فى عام 1932، هزت الولايات المتحدة حادثة اختطاف الطفل تشارلز ليندبيرغ الابن، نجل الطيار الشهير تشارلز ليندبيرغ، وانتهت بمأساة عُثر فيها على جثته بعد عدة أسابيع من اختطافه. أثارت الحادثة غضباً واسعاً ودعت الحكومة الأمريكية إلى اتخاذ إجراءات صارمة، فصدر قانون «ليندبيرغ»، الذى منح الحكومة الفيدرالية سلطة جديدة فى التعامل مع قضايا الاختطاف، لتجنب تكرار مثل هذه الجرائم المروعة.

كانت هذه الحادثة بمثابة درس تاريخى حول كيفية دفع المآسى الكبرى إلى سن قوانين جديدة تعزز الأمن وتحمى حقوق المواطنين.

اليوم، تجد الولايات المتحدة نفسها فى مواجهة تحديات جديدة من نوع مختلف؛ مع الذكاء الاصطناعى الذى تغلغل فى مجالات حيوية كالتوظيف، والعدالة، والأمن السيبرانى (Cybersecurity)، وتأثيره المتزايد على حياة الأفراد وحقوقهم الأساسية، ومع أن هذا التقدم أسهم فى تحسين الإنتاجية، ظهرت مشكلات جديدة تتعلق بـ«التحيز الخوارزمى» (Algorithmic Bias) وأمن البيانات، حيث تُظهر بعض الأنظمة تحيزات قد تؤثر بشكل غير عادل على قرارات التوظيف أو تحديد الأهلية لبعض الخدمات. بعض الخوارزميات التى تعتمد على بيانات قديمة أو غير متوازنة، تتخذ قرارات تمييزية غير عادلة، ما أبرز الحاجة إلى قوانين صارمة تضمن حقوق الأفراد و«الشفافية الخوارزمية» (Algorithmic Transparency).

أدى تصاعد القلق حول «الخصوصية الرقمية» (Digital Privacy) و«الأمن السيبرانى» إلى أن تطرح الحكومة الأمريكية قانون «المساءلة الخوارزمية» الجديد. يهدف هذا القانون إلى معالجة مسألة التحيزات فى الذكاء الاصطناعى ويضمن حماية حقوق الأفراد، خاصة فى القطاعات الحساسة، مثل الصحة والتوظيف. فالكثير من تطبيقات الذكاء الاصطناعى، بدءاً من الأنظمة المستخدمة فى عمليات التوظيف إلى تطبيقات تحديد الهوية، تعتمد على بيانات خوارزمية قد تكون غير متوازنة، وقد تخلق بذلك «تحيزات» تؤدى إلى نتائج غير عادلة.

جاء القانون بمجموعة من البنود الرئيسية التى تعزز من الشفافية والمساءلة فى استخدام الذكاء الاصطناعى، بحيث يُلزم الشركات بإجراء «تدقيقات مستقلة» (Independent Audits) بصورة دورية للأنظمة الذكية التى تؤثر على حياة الأفراد، كما يلزم الشركات بتقديم «إفصاحات خوارزمية» (Algorithmic Disclosures) توضح كيفية عمل الأنظمة وبيانات التدريب المستخدمة، بما يضمن فهماً أكبر لكيفية اتخاذ القرارات الخوارزمية. كما ينص القانون على تحميل الشركات المسئولية القانونية الكاملة فى حال تسببت أنظمتها بأضرار ناتجة عن قرارات خاطئة، ما يعزز من ثقة المستخدمين ويدفع الشركات نحو تطوير أنظمة آمنة وموثوقة.

على الصعيد الأخلاقى، يعد القانون خطوة كبيرة نحو تعزيز «العدالة الخوارزمية» (Algorithmic Fairness)؛ فهو يضمن أن يُستخدم الذكاء الاصطناعى بطرق تحترم حقوق الإنسان وتعزز من العدالة الاجتماعية. على المستوى السياسى، يعكس القانون رغبة الحكومة فى تحسين العلاقة مع الجمهور وتوفير ضمانات لحمايتهم فى مواجهة هذه التقنية المتقدمة. من الناحية الاقتصادية، ورغم أن تطبيق القانون قد يزيد من تكاليف الشركات بسبب متطلبات الامتثال مثل عمليات التدقيق، فإنه يمثل استثماراً طويل الأمد نحو صناعة أكثر ثقة وأماناً.

العالم فى حالة ترقب شديد؛ إلى أين سيقودنا الذكاء الاصطناعى فى ضوء هذه القوانين الجديدة؟

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الأمن السيبراني محمد مغربي الذکاء الاصطناعى

إقرأ أيضاً:

رئيس الدولة: «جامعة محمد بن زايد» رافد مهم لتعزيز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي

أبوظبي - وام 

زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، الجمعة، جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في مدينة مصدر في أبوظبي.

واطلع سموه ـ خلال جولة في أقسام الجامعة ومرافقها ـ على البرامج الدراسية التي تطرحها الجامعة وأبرز المجالات البحثية التي تهتم بها والإمكانات التي تقدمها إلى الدارسين..إضافة إلى شراكاتها مع المؤسسات العالمية المختصة بدراسات الذكاء الاصطناعي.

كما زار سموه مرصد البيانات التابع للجامعة حيث قدم الباحثون وأعضاء الهيئة التدريسية خمسة مشاريع بحثية في مجال الذكاء الاصطناعي تتعلق بالطاقة والمناخ بجانب مجالات الطب وعلم الوراثة والإعلام و«الروبوتات» إضافة إلى شركتين ناشئتين من مركز حضانة وريادة الأعمال التابع للجامعة.

والتقى صاحب السمو رئيس الدولة خلال الجولة البروفيسور إريك زينغ رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وعدداً من أعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية بجانب عدد من طلبة الدراسات العليا وحثهم على المثابرة وبذل مزيد من الجهد في تحصيل العلوم التي يخدمون بها أوطانهم ومجتمعاتهم.

وأكد سموه أن الجامعة تعد رافداً مهماً يعزز رؤية الدولة التنموية بشأن الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة وإعداد كوادر وطنية متخصصة في هذا المجال الحيوي بجانب إرساء دعائم الاقتصاد المتنوع القائم على المعرفة وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي وضمان استدامته لأجيال الحاضر والمستقبل..معرباً سموه عن تطلعه إلى أن تسهم الجامعة في بناء قاعدة علمية من البحوث والدراسات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي ومستقبل هذا المجال.

كما أعرب سموه عن شكره لجميع القائمين على الجامعة وكوادرها وتمنياته لهم دوام التوفيق.

من جانبه، قال البروفيسور إريك زينغ «إن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي حققت إنجازات مهمة منذ إنشائها حيث صنفت في المرتبة العاشرة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي والرؤية الحاسوبية، وتعلم الآلة، ومعالجة اللغة الطبيعية، وعلم الروبوتات، وعلم الأحياء الحاسوبي..مشيداً بالدعم المتواصل الذي تحظى به الجامعة من قبل قيادة الدولة».

رافق سموه خلال الجولة..سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة وسمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة ومعالي الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان مستشار رئيس الدولة ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ومعالي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية ومعالي الدكتورأحمد مبارك المزروعي رئيس مكتب رئيس الدولة للشؤون الإستراتيجية رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي وعدد من كبار المسؤولين.

 

مقالات مشابهة

  • رئيس الدولة: «جامعة محمد بن زايد» رافد مهم لتعزيز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
  • فنان شهير يسخر من حديث محمد رمضان مع الذكاء الاصطناعي
  • وزير الأوقاف يبحث التعاون مع جامعة محمد بن زايد للعلوم في الذكاء الاصطناعي
  • «رئيس الرعاية الصحية» يبحث مع كبريات الشركات العالمية تسخير الذكاء الاصطناعي للتشخيص والعلاج
  • إصدار جديد بجناح الأزهر في معرض الكتاب يحذِّر من جريمة سرقة حقوق التأليف
  • خالد سرحان يحرج محمد رمضان ويسخر منه بسبب فيديو سؤال الذكاء الاصطناعي
  • محمد مغربي يكتب: لماذا ندم عرّاب الذكاء الاصطناعي في العصر الحديث؟
  • محمد رمضان يسأل الذكاء الاصطناعي: “مين نمبر وان؟”
  • «مين نمبر وان؟».. محمد رمضان يسأل الذكاء الاصطناعي عن نفسه
  • أستاذ بجامعة المنوفية: الصين تتفوق على أمريكا فى مجال الذكاء الاصطناعى