أثارت عودة السياسي العراقي، محمود المشهداني، إلى رئاسة البرلمان، العديد من التساؤلات عن مدى تمهيد ذلك إلى تصدر الحرس القديم المشهد في العراق مجددا، وذلك بعد غياب طويل للزعامات التقليدية عن إدارة السلطة في البلاد منذ العام 2014.

وفي مرحلة ما بعد 2003، تولى المشهداني رئاسة أول برلمان عراقي جرى بعد انتخابات برلمانية شارك فيها المكوّن السني عام 2006، لكنه أقيل من منصبه بعد ثلاث سنوات ولم يكمل ولايته، بسبب تجاوزه لفظيا على إحدى البرلمانيات من الائتلاف الشيعي الحاكم آنذاك.



وجاءت عودة المشهداني، بترشيح وإصرار من زعيم "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، الذي يرى مراقبون أنه يمهد للعودة إلى رئاسة الحكومة لولاية ثالثة في ظل خلافاته المتصاعدة مع رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ومحاولات إقصائه عن ولاية ثانية.

"طموحات شخصية"
تعليقا على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، أياد العنبر، في حديث لـ"عربي21" إن "الحرس القديم لم يغب عن المشهد تماما حتى إذا كان ليس لديه التأهيل الكافي للحصول على أرقام كبيرة (مقاعد) في البرلمان، لكن ما حصل هو لم التشتت السني".

ولفت العنبر إلى أن "الاختيارات الشيعية لم تجد شخصية ممكن أن تكون قادرة على إضعاف منصب رئيس البرلمان في الانتخابات المقبلة وألا يتحول إلى رقما صعبا في معادلة الانتخابات والزعامات، إلا أن يكون شخصا بمؤهلات المشهداني".


وأوضح الخبير السياسي العراقي، أن "المشهداني لا يمتلك كتلة برلمانية، وأنه غير قادر على أن يكون رقما صعبا كما حصل في الدورات الماضية، حيث أنه لم يتحول بعدما خرج من منصب رئاسة البرلمان عام 2009 إلى أن يكون عنصرا مهما في المعادلة السياسية، وإنما بقي شخصية تتمتع بحضور وليس نفوذ".

وأعرب العنبر عن اعتقاده بأن "مصالح سياسية شيعية وأخرى سنية توافقت لأن يتم تهميش منصب رئيس البرلمان من التنافس على الزعامات السياسية، وهذا يحسب نجاحا للمالكي تحديدا".

وبيّن الخبير العراقي أن "المالكي استطاع قطع الطريق أمام وصول سالم العيساوي، وأن يكون الأخير رقما سنيا في الانتخابات المقبلة، ويكون مقابله السوداني رقما شيعيا".

واستدرك العنبر قائلا: "البيئة المتصدعة للقوى السياسية السنية سمحت بأن يكون المشهداني رئيسا للبرلمان أكثر مما هي حسابات للحرس القديم"، مشيرا إلى أن "المالكي كان حاضرا ومطالبا ومستعدا لأن يعود إلى منصب رئيس الوزراء، ولم يسع إليها فقط أو تعرض عليه".

ولفت إلى أن "رغبة المالكي موجودة للعودة إلى رئاسة الوزراء، والتمهيد لها لا يكون بطريقة أن يكون بموازاة صعود المشهداني مرة أخرى، وإنما حسابات الحضور السياسي والفاعلية السياسية".

وتابع: "وكذلك حسابات تهميش رمزية رئيس البرلمان صبت في صالح المشهداني، وأيضا أتت في مصلحة المالكي، وأن الأخير لم يتخل يوما عن رغبته بمنصب رئيس الوزراء في تصريحاته وخطاباته".

وعلى الصعيد ذاته، رأى المحلل السياسي العراقي، غالب الدعمي، لوكالة "موازين" العراقية أن "دعم نوري المالكي لعودة محمود المشهداني جاء لتحقيق طموحات سياسية شخصية، إذ يهدف زعيم ائتلاف دولة القانون إلى التهيؤ لتولي منصب رئاسة الوزراء مستقبلا".

"طريق مسدود"
وفي المقابل، قال المحلل السياسي العراقي، وائل الركابي، في حديث لـ"عربي21" إنه "لا توجو موانع حقيقية، سواء قانونية أو دستورية تمنع وصول أي مسؤول سابق إلى منصب سبق أن شغله، وأن المالكي لا يحتاج إلى أن يقدم المشهداني حتى يتذرع بالعودة إلى رئاسة الوزراء إذا أراد العودة".


وأضاف الركابي، أنه "إذا فرض عليه الواقع والظرف وحصل عليه إجماع، فبالتأكيد سيعود المالكي إلى رئاس الوزراء، لكن بشكل عام، لا يرغب الأخير بالعودة إلى هذا المنصب، وربما أصبح هو أكبر منه بكثير أيضا".

وبخصوص الحديث عن أن المالكي هدف بإعادة المشهداني لرئاسة البرلمان، إلى تفتيت تحالف كان يرتب له بين محمد شياع السوداني وخميس الخنجر ومسعود البارزاني، أوضح الركابي: "العيساوي (مرشح الخنجر) هو ضحية لصراع سني – سني، بالتالي لم يحظ برغبته في الترشيح".

وتابع الركابي: "تأثير محمد الحلبوسي (رئيس حزب تقدم) على الواقع السني أكثر من أطراف كانت تدعم العيساوي، ولا أتصور أن المالكي يتحرك بطريقة تفتيت التحالفات ويوصل من يريد للمناصب، فهو لا يسعى إلى كل هذه القضايا بناء على توفير فرصة له فقط، ولائتلاف دولة القانون".

وأكد المحلل السياسي أن "موضوع التحالفات متروك للتنافس الانتخابي، أما موضوع تجديد ولاية ثانية للسوداني من عدمه، فهو أمر متروك للمفاوضات، ولا وجود لخلافات بين الأخير وباقي أطراف الإطار التنسيقي، وإنما قد يكون مرشحهم في المرحلة المقبلة".

ونوه إلى أن "الخلافات داخل الإطار التنسيقي موجودة بخصوص الآراء السياسية ليس أكثر، وهذا من الممكن أن يحدث في جميع القوى السياسية، لكنها لا تصل إلى الحد الذي تؤدي إلى تمنع ترشيح السوداني لولاية ثانية، فإنها غير موجودة".

وفي هذا الصدد، رأى الكاتب العراقي، نزار حيدر، أن "عملية إعادة التدوير بهذه الصورة تعني أن العملية السياسية وصلت إلى طريق مسدود، ولم يعد بإمكانها الإنتاج والتجديد والتحديث، وهذا بحد ذاته مؤشر على أن العراق بات بالفعل يقف، سياسيا، على حافة الهاوية".

وأشار إلى أن "مظهر قوة أي عملية سياسية في البلدان الديمقراطية هو قدرتها وقابليتها على إنتاج القيادات والزعامات بما ينسجم مع الظروف والمراحل والحاجة، فعندما تعجز عن ذلك فهذا مؤشر على شيخوختها وأنها تمر في مرحلة العجز والفشل".

وفي حديث تلفزيوني سابق، دعا محمود المشهداني إلى أهمية عودة نوري المالكي إلى رئاسة الحكومة، بدعوى أن من جاء بعده إلى رئاسة الحكومة لم يسد الفراغ الذي تركه، بقدرته على القرار وسرعة الحسم، و"نحن بحاجة إلى رئيس وزراء قادم يتصرف بعقليته".


وزعم المشهداني في حينها أن بعض الجهات الدولية تفكر في إعادة المالكي للسلطة لأنه يمتلك قدرات محددة، مشيرا إلى أننا "سنبحث عن نفس الشخصية التي كان يمتلكها المالكي عندما كان رئيسا للوزراء في دورته الأولى عام 2006- 2010".

وكانت مدة حكم المالكي (2006 إلى 2014) تسببت بخروج مظاهرات في المحافظات السنية عام 2013 رفضا لسياساته الطائفية في البلاد، واستهدافه قيادات سنية بمذكرات قبض تتعلق بتهم الإرهاب، ثم تلاها اجتياح تنظيم الدولة للعراق وسيطرته على ثلث مساحته عام 2014.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراقي محمود المشهداني نوري المالكي العراق نوري المالكي البرلمان العراقي محمود المشهداني المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السیاسی العراقی إلى رئاسة منصب رئیس أن یکون إلى أن

إقرأ أيضاً:

رئيس الشيوخ: القيادة السياسية والحكومة توليان اهتمامًا بجميع التوصيات الصادرة عن المجلس

أكد المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، أن القيادة السياسية والحكومة توليان اهتمامًا بجميع التوصيات الصادرة عن المجلس، مشيرًا إلى أن هذه التوصيات تحظى بالتقدير وتتم مراجعتها وتكون موضع تنفيذ إلي مدي بعيد.

وأضاف "عبدالرازق"، خلال أولي جلسات مجلس الشيوخ في شهر رمضان والمنعقدة اليوم الأحد، أن التوجيهات اللازمة تصدر فور وصول المقترحات إلى الجهات المعنية، مع متابعة دقيقة لضمان تنفيذها.

كما أعرب رئيس مجلس الشيوخ، عن تطلعه إلى مزيد من الدراسات لتعزيز الأثر الإيجابي لهذه التوصيات.

يأتي ذلك خلال الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار ومكتب لجنة الصناعة والتجارة والمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر عن الدراسة المقدمة من  النائب ياسر زكي بشأن : " برامج المساندة التصديرية ودعم الصادرات المصرية"، بالإضافة إلى تقرير لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة عن دراسة بعنوان: "آفاق الطاقة المتجددة في مصر.. إمكانيات الطاقة الحرارية الأرضية ، بالاضافة إلي طلبي مناقشة عامة حول الترويج للصادرات المصرية بالخارج وسبل فتح أسواق جديدة، وزيادة القدرة التنافسية لها، المقدم من النائبين هشام الحاج علي، عز الدين جودة علي التوالي.

مقالات مشابهة

  • يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟
  • تشييع جثمان محمد بنعيسى وزير الخارجية الأسبق بحضور عدد من الوزراء والشخصيات السياسية
  • السامرائي يؤكد أهمية عودة التيار الصدري للعملية السياسية ويشيد بعمل السوداني
  • رئيس النواب الأمريكي: نأمل عودة زيلينسكي للمفاوضات لتحقيق السلام
  • رئيس الشيوخ: القيادة السياسية والحكومة توليان اهتمامًا بجميع التوصيات الصادرة عن المجلس
  • رئيس هيئة الأوقاف يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بشهر رمضان
  • زيلنسكي يصل إلى مقر رئاسة الوزراء البريطانية لإجراء محادثات مع ستارمر
  • المشهداني مهنئاً المعلمين: سيروا فأنتم تضعون اللبنة الأولى لمستقبل العراق
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيسة مجلس رئاسة البوسنة والهرسك بذكرى الاستقلال
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيسة مجلس رئاسة البوسنة والهرسك بذكرى استقلال بلادها