أن تحميل الشركات الخاصة عبء تحديد سياسات الاستثمارات في سياق النزاعات الدولية قد يكون مثيرا للجدل، مشددا على ضرورة أن تكون السياسات واضحة من قبل الحكومات نفسها.

وتعرضت شركات أخرى، مثل بنك "باركليز" البريطاني، لضغوط كبيرة من حملات في المملكة المتحدة، دفعت البنك إلى التخلي عن رعاية عدد من الفعاليات. ووفقا لتقرير صادر عن صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن البنك يدرس الآن احتمال وقف بيع السندات الحكومية الإسرائيلية، حيث خرج من قائمة أكبر 5 متعاملين في السندات الإسرائيلية خلال الربعين الثاني والثالث من هذا العام.

وتشهد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في إسرائيل تراجعا حادا، إذ أظهرت بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) انخفاضها بنسبة 29% في عام 2023، بما يمثل أدنى مستوى منذ عام 2016. وتعزى هذه التغيرات إلى ضغوط متزايدة من قبل الناشطين والمجتمع الدولي، مما يضيف تعقيدا لقرارات الشركات الاستثمارية تجاه السوق الإسرائيلية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

رفض الاحتفال برمضان| اعتقال رئيس شركة تركية بسبب تصريح مثير للجدل

في واقعة أثارت جدلاً واسعًا ضمن الأوساط الاقتصادية والاجتماعية في تركيا، احتجزت السلطات التركية جيم كوكسال، الرئيس التنفيذي لأحد أكبر الشركات القابضة في البلاد، بتهمة عرقلة الحريات الدينية وقد جاءت هذه الخطوة بعد إرساله بريدًا إلكترونيًا داخليًا يوضح فيه موقف الشركة المحايد بشأن القضايا الدينية، مشيرًا إلى أن الاحتفالات الرسمية تشمل الأعياد المعترف بها فقط، مثل عيدي الفطر والأضحى، دون أن يتم تخصيص احتفالات لشهر رمضان الكريم.

بداية الأزمة: من بريد إلكتروني إلى قضية رأي عام
انطلقت الأزمة في أواخر فبراير الماضي، عندما أرسل إرجون جولر، الرئيس التنفيذي لشركة إلكترونيات تابعة للمجموعة القابضة، رسالة بريد إلكتروني للموظفين يهنئهم بمناسبة حلول شهر رمضان. 

وفي رد مباشر، قام كوكسال بإرسال بريد إلكتروني يؤكد فيه أن الشركة تتبنى موقفًا محايدًا تجاه القضايا الدينية، مشددًا على أنه لا ينبغي نشر الرسائل ذات الطابع الديني على المستوى المؤسسي.
لم تمضِ ساعات حتى بدأ البريد الإلكتروني ينتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أثار موجة من الجدل بين المؤيدين لموقف كوكسال، الذي يتماشى مع المبادئ العلمانية، والمعارضين الذين اعتبروا أن قراره يشكل تقييدًا للحريات الدينية في بيئة العمل.تحقيقات قضائية واحتجاز كوكسال
مع تصاعد الجدل، أعلن مكتب المدعي العام في إسطنبول عن فتح تحقيق رسمي في الواقعة، طبقًا للمادة 115 من قانون العقوبات التركي، التي تتعلق بعرقلة حرية العقيدة والتعبير. وحسبما أفادت وكالة الأناضول الرسمية، فقد تم احتجاز كوكسال للاستجواب بخصوص ملابسات قراره وتعليماته للموظفين.

وأكد مكتب المدعي العام أن البريد الإلكتروني الذي أرسله كوكسال احتواه على أوامر بعدم الاحتفال بشهر رمضان مما اعتُبر تدخلاً في حرية المعتقدات داخل المؤسسة.

استقالة كوكسال ورد فعل الشركة
مع تصاعد الأزمة، أعلنت الشركة القابضة، في الأول من مارس، استقالة كوكسال من منصبه، في محاولة لاحتواء ردود الأفعال. في بيان رسمي، أكدت الشركة تمسكها بالقيم العائلية والأخلاقية التي تأسست عليها منذ عام 1953، مشيرة إلى حرص المجموعة الإدارية والمساهمين دائمًا على التعامل بمسؤولية مع القضايا الاجتماعية.
وأضاف البيان: نعرب عن أسفنا لجميع أصحاب المصلحة والجمهور بسبب هذه التطورات الأخيرة.

أبعاد الأزمة وتأثيرها
تسلط هذه القضية الضوء على النقاش المستمر في تركيا بشأن العلاقة بين العلمانية والتقاليد الدينية في بيئات العمل، حيث تسعى الشركات متعددة الجنسيات إلى الحفاظ على حيادها، في حين يطالب البعض بمراعاة البعد الثقافي والديني في سياسات المؤسسات.
من المتوقع أن تستمر تداعيات هذه القضية في الأيام المقبلة، وسط ترقب لما ستسفر عنه التحقيقات القضائية بشأن موقف كوكسال وما إذا كان سيواجه اتهامات رسمية أم سيتم الإفراج عنه.

يبقى السؤال مطروحًا حول التوازن بين الحياد المؤسسي واحترام المعتقدات الدينية داخل أماكن العمل، وهو أمر يزداد تعقيدًا في بيئات الشركات الكبرى التي تضم موظفين من خلفيات ثقافية متنوعة.
 بينما تسعى بعض المؤسسات إلى الفصل بين الجوانب الدينية والعمل، يبرز الرأي الآخر الذي يرى أن مثل هذه الإجراءات قد تثير حساسيات اجتماعية لا يمكن تجاهلها.

مقالات مشابهة

  • صندوق الاستثمارات العامة يوقّع مذكرة تفاهم مع إحدى شركات إدارة الأصول
  • رفض الاحتفال برمضان| اعتقال رئيس شركة تركية بسبب تصريح مثير للجدل
  • تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية تضرب شركات النفط والغاز الكندية
  • هيئة البث الإسرائيلية: هجوم إسرائيلي على ميناء طرطوس شمال غربي سوريا
  • الشرطة الإسرائيلية: تم تحييد منفذ عملية الطعن في حيفا
  • بسبب «ترامب».. شركة أوروبية ترفض توريد الوقود للقوات الأمريكية!
  • "بساطة" توسع استثماراتها بالأردن بزيادة حصتها فى "مدفوعاتكم"
  • “نيويورك تايمز”: أزمة سيولة حادة في سوريا بسبب قيود السحب من البنوك
  • خلال رمضان.. بغداد و3 محافظات تقلص الدوام الرسمي
  • ليفربول يسجل خسارة مالية كبيرة بسبب دوري الأبطال.. هذه قيمتها