لبنان وسوريا: خوف من نموذج الحرب والتهجير
تاريخ النشر: 6th, November 2024 GMT
كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": بعد تطورات الشهرين الأخيرين، وحملة التدمير الممنهج من الجنوب الى البقاع والضاحية، تكررت المخاوف، من جانب حلفاء حزب الله، من أن يكون الهدف خلق غزة ثانية، بالمعنى العسكري والميداني، عن طريق محو كل ما يقف في طريق خطة إسرائيل لمستقبل غزة. لكن
النظرة المغايرة، تضع سوريا كنموذج لما يحصل في لبنان حالياً وليس غزة، أولاً لجهة مفهوم الوطن والدولة القائمة بغضّ النظر عن النظرة إليها في لبنان وسوريا والجغرافيا المعترف بها، بما هو مختلف تماماً عن غزة، وثانياً، لتشابه تركيبتَي لبنان وسوريا الى حدّ كبير لجهة التنوع الطائفي والسياسي، وثالثاً أن حرب سوريا التي بدأت تدريجاً وانفجرت في صورة عشوائية وعنيفة أدّت الى حركة نزوح داخلية كبيرة على قاعدة طائفية واجتماعية كما يحصل في لبنان اليوم، ورابعاً أن حركة النزوح من سوريا نحو دول الجوار بدأت تفرض إيقاعها، وإن بأعداد أقلّ، من لبنان في اتجاه سوريا والعراق، عدا عن مغادرة اللبنانيين جماعاتٍ بلدهم، وإن كانت هذه المغادرة أكثر تمايزاً لجهة واقع الانتشار اللبناني والعمل والدراسة في الخارج.
ما قبل الحرب الأخيرة، ومع ارتفاع الكلام عن الفيدرالية لدى بعض المجموعات والشخصيات عبر إطلالات سياسية وإعلامية، كان جمهور حزب الله وحلفاؤه أكثر الذين انتقدوا مروّجي هذا الكلام، عدا عن شخصيات مسيحية لا تزال تتمسك حتى الآن بفكرة لبنان القائم وفق نظام اتفاق الطائف وتركيبته الحالية. لكن في الوقت نفسه، كان الحزب متهماً بأنه يطبق نوعاً من الفيدرالية في مجتمع منسجم ومندمج في مناطق الجنوب والبقاع، بما يخدم خصوصية الثنائي الشيعي من دون غيره، وهذا الكلام كان معززاً بشواهد عن التفاعل ضمن بيئة من لون واحد بعيداً عن المجتمعات الأخرى. مع حركة النزوح الأخيرة، خرج جمهور الثنائي وقاعدته من هذا الإطار الى مناطق الداخل، مندمجاً مجدداً مع قواعد الطوائف والأحزاب الأخرى، وهو أمر مرشح لأن يطول بفعل استمرار الحرب وآلة التدمير التي لا تسمح للنازحين بالعودة قريباً. وهنا يصبح الكلام أكثر دقّة بين انفلاش سجال حول ثلاثة اتجاهات، واحد يرى ما يحصل احتضاناً لبنانياً صافياً وتلقائياً وتهليلاً لفكرة العيش المشترك، وآخر لا يرى فيه إلا تجاوزات من المجتمع المضيف الحزبي الخصم لحزب الله لا المجتمع النازح ويلوّح بحسابات مستقبلية معه، وثالث لا يرى في الحركة القائمة إلا مشهد التجاوزات المرشحة للتفاعل. والاتجاهات الثلاثة لها طواقمها السياسية والإعلامية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي. وهنا يصبح الكلام عن الترويج المستمر لفكرة الحرب الأهلية التي لا يزال الفرنسيون يتخوّفون منها ويصرّون على التداول بها، أقرب الى مثال سوريا. ولبنان الذي خبر أنواعاً من هذه الحروب، طوال خمسين عاماً، بات يحتاج الى جهود مضاعفة لكبح مسار أي تحوّل من الحرب الإسرائيلية الى تفلّت داخلي، يصاحبه تدهور تدرّجي يشكل عامل إفادة لكثير من العناصر الداخلية والخارجية في الانتقال من مرحلة الى أخرى.
عام 1975، لم يظنّ اللبنانيون أن حروبهم ستمتدّ خمسين عاماً، وحين اندلعت تظاهرات سوريا لم يتوقّع السوريون أن تمتد حربهم 13 عاماً. لذا يصبح اللجوء الى تماسك داخلي في اللحظات الحرجة الحالية مطلباً أكثر إلحاحاً من السنوات السابقة، وحزب الله واحد من المطالَبين بذلك، لأن الحرب الإسرائيلية لا تقلّ خطراً عن كل ما يرتسم من مخاوف خارجية على الوضع الداخلي.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عنصر من حزب الله في جنوب لبنان
بيروت - شنّ الجيش الإسرائيلي الأحد 23 مارس 2025، غارات على جنوب لبنان وأعلن قتل عنصر من حزب الله، غداة التصعيد الأكثر دموية منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في تشرين الثاني/نوفمبر.
وذكر الجيش في بيان أنه "هاجم وقضى على إرهابي من منظمة حزب الله في منطقة عيتا الشعب جنوب لبنان" بدون ذكر تفاصيل إضافية عن هويته.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية أعلنت في وقت سابق الأحد مقتل شخص في غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت سيارة في بلدة عيتا الشعب الحدودية.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بأن طائرات إسرائيلية قصفت منازل جاهزة في بلدتي الناقورة وشيحين القريبتين من الحدود، من دون أن يسفر القصف عن إصابات.
كما ذكرت أن غارات جوية إسرائيلية استهدفت بلدة اللبونة الحدودية.
وتأتي الضربات الجديدة غداة مقتل ثمانية أشخاص في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان، فيما حذّر رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام من خطر اندلاع حرب جديدة بعد أربعة أشهر من سريان الهدنة الهشة.
وقال قاسم اسطنبولي، وهو ممثل مسرحي من سكان مدينة صور الساحلية التي طالها القصف السبت، إن أصوات الضربات "أعادت إلى الأذهان لحظات الحرب الصعبة التي كنا نعيشها في الجنوب، خصوصا في صور".
وأضاف "هذا يخلق شعورا بالخوف من أن تسوء الأمور أكثر".
وقالت إسرائيل إنها ردت على هجمات صاروخية من الأراضي اللبنانية، هي الأولى على شمال أراضيها منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر منهيا الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني.
ونفى الحزب المدعوم من إيران ضلوعه في الهجمات الصاروخية التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها، متهما "العدو الإسرائيلي" بالبحث عن "ذرائع لمواصلة اعتداءاته على لبنان".
ونددت إيران الأحد بالموجة الأخيرة من الضربات الإسرائيلية على لبنان ردا على هجوم صاروخي عبر الحدود بين البلدين.
ووصف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي في بيان الغارات الإسرائيلية بأنها "عدوان عسكري واسع النطاق"، مؤكدا أن الدولة العبرية تشكل "تهديدا فعليا للسلام والأمن الدوليين".
وفتح حزب الله جبهة ضد إسرائيل تضامنا مع حماس في بداية الحرب على غزة التي بدأت عقب هجوم الحركة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وأدت الهدنة إلى هدوء نسبي في لبنان بعد أكثر من عام من الأعمال العدائية، رغم الضربات التي تواصل إسرائيل تنفيذها على أهداف تقول إنها مرتبطة بحزب الله، منذ الانسحاب الجزئي لقواتها من جنوب لبنان في 15 شباط/فبراير.
Your browser does not support the video tag.